لبنى الغلايني... المرأة السعودية تخرج للعمل

انجازات, لبنى الغلايني, المرأة السعودية / نساء سعوديات, تقديم تلفزيوني, صعوبات, سيدة أعمال, برنامج حواري تلفزيوني, إدارة الأعمال, إمرأة عملية, دور المرأة, حياة المرأة, التلفزيون السعودي, الحياة العملية, مركز أوديك, ملتقى سعوديات الغد, تطوير المرأة, ب

12 أبريل 2010

استطاعت لبنى الغلايني أن تستثمر تجربتها في إنشاء عمل يضيف إليها كفرد في المقام الأول، ويحقق مسؤوليتها تجاه مجتمعها. فقد فكرت، هي وشقيقتها، في إنشاء مركز يستثمر طاقات المرأة ويطور قدراتها ليمكنها من المساهمة في تنمية مجتمعها. وهذا لم يمنع من التصدي لدورها مع أبنائها الأربعة الذين ملأت «رصيدها العاطفي» عندهم لتستطيع أن تحقق رؤية معينة لنفسها ولبنات جنسها. فالحياة العملية لم تتوقف بعد إنجاب الأبناء بل اختلفت الأدوار والأولويات. ويبقى التوازن الذي يتيح القيام بالعديد من الأدوار لمن لا تريد أن تبقى في إطار واحد أو تسعى في مدار واحد.
في لقائها مع «لها» تحدثت غلايني عن مسؤوليتها كإمرأة تجاه مجتمعها وعن أهمية تمكين المرأة لتصبح فرداَ فعالاً يعرف معنى المسؤولية الفردية.

- في السنوات القليلة الماضية أصبحت عبارة « تمكين المرأة» من العبارات التي تتردد كثيراً وتختلف تعريفاتها من شخص الى آخر ومن فئة الى أخرى. بالنسبة الى لبنى الغلايني ورسالتها ماذا يعني تمكين المرأة وبماذا تعرفينه؟
تمكين المرأة الذي نعنيه نحن في «اوديك» جئنا به من القرآن « الذين ان مكناهم في الأرض». وتمكين المرأة يعني إعطاءها مفاتيح وآليات تفكير بهدف توسيع ادراكها حتى يصبح لديها القدرة على ايجاد خيارات متعددة لنفسها. المرأة غير المتمكنة لاتمتلك القدرة على التفكير وتفتقر الى أدوات التفكير فيصبح أمامها مسار واحد تخدم من خلاله أدواراً محدودة ادراكياً وفكرياً، فلا تستطيع أن تكون منظومة متوازنة بين العمل والأولاد وتحقيق الذات.

- كيف يمكن أن نفعّل مصطلح تمكين المرأة في المجتمع؟
بفهمنا له وعدم الخشية منه. فالمرأة القادرة على التفكير والقرار والاختيار ستخدم في النهاية حياتها وزوجها وبيتها، وتصبح عنصراً فعالاً لا عالة على المجتمع، فتكون امرأة مستقلة عقلياً، وهذا هو المطلوب.

- أسست وشقيقتك الدكتورة لمى الغلايني مركز «أوديك» للاستشارات وتمكين المرأة، فكيف قام «أوديك»؟ ومن أين نبعت الفكرة؟
المسؤولية الفردية هي الأساس. فما الذي يمكنني تحقيقه كشخص؟ «أوديك» أنشىء بمسؤولية فردية. وجدنا أننا كسيدات لابد أن يكون لنا دور وأن يصب علمنا وثقافتنا في منظومة أكبر. ضاقت بنا الأدوار، أنا وشقيقتي، بعد الزواج وإنجاب الأبناء. وشعرنا أنه لابد من الاضطلاع بأدوار أوسع وأكبر.

- خلال سبع سنوات من عملك في مركز «أوديك»، ما الذي حققته من خلال البرامج التي يقدمها المركز وما هي البرامج التي يقدمها؟
بدأنا عملنا بتقديم تدريب شخصي وتدريب وظيفي للخروج بشخصية احترافية في العمل، بعدها توسعنا في الدخول في دراسات متخصصة في ما يخص تمكين المرأة. ومن أهم ماحققنا، على سبيل المثال، ملتقى «سعوديات الغد» الذي سيصبح ملتقى سنوياً ليتحدث عن تمكين المرأة، اضافة الى العديد من البرامج الأخرى التي نعمل عليها فيما يخص المرأة وتمكينها. بدأنا ببرامج تدريبية واستشارات على مستوى فردي حتى وصلنا الى برامج تطويرية على المستوى الاجتماعي.

- من هي المرأة التي يستهدفها «أوديك»؟ وكيف يمكن أن تصل برامج التطوير والتمكين الى المرأة الفقيرة، وتلك القروية التي تعيش في المجتمعات المحافظة جداً؟
نستهدف أي امرأة تطمح الى أن تلعب أدواراً عدة وتعيش حياة متوازنة. فالنجاح في مدار واحد لايعتبر نجاحاً. فلا أعتبر نجاحي في «أوديك» نجاحاً إذا لم أنجح في بيتي أولاً، وهذه هي المسؤولية الأولى للمرأة. أما في ما يخص المرأة الفقيرة والقروية، فاستطعنا من خلال «أوديك» أن نصل الى المرأة في جيزان وحائل والقصيم ووصلنا الى حي قويزة في جدة. وكثيرات من النساء اللاتي وصلت إليهن برامجنا قلن إن حياتهن تغيرت بشكل جذري ومازلن يتواصلن معنا عبر الهاتف للاستشارات. نحن كمسؤولية فردية نقوم بكل ما نستطيع ومن خلال التعاون مع الوزارات المعنية يمكننا أن نصل الى فئات نسائية أكبر، وهذا ما نقوم به.

- تسعى برامج التمكين والتطوير لديكم الى أن تقوم المرأة بدور تكاملي مع الرجل لا دور تصادمي،كما تصرحين دائما، فكيف يمكن تحقيق ذلك خاصة أن كثراً مازالوا يعتقدون أن خروج المراة للعمل يجعلها أكثر قوة ويسبب لها المشاكل الزوجية؟
الحقيقة أن الرجل الواثق من نفسه لا يعيق تطور المرأة التي تخصه وانما يساعدها في التطور والاستقلال، ولكن تصرف المرأة بعد خروجها الى العمل وتعاليها على الرجل وتمردها عليه هي التي تضعها في مأزق. يرجع الى كل سيدة بشكل فردي وكيف تتعامل مع استقلاليتها فتحصد الثمار التي زرعتها. وهنا تظهر براعة المرأة وذكاؤها التواصلي في عدم اصطدامها بالرجل. وما نحاول تحقيقه من خلال برامجنا هو التمكين الشخصي والوظيفي ليتحقق التوازن. فالمرأة التي لديها القدرة على التواصل بشكل إيجابي والتي تتمتع بالذكاء العاطفي، هي المرأة التي لايخاف منها الرجل.

- تقولين إذاً إن الدور الاساسي للمرأة هو تربية الأبناء، وإن المرأة يمكنها أن توازن بين أدوارها المتعددة، فمثلا يمكنها أن تخرج للعمل عندما يكبر الابناء، فهذا يعني انها لا يمكنها ان تعمل بشكل كامل في بداية شبابها وفي مرحلة تألقها بعد الانتهاء من الدراسة. ولكن ألسنا نحدد بذلك فرصها العملية، وهذا يعني أن تصبح المرأة بلا عمل حتى يكبر أولادها؟
هذا حقيقي، فالدور الرئيسي والأهم للمرأة هو تربية الأبناء. ولكن لا تتوقف الحياة عند تربية الأبناء. هناك مايسمى نظرية التعلم المستمر والتي تركز فيها على عقلها وشكلها.
كل امرأة لديها رؤية تريد أن تحققها لابد أن تسعى لها وتحدد أهدافها، وإن لم تستطعْ تحقيقها في مرحلة معينة، فلابد أن تبقى متيقظة وتطور نفسها بشكل مستمر حتى تستطيع أن تحقق رؤيتها في الوقت الذي ستسمح فيه ظروفها بذلك. والمرأة التي تستطيع أن تحقق التوازن بين أبنائها وبيتها وعملها يمكنها أن تخرج للعمل، فالفرص كثيرة وليس من الضروري أن تكون بالشكل الوظيفي التقليدي المعروف. والمجتمع السعودي من أكثر المجتمعات المتفهمة لأدوار المرأة ويوفر لها فرصاً وظيفية تحمي خصوصيتها وتمكنها من القيام بأدوارها المختلفة.

- وما هي الفرص التي يمكن أن تجدها عندما ترغب في العمل وهي كانت بعيدة عن الحياة العملية لسنوات طويلة أثناء تربية الأبناء؟
تربية الابناء لا تستغرق سنين طويلة حتى يستطيع الطفل أن يدخل إلى المدرسة. ولكن المرأة يمكنها، كما ذكرنا سابقا، أن تطبق فكرة التعلم المستمر بأن لا تفصل نفسها عن العالم الخارجي وتواكب كل ما هو حديث وتصقل ثقافتها ودراساتها وحتى شكلها أثناء وجودها في المنزل. ولكن اذا انقطعت عن العالم وعن التعلم المستمر ولم تطور مهاراتها وثقافتها فبالطبع لن تجد أي فرصة عملية حقيقية. أنا مقتنعة بذلك تماماً من تجربتي الفعلية. انقطعت عشر سنوات حتى أنجبت أبنائي ووقفت على تربيتهم، ومن ثم بدأت مشواري العملي كمسؤولية فردية. لم أنقطع عن العالم وطبقت فكرة التعلم المستمر فاستطعت أن احقق شيئاً.

- دائماً ما نتحدث عن دور المرأة في العمل والبيت ومع زوجها وأبنائها، لماذا نضع المرأة تحت هذا الضغط الشديد ونقول إن عليها أن تجمع كل المهمات وهذا أمر قد يصعب تحقيقه بتوازن تام على أرض الواقع؟
يمكنها أن توازن في أدوارها وترتب أولوياتها. الأمر صعب ومرهق ولكنها ستكون سعيدة. عندما تقوم بدورها السليم في تربية الأبناء. مع التخطيط والتنظيم تكون قد بنت رصيداً عاطفياً مع زوجها وأبنائها في منزلها ويمكنها بعد ذلك تحقق التوازن المطلوب. نحن لا نضع المرأة تحت ضغوط وانما نريدها أن تحقق الافضل لنفسها، وبالطبع لكل حالة استثناءات. المجتمع لا يضغط على المرأة، ولكن المرأة الطموحة التي تشعر بهويتها هي التي تضغط على نفسها، ولكنها تستمتع بعدم كمونها في دور واحد.

- ما هي العقبات التي واجهتك أو مازالت تواجهك في مجال تطوير المرأة ومحاولة الوصول بها الى المكان الأفضل؟
أفضل أن أسميها تحديات. اذا صدقت النية ستصلين الى الجميع وتحققين الثقة. والتحديات التي تواجهني هي تحديات أي انسان يريد أن يثبت مصداقيته في السوق. التحدي الأكبر الذي واجهته هو القدرة على إحداث التوازن ورغبتي في القيام بمهمات متعددة، أيضاً أحاول أن أعيش قيمي وأحقق المنظومة التي أؤمن بها في عملي، وأحاول جاهدة أن لا أتحول الى منظّرة تطرح حلولاً لا تناسب جميع الفئات.

- برنامج «لها في العمل» الذي تقدمينه في التلفزيون السعودي يهدف الى تحسين صورة المرأة السعودية. كيف بدأت الفكرة وهل تشعر لبنى الغلايني بضرورة تحسين صورة المرأة السعودية على المستويين العربي والدولي، ولماذا؟
البرنامج أوكل إلي بأن نستضيف سيدات من المملكة. أنا فكرت في تطوير الفكرة بأن تشمل جميع الشرائح النسائية بمختلف أعمالها لأبث للمرأة مسؤولية فردية تقول لها تحركي من دائرة تأثيرك ولا تنتظري. وبالطبع من ضمن أهداف البرنامج تحسين صورة المرأة السعودية لأن هناك من ينظرون إلى المرأة وخروجها للعمل على أنه رغبة في تحقيق الذات فقط. الحقيقة أن المرأة السعودية اليوم تخرج لأنها بحاجة للعمل وليس لتحقيق الذات.

- هل تنوين نقل برنامج «لها في العمل» إلى قناة فضائية تصل الى المشاهد العربي بشكل أفضل وأوسع وربما تحقق هدفك من بتغيير صورة المرأة السعودية في الخارج؟
الحقيقة أنا في طريقي لتقديم برنامج آخر على أحد القنوات الفضائية إضافة إلى برنامجي على القناة السعودية. فبرنامج القناة السعودية يصل الى الشرائح المختلفة التي يصعب أن نصل اليها، وبالتالي نحن ننقل رسالة المسؤولية الفردية.

- ما الذي تعتقدين أنه مازال ينقص المراة السعودية؟
الثقة بنفسها ما زالت تنقصها، والثقة بدورها كفرد مسؤول قادر على أن يحقق الكثير. وبالطبع ينقصها التدريب والمهارات الإدراكية الأساسية في التواصل مع الذات و قبول الآخر والتواصل معه.

- هل تعتقدين أن المرأة مقصرة أم مقصَّر في حقها؟
المرأة غير مقصرة. ليست هناك قرارات أو قوانين مفعّلة بشأنها وليست متمكنة مهاراتيا. اليوم بدأت تظهر بشكل أكبر لأنها وصلت الى الإعلام الذي سلّط عليها الدور، ولكنها موجودة من قبل وتسعى لتحقيق ما تستطيع تحقيقه. ومازال هناك نوع من الخوف من إعطاء المرأة حرية كاملة، وعدم تفعيل القرارات الخاصة بالمرأة مرتبط برؤية أشمل وأوسع قد لا ندركها، وقد يكون الخوف هو السبب.

- كيف يمكن أن نبني شخصية نسائية إيجابية فعالة يكون لها دور بارز في مجتمعها؟
عن طريق تمكينها من مهارات حياتية أساسية في اعتقاداتها، وطريقة تفكيرها، ومهارات التواصل مع الآخر، إضافة إلى تبنيها نظرية التعلم المستمر. ونحقق ذلك من خلال بث الوعي لأهمية تمكين المرأة من الناحية الشخصية ومن ثم الوظيفية.

- ماهي طموحاتك وأين ترين نفسك بعد عشر سنوات؟
الحقيقة أنا أعيش كل مرحلة في وقتها ولا أخطط كثيراً للمستقبل، ولكن أتمنى أن أكون إحدى الإعلاميات أو النماذج الإعلامية التي تقدم جودة معينة ولها مصداقية.