نقاش حول الإصلاحات في المغرب ...
مجلس المساواة العرقية, مهرجان سينما الذاكرة المشتركة المغربي, مساواة الرجل والمرأة, قضية / قضايا المرأة, حقوق الإنسان, قضية / قضايا الأسرة, الحقوق الدستورية
03 مايو 2011الربيع النسائي
من جهتها، شكلت الجمعيات النسائية والحقوقية والتنظيمات النسائية في الأحزاب والنقابات في المغرب تحالفًا أطلقت عليه اسم «الربيع النسائي - الديموقراطية والمساواة». وأعدّ التحالف مذكرة رفعها إلى اللجنة الاستشارية المكلفة إعداد مشروع التعديلات الدستورية.
وتحدثت رئيسة اتحاد العمل النسائي في المغرب عائشة لخماس عن «خطاب الملك في 9 آذار/مارس الماضي المستجيب لجزء مهم من دعوات الإصلاح، وما أعقبه من تشكيل للجنة استشارية لإعداد مقترحات التعديلات الدستورية، ولجنة مكونة من الأحزاب والنقابات لمواكبة هذه اللجنة، ودعوة كل مكونات المجتمع المدني إلى تقديم مقترحاتها»، مشيرة إلى أن هذا التحالف أصدر بيانًا تأسيسياً يحدد أهدافه، ووجه رسالة إلى الأحزاب السياسية من أجل إدراج مطالب الحركة النسائية في مذكراتها التي سترفعها للجنة إعداد مشروع التعديلات الدستورية.
وذكرت أن المقترحات الخاصة بقضايا المرأة، التي تضمنتها مذكرة التحالف، تتمثل في دسترة سمو المواثيق والقوانين الدولية لحقوق الإنسان على القوانين الوطنية، واعتبارها مصدرًا للتشريع، ودسترة المساواة بين النساء والرجال في الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، والنص على تعريف عدم التمييز كما ورد في المادة 1 من إتفاق القضاء على كل أشكال التمييز ضد النساء.
وأضافت أن المذكرة تضمنت أيضاً «التنصيص على تجريم التمييز المبني على الجنس، أو الإعاقة، أو الإنتماء الثقافي، أو الديني، أو الإثني، أو السياسي، أو الجغرافي. والتنصيص على مسؤولية الدولة في اتخاذ كل التدابير، ووضع السياسات والآليات الكفيلة بتفعيل المساواة بين الجنسين في مختلف مراحل بلورة السياسات العمومية وإنجازها وتقويمها، ودسترة مبدأ المناصفة بين النساء والرجال في كل مراكز القرار، ودسترة التدابير الإيجابية الضامنة للمناصفة في النفاذ إلى كل مواقع القرار السياسي والإقتصادي والاجتماعي والثقافي والقضائي والإداري، وذلك على الصعد الوطني والجهوي والمحلي». ولفتت إلى ضرورة «مراجعة اللغة الذكورية للدستور عبر استعمال نصّه صيغاً تتوجه إلى المواطنين والمواطنات، والنساء والرجال».
وترى الأمينة العامة لحزب المجتمع الديمقراطي المغربي، زهور الشقافي أن إنصاف المرأة لا يتأتى إلا بـ «المساواة المطلقة»، مؤكدة أنها «ضد دسترة أي شيء يخصّ التمييز الإيجابي»، ومشيرة إلى أنها ضد الكوتا التي تعتبرها «إهانة للنساء واغتيالاً للديمقراطية». وشددت على ضرورة تفعيل المناصفة داخل الأحزاب، مشيرة إلى أن «النص الذي جاء في الخطاب الملكي هو الذي يجب أن يُدرج في الدستور».
احتضنت كل القوى الحية في المغرب، ومنها الحركة النسائية، الزخم الذي فجّره الشباب في العالم العربي. خصوصاً أن الشابات برزن في طليعة هذه الحركة سواء كمنظمات، أو متحدثات في وسائل الإعلام، أو قائدات للمسيرات الاحتجاجية. وخرجت الجمعيات النسائية المغربية في مسيرتين في 20 شباط/فبراير و20 آذار/مارس، رفعتا عدداً من المطالب. «لها» لامست هذا الموضوع من خلال آراء فعاليات حكومية وناشطات ومهتمات.
مطالب
من جهتها تقول الناشطة الحقوقية نزهة العلوي: «لا يمكن أن ننجح كبلد في بناء المجتمع الديمقراطي ودولة المؤسسات والحق والقانون بدون مشاركة النساء ومراعاة مطالبهن، ثم إن مطالبنا غير مفصولة عن مطالب الإصلاح. وكنساء لا يمكن إلا أن ننخرط في هذه المطالب التي نعتبرها جزءا من مطالبنا، لأنه إذا استطعنا أن نترجم كل هذه المطالب في الدستور الجديد، ونبني مجتمعا ديمقراطياً ودولة المؤسسات، فإن مطالبنا بكل تأكيد ستجد مكانها في الإصلاحات. لكن هناك مجموعة من المطالب تطرحها الحركة النسائية من الضروري مراعاتها، أولها دسترة المساواة، لأن الفصل الثامن من الدستور الحالي ينصّ على المساواة السياسية فقط، وهو الفصل الذي شكل دائما عرقلة أمام مجموعة من المطالب النسائية في العديد من المجالات، وعلى رأسها المجال السياسي.
لذلك نلح على دسترة المساواة في كل الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، لأن التنصيص في الدستور سينسحب على كل القوانين الأخرى، وسنضطر لملاءمة كل قوانيننا وتشريعاتنا مع الدستور. ثم هناك آليات أخرى مثل تأسيس المجلس الأعلى لحقوق النساء، فلا يعقل أن يكون لدينا مجموعة من المجالس العليا تهتم بقضايا معينة، في حين أن قضية المرأة تتوزعها مؤسسات وقطاعات وأحيانا لا نجد فيها مخاطبا رسميا يخاطبنا كحركة نسائية».
أمر لا يجوز تجاهله
في المقابل، طالبت، الباحثة في قضايا الأسرة فاطمة الزهراء بنحسين بإنشاء المجلس الأعلى للشؤون الأسرية ضمن الدستور المغربي المرتقب تعديله، وبضرورة وضع نص عن مبدأ إنصاف المرأة بدل اعتماد مفهوم المساواة لما يستبطنه هذا المفهوم من لبس قابل للتأويل الواسع.
وشددت في ندوة عُقدت أخيراً في الرباط حول «موقع المرأة والأسرة في الإصلاح الدستوري المرتقب»، على ضرورة عناية الدستور المغربي المرتقب بحقوق الأمومة وتشجيع دور المرأة في الأسرة.
وقالت إن إدراج موضوع الأسرة في الدستور المغربي أمر لا يجوز تجاهله، خصوصاً أن الاتفاقات الدولية أقرّت بأهمية الأسرة كوحدة أساسية في أي مجتمع، وهو ما نص عليه صراحة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 16.
من جهته، أكد الباحث في العلوم السياسية وأستاذ القانون الدستوري في جامعة عبد المالك السعدي بطنجة عبد العالي حامي الدين، أن هناك مجموعة من الفرص ذات العلاقة بالأسرة «تمنحها» بعض المعاهدات الدولية ويجب أن تغتنمها الجمعيات العاملة في المجال النسائي، لأن من شأنها أن تضمن حقوق الأسرة والمرأة وتحفظ حق الأمومة. ومن بين هذه الاتفاقات اتفاق سيداو الذي يجرم التمييز ضد المرأة بسبب الزواج أو الحمل أو الفصل من العمل لهذا السبب.
ودعا الجمعيات العاملة في المجال النسائي إلى المطالبة بتوفير حماية خاصة بسبب الولادة استناداً الى هذه الاتفاقات التي وقعهاالمغرب، كما طالب بتوفير خدمات مناسبة بسبب الحمل أو الولادة.
انعدام النص
طالب أستاذ علم السياسة في كلية الحقوق بطنجة الحسن الجماعي بإدراج الكوتا النسائية في الدستور لتكتسب قوة القانون، رغم أن الفصل الرابع من الدستور المغربي ينص على ضرورة أن تعمل الأحزاب على تفعيل مبدأ المناصفة في تمثيل النساء. واعتبر أن تحسين تمثيل المرأة دستوريا يقتضي تعزيز مشاركتها في المجالس المحلية.
وطالب بإنشاء مراصد لتكافؤ الفرص بين النساء والرجال، مشددا على ضرورة تحسين مفهوم التمثيل بشكل عام وتحسين مبدأ التنافسية داخل الشق الانتخابي، بالإضافة إلى تحسين وجود المرأة بآلية الكوتا من خلال اللائحة الوطنية والدوائر الانتخابية.
من جهته، قال البرلماني والمحامي محمد بن عبد الصادق، إن انعدام النص الصريح في مسألة الأسرة في الدستور المغربي فراغ غير مفهوم وغير مقبول، لأن الأسرة في المغرب هي أساس المجتمع. وطالب بأن يتضمن الدستور شيئا من الجرأة. واعتبر أن العناية بالأسرة من المتطلبات الأساسية في العصر الحالي، مناشدا منتدى الزهراء للمرأة المغربية أن يكون جمعية ضغط إعلامياً وثقافياً ونضالياً.
هناك مرجعية تحكمنا
من جهتها، أكدت النائبة عن حزب العدالة والتنمية، ذي التوجه الإسلامي المعارض، جميلة المصلي أن الإصلاحات الدستورية الحالية «تأتي في إطار تفاعل يشهده المجتمع المغربي، ولذا لابد أن يمس فعلا إصلاحات حقيقية وجوهرية تهم المجتمع والأسرة ويكون لها عائد ملموس»، مضيفة ان مذكرة الحزب حول الإصلاحات الدستورية اقترحت إحداث مجلس أعلى للأسرة من أجل المساهمة الفاعلة في رقي المجتمع.
ورأت أنه من الأفضل أن يكون هناك مجلس أعلى خاص بالأسرة وآخر خاص بالشباب لأن الأسرة وحدة مهمة تستحق أن يكون لها هيئة خاصة بها. وقالت: «لدينا أرقام تؤكد أن أكثر من 38 في المئة من الموظفات من الإدارة العمومية غير متزوجات بمعنى أنهن محرومات من حقهن في تأسيس أسرة، هذا دون احتساب نسبة المطلقات والأرامل»، بالإضافة إلى «ارتفاع نسب الطلاق التي تعتبر أحد مظاهر التفكك العائلي، ووزارة العدل تتحدث عن 40 ألف حالة وهو رقم مخيف ومقلق ويعني أن مؤسسة الأسرة مهددة في إنشائها أولا ومهددة في تماسكها واستقرارها واستمرارها».
وقالت إن «اللحظة التاريخية التي نعيشها تتطلب إحداث المجلس الأعلى للأسرة ليتناول السياسات الحكومية المهتمة بهذا المجال والتشريعات والقوانين ويسهر على حماية الأسرة ويضع التدابير لإنشاء الأسرة أولاً وحمايتها ثانياً».
المساواة قيمة كونية
قالت وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن المغربية نزهة الصقلي إن الأجندة الحكومية للمساواة 2011-2015، التي قُدّمت في لقاء وطني الجمعة 8 نيسان/أبريل في الرباط، تنتمي إلى جيل جديد من الإصلاحات التي انخرط فيها المغرب، مشددة على أن المساواة رهان أساسي في التنمية ووسيلة ناجعة للوصول إلى الأهداف الإنمائية للألفية، ولافتةً إلى أن كل المؤشرات والتحليلات تفيد أن مظاهر العجز والتأخر على مستوى حقوق النساء لها تكلفة اقتصادية واجتماعية تعيق مسيرة التنمية.
وأبرزت أن أجندة المساواة تأتي في سياق اهتمام المغرب بتحقيق أهداف الألفية للتنمية، وتثمين ما تم إنجازه في مجال مأسسة النوع الاجتماعي وتفعيل التزامات الحكومة.
وأضافت في هذا الصدد أن الأجندة تشكل إطاراً واضحاً للعمل الحكومي المنسق بهدف النهوض بأوضاع النساء وإرساء مبدأ المساواة بين الجنسين في مختلف المجالات، مبرزة أن هذا الإطار المرجعي الذي صيغ وفق مقاربة تشاركية جاء لدعم التقاء مختلف البرامج القطاعية الوطنية والجهوية والمحلية في مجال دعم المساواة بين الجنسية.
وذكّرت بأن المغرب، إيماناً منه بأن المساواة قيمة كونية مؤسسة لحقوق الإنسان، عمل على تفعيل التزاماته بمقتضى اتفاق القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة ورفع كل التحفظات عنه .