سفر المرأة المسلمة دون محرم حلال!
القانون والمرأة, حقوق المرأة, سعاد صالح, المرأة السعودية / نساء سعوديات, الشيخ عبد المحسن العبيكان, سفر المرأة المسلمة, د. مهجة غالب, د. آمنة نصير, ملكة يوسف زرار, سهيلة زين العابدين, د. عبلة الكحلاوي
18 مايو 2009أهمية المحرم
وقامت الدكتورة مهجة غالب رئيس قسم التفسير في كلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر بتعريف المحرم الذي اشترط بعض الفقهاء وجوده والعلة الشرعية منه قائلة: المحرم يقصد به الرجل الذي تحرم عليه المرأة بنسب كأبيها وأخيها أو بسبب مباح، كالزوج وأبيه وابن الزوج وكالأب من الرضاع والأخ من الرضاع وغيرهم من محارمها الذين يحرم عليهم الزواج منها نهائيا والعلة من عدم جواز أن يخلو الرجل بالمرأة الأجنبية ولا أن يسافر بها لحمايتهما من الفتن الشيطانية لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» ولقوله أيضا «لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان» وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا معها ذي محرم» وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام خطيبا في الناس فقال «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» فقام رجل وقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجّة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال: «انطلق فحج مع امرأتك» فأمره بترك الغزو ليحج مع امرأته خوفا عليها من مخاطر السفر أما الآن فإن الأوضاع مختلفة والسفر أكثر أمنا من ذي قبل وبالتالي يمكنها السفر من دون محرم إذا أمنت على نفسها ولكن تظل الأفضلية بلا شك إذا توافر المحرم ولا يمثل ذلك مشقة كبيرة عليها أو أن هذا يمنعها حقوقاً أوجبها لها الشرع.
توفير الأمن
وأشارت الدكتورة آمنة نصير العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في الإسكندرية إلى أن العلة الشرعية من اشتراط بعض الفقهاء وجود المحرم مع المرأة المسافرة هو توفير الأمان والحماية لها من أي عدوان على شرفها أو عرضها وخاصة أن الأسفار القديمة كانت عبر الصحراء بما فيها من مخاطر أما الآن فإن عوامل الأمان توافرت وخاصة في وسائل السفر من الطائرات والسيارات وغيرها وبالتالي فإن العلة من وجود المحرم تلاشت وأنا شخصيا سافرت عشرات المؤتمرات بل وأعرت إلى جامعة ليدن الهولندية لتدريس الإسلام وتصحيح الصورة المشوهة عنه هناك وفي هذا فائدة عظيمة لديننا الذي أوضح حقيقته لغير المسلمين في عقر دارهم ولهذا فإن حرمان المرأة من حقها في السفر بإطلاق إلا في وجود محرم قد يؤدي إلى حرمانها كثيرا من حقوقها ويشق عليها بل انه قد يؤدي إلى فقدانها الكثير من الخبرات الحياتية بل والمحافظة على حياتها إذا كانت في حاجة إلى علاج عاجل.
فتوى منصفة
وتقول مفتية النساء في مصر الدكتورة سعاد صالح العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية أن الإسلام أعطى المرأة كامل أهليتها في التصرفات التي تكون مسؤولة عنها أمام الله باعتبارها والرجل متساويين في التكاليف الشرعية، وأكد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفس المعنى بقوله «إنما النساء شقائق الرجال» ولهذا فإنه إذا توافر للمرأة الصحبة الآمنة في السفر وخصوصا أن تكون رفيقاتها من النساء أو الرجال المشهود لهم بالتقوى والصلاح فإنه لا مانع شرعا من أن تسافر إذا كانت في حاجة إلى السفر أو كان السفر في حاجة إليها كأن تكون راغبة في العلاج في الخارج بعد أن يئس الأطباء في علاجها في الداخل أو تكون مدعوة لحضور مؤتمر في تخصصها وفي هذا مصلحة لها ولبلدها وعملها بشرط أن لا يكون في هذا السفر ما يغضب الله، ولا شك أن السفر في سبيل تحصيل العلم إذا توفرت الشروط الآمنة له هو نوع من الجهاد في سبيل الله الذي أمرنا بالهجرة في سبيله من دون تفرقة بين الرجال والنساء وهذا ما نفهمه من عموم الآية الكريمة التي يقول فيها الله سبحانه وتعالي «إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً، إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً. فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً » [النساء:97-99].
حل وسط
وحاولت الداعية الإسلامية الشهيرة الدكتورة عبلة الكحلاوي عميدة كلية الدراسات الإسلامية الوصول إلى حل وسط بالتأكيد أنه ينبغي أن يكون السماح للمرأة بالسفر من دون محرم بضوابط وليس مفتوحا على مصراعيه حتى لا نقع في مخالفات شرعية أو نكون ممن يساعدون على نشر الفتنة والرذيلة كأن تكون هي نفسها فتنة وليس لديها التزام ديني يحميها من الانحراف الأخلاقي أو أن تكون هناك شبهة في أحد مرافقيها بأن يفتنها أو يعتدي عليها ولهذا أنا ممن يفضلون إباحة السفر للضرورة وفي ضوء الضوابط السابقة لأن القاعدة الفقهية ترشدنا إلى أن «درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة». فإذا لم تتوافر تلك الشروط فإنه ينبغي الالتزام بنص الحديث النبوي الذي يقول فيه صلي الله عليه وسلم «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسير يومين إلا ومعها محرم» والحديث الجامع «لا تسافر إلا مع ذي محرم».
شروط السفر الآمن
وأكدت الدكتورة ملكة يوسف زرار أنه لا مانع شرعاً من سفر المرأة من دون محرم وأنه لا مانع شرعا من سفر المرأة للخارج في مهمة للعمل أو طلب العلم دون محرم وذلك الأمر مرتبط بتوافر شرطين أساسيين، هما: العمل المحمود والمكان الآمن مع الالتزام بأداء الواجبات الدينية والفرائض والعبادات والتمسك بالقرآن والسنة لكونهما ينهيان عن الفحشاء ويؤديان للحماية والعصمة ويدعوان أيضا لمكارم الأخلاق.
واستشهدت بفتوى شهيرة للدكتور يوسف القرضاوي يزيل فيها ما أثير من اللبس في فهم حديث اشتراط سفر المرأة بمحرم حين قال «لقد بحث الفقهاء هذا الموضوع عند تعرضهم لوجوب الحج على النساء مع نهي الرسول صلى الله عليه وسلم أن تسافر المرأة بغير محرم فمنهم من تمسك بظاهر الأحاديث المذكورة فمنع سفرها بغير المحرم ولو كان لفريضة الحج ولم يستثنِ من هذا الحكم صورة من الصور ومنهم من استثنى المرأة العجوز التي لا تُشتهى ومنهم من استثنى من ذلك ما إذا كانت المرأة مع نسوة ثقات بل اكتفى بعضهم بحُرّة مسلمة ثقة ومنهم من اكتفى بأمن الطريق وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، ولهذا فإن ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، أما ما حرم لسد الذريعة فيباح للحاجة. ولا شك أن سفر المرأة بغير محرم مما حُرّم سدًّا للذريعة.
تأييد سعودي
دعت الدكتورة سهيلة زين العابدين عضوة جمعية حقوق الإنسان السعودية إلى تفعيل قانون يسمح بسفر المرأة التي تبلغ من العمر 45 عاما من دون أخذ الإذن من ولي أمرها خاصة وأن القانون لم يطبق منذ صدوره ولم يعمم على الموظفين في المطارات قائلة: إن هذا التشريع هو حق من ضمن حقوق المرأة التي تسعى جمعية حقوق الإنسان لإقرارها حتى لا تكون بعض النساء تحت رحمة بعض الأقارب الذين يمارسون عليهن أنواعا من التعسف بعد أن نزعت الرحمة من قلوبهم ولابد من معاملة المرأة معاملة كامل الأهلية في الحقوق مثلما تعامل حاليا في الجوانب الأخرى كالأحكام والحدود أما أن يتم حرمان المرأة من حقها في التعليم عن طريق البعثات الخارجية التي يمكن السيطرة عليها عن طريق توفير الإقامة والرقابة والإشراف التام من البعثات الديبلوماسية في الخارج فهذا ظلم لها وحرمانها من حقها في التعليم الذي طالبنا الله بالاستزادة منه حين قال «وقل رب زدني علما» هذا ما أكده رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.
أيدت عالمات الأزهر اجتهاد الفقيه الإسلامي السعودي الشيخ عبد المحسن العبيكان للنساء السفر وحدهن من دون محرم سواء في المسافات القصيرة أو البعيدة إذا كن آمنات على أنفسهن وأعراضهن وأوضحن أنها فتوى منصفة للمرأة التي طالما عانت من بعض الفتاوى التي حرمتها من هذا الحق حتى ولو كان سفرها للعلاج أو طلب العلم. فما هي الأدلة الشرعية التي استند إليها في اجتهاده؟ وما هي آراء الأزهريات فيها؟
شرح الشيخ العبيكان خلفية فتواه في بحث فقهي عن «سفر المرأة دون محرم» استعرض فيه الأحاديث النبوية المتعلقة إلى جانب آراء داعمي رأيه والمختلفين معه. وخلص إلى اعتبار أنه «يجوز للمرأة أن تسافر دون محرم إذا أمنت على نفسها».وقام العبيكان بنشر بحثه على موقعه الالكتروني، لكثرة تردد التساؤلات حول الموضوع
وقدم العبيكان مزيدا من التفسير لفتواه قائلاً: علّة تحريم سفر المرأة من غير محرم هي الخوف على المرأة من الاعتداء على شرفها خصوصاً في السفر قديماً بوسائله التي يحصل فيها الخوف، أما الوسائل الحديثة مثل الطائرة فالمدة في الغالب يسيرة ولا يستطيع أحد الاعتداء على المرأة لوجود الطاقم والناس حولها وأما التحرش بالكلام ونحوه فهو يحصل في السوق وعبر الهاتف وفي كل مكان وبالتالي فإن علة التحريم تكون منتفية.