المغاربة ينتظرون الإفراج عن قانون تجريم التحرش الجنسي
عنف ضدّ المرأة, مهرجان سينما الذاكرة المشتركة المغربي, علم إجتماع, تحرّش جنسي, عنف نفسي
28 فبراير 2011رقم اخضر
اللافت، أن الكثيرين لا يعيرون أدنى اهتمام بما يحلو للبعض أن يسميه «السلطة الاجتماعية» التي يمكن أن تكون وراء فعل التحرش الجنسي. وفي هذا الاطار تبرز مديرة مركز النجدة الخاص بمساعدة ضحايا العنف فاطمة مغناوي أن الابتزاز الجنسي الذي تتعرض له الطالبات في الجامعات أصبح يستدعي خروج مشروع قانون مناهضة العنف ضد النساء من أجل التصدي لهذه الظاهرة التي تعتبر نوعا من أنواع العنف.
وتدعو الناشطة الحقوقية الطالبات إلى عدم الصمت عما يقع داخل الجامعات وفضح كل الممارسات اللاأخلاقية التي يقدم عليها الأساتذة دون حسيب أو رقيب.
القانون الحالي لا يكفي
ومن جهتها، أكدت النائبة ومنسقة شبكة نساء من أجل نساء، المحامية نزهة العلوي، أن محاربة ظاهرة التحرش الجنسي في المغرب يتقاسمها رأيان، الأول يرى فقط ضرورة تعديل مقتضيات القانون الجنائي ليشمل تجريم هذه الظاهرة، والثاني يرى أنه من الضروري وجود قانون إطار لمحاربة كل أشكال العنف ضد النساء. واعتبرت أن ما يتضمنه القانون الجنائي المعمول به ومدونة الشغل لا يكفي للحد من هذا السلوك المشين، ولا بد من وجود عناصر واضحة لتجريم التحرش الجنسي.
ولا يزال المشروع في الواقع حبيس أدراج الأمانة العامة للحكومة التي لا تريد الإفراج عنه، مثله مثل العديد من النصوص القانونية التي لا تزال مجمدة.
قانون حبيس الأدراج
أكدت وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن نزهة الصقلي أن مشروع القانون في طريقه ليرى النور، وأنه موجود حاليا لدى الأمانة العامة للحكومة لأخذ ملاحظات الوزراء عليه قبل أن يأخذ طريقه إلى قبة البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه، ثم الخروج إلى حيز التنفيذ بعد نشرة الجريدة الرسمية.
وكانت الوزارة قد اقترحت بعض التعديلات على قانون التحرش الجنسي، ومنها «معاقبة السب وكل تعبير شائن أو محقر أساسه التمييز بسبب الجنس بالحبس من شهر إلى سنتين وبالغرامة من 1200 إلى 50 ألف درهم، واعتبار كل إمعان في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية بأفعال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية، تحرشا جنسيا يعاقب عليه بالحبس من شهر إلى سنتين وبغرامة تتراوح بين 1200 درهم و2000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين».
وتطبق العقوبة السابقة في حال «ارتكاب هذه الأفعال من طرف زميل في العمل، وتضاعف هذه العقوبة إذا كان مرتكب الفعل من الأشخاص المكلفين بحفظ النظام والأمن في الفضاءات العمومية».
الزوجة رهينة للوحدة والحرمان العاطفي
ويؤكد الاختصاصي في علم النفس محسن بن يشو، أن أسبابا عديدة تدفع بالمرأة المتزوجة الى التحرش بالرجل بل والذهاب الى أبعد من ذلك متجاوزة كل الموانع الدينية والاجتماعية المتعارف عليها. وتبدأ هذه الأسباب بالمشاكل الجنسية التي يعاني منها الزوج كالعجز وسرعة القذف، مما يحول دون حدوث اتصال جنسي سليم يضمن للمرأة الاستمتاع خلال العلاقة الحميمية والإشباع الكامل لرغباتها،اضافة الى طبيعة عمل الزوج التي قد تفرض عليه الانشغال والابتعاد بشكل شبه دائم، تاركا الزوجة رهينة للوحدة والحرمان العاطفي.
التحرش يطال الرجال!
في ظل التحولات الكبرى دخل الهاتف المحمول والرسائل القصيرة على خط التحرش، وأصبحت هذه الظاهرة تتخذ أبعادا مختلفة وغير مسبوقة تستمد تقنياتها من العوالم الافتراضية في ما يمكن تسميته التحرش الإلكتروني.
رغم ذلك، تبقى هذه الممارسة، التي يرفضها البعض ويعتبرها البعض الآخر أمرا عاديا، واقعة في الخلط واللبس وتحديد تعريف صارم للتحرش.
ويرى رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال عبد الفتاح بهجاجي أن التحرش الجنسي لا يرتبط بالنساء فقط بل يطال الرجال أيضا، ويعرض حالة مديرة مصرف تتحرش جنسيا بموظف يعمل تحت إمرتها، مشيرا إلى أن الشبكة توصلت إلى حالات نساء ورجال تعرضوا للتحرش الجنسي في مقرات عملهم.
وأعرب عن أمله في أن يساهم مشروع قانون التحرش الجنسي الجديد في وضع لبنة قضائية للحد من ظاهرة التحرش سواء في الشارع أو في مقرات العمل.
ناقش البرلمان المغربي عام 2008 مشروع قانون يجرم التحرش الجنسي ويعاقب كل من تورط في التحرش بفتاة أو معاكستها بالسجن وبغرامة مالية، إلا أن القانون لم يصادق عليه حتى اليوم.
وتشير الإحصائيات المتوفرة إلى أن التحرش الجنسي يحتل المرتبة الأولى في قضايا الاعتداءات الجنسية في مقرات العمل، ولا تنفك نسبة ضحايا التحرش ترتفع في المجتمع المغربي، سواء في الأماكن العمومية أو في مقرات العمل. وأغلب الضحايا من خادمات البيوت، ومن المستخدمات، ولا تستثني هذه الظاهرة الموظفات أيضا.
وتتضمن مختلف النصوص التشريعية مقتضيات لردع ظاهرة التحرش الجنسي، سواء القانون الجنائي أو مدونة الشغل، لحماية النساء من العنف الممارس في حقهن. وينص القانون الجنائي على أن إثبات جريمة التحرش الجنسي يتم بمختلف وسائل الإثبات الممكنة في الميدان الجنائي. ويعاقب القانون على هذه الجريمة سواء كانت المرأة ضحية أو مشتكى بها.
ويشترط أن يستغل المتحرش سلطته على الضحية لأغراض ذات طبيعة جنسية. كما تتضمن مدونة الشغل أيضا مقتضيات لتجريم جريمة التحرش في حق المرأة.
عنف نفسي
يوضح الباحث المتخصص في علم الاجتماع عبد الصمد الديالمي ان التحرش الجنسي هو استغلال موقع نفوذ أو سلطة داخل مؤسسة من جانب الرجل للحصول على متعة جنسية عبر التخويف أو الترغيب. وهذا السلوك المسمى تحرش جنسي هو وجه من العنف الذكوري الموجه ضد المرأة، وهو عنف نفسي في الأساس هدفه الحصول على علاقة جنسية.
ويميز الباحث بين التحرش الجنسي والاعتداء الجنسي، اذ يعتبر ان التحرش الجنسي عموماً هو كلمات ونظرات ودعوات وإيحاءات، فيها دعوة إلى علاقة جنسية عن طريق الإكراه، وهو شكل من أشكال العنف النفسي. وهذه الظاهرة ليست خاصة بالمجتمع المغربي أو المجتمعات العربية، وإنما هي ظاهرة موجودة في كل المجتمعات. وما يميز المغرب هو أن الكثير من ضحايا التحرش الجنسي من النساء لا يستطعن البرهنة على وقوع تحرش جنسي من جهة، وحتى في حالة تأكيد ذلك، فالقليل منهن يستطعن البوح بذلك وفضح المتحرش ومتابعته قضائياً إن أمكن.
لهذا نجد أن الحركات النسائية، التي تدعو إلى المساواة بين المرأة والرجل، هي التي تحاول أن تقول إن من حق النساء اللواتي يتعرضن للتحرش التبليغ عنه إن وقع في مؤسسة ما، وبالتالي فإن المعاكسة علاقة حرة إن صح التعبير، دون أن تكون هناك أهداف مؤسساتية، حيث لا تنتظر منفعة من وراء هذه العلاقة كما لا يُخشى عقاب من عدم حدوثها. وبالتالي لا بد من التمييز بين المعاكسة في الشارع العام وبين التحرش الجنسي الذي يقع داخل مؤسسة عمل أو مؤسسة تعليمية.
ويطالب الباحث بالقيام ببحث ميداني في هذا الباب، فكل الأبحاث التي أنجزت حول ظاهرة التحرش تناولت ضحايا التحرش الجنسي، أي نساء رفضن التحرش. فيما الأبحاث تجنبت وأهملت سؤال نساء قبلن بالتحرش الذي تعرضن له إما لمنفعة وإما لمتعة، لأنه من الممكن أن تستجيب المرأة الموظفة لمديرها تحت الضغط وتحت الرغبة كذلك.
للدفاع عن حقّها
ويعتبر العضو المؤسس لشبكة مناهضة التحرش الجنسي في المغرب عبد السلام أديب، أن حالات المعاكسات في الشارع مفضوحة وقد يكون للمرأة في بعض الأحيان حق الوقوف في وجه من يتعدى على حريتها لأنه لا يملك سلطة عليها، ويضيف: «نستقبل العديد من النساء لكنهن يفضلن عدم الظهور في وسائل الإعلام لأن الأمر قد يعرضهن لفقدان مصدر رزقهن. كما يتخوفن من الفضيحة ورد فعل الزوج عند علمه بالموضوع».
ولهذا ضرورة توافر «رقم أخضر» تتصل به كل من تتعرض للتحرش سواء في مكان العمل أو في الشارع. ويرى أيضاً ضرورة لوجود وكيل محكمة يتم اللجوء إليه في هذه الحالات، لأن ذلك قد يسهل على الفتاة اللجوء إلى القانون، ويجعلها تدافع عن حقها بشكل أسرع.