في لبنان، النساء يتفوقن على الرجال...
قيادة السيارات, متدربات الدفاع المدني, المرأة اللبنانية / نساء لبنانيات, حادث سير, نقابة التمريض المصرية, قيادة السيارة
21 فبراير 2011تقدم المرأة في لبنان في عالم المهن الرجالية، أقوى من تقدم الرجال في عالم المهن النسائية، وهذه بعض الشهادات على أعمال كانت مزاولة المرأة لها حتى الأمس القريب موضع استهجان.
نظرة إعلامية وإجتماعية
يعيش الأفراد في المجتمع داخل قوقعة ذاتية ينسجونها حولهم أحياناً خوفاً من كلام الناس. فيظنون أنه من الأفضل لهم «عدم التمرّد» على المعايير الإجتماعية مخافة الوقوع في فخّ لا رجوع عنه، ألا وهو تحدّي الرأي العام!
يقول الدكتور جو عجمي رئيس قسم الإعلام في جامعة سيدة اللويزة اللبنانية: «تلعب وسائل الإعلام الدور الأبرز في تكوين شخصية الإنسان الإجتماعية، عبر تقديم الصورة المفترضة عن دور الرجل وخصاله ومواصفاته، وعن واجبات المرأة ومميّزاتها وحتى مظهرها الخارجيّ. لذلك نرى أنّ التقسيم يتبع الجنس Gender Role، ما ينعكس إداءً بين الناس في المجتمعات».
ففي كلّ الأفلام التي نراها، يلعب الرجل أدواراً محدّدة ويمتهن وظائف معيّنة، وتنحصر أدوار المرأة في أعمال محدّدة، مرتبطة إجمالاً بالأطفال أو العناية بالآخرين أو إدارة شؤون المنزل.
ويضيف عجمي «حتى في الإعلانات، نرى أنّ صبغة الجنسين لا تزال قائمة، إذ تُستخدم صورة الرجل لبيع السيارات والبيوت والأدوات التكنولوجية والخرضوات، فيما تُستعمل صورة النساء لبيع مستحضرات التجميل ومساحيق التنظيف والطعام. لذلك، نحن نزرع في اللاوعي عند الناس هذه التفرقة المحتّمة ما بين دور الجنسين».
عندما نصنّف المرء في خانة معيّنة، أو نحصره ضمن فئة محدّدة، نكون بالتالي قد قلّصنا إمكاناته الثقافية أو الجسدية، من دون أن ندري، بمجرّد أنه فتاة أو صبيّ.
ويرى الدكتور عجمي أن «بعض الفتيات يتمتّعنَ بقوّة جسدية هائلة، يعملنَ على تنميتها بالرياضة والنظام الغذائي والتدريب المتواصل. لكنّهنّ قد يفضّلنَ في بعض الأحيان عدم البوح بذلك، لا بل يظهرنَ بصورة الفتاة، غير القادرة على حمل كيلوغرام واحد حتى! وذلك كي لا يفقدنَ من «أنوثتهنّ» أمام الشباب وكي لا يُقال عنهنَ مسترجلات. ومن جهة أخرى، يستطيع بعض الرجال الإحتفاظ بوظيفة تتطلّب الصبر والإحساس والرقّة، لكن في ظلّ التخفّي قدر المستطاع من عيون المجتمع القريب، كي لا يجرّدهم من «رجولتهم». لذلك، نرى أنّ معظم الأعمال المتعارف عليها، «تناسب» جنس العامل فيها، حسب مواصفات ومعايير لا يحدّدها، إلاّ كونهم رجلاً أو إمرأة.
خلاصة بسيطة
ويتابع د. عجمي قائلاً: عندما ينجرّ المرء خلف المظاهر الخدّاعة، يقع ضحيّة إستنتاجاته الخاطئة. فلا يجوز دوماً قراءة المكتوب من عنوانه، لأنّ التفاصيل قد تبيّن عكس ما قد نراه للوهلة الأولى. فالإنسان الطموح هو ذاك الذي يحقّق مأربه بغضّ النظر عن إنتمائه الديني والعرقيّ والإجتماعي، ومركزه الثقافي وإمكاناته المادية...وحتى جنسه! لأنّ من جدّ وجد. إذ بإستطاعة السيدة تخطّي كل العراقيل التي تكبّلها في المجتمعات، لتعمل وتتعب وتشقى حتى تترقّى وتنجح. كما والرجل أيضاً كائن ذو مشاعر وأحاسيس، تمكّنه من العمل أينما أراد وفي أيّة مهنة كانت، مهما إلتفتت إليه عيون الناس مستغربة أو مستعجبة أو حتى ساخرة».
لا يمكننا العيش في الظلّ أو مختبئين خلف إصبعنا، مخافة أن يُشير إلينا الناس، كوننا لم نرتقِ إلى توقّعاتهم. يبقى المهمّ أن ننجح في مهنتنا لأننا نبذل قدر جهدنا فيها، ولأننا نحبّها ونتقنها.
إيليانا: مديرة لمطعم عريق
إيليانا نكاّش سيّدة أعمال بإمتياز رغم صغر سنّها. فهي تتوّلى إدارة أعمال مطعم لبناني عريق وهي المدير المنفّذ، أي أنها المسؤولة عن طاقم كبير مؤلّف حصرياً من رجال! فمن الطباخين إلى العاملين إلى النادلين إلى المسؤولين عن المواقف إلى التجار والمورّدين... هي التي تضرب بيد من حديد وتملي عليهم واجباتهم. إيليانا تعمل سبعة أيام أسبوعياً، وحتى ضمن العطل، من الصباح وحتى المساء، من دون كلل أو ملل، لأنها تعشق التحدّي وتُجيد توزيع الأدوار والتنسيق والتخطيط والتنفيذ. لا ترى أنّ عملها هذا يأخذ انوثتها، بل على العكس، هو إثبات لأنه بإمكان المرأة أن تكون سيّدة بكلّ ما للكلمة من معنى، من حيث الشكل والأداء والتصرّف، ومن حيث قدرتها على إدارة العمل بكلّ جدّيّة وفرض إحترام الموظفين لها. طبعاً، قد تواجه بعض الصعوبات أو حتى التمرّد من العاملين في البداية، لكن سرعان ما تمسك بزمام الأمور وتدير الدّفّة حسب ما تراه مناسباً لجوّ العمل.
هيلدا: سائقة باص
هيلدا صليبا الوتوات ربّة منزل وسائقة باص مدرسي في الوقت نفسه. فهي تقسّم وقتها ما بين العناية ببيتها وأولادها وما بين نقل الأولاد إلى المدرسة ومنها. تقول إنها بدأت العمل لمساعدة زوجها إقتصادياً، وأضحى عملها الآن روتيناً لا غنى عنه. لا تعتبر أنّ عملها هذا يحدّ من دورها الأساسيّ ولم تفقد شيئاً من «مقوّمات المرأة العصرية»، بل على العكس أضافت ميزة جديدة، عبر القيادة الامنة والسليمة. وتقول إنّ بعض الأمهات يفضّلنَ ان تقلّ أولادهنَ لثقتهنّ أنها سوف تنتبه أكثر لهم، كونها أمّاً بالدرجة الأولى، فيما القسم الاخر قد لا يحبّذ الأمر بسبب التصنيف المتعارف عليه، ألا وهو أنّ النساء لا يُجدنَ القيادة. وتشير إلى أنّها تأخذ عملها على محمل الجدّ ولم تتعرّض لحادث سير والحمد لله، كونها تتقن أصول القيادة بحضارة!
ميشال: للتمريض
ميشال خليفة رجل يمتهن عملاً إنسانياً بحتاً، إذ كرّس حياته لخدمة المريض والمتألمّ عبر مهنة التمريض! يقول أنّه على الرغم من تصنيفها عملاً خاصاً بالنساء، فإن تقديم الرعاية للمحتاج والمريض لا يعرف حدود الجنس. فالمهمّ هو حسن الإعتناء بهم وتقديم الدواء الشافي وتلطيف أوجاعهم وخدمتهم قدر المستطاع.
يزاول عمله ليلاً في المستشفى حتى يتسنى له رعاية أكبر قدر من الناس، لأنّ هذا الأمر يجري في عروقه حسب قوله ولا يتخيّل نفسه في أيّ مهنة أخرى. يشدّد على أنّ التمريض رسالة ويتطلّب الجهد الجسديّ والمعنويّ، حتى يساعد المرء الغير ويقدّم له الإهتمام الوافي.
سناء: متطوعة في الانقاذ البحري
سناء خوري شابة في مقتبل العمر، وهي متطوّعة في الإنقاذ البحري في الدفاع المدني، رغم كونها مهنة تتطلّب مقدرة ذكورية، حسب قول البعض. تقول سناء أنّها إنخرطت في صفوف الإنقاذ البحري بعد أن خضعت لدورات تدريبية مكثفة ونالت شهادة في الإنقاذ. بدأ مشروعها عندما كانت صدفة على الشاطئ وشاهدت شخصاً يغرق ولم يكن بإمكانها مدّ يد العون له، فتسمّرت في أرضها غاضبة، كونها لم تحرّك ساكناً لمساعدته. وبعدها، أيقنت أنه بإمكانها أيضاً أن تنخرط مع المسعفين والمساعدين، بعد تلقّي التدريب المطلوب. وهي واثقة من قدراتها، لأنه بإستطاعتها الآن إنتشال غريق وإعادة بعث الحياة فيه، وتقديم الإسعافات الأولية له. تشير إلى أنّ أهلها قد دعموها كثيراً وشجّعوها على ذلك، لكنها لا تزال ترى بعض التعجّب في عيون الناس أثناء عملها وهذا أمر طبيعيّ، لأنّ كلّ شخص يفكّر بطريقة مختلفة عن سواه.
يارا: لإطفاء الحرائق
يارا شديد أيضاً صبية يافعة وهي تعمل في قسم الدفاع المدني في إطفاء الحرائق! تقول أنها تريد إثبات نفسها أمام الجميع، وتعمل جاهدة ضمن فريقها في إخماد الحرائق وإنقاذ الضحايا. تشدّد يارا على أنها تماثل الشباب قدرة في إخماد أيّ حريق وفي إنتشال الناس مثل سواها، رغم أنها فتاة. لكنها لا تحبّ التفرقة حسب الجنس، لأنّ بعض النساء أكثر قوّة وحزماً من بعض الرجال أحياناً. تبرهن عن ذلك يومياً في مجال عملها، لأنها بارعة وبشهادة كلّ زملائها. يارا في تحدّ دائم مع محيطها ومع ذاتها، حتى تتفوّق في كلّ مرّة وتقدّم المساعدة المطلوبة. تردّد أنّه متى عقد المرء العزم على إنجاز ما يريد، فسوف يحقّق مأربه من دون شكّ.