منال الشريف تحصل على حريتها
حبس / سجن, المرأة السعودية / نساء سعوديات, سهيلة زين العابدين, قيادة السيارة, الحرية, منال الشريف
07 يونيو 2011مشروعية
من جهتها، أكدت عضو المجلس التنفيذي في جمعية حقوق الإنسان وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتورة سهيلة زين العابدين مشروعية قيادة المرأة للسيارة، وأن هذا الموضوع لا علاقة له بالشريعة الإسلامية بل أنه حق مشروع للمرأة كما هو في سائر الدول العربية والإسلامية. وقالت: «بداية نشكر اللفتة الحانية التي أحاطت بمنال الشريف من قبل خادم الحرمين الشريفين، والأمر بخروجها فورا من السجن وإطلاق سراحها. أما في ما يخص قيادة المرأة فهو حق يكفله لها الدستور والشرع، حتى أن النظام الأساسي للحكم يحتوي على مواد تنص على حق التنقل وحمايته.
والمرأة في عهد الرسالة، وهو العهد النبوي، كانت تقود الدواب، ومعروف أن ركوب السيارة أستر من ركوب الدابة، لأنها من المحتمل أن تتكشف عند ركوبها للدواب إن كانت لا ترتدي السروال الطويل، فيما ينعدم هذا الاحتمال في قيادة السيارة. بل وكانت تركب الخيل، وتشارك في المعارك، فما المانع أن تقود السيارة حاليا خصوصا أن النظام لا يمنع، ولا النظام الأساسي يمنع أو يحرم قيادة النساء للسيارات.
وبالنسبة إلى الذرائع التي تقول إن القيادة تؤدي إلى محرم وتحرش بالنساء أقول إن كثيراً من الأمور تؤدي إلى هذه النتيجة. فركوبها مع السائق الأجنبي يمكن أن يؤدي إلى التحرش بها، ناهيك بأنها تكون وحيدة معه في وقت متقدم من الليل عند عودتها من مكان ما، مما يجعل احتمال تعرضها لأخطار ناجمة عن وجودها مع غير محرم لها في السيارة أكبر. وحتى لو قلنا إنها ستأخذ سيارة أجرة من الشارع، فهذا يعرّضها أيضا للخطر، فسائق السيارة الأجرة لا أعرف عنه شيئاً، وكثيرة هي الحوادث التي تعرضت لها النسوة بسبب سائقي السيارات الأجرة».
وذكّرت هنا بقضية الأستاذة الجامعية التي قتلها سائق سيارة أجرة في مكة المكرمة كان يوصلها إلى الجامعة.
وأضافت العابدين: «لماذا تحارب المرأة السعودية في حقها في قيادة السيارة مع أنه حق مشروع، ولا يتصل بالمحرمات بأي طريقة كانت؟ ولماذا هذا التناقض في القوانين التي تمنعها من القيادة وتبيح لها في المقابل الركوب مع أجنبي عنها؟ أعتقد أنه من الضروري فتح المجال للنساء وإصدار أمر ملكي يسكت كل الألسنة التي لاكت في موضوع قيادة المرأة للسيارة، ووضع الضوابط والقوانين لمعاقبة كل من يعترضها، أو يتحرش بها».
وتابعت: «لماذا أحرّم على المرأة الحلال لمجرد أن احمي الرجل من الوقوع في الخطأ؟ ولماذا لا يستطيع الرجل أن يضبط غرائزه، ولماذا التحرش من الأساس إذا كان الرجل يتصف بالعقل والحكمة؟».
ونبهت زين العابدين إلى وجوب وضع ضوابط لقيادة المرأة قائلة: «يمكن أن تشرع بعض القوانين التي تحمي المرأة والرجل معاً، بحيث ينص القانون على العقوبات التي ستلحق بالمتحرش في حال تعرض للمرأة أثناء القيادة. أيضا على المرأة أن لا تقود سيارتها في وقت متقدم من الليل إلا ومعها مرافق، وعلى الفتاة التي تقود أن تكون قد بلغت سن الرشد».
وناشدت الدولة أن توفر ورشا لإصلاح السيارت على جوانب الطرق في مسافات متقاربة كما هي محطات البنزين، تدراكاً لأي عطل قد يطرأ على السيارة.
لم يؤكد محامي منال الشريف انتهاء القضية إلا أنها في الوقت الراهن تجلس في منزلها بعد عشرة أيام من السجن في سجون المنطقة الشرقية على خلفية قيادتها للسيارة في شوارع المدينة، في الوقت الذي تُمنع فيه قيادة النساء للسيارات السعودية. وكانت منال الشريف قد بدأت مبادرة «سأقود سيارتي بنفسي»، إلا أنها وبعد الإفراج عنها لم يتضح ما إذا كانت ستكمل المشوار في هذه الحملة أم أنها ستتوقف خصوصا بعد البيان الذي خصت فيه الشقيقة «الحياة»، وامتنانها لخادم الحرمين الشريفين الذي تابع قضيتها، وتعاطف معها ومع وجودها داخل السجن. «لها» تابعت قضية منال الشريف وتحدثت مع محاميها، وأخذت رأي الدكتورة سهيلة زين العابدين من الناحيتين الحقوقية والإنسانية في هذه القضية.
في مكالمة هاتفية أطلعنا المحامي والمستشار القانوني عدنان الصالح رئيس مركز الدعم القانوني الخليجي على آخر مستجدات قضية منال الشريف قائلا: «أُطلقت منال الشريف مباشرة بناء على خطاب من إدارة سجون الشرقية، إلا أنني لا أعلم الجهة التي أمرت بإطلاق سراحها. أما عن الحديث الذي يدور خلف الأبواب عن تهديدات تعرضت لها الشريف، أو معاملة سيئة فكل هذا لم يحدث، وأنا مطلع على حدث مع الشريف داخل السجن، بل أنها عوملت بكل احترام، فنحن دولة إسلام، لا ترضى بالإساءة إلى النساء، أو أي من كان، بل أن الإساءة جاءت عن طريق بعض المقالات، والمواقع الالكترونية لا غير.
أما في ما يخص جهة التحقيق فلم تتعرض لها بأي إساءة مباشرة أو غير مباشرة». وأوضح أن إجراءات التحقيق تختلف عن إجراءات النقاش العادي، وهذا هو المقصود في قضية إساءة مباشرة، إنما كانت تحت ضغط نفسي بسبب التحقيق، موضحا أنها لم تتعرض لأي إهانة، أو إساءة لفظية. وبعد خروج منال الشريف من السجن أضاف الصالح: «قضية أن تكون منال تحت المراقبة من الشرطة هذا سؤال يوجه إلى المسؤولين في الدولة. وعلى كل نحن لسنا في دولة بوليسية وأنا شخصيا استبعد هذا الموضوع، بل نحن في دولة تحفظ للمرأة كرامتها.
وأما في ما يتعلق بقضية معاودة قيادتها للسيارة فهي قد كتبت تعهدا على نفسها بعدم معاودة الكرّة. ومن الملاحظ أنها تحدثت بشكل مباشر عن عدم رغبتها في مخالفة قوانين الدولة، أو أمر ولي الأمر، وأن هذا اجتهاداً اخطأت فيه». ولفت إلى أن هذا الاعتقاد صادر عن اقتناع مطلق منها، دون أن تتعرّض لضغط أو إكراه، بل أن إعادة النظر في كثير من أمور الحياة أمر وارد وطبيعي لدى الإنسان.
بيان منال الشريف: خصت منال الشريف بعد خروجها من السجن الشقيقة «الحياة» ببيان جاء في نصه:
«أشكر ولاة أمرنا وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين على التوجيه بإخراجي من التوقيف، وهذا من عطفه المعروف بأبنائه وبناته من مواطني هذا البلد الكريم. وأما موضوع قيادة المرأة للسيارة فسوف أترك تقريره لولي الأمر الذي سيكون أعرف مني بتقدير مصالحه ومفاسده، وهو الذي سيراعي الظروف التي تجعله محققاً للمصالح ودافعاً للمفاسد، مرضياً لله تعالى، موافقاً لشريعته. وأحب أن أقول بهذه المناسبة السعيدة: إني لم أكن في يوم من الأيام إلا المرأة المسلمة والسعودية الحريصة على رضا ربها وسمعة بلدها ورفعة شأن الوطن الغالي.
وسوف أستمر على ما كنت عليه من ذلك، وأسأل الله تعالى الثبات على الكتاب والسنة وعلى التوحيد إلى أن ألقى ربي عز وجل . ولئن آلمني شيء في محنتي القصيرة بحمد الله ثم بفضل القلب الكبير من والدنا خادم الحرمين الشريفين فقد كان هو ما فوجئت به من اتهامي في ديني وأخلاقي وهو الشيء الذي ما كنت أنتظره من قلة ممن يتكلمون باسم الشرع والدين وغيرهم - هداهم الله - الذين كنت أنتظر منهم إنصافي فإن أخطأت فلا يتهموني بما يزيد على خطئي، ولا يخوضون في ديني وعقيدتي وأخلاقي، فأنا في النهاية أخت وابنة للجميع فكيف يؤذون أختهم وابنتهم بمثل تلك الاتهامات.
سامح الله الجميع، وأتمنى من كل قلبي أن يعفو الله عنهم أذيتهم الكبيرة لي. وكذلك لا أحل وأسمح لأحد أن يتكلم باسمي أو يتقول عليّ ما لم أقل، سواء لأهدافه أم لمصالحه وغايته. وختاماً أسأل الله تعالى أن يغفر لي جِدّي وهزلي وما قدّمت وما أخّرت. إنه هو الغفور الرحيم».