متى تتوقف النساء عن ضرب أزواجهن؟

06 مارس 2018

يعتقد البعض أن ظاهرة التعدي والعنف الأُسَري في المجتمع العربي من اتجاه واحد، وهو من الوالد تجاه الأم والأبناء، ولكن لكل قاعدة شواذها، إذ انتشرت في الآونة الأخيرة حالة من الغضب لدى البعض ممن يتساءلون: لماذا تكثر الاستغاثات بوقف العنف الأُسَري تجاه المرأة ويتجاهلون ما يحدث للزوج في بعض الأحيان من التوبيخ والضرب.

فتوح شعبان علي


قضية غريبة

الداعية حجازي شريف يكشف أن رجلاً جاءه ليستشيره في أمر زوجته التي ضربته ضرباً مبرحاً، وبصقت عليه، وكالت له السباب بالأم والأب، ثم تحدته قائلة "لو كنت رجلًا طلقني الآن، لا أطيق العيش معك"، فيسأل الرجل بعد كل ذلك "هل لو طلقتها أكون ظالماً لها؟".

ويؤكد شريف أن هذا من أغرب ما ورد عليه من المشكلات، مشيراً إلى أن ظاهرة الاعتداء على الزوج فقدت صفة الاستثناء والندرة، لأننا اعتدنا "بعد شكاوى كثيرة" على هذا التصرف والذي كنّا نراه قديماً شيئاً نادراً.

وتنظر المحاكم الأسرية في الوطن العربي يوميًا الآلاف من القضايا، حيث تشهد المحاكم المصرية (وفق الإحصاءات الرسمية الصادرة من وزارة العدل) نحو مليوني دعوى خلاف أسري سنويًا. ويؤكد محامي الأحوال الشخصية محمود جلال أن نسبة لا يستهان بها من هذه القضايا سببها اعتداء المرأة على زوجها.

وتابع جلال: "الفطرة لازالت موجودة، المرأة من حيث التركيب البنياني أضعف من الرجل ولا تفضل العنف عموماً، لكن هناك أمور تجبرها على التخلي عن رقتها تماماً، وهذا يحدث في الغالب عندما تعلم بشأن الزوجة الثانية، أو خيانته لها".


دهسته بالسيارة

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي ضجة كبيرة حديثًا؛ بعد أن انتشر مقطع مصور لسيدة تقود سيارتها بتهور، وتحاول أن تدهس رجلًا قيل إنه زوجها ولكنها علمت بخيانته، ونجحت بالفعل بعد محاولات عدة في دهسه تحت إطارات السيارة أكثر من مرة بطريقة صعبة للغاية، على رغم مطاردة الشرطة لها.

الأخصائي النفسي محمد كمال علق على مقطع الفيديو قائلاً: "إن العنف الأُسَري تجاه الزوج ظاهرة موجودة وبكثرة أيضاً، معرباً عن تخوفاته من انتشار الظاهرة لتتغلب في يوم من الأيام وتتحول إلى أمر طبيعي".

وتابع كمال: "إن الأمر لا يحدث أبداً بين الزوجين بشكل عارض، فهو بالتأكيد صورة انعكاس لأسلوب حياة الطرفين، انصياع الزوج التام وخضوعه لزوجته من بداية العلاقة، وترك زمام الأمور لتحكمات الزوجة يتطور بالتأكيد في لحظات الخلاف إلى ذلك، مشيراً إلى أن المشاركة والتعاون في البيت والتفاهم وتجنب فرض الرأي الواحد يجنب العلاقة بين الزوجين مثل هذه الويلات".

يذكر أن علماء النفس يحذّرون من العنف الأُسَري عموماً، وبخاصة تجاه الزوج، لأثره السيئ على الحالة النفسية والتنشئة الاجتماعية لدى الأطفال، بخاصة البنات حين يَرَيْن آباءهن يتعرضون للاعتداء أمام أعينهن، يكبرن على فطرة مشوهة، تعرضهن للفشل في المستقبل حين يصطدمن بزوج يمتلك شخصية معتدلة لا تحتمل مجرد كلمة مهينة من زوجته، ناهيك عن الاعتداء بالضرب.

ويطالب خبراء التربية دوماً، بحفظ المراتب بين الزوجين، مؤكدين أن الزواج ليس حلبة مصارعة يحاول كل طرف أن يثبت أنه الأقوى، بل هو شراكة بين شخصين قائمة على المودة والرحمة، وليس المهم من يمسك بعجلة قيادة السفينة، بقدر أهمية أن تسير السفينة بأمان ويحافظ عليها الطرفان بتعاونهما وتفاهمهما.