الزوجة أمام خيانة الزوج
طب نفسي, تحقيق, طلاق, علم إجتماع, خيانة, العلاقة الزوجية, سوزان المشهدي, هاني حامد, إنفصال, الغضب, عقوبة
08 نوفمبر 2010فقدان الانسجام والاستقرار
من جهتها، أوضحت مديرة مركز استشارة للتطوير الذاتي الاستشارية النفسية السعودية فوزية أشماخ أن خيانة الرجل تختلف عن خيانة المرأة لأنها المسؤولة عن الحمل والولادة ومن خلالها تختلط الأنساب وتتوسع المشاكل الشرعية والقانونية، وهذا ما يجعل المجتمع يصغر حجم خطأ الرجل ويكبر خطأ المرأة ويقسو عليها أكثر.
وقالت إن للخيانة الزوجية أسباباً كثيرة متعددة ومختلفة وترجع إلى كل شخص على حدة. ولكنها أكدت أن الإنسان يقبل على الخيانة سواء كان ذكراً أو أنثى لعدم وجود الرضا والتفاهم والاستقرار في الحياة الزوجية. أما الأشخاص الذين تتوافر لهم كل عوامل الرضا، والاستقرار والتفاهم في زواجهم ومع ذلك يمارسون الخيانة فهم أشخاص مصابون بأمراض نفسية ويحتاجون إلى علاج.
وبينت أن ليس كل الرجال يقبلون على الخيانة وأن البعض منهم يخون بفكره وعواطفه وهذا أخطر أنواع الخيانة، لأنه ينصرف بشكل كلي عن زوجته بجميع حواسه، أما الذي يخون يمكنه أن يتراجع عن خطئه.
ولفتت إلى أن التوافق على المستوى النفسي والثقافي والاجتماعي هو العامل الأهم في استمرار الحياة الزوجية بشكل سليم بعيداً عن الخيانات وما تجره من مشكلات. أما الخيانة ومدى تأثيرها على الإنسان أو المرأة، كما ذكرت، فتختلف من امرأة إلى أخرى ومدى قدرتها على تحمّل الأذى النفسي الذي يقع عليها، بالإضافة إلى ظروفها الاقتصادية والاجتماعية وان كان لديها أبناء.
وتلتقي أشماخ في إطار عملها نوعين من السيدات اللواتي تعرضن للخيانة. فالأغلبية منهن يلجأن إلى حل الانفصال إذا تأكدت خيانة الزوج، والأخريات يحاولن معالجة الوضع للاستمرار في الحياة الزوجية. ويرجع رد فعل كل سيدة إلى مدى رغبتها أو تمسكها بشريك حياتها وقدرتها على التحمل. تقول: «الكثيرات من اللواتي يحضرن لاستشارتي يلجأن إلى الانفصال لأن الحياة اختلفت خاصة أن خروج المرأة للعمل واستقلالها مادياً جعلاها أكثر قوة ومقدرة على اتخاذ القرار».
وتنصح أشماخ المرأة بشكل عام أن لا تتعجل في قرار الطلاق أو الانفصال قبل أن تعطي لنفسها الفرصة الكاملة للتفكير ومناقشة الأمر مع زوجها. فعليها أن تحسبها من جميع الاتجاهات حتى لا تأخذ قراراً فتندم عليه.
«كثيرات من المراجعات أصررن على الطلاق وندمن ندماً كبيراً بعد وقوعه، خاصة مع وجود الأبناء». وشددت أشماخ على ضرورة النظر إلى المشكلة بشكل موضوعي وحساب السلبيات والايجابيات للزواج بشكل عام قبل اتخاذ قرار الانفصال، وتقول: «إذا حصلت كل امرأة خانها زوجها على الطلاق لما بقي كثر متزوجين حتى الآن».
احتواء الزوج والوقوف بجانبه
يتفق مع الدكتور حامد في الرأي أستاذ علم الاجتماع الدكتور رفعت عبدالباسط الذي يؤكد أن التنشئة الاجتماعية السليمة هي سر تسامح المرأة، حيث تكون رأت في بيت أهلها النموذج الطيب للزوجة وكيفية احتواء الزوج والوقوف بجانبه في أزماته، هكذا تساند المرأة زوجها في ضعفه. وإذا اعتبرت أن نزوته كانت ضعفاً لن تتردد في أن تسامحه».
ويرجع أستاذ علم الاجتماع سلوك الخيانة إلى قصور في الشخصية، ناصحاً كل زوجة بمسامحة زوجها إذا اعترف وتاب فخير الخطائين لدى الله سبحانه وتعالى هم التوّابون، وعلينا كبشر العفو عند المقدرة.
صورة المرأة النفسية في مواجهة خيانة الزوج
عندما تكتشف الزوجة خيانة زوجها يصعب عليها التحكم في رد فعلها الذي يتصف بالحدة في تلك المرحلة نظراً لعواطفها الجياشة، هذا ما يؤكده الدكتور هاني حامد أستاذ الطب النفسي في جامعة القاهرة.
ويقول الدكتور هاني: «رد فعل المرأة في البداية يكون فيه الكثير من الحدة والاندفاع، وغالباً ما تصاحبه انفعالات وجدانية تمتزج بين الاكتئاب والحزن الشديد، وذلك نتيجة لتكوينها البيولوجي والسيكولوجي، فالرجل بالنسبة الى المرأة درع الأمان الوحيد في الدنيا، فالدين والمجتمع لا يسمحان بأن يكون هناك أكثر من رجل في حياة المرأة بينما التعدد مسموح للرجل، وبالتالي تتمحور حياة الزوجة حول زوجها، لذا فإن الشعور بالخيانة يكون قاتلاً لها».
ولكن لماذا يتناقض رد فعل الزوجات من قتل الزوج إلى مسامحته؟ يجيب حامد: «اختلاف رد الفعل يتوقف على نوعية الشخصية، فإذا كانت تعاني من اضطرابات وعدم الثبات في المشاعر والعلاقات أو إذا كانت تعاني من اضطرابات علاقتها بجسدها أي لا يعجبها الشكل العام لجسدها، يتميز رد فعلها بالاندفاعية العالية وفقدان الأعصاب وقد يصل الأمر إلى القتل.
بينما تعتمد قدرة المرأة على السماح حسب النشأة الاجتماعية والنفسية السليمة لها، فالزوجة التي تغفر خيانة زوجها لابد وأن تكون نشأت في أسرة سليمة رأت فيها النموذج الجيد للزوجين في أبويها فتعلمت منهما كيف تُدار الأزمات، والتسامح والمغفرة».
يُقال إنَّ المرأة تتحمل أي عيب في زوجها إلا الخيانة والبخل، فالمرأة مهما بلغت درجة حبها لزوجها لا تغفر خيانته ولا تحتمل بخله، وفي ما عدا هذين العيبين الخطيرين تستطيع المرأة ان تتحمل وتغفر وتسامح. الخيانة تُفقد المرأة ثقتها بنفسها وبالعالم من حولها، وتضعها في مهبّ الشكوك التي تقودها الى طلب الطلاق. وصدمة الخيانة قد تؤدي ببعض الزوجات الى ارتكاب جريمة. ولكن هل تستطيع أي امرأة أن تخالف كل التوقعات وتسامح وتغفر خيانة زوجها؟ هل تستطيع أن تنسى فعلاً هذه الخيانة وتمحوها من قاموس حياتها؟ الإجابة نبحث عنها من خلال هذا التحقيق.
سلوك مرفوض مهما كانت الأسباب
من جهتها، ترى الكاتبة والاختصاصية الاجتماعية المصرية سوزان المشهدي أن «قبول المرأة لخيانة الرجل يعود إلى المجتمع الذي يربي الرجل على أن خيانته مقبولة. ورغم ان الخيانة بكل أنواعها مرفوضة دينياً وعقوبة الخيانة الجسدية واحدة شرعاً، إلا أن العرف والثقافة السائدة يقللان من خيانة الرجل ويضعن لها مبررات كثيرة. ولكن هذا لايعني أن المرأة تسامح. المرأة لا تسامح الرجل الذي يخونها، ولكن قد تبقى معه لأنها لا تستطيع تركه. كأن يكون الطلاق في عائلتها مرفوضاً، أو تخشى على أطفالها من التشرّد. فلو تعمقنا داخل نفسها سنعلم أنها لا تسامحه ولكنها تجد المبررات التي تجعلها تقبل بذلك حتى تستطيع أن تتأقلم مع طبعه المرفوض».
وأوضحت المشهدي أن «الخيانة سلوك مرفوض من الطرفين مهما كانت الأسباب، ولكن أحيانا يدفع أحد الزوجين الآخر إلى هذا السلوك بالإهمال وبعدم إشباع الاحتياجات النفسية والجسدية التي تكون لدى الإنسان الطبيعي رجلاً كان أو امرأة. وهناك رجال ونساء يشعرون بالسعادة المزيفة عندما تتعدد علاقاتهم لأنها تعوّض عن جزء خفي داخل شخصياتهم غير السوية.
بكل أمانة أحياناً يكون إهمال المرأة لنفسها ولزوجها واعتباره شخصاً مضموناً إلى الأبد ومربوطاً بعدد من الأطفال، وراء بحث الرجل عن علاقات تشبع النقص داخله. البعض يعدّد بالحلال ويرتبط بزوجة جديدة والبعض يريد كل شيء في وقت واحد: زوجته الأولى في العلن وعلاقات غير شرعية في السر أو في العلن».