أول مدربة ملاكمة مصرية نادية عبدالحميد: سأغيّر نظرة المجتمع للفتيات في الألعاب القتالية

نيرمين طارق (القاهرة) 27 مايو 2018

عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها، قررت ترك لعبة كرة السلة والاتجاه الى الملاكمة. ورغم خوف أسرتها عليها، أصرّت على ممارسة تلك الرياضة، وحققت فيها نجاحات كثيرة، حتى أصبحت أول مدربة ملاكمة مصرية.
نادية عبدالحميد، اجتازت المنحة المقدَّمة من اللجنة الأولمبية الدولية بامتياز، لتعلن تفوقها على 35 مدرباً ومدربة من كل أنحاء العالم. ورغم المعوقات التي تعترض طريقها، قادت منتخب الشباب للتربّع على عرش البطولة العربية الأخيرة حائزةً تسع ميداليات متنوعة، وهي اليوم تحلم بحصد المزيد من الميداليات... «لها» التقت الكابتن نادية على حلبة الملاكمة للتعرف على سر اختيارها للعبة، والمشاكل التي واجهتها كلاعبة ومدربة.

- كيف كانت بدايتك مع الملاكمة؟
بدأت الملاكمة وعمري 15 سنة، وقبلها كنت ألعب كرة السلة، لكن شعرت أن مجهودي قد يضيع في الألعاب الجماعية بسبب خطأ يرتكبه غيري، فاخترت الملاكمة وبدأت اللعب في المؤسسة العسكرية، وعندما شاركت في بطولة الجمهورية للمرة الأولى فزت بالمركز الأول، ثم شاركت في بطولة تركيا الدولية، وحصلت على ميداليتين برونزيتين، كما حصلت على الميدالية الفضية في بطولة تونس الدولية، وحللتُ في المركز الخامس في بطولة العالم التي أُقيمت في الصين عام 2008.

- كيف كان رد فعل عائلتك حين اتّجهتِ الى ممارسة الملاكمة؟
أسرتي اعتادت منحي الحرية الكاملة واحترام رغباتي، لكن كانت تنتابهم حالة من القلق والخوف الشديد عليّ، لاعتقادهم بأن ممارسة الملاكمة تعني نزيفاً في الأنف وورماً في العين وآثار كدمات على الجسم، وهذا اعتقاد خاطئ، لأن كل لاعب في بداية تعلّمه أصول الملاكمة يتدرّب على كيفية الدفاع عن النفس، كما أنه قبل خوض المباراة يرتدي ملابس واقية ويضع «فازلين» طبياً على وجهه كطبقة عازلة، إضافة إلى أن إصابات الفتيات في العادة تكون طفيفة ولا تقارن بإصابات الشبان.

- كيف تم ترشيحك للحصول على المنحة المقدّمة من اللجنة الدولية الأولمبية؟
تم ترشيحي من جانب الاتحاد المصري للملاكمة برئاسة الدكتور عبدالعزيز غنيم، وسافرت الى العاصمة المجرية بودابست للحصول على المنحة التي تتضمن دبلوماً في علوم الرياضة، وشاركت في تدريب المنتخب المجري للملاكمة، وكنت ضمن 35 مدرباً ومدربة، وحصلت على المركز الأول في المنحة بامتياز.

- ما الفارق بين ممارسة الملاكمة في مصر وأوروبا؟
هناك اختلاف كبير، فالثقافة في المجتمع المجري لا تمنع الفتيات من ممارسة الألعاب القتالية، وبالتالي لا تتعرض الفتاة للسخرية فتُصاب بالإحباط بسبب ممارسة الملاكمة، بل تلقى التشجيع والدعم النفسي من أسرتها، مما يساعدها على الاستمرار وتحقيق الفوز في البطولات. أما في مصر فما زلنا نرفض دخول الفتاة الى حلبة المصارعة أو أن ترفع الأثقال بسبب العادات والتقاليد، وأحلم بأن يأتي يوم تتغيير فيه تلك النظرة البالية لممارسة الفتيات الألعاب القتالية.

- وما الحل في رأيك؟
الحل يتمثّل في ظهور القدوة، وهذا ما حدث أخيراً عقب أولمبياد ريو دي جانيرو. فبعد حصول لاعبة التايكوندو هداية ملاك على الميدالية البرونزية، وحيازة لاعبة رفع الأثقال سارة ميدالية برونزية أخرى، بدأ المجتمع يتقبّل فكرة أن تمارس الفتاة الألعاب القتالية، لأن هناك نماذج منهن أصبحت مدعاةً للفخر.

- إذا كانت القدوة ستعمل على تغيير الثقافة، فمن كان قدوتك؟
الملاكم العالمي محمد علي كلاي، فمنذ صغري وصوره لا تفارق جدران غرفتي، وهو أحد أسباب اختياري لممارسة الملاكمة، وكنت أرى في نظرات عينيه حماسة وإصراراً شديداً.

- ما الصعوبات التي واجهتك كلاعبة ملاكمة؟
التوفيق بين الرياضة والدراسة، فغالباً ما تزامنت الامتحانات مع مشاركتي في البطولات العالمية، ورغم الحفاوة التي كان يستقبلني بها الأجانب بعد الميداليات الدولية، كنت أعود الى مصر لأجد مشاكل تنتظرني في الجامعة بسبب ارتفاع نسبة الغياب، ومع ذلك كنت حريصة على التوفيق بين ممارسة الرياضة والدراسة، وقد حصلت على بكالوريوس في التربية الرياضية.

- كلاعبة ملاكمة، ما أصعب موقف تعرّضت له؟
الظلم التحكيمي في بطولة العالم في الدوري الثامن، وكانت المباراة مع لاعبة أميركية وتعرضت للظلم من الحَكَم، نظراً لتربّع الولايات المتحدة على عرش التصنيف الدولي للملاكمة.

- كونك مدربة، هل تجدين فارقاً بين تدريب الفتيات والشبان؟
تدريب الشبان أسهل بكثير من تدريب الفتيات، فبعد مجهود شاق في تدريب أي لاعبة قد يرفض والدها فكرة سفرها للمشاركة في إحدى البطولات العالمية، أو قد تترك الملاكمة نزولاً عند رغبة خطيبها، وهذا بخلاف الشاب الذي يلتزم بمواعيد التدريب، ويسافر باستمرار للمشاركة في البطولات العالمية، ويلقى نشاطه ترحاباً من الأسرة.

- ما الأهداف التي تسعين إلى تحقيقها؟
حالياً، أدرّب منتخب الشباب للمشاركة في بطولة المغرب للملاكمة، وهي واحدة من البطولات المؤهلة للانضمام الى أولمبياد الشباب في الأرجنتين، ونسعى للفوز بأكثر من ميدالية في أولمبياد الشباب.

- ماذا تطلبين من الدولة لخدمة الملاكمين والملاكمات؟
أتمنى أن تُتاح الفرص لتنظيم المعسكرات خارج مصر حتى يتمكن اللاعبون من الاحتكاك بأكبر عدد من اللاعبين، والتعرف على أساليب حديثة في اللعب والتدريب ليكتسبوا المزيد من الخبرة.

- ما رأيك بما يقال من أن ممارسة الفتاة للألعاب القتالية تؤثر في فرصها في الزواج؟
الزواج قسمة ونصيب، وأحد أسباب رفض الأهل أن تمارس ابنتهم الملاكمة هو الاعتقاد بأن هذا النوع من الرياضات قد يقف حائلاً أمام زواجها، وهذا اعتقاد خاطئ، فالغالبية العظمى من اللاعبات في مصر والعالم متزوجات ولديهن أطفال.

- بعيداً من الملاكمة، كيف تمضين أيامك؟
أعشق القراءة، وأحرص على حضور عروض الباليه والحفلات الغنائية في دار الأوبرا.

- ما اللغات التي تجيدين التحدّث بها؟
أتحدث باللغتين الإنكليزية والإسبانية، وتساعدني الإسبانية في التواصل مع الخبير الكوبي الذي أعمل معه.

- بمَ تنصحين كل فتاة عربية؟
أنصحها بممارسة الملاكمة لأنها كرياضة مفيدة جداً للجسم، إضافة إلى أنها أصبحت اليوم، وبعد ارتفاع معدلات التحرش مطلوبة وضرورية، وأي رياضة ستساعد الفتاة في تعزيز ثقتها في نفسها.

CREDITS

تصوير : محمود عبداللطيف