لا يزال الوقت واحداً من أكثر المفاهيم المعقدة في حياة الإنسان، فمنذ بدء الخليقة والشمس تشرق من الشرق وتغيب في الغرب لتحدد بداية اليوم ونهايته. وقد شكّل قياس الوقت شغفاً لدى الإنسان منذ لحظة إدراكه لوجوده. وفي علم الفلك، ودراسة حفظ الوقت، نحسب الوقت باستخدام الثواني والدقائق والساعات، ولكن هذا العلم تطور ليتخطى هذه المؤشرات. فقد أدى اهتمام الإنسان بالوقت إلى ابتكار ساعات تعلن الوقت بطرق عدة ومختلفة، تُعرف بـ«التعقيدات». تشير هذه التعقيدات في معظم الساعات إلى الوقت، وفي ساعات أخرى إلى جزء الثانية، وفي بعضها الآخر إلى حركة الكواكب وفقاً لعلاقتها بالشمس. ورغم أن تاريخ هذه التعقيدات قصير بالنسبة الى تاريخ البشرية، إلا أنه تاريخ مترف وساحر.

ومع تطوّر تعقّب الوقت في القرن الرابع عشر، أصبح التركيز في صناعة الساعات على جعل تقنياتها أكثر دقة. وهي تنقسم وفقاً لآلية عملها إلى فئتين: فئة ذاتية الحركة تسمى الساعات الأوتوماتيكية وتعمل بموجب حركة اليد التي تولّد حركة ذاتية تُبقي على عمل محرك الساعة، وفئة الساعات ذات التعبئة الذاتية والتي تعمل عند قيام مرتديها بلف زنبرك الساعة رغم أن صناعة الساعات لم تتغير كثيراً، إلا أن التقنية المتبعة في صناعتها تطورّت كثيراً وأنتجت تعقيدات مميزة في حركة الساعات الميكانيكية واستخدام مواد جديدة مثل السيراميك والتيتانيوم وألياف الكاربون، إضافةً إلى المواد التقليدية الأخرى كالذهب والستانلس ستيل والبلاتين وغيرها.
أما التعقيدات التي أُضيفت، فهي كثيرة، منها الساعة القافزة (jumping hour) وهي التي تشمل عادةً عقرباً واحداً يشير الى الدقائق، بينما يشير رقم آخر يتوسط واجهة الساعة إلى الساعات، ويقفز الرقم متغيراً كل ستين دقيقة، والساعة التي تعرض التقويم السنوي والكرونوغراف (chronograph) لحساب التوقيت لزمن ما، والكرونوغراف المزدوج (split second) لحساب توقيتين مختلفين في الوقت ذاته، وهناك التوربيون (tourbillion) وهو أدق آلية ميكانيكية تمنع عجلة التوازن في قلب الساعة من التأثر بجاذبية الأرض. وهناك الساعة الرنّانة (minute repeater)، وهي من أعقد التقنيات لقياس الوقت من خلال جرس يدق عند تفعيله بنغمة خاصة للساعات، ونغمة مختلفة لربع الساعة، ونغمة أخرى للدقيقة، فيخبرك بالوقت من دون الحاجة إلى النظر في الساعة، بالإضافة إلى تعقيدات أخرى كثيرة.