قانون التحرش الجنسي في السعودية... ما له وما عليه
المملكة العربية السعودية, حبس / سجن, سهيلة زين العابدين, تحرّش جنسي, بدرية البشر
30 أبريل 2012فاضل: دمجنا التحرش الجنسي بقانون الحماية من الإيذاء وسيصدر القانون قريباً
ذكر عضو مجلس الشورى وأستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك عبد العزيز في جدة الدكتور صدقة بن يحيى فاضل أن لا وجود لقانون خاص للتحرش الجنسي بل تم دمجه في نظام الحماية من الإيذاء. وذلك بعدما لاحظ مجلس الشورى أن ظاهرة التحرش بدأت تتفاقم في المجتمع، وهي موجودة في كل المجتمعات وغالبا ما تنتج عن الاختلاط، وتأتي المبادرات من الذكور، وهذا لا يمنع أن هناك بعض النساء ممن يمارسن هذه الممارسات غير السوية وخاصة في الوقت الذي بدأت فيه المرأة السعودية تقتحم مجالات عمل أكثر من السابق.
من هنا اقترح عضو مجلس الشورى الدكتور مازن بليلة نظام التحرش الجنسي. وعُرض هذا النظام على المجلس ولاقى استحساناً ثم حُول إلى لجنة الشؤون الاجتماعية.
وأضاف فاضل: «في هذه الأثناء ورد نظام شامل مقترح اسمه «نظام الحماية من الإيذاء». هذا النظام يتعلق بالقطاع والشأن الاجتماعي. ووجدت اللجنة الاجتماعية في مجلس الشورى أن نظام التحرش الجنسي من الممكن تضمينه في نظام الحماية من الإيذاء. وبالتالي انتهى أمر صدور نظام قانون مكافحة التحرش الجنسي وأصبح لدينا نظام كبير وشامل تحت مسمى نظام الحماية من الإيذاء».
والمقصود بقانون شامل أنه يتضمن حماية الأطفال وحماية الآباء وحماية الزوجة وحماية الآداب العامة، وهناك قانون مستقل تحت مسمى قانون حماية الطفل سيُعرض قريباً على المجلس بهيئته الكاملة وسيناقش، وستؤخذ ملاحظات من كل عضو في الشورى وسيستغرق بعض الوقت وقد يصدر خلال أشهر.
وحول ما ذُكر في الصحف المحلية والمواقع الالكترونية عن المسودة النهائية التي تم الانتهاء منها وستصدر، نفى فاضل صحة هذا الكلام. وشدد على أن «هناك نظاماً يُدرَس وقد يأخذ عدة أشهر على الأقل، لأنه نظام شامل وعليه ملاحظات كثيرة من أعضاء مجلس الشورى».
وعن العقوبات أشار إلى أنها تتدرج بدءا من الإنذار إلى السجن والغرامة المالية والجلد، وهناك عقوبات كثيرة بحسب التجاوز، فكل تجاوز له عقوبته. وبالتأكيد فهو مُلزم للقضاة، ولابد لأي قانون أن يكون فيه عقوبات من باب إثابة المحسن ومعاقبة المسيء.
حمّاد : لدي تحفظ عن تحرش المرأة بالرجل لما فيه من إساءة إلى المرأة السعودية
من جانبها، ذكرت سهيلة زين العابدين حماد أنها لم تطلع على هذا النظام بمواده كاملة، «في الحقيقة ليس لدي أي خلفية عن قانون التحرش الجنسي سوى ما كُتب عنه في الصحف بصورة مقتضبة». وعن وجود حلول لمقترح نظام يُجرم التحرش الجنسي أشارت إلى أن هناك خبرا تناقلته الصحف المحلية مفاده أن مجلس الشورى يناقش قضية تجريم تحرش المرأة بالرجل «وأنا اعترضت على هذا المشروع وكأنه ينسب للسعوديات أنهن يتحرشن بالرجال. فإن كانت بعض الفتيات الصغيرات والمراهقات تصدر منهن تصرفات غير مسؤولة فلا يجوز أن نعمم هذا الأمر ولا إدراجه في قانون التحرش الجنسي».
وفي ما يتعلق بالنظام بشكل كامل وصفت حمّاد القانون بأنه «رائع» أن يصدر مثل هذا النظام ويُلزم القضاء الذي «نتمنى منه أن يثق بالمرأة، لأن المرأة التي تشتكي جراء تعرضها لتحرش في العمل أو من زميل أو احد الأقارب لا تصدَّق، وأحياناً تتعرض لزنا المحارم. وللأسف القاضي لا يأخذ بكلامها لأنه يجب أن يتوافر الشهود والإثبات».
البشر: دمج قانون التحرش بالحماية من الإيذاء دليل عدم جدية أو خوف من الاعتراف بأهميته للمجتمع
قالت الكاتبة والروائية والأستاذة الجامعية الدكتورة بدرية البشر إن وجود قانون يحمي الأنثى طفلة كانت أو امرأة أصبح اليوم من بديهيات القوانين الدولية، فتوسع الحياة ومشاركة المرأة في الحياة العامة قد يرفعان من درجة تعرضها للأذى، وهذا لا يعني أن الأنثى لا تتعرض للأذى فقط خارج المنزل بل أحيانا يكون التعرض من دائرة الأقارب، ولهذا فإن القانون أصبح مطلبا ملحا وفق ضرورة تعقّد المجتمع وتطوره.
وعن وجود مقترحات لهذا القانون أضافت البشر: «ليس لدي تفاصيل معينة وأظن أن القانونيين هم الأكثر معرفة بما يتوجب أن يكون عليه القانون. لكن آمل أن لا يكون بصيغة متسامحة كما عهدنا، بحيث أن القوانين التي تشمل الأنثى تكون عادة متهاونة ومنحازة ضدها كما في بعض الأحكام القضائية السابقة حيث عوقبت فتاة تعرضت للاغتصاب لأنها خرجت مع فتى بحيث أن الضحية تعرضت للعقوبة! مثل هذه الأحكام ستجعل الأنثى تحجم عن الإبلاغ عن التحرش بها زيادة على ما تسببه عميلة التحرش نفسا من دمار نفسي للأنثى والشعور بالعار».
وعن اعتراض البعض على صدور هذا القانون واعتباره مشجعا للاختلاط، بينت البشر في حديثها أن هؤلاء الأشخاص مشهورون بخطاب معادٍ للمرأة، فهم الذين طالما هددوا النساء بأن الذئاب البشرية تتربص بهن في كل مكان سيذهبن إليه، في السوق وفي الشارع وفي النشاطات الثقافية، وهم أكثر من يؤكد وجود هؤلاء الذئاب، مضيفة: «اليوم وحين طالبت النساء بقانون لحمايتهن بدأوا يشككون في نواياها وكأنهم يريدون أن يستفيدوا من وجود الذئاب البشرية المزعومة طليقة حتى تحجم المرأة عن المشاركة في الحياة العامة».
ورفضت دمج قانوني التحرش الجنسي والحماية من الإيذاء في نظام واحد معللة ذلك بقولها: «أنا شخصيا ضد دمجه في قانون الحماية. وأظن أن إبرازه كقانون مستقل سيجعل فعاليته في الردع أكبر»، وأبدت خشيتها من أن يكون الدمج «علامة على عدم الجدية في العمل به أو الخوف من الأجهار بأنه قانون ضروري ولازم للمجتمع».
نشرت بعض المواقع الالكترونية خبراً يفيد بأن مجلس الشورى السعودي يدرس قانوناً للتحرش الجنسي وهو في صدد إقراره قريباً. وبين مؤيدين لوجود هذا القانون ومعارضين له كثُر الجدل حوله من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة «تويتر» الذي احتدم فيه النقاش بين رفضه باعتباره تقنيناً للاختلاط وتشجيعاً عليه، وبين تأييده لحماية الأنثى الطفلة والمرأة في المجتمعات الذكورية. وسبق أن ناقشت «لها» نظام الحماية من العنف والإيذاء بكل أنواعهما في عددها الرقم 578 الصادر في تاريخ 21/12/2011. واليوم تفتح النقاش من جديد للإجابة عن أسئلة أثيرت بعد الإعلان عن قرب إقرار القانون. فما أهمية وجود قانون يُجرّم التحرش الجنسي في السعودية؟ وهل يمكن إلزام القضاء السعودي والمحاكم هذا القانون وعقوباته؟ وهل دمجه بقانون الحماية من الإيذاء، سيعطيه قوة اكبر، أم من الأفضل بقاؤه منفصلا؟ أسئلة كثيرة حاولنا الإجابة عنها من خلال هذا التحقيق.
العنقري: أؤيد وجود قانون يُجرم التحرش الجنسي فمن امن العقاب أساء الأدب
ولفتت المستشارة في مجلس الشورى ورئيسة جمعية اكتفاء الجوهرة العنقري الى أن قرار دمج قانون التحرش الجنسي بقانون الحماية من الإيذاء لم يصلها بعد لكنها مؤيدة لوجود قانون يُجرم التحرش الجنسي ويعاقب من خلاله المتحرش، و»هو أفضل وأقصر طريق للردع، وهو تشريع ديني في الشريعة الإسلامية. لكن الفهم الخاطئ لعملية الأبوة من باب (أنت ومالك لأبيك) هذا ما يشجع الأب على استخدام كل وسائل العنف مع أبنائهم ومع بناتهم ومع زوجاتهم، وهم الآباء غير الأسوياء، لكن بوجود العقاب سيرتدع فمن أمن العقاب أساء الأدب».
وقالت إن التروي في إصدار هذه القوانين ضروري ليكون النص على مستوى الحدث، «فنحن لا نريد نظاما كتحصيل حاصل، لأنه إن لم يكن فيه ردع أو توضيح لخطورة الأمر لن يُعطي النتائج المرجوة. ونحرص على أن يكون شاملاً لكل أنواع العنف وفي الوقت نفسه يجبر المواطن على التفاعل. فعملية التبليغ مهمة جدا والتهاون في التعامل مع القضايا في الشرطة وغيرها أيضا يؤدي إلى نتائج سلبية».
الغيث: يجب وضع قانون خاص للتحرش الجنسي لضبط الأعراض في المجتمع
من جانبه، أوضح القاضي في وزارة العدل الشيخ الدكتور عيسى الغيث أنه يجب أن نعرف أولاً أن الشريعة الإسلامية تدعو إلى كل ما فيه تحقيق مصالح العباد والبلاد وجميع ما يخدم الضرورات الخمس للإنسان في دينه وعرضه ونفسه وعقله وماله.
ومن باب تحقيق مقاصد الشريعة يجب «وضع الأنظمة والقوانين التي تحقق العدل بين الناس وتحمي ضروراتهم الخمس، ومن ذلك وجوب صدور قانون لكل ما نحتاجه في شؤون دنيانا، ويأتي في هذا السياق بل على رأسه قانون لمكافحة التحرش الجنسي».
وقال الغيث إن صدور مثل هذا القانون «لا يعني تشريعاً للاختلاط المطلق بذريعة وجوده بل الحال ستبقى على ما هي عليه من سلوكنا الاجتماعي والقانوني المحتشم، وإنما هو لمزيد من ضبط الأعراض، وعليه فكان من الواجب على الدعاة وأهل الغيرة أن يطالبوا ويرحبوا بهذا القانون وليس أن يرتابوا فيه ويشككوا في القصد منه. وهكذا هو حالهم بحيث لا يبادرون ولا يقدرون المبادرين، وللأسف أننا في سنواتنا الماضية وعبر قرن من الزمان ونحن نتوارث الأخطاء عبر محاربتنا لما ينفعنا ثم في ما بعد ندرك خطأنا، ولكننا نكرره في كل مرة بلا وعي فتضيع أعمارنا ومصالحنا».
وأيد الغيث قانون التحرش الجنسي وتمنى سرعة صدوره والدقة في تنفيذه، مُشيراً إلى انه سيكون قانوناً ملزماً للسلطات التنفيذية في مكافحة التحرش عبر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والشرطة ونحوهما من جهات الضبط.
وعن وجود العقوبات في هذا القانون قال إن العقوبات التي قد ترد فيه ستكون من اختصاص المحاكم الجزائية، «إذ يصدر القانون في العادة بقرار من مجلس الوزراء ليلزم به أجهزة الحكومة كسلطة تنفيذية، ثم يتوج بأمر سامٍ من الملك مرجع السلطات ليسري العمل به لدى السلطة القضائية فيعمل بموجبه القضاة في محاكمهم. وأتمنى الاستعجال في الشروع لوضع قوانين للأحوال الشخصية وغيرها مما نحتاج إليه في مجتمعنا ولأطفالنا ونسائنا ورجالنا وجميع الناس».