أول مسلمة محجبة في البيت الأبيض

المرأة والسياسة, باراك أوباما, البيت الأبيض, يوم المرأة العالمي, نجاح المرأة, مشاركة المرأة, داليا مجاهد, مستشارة, المرأة المحجبة, المرأة العربية / نساء عربيات

13 يوليو 2009

من حي السيدة زينب في القاهرة إلى البيت الأبيض، قطعت داليا مجاهد-أول محجبة تعمل مستشارة للرئيس الأميركي باراك أوباما- دروباً وخطوات واسعة نحو تحسين صورة الإسلام والمرأة العربية. داليا مجاهد بخبرة سنوات طويلة عاشتها في المجتمع الأميركي، حللت ظاهرة كراهية العرب للأميركيين وببراعة جراح شرحت أسباب الظاهرة، وبتأنٍ شديد قدمت حلولاً للعلاقة المتوترة، ووضعت شروطاً لتحسينها من جانب المسلمين والأميركيين. ابنة حي السيدة زينب في القاهرة حكت لـ«لها» أحلامها وطموحاتها وأيضاً رؤيتها لتحسين صورة المرأة المسلمة، كونها أول سيدة محجبة تصل الى هـذا المنصب الرفيع.

- في البداية من هي داليا مجاهد؟
أنا من مواليد حي السيدة زينب في القاهرة وعشت فيها حتى الخامسة من عمري، وانتقلت بعدها مع أسرتي للعيش في الولايات المتحدة الأميركية. والدي بدأ باحثاً في الهندسة في جامعة ويسكونسن وتدرج في الوظائف حتى أصبح أستاذاً لعلوم الهندسة و مدير مركز ماديسون الإسلامي. هذا من حيث النشأة والسفر للولايات المتحدة،أما من ناحية حياتي الأسرية الخاصة فأنا متزوجة من طبيب مصري مقيم في الولايات المتحدة هو الدكتور محمد فريدة ورزقني الله طفلين هما طارق وجبريل. وأنا الوحيدة في أسرتي التي تعمل في المجال السياسي والإعلامي وحصلت على درجة الماجستير في إدارة الأعمال وبالتحديد في تخصص «الاستراتيجيات» من كلية جوزيف كاتز في جامعة بيتسبيرغ. كما أنني حصلت على بكالوريوس في الهندسة الكيميائية وعملت في فترة من حياتي بعد تخرجي باحثة تسويق في إحدى الشركات العالمية، وترأست قبل بضع سنوات مركز «غالوب» للدراسات الإسلامية ونُشرت أبحاث لي في كبريات الصحف الأميركية.

- بالتأكيد نجاحك لم يأت مصادفة فكيف كانت رحلة النجاح؟
ما وصلت إليه بتوفيق الله أولاً وأخيراً ثم بتشجيع أسرتي سواء قبل الزواج أو بعده حيث تم توفير الجو المناسب والتشجيع المستمر، حتى إنني أعمل أكثر من 60 ساعة أسبوعياً وهذا جعلني آخذ من وقت نومي الذي وصلت إلى درجة نسيانه من شدة قلته. وأذكر هنا المقولة العربية الخالصة «من طلب العلا سهر الليالي»، وقبلها سنة الله في خلقه التي أكدها في قوله تعالى «إن الله لايضيع أجر من أحسن عملاً».

- هل كنت تتوقعين اختيارك لهذا العمل؟
لم يخطر ببالي ولو للحظة واحدة أن يتم اختياري ولم أكن أتوقع ذلك، وعندما تم تشكيل لجنة فيها أشخاص من أديان مختلفة كان أحد المسؤولين في هذه اللجنة متابعاً لما أبرزه من الإحصاءات وقرأ الكتاب الذي كتبته وكلمني وطلب مني الانضمام إلى مجموعة المستشارين. ولم أتردد في القبول حتى أخدم ديني ووطني والمسلمين والأميركيين عن طريق إبراز الحقائق ومعالجة مشكلة سوء تفاهم بين الطرفين ووجود جهل للحقائق.

- ما الهدف الرئيسي الذي ستسعين لتحقيقه من خلال عملك؟
هدفي الرئيسي تصحيح صورة المسلمين حتى يتم التعامل معهم كغيرهم من الفئات الكثيرة التي تشكل المجتمع الأميركي، ومنصبي الجديد هو وسيلتي لتحقيق ذلك بكل حيادية حيث يتطلب مني هذا الدور أن ينصب عملي على دراسة أوضاع المسلمين وآرائهم وطريقة تفكيرهم في العالم وماذا يريدون، خاصة أن الصورة السلبية عنهم في العالم أنهم مصدر القلاقل في كل مكان يوجدون فيه. وفي الوقت نفسه سأحاول تصحيح صورة الإسلام المشوهة في أميركا وإيجاد مرحلة جديدة من العلاقات بينها وبين العالم الإسلامي بعد فترة من التوتر وانعدام الثقة في الفترة الماضية.

- الرئيس أوباما تطرق إلى رفضه المضايقات التي تعرضت لها المحجبات بعد أحداث أيلول/سبتمبر، فهل يعني هذا فتح صفحة جديدة؟
بالتأكيد فهو شخصية متفتحة ومتسامحة وقد ساهمت نشأته وجذوره ومعيشته في أكثر من مكان خارج الولايات المتحدة إلى تشكيل شخصيته بشكل إيجابي، فهو ليس غريباً على المسلمين وإنما عاش بينهم وجذوره نفسها مسلمة. ولهذا أستبشر خيراً بالمرحلة المقبلة من حكمه خاصة أنه صادق في فتح قلبه للتعاون مع العالم الإسلامي وإنصاف المرأة في العالم كله وليس في أميركا فقط.

- ما هي نظرة موظفي ومسؤولي البيت الأبيض إليك كأول محجبة تدخل مؤسسة الرئاسة كمستشارة؟
أؤكد أنني لم أتعرض لأية مضايقات أو حتى شعور بالضيق أثناء دخولي أو خروجي أو حتى بقائي ولو لفترة قصيرة في البيت الأبيض. فما يهم مسؤولي البيت الأبيض وعلى رأسهم الرئيس أوباما ليس حجابي بل يعنيهم ما يمكن أن أقدمه لهم من أفكار تساعدهم على فهم الإسلام وكيفية التعامل بصورة إيجابية مع العالم الإسلامي بهدف تحسين العلاقات الأميركية مع المسلمين في العالم بوجه عام ومسلمي الولايات المتحدة الذين يزيد عددهم على سبعة ملايين بوجه خاص. وللعلم إذا كنت في البيت الأبيض وحضرت الصلاة أصلي بكل حرية دون أي مضايقات أو تعليق من احد.

- ما أهمية المجلس الاستشاري وهل أنت الممثلة الوحيدة للمسلمين؟
أنا عضو في مجلس استشاري يتكون من 25 شخصية ويتبع البيت الأبيض ويركز على طرح الحلول للمشكلات الاجتماعية المرتبطة بالطوائف الدينية والعمل على وضع توصيات بشأن المجال ومساعدة الناس على حل مشكلاتهم في مختلف المجالات، وتحسين العلاقات بين أتباع الأديان المختلفة التي يعيش أتباعها في الولايات المتحدة ورفع تقارير للرئيس حول الدور الذي يمكن للأديان أن تؤديه لمساعدة المجتمع. ويمثل المسلمين في هذا المجلس اثنان أنا ومسلم آخر من أصول هندية.

- كتابك «من يتحدث باسم الإسلام» هل كان من أهم أوراق ترشيحك كمستشارة في الرئاسة الأميركية؟
هذا الكتاب هو خلاصة أبحاث أجريت على مدى 6 سنوات حول ما يفكر به أكثر من مليار مسلم وشملت50 ألف مقابلة في أكثر من 35 دولة تسكنها أغلبية مسلمة أو نسبة لا بأس بها من المسلمين، وهو الاستطلاع الذي يعد الأكبر والأشمل من نوعه في العالم وتم بالاشتراك مع أستاذ العلوم السياسية الأميركي جون إيسبوزيتو.

- وما هو التوصيف لوظيفتك بالضبط؟
أنا لست مستشارة بشأن الإسلام وإنما دوري بالتحديد هو نقل الحقائق عن معتقدات المسلمين ومشاعرهم ونقل أصوات غالبية المسلمين الذين يفرض عليهم الصمت داخل أميركا وفي مختلف أنحاء العالم، إلى المجلس، بحيث يتعرف صانعو القرار على أفكار هذه الغالبية. وأعتقد أن اختياري جاء انطلاقاً من اهتمام الإدارة بما يعتقده المسلمون ويرغبون سماعه.

- الغليان ضد المسلمين عقب 11 أيلول/سبتمبر هل طالك منه شيء وما الموقف الذي لا تنسينه؟
من المواقف التي أثرت في أنه في اليوم التالي لأحداث سبتمبر توجهت للصلاة في أحد المساجد القريبة من بيتي رغم تحذيرات الأسرة لي بأنني أعرض حياتي للخطر وسأتعرض لمضايقات، ولكنني وجدت عدداً كبيراً من رواد المسجد من غيرالمسلمين بل مجموعة من الأميركيين الداعمين لموقف المسلمين في أميركا يساندون المسلمين الأبرياء الذين يعيشون في سلام داخل المجتمع الأميركي لأنه لايمكن معاقبة أمة كاملة بسبب سوء تصرف قلة منبوذة من افرادها ممن يرفض الإسلام ذاته سلوكهم. وفي الوقت نفسه فإن هناك كثيراً من الأميركيين غير المسلمين يحمون المسلمين ويتعاونون معهم في الحياة اليومية.

- ماذا تريدين من المسلمين ليساعدوك في القيام بدورك في تحسين صورتهم؟
أدعو المسلمين الى أن يصلحوا أنفسهم ويسعوا للمشاركة في إصلاح وحل مشكلات العالم وأن يقدموا وينفذوا أفكاراً تؤكد قدرتهم على المشاركة الإيجابية في وضع الحلول لمشاكل العالم الذي يعيشون فيه. ولهذا أدعو شباب وفتيات المسلمين الى أن يراسلوا البيت الأبيض مؤكدين أنهم يريدون العيش في سلام ويطالبوا برفع كل أشكال الظلم الواقع عليهم بسبب السياسة الأميركية في الفترة السابقة.

- وماذا عن دور المسلمات في أميركا؟
المرأة المسلمة التي تعيش في الولايات المتحدة تشارك في كل نشاطات الحياة الدينية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية مثل التدريس وغيره، وأثبتت نجاحات كبيرة وقدرها المجتمع. أنا نموذج حي يؤكد ذلك، ولهذا فإن المرأة العربية والمسلمة في الولايات المتحدة لها دور فعال وإيجابي في مجتمعها وتتساوى مع الرجل في كل الحقوق والواجبات. وإذا كانت قد تعرضت لمضايقات بعد أحداث أيلول/سبتمبر فإن الوضع الآن تحسن كثيراً.

- عندما تنظرين إلى أحوال المرأة العربية ماذا يؤلمك؟
أنا أكره الظلم بكل صوره وخاصة إذا وقع على فئات مستضعفة مثل النساء والأطفال. ولهذا يؤلمني جداً وضع النساء والأطفال في فلسطين خاصة في غزة وكذلك في العراق، بل كل مناطق الحروب والصراعات في العالم وليس العالم العربي أو الإسلامي فقط. ولهذا كم كنت أتمنى أن يزور الرئيس أوباما الأراضي الفلسطينية ويرى المآسي التي تعيشها المرأة وأطفالها في أوضاع غير إنسانية.
ويؤلمني كذلك ربط بعض مظاهر الظلم للمرأة وحرمانها من حقوقها بالدين مع أن الإسلام هو أكثر الأديان تكريماً للمرأة ولكن بعض أتباعه يسيئون إليه بتصرفاتهم المرفوضة شرعاً، سواء من العادات والتقاليد أو الفقه الذكوري الذي فيه تعصب للرجل على حساب المرأة. ويلعب الإعلام الغربي المتحامل على الإسلام دوراً في تكريس هذه الأوضاع الخاطئة ونسبتها الى الإسلام.

- بايجاز ماهو سر كراهية العرب والمسلمين لأميركا؟
أثبتت الدراسات التي قمنا بها أن السبب الحقيقي سياسي وليس دينياً أو عقائدياً كما يعتقد الكثيرون، فالسياسة الأميركية في الفترة السابقة التي سيطر فيها تيار المحافظين على صناعة القرار تسببت بحالة من العداء والكراهية للسياسة الأميركية وليس لأميركا، لأن الكثير من المسلمين في العالم يحبون المبادئ الأميركية الداعية للحرية والعدل والمساواة والديموقراطية ويتمنون تطبيقها في بلادهم. والعجيب أننا لاحظنا من خلال الدراسات والإحصاءات في مركز غالوب أن المسلمين في الشرق الأوسط يكرهون الإرهاب ويتخوفون منه أكثر من الأميركيين أنفسهم.

- ماهي معالم صورة المسلمين المقيمين في الولايات المتحدة؟
رغم محاولات الإعلام الأميركي المنحاز ضد المسلمين إبراز كل ما هو سلبي وتضخيمه، فإن الواقع يؤكد أن من المعالم الحقيقية للصورة أن المسلمين من أكثر الفئات اجتهاداً في المجتمع الأميركي ويعملون في مراكز تعليمية محترمة والمسلمات يشاركن بفعالية في ذلك، وقد اعترف بهذا الرئيس أوباما في خطابه من القاهرة.