المجتمع الفلسطيني يتقبّل المرأة في الدفاع المدني
عمل المرأة, ماجد المهندس, أحمد رزق, نساء فلسطين, الهندسة المعمارية, المجتمع الفلسطيني
20 يونيو 2011«لم يكن العمل حسب توقعي»
ومن جانبها، أشارت المهندسة المدنية آيات البطة إلى ضرورة تطوير عمل مهندس الدفاع المدني فقالت: «أفكر في تطوير عمل مهندس السلامة العامة من خلال تدريب في الخارج. ومن الممكن أن يتخصص الإنسان في موضوع السلامة لأنه أمر يهمنا من اجل الحفاظ على سلامة الناس الموجودين في أي منشأة وعلى ممتلكاتهم».
وأضافت: «هناك أناس من المحيطين بي لم يتقبلوا فكرة أن أكون عاملة في جهاز عسكري، وحتى الآن عندما نقوم بزيارات استكشافية يستهجن وجودنا ويقولون لنا عملكن في المكاتب لماذا تخرجن للكشف في الميدان؟».
وأقرت بأن «العمل لم يكن حسب توقعي، لكن فكرة وجودنا كالفتياتالأول اللواتي يعملن ضمن طاقم الجهاز هي فكرة مميزة، ووجدنا بعض الصعاب في تقبل بعض المحيطين بنا في البداية، ولكن هذه الأمور تخف حدتها مع مرور الوقت ويصبح الأمر عادياً».
دور الدفاع المدني لا يقتصر على الإطفاء
أما المهندسة الكهربائية حنان بوزية، وهي خريجة جامعة بير زيت وتعمل في قسم السلامة العامة وقسم المصاعد، فحدثتنا عن هذه المهنة بقولها: «يجب أن أوضح أن دور الدفاع المدني لا يقتصر على الإطفاء، فهناك عدد من المهمات ومنها متابعة السلامة العامة في المباني والحرف والصناعات وفي كل المنشآت. كما أن هذا العمل لا يقتصر على الرجال ، فالنساء لهن دور أيضا فيه».
وتابعت: «لم ترفض عائلتي عملي، ولكن كانت هناك أسئلة من المحيطين بي عن طبيعة عملي كفتاة في الدفاع المدني، هل هو مقتصر على أن أمسك بخرطوم إطفاء، وذلك لان الناس لا يعرفون بقية مهمات الدفاع المدني».
«أصحاب المخابز لا يتقبلون فكرة عملي كفتاة»
وتحدثت المهندسة المعمارية ربى الشيخ عن تقبل زملائها الرجال لها في العمل فقالت: «هناك من تقبل فكرة عملنا داخل الجهاز، وهناك أشخاص كانوا يرفضون فكرة عمل فتاة في طواقم الدفاع المدني كزميلة لأنها برأيهم تؤثر على حريتهم. ولكن في الواقع تغير سلوكهم مراعاة لوجود فتاة تعمل معهم».
وأضافت ربى التي تعمل في الدفاع المدني منذ عامين: «أعمل مسؤولة عن المخابز والمدارس. وأصحاب المخابز لا يتقبلون فكرة عمل المهندسة في الدفاع المدني بل يفضلون أن يعاين رجل منشآتهم. بالإضافة إلى أن هناك أناس يستخفون بي على أساس أنني فتاة، لذلك يجب أن أحسن التعامل معهم».
الميكانيكية الوحيدة في جهاز الدفاع المدني
أما المهندسة الميكانيكية سماح حمدان فقد تحدثت عن ندرة تخصص الفتيات في هذا المجال: «درست الهندسة الميكانيكية التي يندر أن تتخصص فيها فتاة، وفي تخصصي لم نكن سوى فتاتين عند تخرجنا من الجامعة. وفي الدفاع المدني أتمنى أن يكون هناك مهندسات ميكانيك، لأنه في الوقت الحاضر أنا مهندسة الميكانيك الوحيدة في الدفاع المدني».
وأضافت سماح التي تعمل في قسم الفحص التشغيلي في دائرة المصاعد وهو عمل ميداني: «للأسف الفكرة الموجودة في المجتمع الفلسطيني أن الميكانيكي يعمل في تصليح السيارات، ولكن الهندسة الميكانيكية تعنى بكل شيء يتحرك، مثل التدفئة المركزية ومخططة الإطفاء، وصناديق الحريق وطرق توزيعها والصرف الصحي والمياه. وخلال عملنا إذا وجدنا أي ملاحظة فيها خطورة على حياة الإنسان يغلق المصعد فورا إلى حين تصويب وضعه، وخاصة في الفحص التشغيلي نحن لا نغفل عن أي نقطة».
«لا صعوبة في عملي»
أول لقاءاتنا في مقر جهاز الدفاع المدني في رام الله كان مع المهندسة الميكانيكية منال يامين التي تعمل في قسم المصاعد. وقد تحدثت عن عملها فقالت: «لا صعوبة في عملي، فنحن نقوم بالتنسيق مع الشركات ونفحص المصاعد كل ستة أشهر، ونطلب من الشركات بتبليغنا بكل مصعد لديها. وعندما يأتي موعد فحص أي مصعد نطلب عقد صيانة وبوليصة التامين للمصعد ورسوم الدفاع المدني. ولدينا طاقم كبير يخرج للفحص».
عندما صعدت مهندستان فوق ظهر مصعد لبناية مكونة من 18 طبقة، طلبتا مني الصعود معهما فرفضت لأنني لم أفعل ذلك من قبل. ولكن ما حصل زادني اقتناعاً بأن المرأة الفلسطينية قادرة على أن تكون إلى جانب الرجل في أعمال صعبة وخطرة... عندما اتجهت بعض النساء الفلسطينيات إلى العمل في جهاز الدفاع المدني اعتقد الكثيرون من الناس أنهن سيتصدّين للحرائق، ولكن عمل النساء في فحص المصاعد والمخابز والتدقيق في السلامة المهنية أوضح صورة عمل النساء في جهاز الدفاع المدني الفلسطيني.
النتائج مبشرة بالخير
التقينا المدير العام للدفاع المدني اللواء أحمد رزق الذي حدثنا عن تجربة مشاركة النساء ضمن طاقم الدفاع المدني فقال: «تجربتي خلال العامين الماضيين، وهي الفترة التي شهدت توظيف عدد من المهندسات في جهاز الدفاع المدني، ايجابية جدا. وأنا أشيد بدور النساء العاملات في الدفاع المدني، وتمكنت النساء في هذه المؤسسة ومن خلال جهدهن تولي مناصب رئيسية وحساسة، والنتائج مبشرة بالخير».
وعن الفرص متساوية للعاملين في الجهاز قال: «هناك فرص متساوية للجنسين بحيث يعبر كل موظف عن نفسه وإمكاناته، وبناء على أدائه يتولى المناصب والمسؤوليات التي يستحقها. والدليل على ذلك أن مدير قسم المباني المرتفعة هي مهندسة، ومدير المحروقات ومحطات الغاز لدينا مهندسة، ومساعدة فحص المصاعد مهندسة».
وأضاف: «عند الحديث عن الدفاع المدني نحن نتجاوز إطار المؤسسة الرسمية لأننا استنادا إلى القانون رقم ثلاثة الصادر في العام 1998، مكلفون رفع الوعي المجتمعي وتركيز الجهد الوطني للتخفيف من أثار الكوارث ومواجهتها، وبالتالي كل مؤسسات المجتمع المدني معنية بذلك. ويأتي دور الدفاع المدني لرفع قدرات هذه المؤسسات ومن ضمنها المرأة. ومن أهم البرامج التي نعمل عليها برنامج أطلقنا عليه اسم إدخال النوع الاجتماعي في برنامج الحماية المدنية، والذي يعني التركيز على دور المرأة واعتبارها عنصرا فاعلا في المجتمع، عليها واجبات يجب أن تكون قادرة على أدائها وهذه مسؤولية الدفاع المدني. أما مسؤولية القيام بهذا الدور في المجتمع فتقع على المرأة. وهناك شبكة واسعة من المؤسسات المدنية والمجتمعية والرسمية التي تعمل من اجل انجاز برنامج الحماية المدنية في المجتمع، ومن ضمنها إدخال النوع الاجتماعي».
وأوضح أنه «في التوظيف السابق كانت نسبة الموظفات حوالي 12% ، ونسبة المهندسات للمهندسين تتجاوز 70% ، ونحن أخذنا موقف التمييز الايجابي لصالح توظيف المرأة من اجل تحسين تركيبة المؤسسة».
وختم كلامه بالقول: «حتى نحمي أطفالنا يجب أن تلعب المرأة دورا قياديا، ولكي نحسن أداء وظائفنا يجب أن يكون للمرأة دور فاعل وملموس داخل مؤسسة الدفاع المدني، وبالتالي سينعكس ذلك على برامجنا وتوظيفنا وتدريبنا وخططنا الميدانية. وأتمنى أن لا يحتاج احد من المواطنين إلى الدفاع المدني، ولكن نحن سنبقى جاهزين دائما لتقديم أفضل خدمة وفي أسرع وقت ممكن».