لطفي بوشناق للأطفال العرب: سامحونا

كارولين بزي 18 أغسطس 2018

هو صوت العرب في مغارب الأرض ومشارقها، لا يتوانى عن نصرة أخيه الإنسان، فيعتبر أن خدمة الإنسان والإنسانية واجب عليه بما أن الله منحه القدرة على مساعدة الآخرين. يطربك الفنان التونسي لطفي بوشناق بصوته العذب وفنّه الراقي وأدائه المميز، ويدهشك بإنسانيته ومدى اهتمامه بالقضايا العربية. على أدراج قلعة الشقيف صدح صوته ووصل إلى فلسطين فرافقه العود في كل أغنية وشعر، فغنّى العشق والألم، الثورة والغضب، والتفاؤل والإيجابية... يجمع في شخصيته الثقافة الفنية والإنسانية والاجتماعية، ويعبّر بهدوء عمّا يحب وبغضب عمّا يستفزه... الفنان التونسي لطفي بوشناق في هذا الحوار على هامش حفله في مهرجانات صور الدولية في قلعة الشقيف الأثرية...

- أطلقت ألبوماً حمل عنوان “لبنان”...

لم أطلق الألبوم بنفسي، بل أعطيت الأغنيات لمؤسسة سمير قصير وهي التي أطلقت الألبوم، وبالتالي اختارت التصميم والاسم وكل شيء...

- لماذا لبنان؟

يستحق لبنان الكثير، فنحن لم نقدّم له شيئاً. مؤسسة سمير قصير رمز من رموز البلاد، وقد دعوني إلى مهرجانهم، وهذه أبسط خدمة نقدمها لهؤلاء الناس.

- هل تجمعك علاقة متينة بلبنان؟

تشكل تونس امتداداً للبنان، فتاريخنا واحد وقضيتنا واحدة، وتربينا على الأساتذة نفسهم ولا نزال نتعلم منهم، ولبنان في القلب دائماً.

- ما الذي شجعك للمشاركة في مهرجانات صور الدولية المُقامة في قلعة الشقيف الأثرية؟

للمكان رمزية كبيرة، فهذه القلعة رزحت تحت الاحتلال الإسرائيلي، وتحررت في العام 2000، وهي فرصة لتوجيه التحية لأرواح الشهداء الذين حرّروا هذه المنطقة، والشرفاء الذين ناضلوا من أجل هذه الأرض، ونتمنى أن يكون النصر النهائي في القدس، التي كانت ولا تزال قضيتنا.

- لديك شعور عربي جامع...

بالفعل، وهذا الشعور موجود لدى العديد من الفنانين ولكنهم بحاجة إلى الفرصة للإفصاح عنه أكثر. ربما وفّقني الله ودخلت هذا المجال من باب الطرب ورسمت الخط الخاص بي، وأحب أن أكون دائماً شاهداً على العصر والحقبة الزمنية التي أعيشها.

- منذ فترة قصيرة، أحييت حفلاً في مصر لذوي الاحتياجات الخاصة، حدّثني عن هذا الحدث.

أنا دائماً في خدمة القضايا الإنسانية، وحتى في لبنان طُلب مني المشاركة في حفل للناس المعوزين، أنا جاهز لهذه المشاركات من دون تردد، فكلنا عابرو سبيل ولن نأخذ شيئاً من هذه الدنيا.

- هل تذكر أي حادثة مع أطفال من ذوي الاحيتاجات الخاصة، أو استخلصت عبرةً؟

لقد تبنّيت جمعية T21 وهم المصابون بمتلازمة «داون» إذ بات يُطلق عليهم اسم T21، ولي كورال أطفال في إحدى المدن النائية، وهو يضم أكثر من 250 طفلاً، وقد اصطحبت معي في إحدى ليالي مهرجان قرطاج 150 طفلاً منهم إلى المسرح. إنسانيتي والموهبة التي منحني إياها ربّي، تحتّمان عليّ أن أخدم الإنسان والإنسانية، وهذا واجب، ولا شكر على واجب.

- ماذا يعني لك لقب Pavarotti تونس؟

لا أحب الألقاب، تكفيني كلمة فنان وهي كلمة كبيرة جداً وأتمنى أن أستحقها... لكن الألقاب لا تعنيني، فأنا لطفي بوشناق أبسط عباد الله.

- شاركت في أوبريت «الحلم العربي»، لماذا لا تفكرون كفنانين عرب بإنتاج أوبريت عربي جديد في ظل الوضع العربي الذي نعيشه؟

هذا مشروع كبير، أنا أعمل على مشروعي الخاص وأتناول مختلف القضايا والمشاكل التي تحدث في المنطقة العربية، وأكون شاهداً عليها، ولا أبخل على أي قضية، وأحاول أن أبلغ الرسالة وأن أوصل الأمانة عن قضيتي العربية بما يرضي الله، وبما يرضي الضمير وتتطلبه الحرفية والمهنية.

- ما رأيك بمستوى الفن العربي اليوم؟

لماذا نسأل عن الفن العربي، فلنسأل عن الوضع العربي أولاً! الفن هو المرآة التي تعكس الحال العام في الميادين كافة، وأكرر على الدوام أن المجتمع مكوّن من سلسلة مؤلفة من حلقات، وبالتالي حلقات الميادين الأخرى كلها صدئة، فلماذا تكون حلقة الفن والثقافة ذهبية؟ الإناء بما فيه ينضح. بالتالي علينا الاهتمام بالثقافة لأنها الحل في هذه الظروف التي نعيشها.

- بعض الفنانين اللبنانيين والعرب يحاولون الابتعاد عن السياسة!

هذه لغة قديمة ولم يعد يصدّقها الجمهور. هناك أناس يموتون ونشاهد الظلم والاستبداد، ونقول لا تهمّنا السياسة أو لا نتدخل؟! نحن ننتمي إلى مجتمع ونتكلم عن الصح والخطأ، ونقول كلمة حق ولا نقول كلمة حق يُراد بها باطل، والعكس. فهل الفنان تقتصر وظيفته على الأكل والشرب وتسلية الناس والتحدّث عن قصة حبّه الجديدة بعد بلوغه سنّ السبعين! وصول الفن العربي إلى هذا المستوى يتحمّل مسؤوليته الفنان بنسبة كبيرة، لأن المخ العربي لم يتخطَّ في الإبداع كلمة أحبك وتحبني وانتظرتك ولم تأتِ.. هناك مواضيع أخرى نتحدث عنها.

- تتحدث بحرقة!

ليست حرقة، بل هذا جزء منا. لا أرغب بأن يستكثر أطفالنا علينا الرحمة، ولا أريد أن نورّثهم وضعاً سيئاً، أو أن يتّهمونا بالغباء والجبن والأنانية...

- ما هي رسالتك للأطفال العرب؟

سامحونا، نطلب منهم السماح والمعذرة لأننا مقصرّون بحقهم، ونتمنى أن يكون الآتي أفضل، وأن نهيئ لهم مناخاً أفضل وأحسن من الظروف التي يعيشون في ظلّها اليوم.