Home Page

العطلة الصيفية فرصة لتوطيد العلاقة بين الأهل والأبناء

النشاطات الهادئة, المخيّم الصيفي, دعم الأهل, السفر , المدرسة

27 يوليو 2010

يظن الكثير من الأهل أن المدرسة هي المكان الوحيد الذي يتعلّم فيه الطفل، ويشكون أن العطلة الصيفية الطويلة تؤثر في تطور مهارات الطفل التعلّمية. فيما يؤكد إختصاصيو علم نفس الطفل والتربية أن العطلة الصيفية تساهم في شكل كبير في تطور قدرات الطفل الذهنية والتعلّمية ولكن في إطار مختلف وضمن نشاطات ترفيهية متنوّعة.  ويرى الاختصاصيون أن أجواء العطلة الصيفية وما يرافقها من نشاطات فضلاً عن حضور الأهل شبه الدائم مع الأبناء تساهم بشكل كبير في تعزيز قدرات الطفل الفكرية والنفسية على حد سواء، وذلك للأسباب الآتية.

الأهل حاضرون للاستماع
تعتبر العطلة الصيفية امتيازًا خاصًا للطفل إذ أن الوقت لا يحتسب خلالها، وتحرره من الالتزام بالمواقيت التي يتقيد بها خلال العام المدرسي حين يكون لكل عمل يقوم به وقت محدد، مثلاً النوم والاستيقاظ في ساعة محددة، والدرس ضمن فترة محددة، والنشاطات الترفيهية لها وقتها. واحتساب الوقت خلال العام الدراسي يجعل فترة الجلوس مع الوالدين قصيرة نسبيًا، وبالتالي لا يكون لديهما الوقت الكافي للاستماع إلى كل ما يواجهه الطفل من مشكلات. فيما يكون حضورهما أكبر خلال العطلة الصيفية، فيتاح  لهما الوقت الكافي للاستماع إلى طفلهما والإجابة عن أسئلته، واكتشاف رغباته ومراقبته عن كثب وهو يكبر، مما يساعد الطفل في بناء ثقته بنفسه بشكل قوي، خصوصًا إذا كان الوالدان صاحبي عقلية منفتحة ويتميزّان بالهدوء فيقدمان له نموذج تماهٍ إيجابيًا عن العلاقة الأسرية.
لذا ينصح الاختصاصيون الأهل بالاستفادة من العطلة الصيفية والقيام مع طفلهم بنشاطات كانوا يتمنونها عندما كانوا في سنه، مثلاً ركوب الدراجة الهوائية والذهاب إلى الشاطئ وبناء قصر من الرمال، كما يمكنهم التحدث إليه عن ذكريات طفولتهم، مما يجعل الطفل يتعلّم من خبراتهم ويستند إليها في تطوير قدراته والانطلاق في الحياة.

السفر يثير الفضول ويعلّم تحمل المسؤولية 
تسمح العطلة الصيفية للطفل بالخروج من الإطار التقليدي. فعندما يقرر الأهل السفر لتمضية العطلة الصيفية خارج البلاد، فإن الطفل يتعرّف إلى مدن جديدة ولغة و أفكار وتقاليد مختلفة عن لغة وعادات بلده الأم وتقاليده. ولما كان اكتشاف بلاد جديدة يحصل ضمن محيط العائلة الآمن فإنه يعلّم الطفل ألاّ يخاف من العالم الخارجي والآخرين.  وهذه الأمور الجديدة تثير فضول الطفل وتجعله متعطشًا لإغناء معارفه.


وينصح الاختصاصيون الوالدين إذا قررا تمضية العطلة الصيفية خارج بالآتي :

  • توزيع المسؤولية بين الوالدين إذا كان عندهما أكثر من ولدين بحيث يتمكن كل واحد منهما من الاهتمام بقسم منهم. ولا يجوز الاستعانة بأحد الأبناء إذا كان لا يزال مراهقاً، فهذا يشعره بالإحباط فهو يريد الاستمتاع بالسفر مثل أخوته.
  • تعليم الأبناء إرشادات الأمان خصوصاً في السباحة. فمن المعلوم أن الرحلات السياحية تتضمن نشاطات ترفيهية كالسباحة وغيرها من الرياضات المائية التي تسبب حوادث خطيرة قد تؤدي إلى الموت. ومن الضروري أيضاً التأكد من وجود راشد يراقب الأبناء أثناء قيامهم بهذه النشاطات الترفيهية.
  • الذهاب إلى موقع ترفيهي حيث يمكن الوالدين مراقبة أبنائهم خلال وجودهم، والتأكد من أنه مجهز بكل وسائل الأمان. كما يمكنهما تبادل أرقام الهاتف مع المسؤولين عن النشاطات الترفيهية حتى يبقيا على اتصال في حال حصول طارئ.
  • تعليم الأبناء كيفية الاتصال بمركز الطوارئ وطريقة التحدث إلى المسؤولين فيه. والتأكد أنهم يعرفون جيداً الأسماء والعناوين وأرقام الهاتف، للاستعانة بها في حال حدوث مشكلة.
  • عدم وضع اسم الطفل على ملابسه أو دراجته أو أي شيء يخصه. فقد يستغل خاطف الأطفال هذا الأمر وينادي الطفل باسمه فيظن أنه يعرفه ويثق به.
  • التأكد أن غرفة الفندق مجهّزة بوسائل الأمان، وأن أقفال الأبواب متينة بحيث لا يستطيع أحد الدخول إلى الغرفة أثناء غياب الوالدين.
  • الاحتفاظ بالمعلومات الحديثة المتعلّقة بالأبناء. كالاحتفاظ بصور جديدة لهم خصوصاً إذا كانوا في سن صغيرة جداً، وبصمات الأصابع والقدمين ومعلومات طبية وشهادة الولادة أو صورة لعلامة خلقية. وكما يمكن التقاط صور خلال الرحلة لأنه سوف يحتاج إليها الوالدان في حال ضياع أحد الأبناء.
  • أن يترك الوالدان دوماً معلومات عن كل تحركاتهما في مكتب استقبال الفندق، متى سيذهبان وإلى أين، وفي أي ساعة سيعودان.
  • التأكد أن المربية التي ترافق العائلة تعرف كل إرشادات الأمان التي يتبعانها، وكيفية طلب المساعدة، وأرقام الهاتف للاتصال بالوالدين في حال حدوث طارئ.
  • التأكد أن حقيبة الإسعافات الأوّلية تتضمن أدوات جديدة وجيّدة.
  • وأخيراً من الضروري أن يكون الوالدان وأطفالهما مستعدين لتمضية إجازة سعيدة في شكل جيد، ولكن لا يجدر أن يشعروا بالخوف. فبقدر ما يزودونهم المعلومات والإرشادات الصحيحة سوف يتمتّعون بإجازة سعيدة هانئة. لذا على الوالدين أخذ وقتهما في التحضير والطلب من الأبناء مساعدتهما في وضع برنامج رحلة يضمن الحصول على المغامرة والأمان معاً.


الحرية تمنح الطفل جناحي الانطلاق نحو العالم الخارجي
يميل الأهل خلال العطلة الصيفية إلى غض النظر عن عدم التزام الطفل بالقوانين المنزلية والممنوعات، فيتمتع الطفل بحرية أكبر. ففي إمكان المراهق مثلا  التقاء أصدقائه ساعة يشاء والخروج معهم... وبذلك يختبر أن الالتزام بالقوانين المنزلية خلال العام الدراسي تليه فترة استرخاء واستمتاع بوقت الفراغ، وأن التناوب بينهما يؤدي إلى توازن نفسي، لأنه يعرف قيمة الفترتين وأهميتهما. وينصح الاختصاصيون الأهل بأن يسمحوا لأبنائهم بتمضية قسم من العطلة الصيفية في المخيم مع أصدقائه أو في الجبل، لجعل الطفل يبدأ تعلًم تحمل مسؤولية نفسه. وعلى الأهل في الوقت نفسه الاستفادة من ذلك ليختبروا رد فعل طفلهم تجاه المشكلة التي يواجهها ومراقبة سلوكه في حلّها.

العطلة الصيفية فرصة لمشاركة المشاعر وتعزيز التقارب بين الأهل والأبناء
يرى الاختصاصيون أن العطلة الصيفية تضع كل المشاعر في حالة تأهب. فتمضية أسبوع في الجبل أو على الشاطئ تجعل الطفل يقدّر جمال الطبيعة وتتنبه حواسه إلى كل ما هو جميل. فضلاً عن الأهل يميلون في العطلة الصيفية إلى أن يكونوا أكثر مرحًا مع أبنائهم مما يسمح للأبناء بالتعرّف إلى الوجه الآخر لأهلهم الذي كان خلال العام الدراسي مسبوغًا بالجدية، فيكتشفوا مثلاً أن والدهم الذي كان يلزمهم بتطبيق القانون إلى درجة القسوة أحيانًا، في داخله الكثير من المرح والطفولة، مما يبرهن لهم أن في داخل كل راشد طفلاً.

ويكوّن اكتشاف الطفل الوجه الآخر لأهله علاقة وطيدة بينه وبينهم، وأحياناً يختبرون معًا الخسارة والربح حين يتشاركون اللعب، فكم جميل مشهد العائلة عندما ينقسمون فريقين أثناء اللعب بكرة سلة ويعمد أحدهما إلى إغاظة الفريق الخاسر، أو عندما يضع يصبح الوالد شريك ابنه في اللعب ويخططان معًا للفوز على فريق الأم. فالقيام بالنشاطات الترفيهية معًا يعزز الثقة بين الأبناء والوالدين ويوطد العلاقة بينهم.

تمضية العطلة الصيفية في بيت الجدين الجبلي
يقلق الأهل أحياناً عندما يطلب الطفل المكوث في منزل جديه أثناء العطلة الصيفية، لأنهم يخشون من أن البقاء عند الجدة قد ينتج عنه نوم  في ساعة متقدّمة عند المساء،  و قد تتساهل الجدة معه وتلبي رغباته. فما الحل؟ هل يحرمونه متعة البقاء في أحضان جديه والتمتع بدلالهما؟ بالطبع لا، فهناك بعض المفاهيم الخاطئة التي قد توتر العلاقة بين الأهل والطفل وجديه.
خطأ:
يكتسب الطفل عادات سيئة أثناء مكوثه في منزل جديه ويصبح عنيداً غير مطيع عند عودته إلى كنف والديه.
الصحيح: يدرك الطفل أنه بعد العودة  إلى البيت عليه التزام القانون المنزلي الذي يعتمده والداه. لذا ليس من الضروري أن يعمد الوالدان إلى التعامل معه بقسوة بل باللين واللطف، حتى وإن تصرف في شكل فوضوي، لأنه بعد فترة وجيزة سيعود إلى التقيد بالعادات المنزلية.
خطأ: يظن الأهل أن الجدين يتعمدان التساهل مع حفيدهما ليكسبا حبه وعاطفته.
الصحيح: ليس عند الجدين أية نية لإثارة غضب والدي الحفيد. فبحسب رأي التربويين الوالدان هما صاحبا القرار والمسؤولان عن تربية طفلهما. ولكن الذي يحدث أن الجدين عموماً قد يبالغان في التعبير عن حنانهما لحفيدهما ويلبيان رغباته لأنهما لا يريانه في شكل مستمر فيعملان على إسعاده بشتى الطرق.


وينصح الاختصاصيون الوالدين إذا كانا قلقين من مكوث ابنهما عند بيت الجدين لفترة بسبب تساهلهما، بالآتي:

  • وضع النقاط على الحروف والاتفاق مع الجدين، على بعض الأمور التي هي من أولويات الوالدين التربوية بأسلوب لبق لا يجرح مشاعرهما. فلا يجوز أن يغيب عن بالهما أنهما والدان ويقدران وجهة نظرها التربوية ويحترمانها، كما يمكنها الاستفادة من تجربتهما.
  • من الضروري أن تضع الأم حداً لتصرفات الجدة إذا كانت تنتقدها أثناء غيابها. ولكن في الوقت نفسه لا يجوز أن تحوّل طفلها إلى ناقل للأحاديث بينها وبين جدته. فإذا قال لها مثلاً إن جدته تتحدث عنها بالسوء، لا تطلب منه نقل رد فعلها. على الأم التحدث لاحقاً إلى الجدة وتطلب منها تغيير سلوكها، وتنبهها إلى أن الانتقادات التي توجهها إليها أمام حفيدها تجرح مشاعره. وإذا أرادت انتقادها فعليها القيام بذلك في حضورها هي وليس في حضور الحفيد. فالطفل يجب أن يبقى بعيداً عن متاهة الخلافات التي تدور بين الراشدين.


كيف تمضين فصل  الصيف مع أولادك؟
سؤال طرحناه على الأمهات:

- ماذا تفعلين سيدتي إذا كان أولادك يفضلون المكوث في المنزل والجلوس إلى الكمبيوتر وتناول الوجبات السريعة؟

السيدة رولا
«اعتدت في الصيف وضع برنامج أسبوعي للنشاطات الترفيهية. أذهب وابني أيام  الأثنين والأربعاء والجمعة إلى النادي الرياضي. وعند الظهر نتناول وجبة الغداء يليها أخذ قيلولة. وفترة بعد الظهر أحياناً  أصحبه إلى حوض السباحة وأحياناً أخرى أدعه يلعب مع أولاد الجيران  دون أن أنسى تحضير العصير  والوجبات الخفيفة ووضعها في البراد كي تكون  في متناول يده عند شعوره بالعطش أو الجوع. هذا النمط جعله يتبع نظاماً يتقيد به في فصل الشتاء».

السيدة مهى
«كان أولادي يمضون معظم الأوقات أمام الكمبيوتر ولم يكن في استطاعتي مراقبتهم طوال الوقت لأنني موظفة وكان يزعجني جلوسهم لساعات إلى الكمبيوتر أو التلفزيون وتناولهم  للوجبات السريعة. إلى أن خطرت في بالي فكرة نفذتها الصيف الماضي وكانت نتيجتها إيجابية جداً. فقد سمحت لأولادي بالانضمام إلى نشاطات صيفية نصف نهارية تنظمها المدرسة. وصممت بطاقات خاصة بالكمبيوتر تسمح لهم باستعماله ساعة واحدة في اليوم. وفترة بعد الظهر أصحبهم إلى مسبح لا يوجد فيه مطعم للوجبات السريعة، إلا أنني كنت أضع في حقيبة البحر الكثير من العصير والوجبات الخفيفة الصحية المحضرة في المنزل. وفي اليوم الذي لا يكون بمقدوري اصطحابهم خارج المنزل كنت أسمح لهم بدعوة أصدقائهم  إلى المنزل. ومنذ ذلك الوقت صار الصيف بالنسبة إليهم عطلة ممتعة على الرغم من تقيدهم بالنظام الذي وضعته. وهكذا لم يعودوا يتأففون أو يشعرون بالملل بل صاروا ينتظرون الصيف بفارغ الصبر».

السيدة أم أحمد
«يفضل أولادي الجلوس إلى الكمبيوتر وعدم الخروج من المنزل بحجة أن الطقس حار جداً. ولاحظت أن البدانة بدأت تظهر عليهم بسبب الجلوس الطويل وعدم الحراك. لذا قررت اتخاذ قرار صارم فحددت  ساعات الجلوس إلى الكمبيوتر ساعة يومياً مقسمة إلى جزأين نصف ساعة قبل الظهر ونصف ساعة أخرى بعض الظهر. وكنت أعلم أن أولادي يحبون ركوب الدراجة فشجعتهم على ذلك عن طريق تنظيم مسابقة سباق الدراجات أسبوعياً بحيث يتنافسون هم وأصدقاؤهم وأولاد الجيران. وكنت أحضر الكثير من عصير الفواكه المنعشة والوجبات الخفيفة كالأرز باللبن وسلطة الفواكه وغيرها من الوجبات التي تزود الطفل الطاقة والحيوية دون أن تؤثر في رشاقته. بهذه الطريقة لم يعد الكمبيوتر وسيلتهم الوحيدة للتسلية، بل صارت لديهم اهتمامات أخرى لأنهم وأصدقاءهم صاروا يتبادلون الأفكار التي تهدف إلى القيام بنشاطات تطلب الكثير من الحركة كالسباحة، وكرة القدم وغيرها».