وزارة العدل السعودية تستحدث نظام التنفيذ...
طلاق, المملكة العربية السعودية, سهيلة زين العابدين, رابطة خريجي برامج وزارة الخارجية الاميركية, حقوق المرأة السعودية, بيت الطاعة
08 أكتوبر 2012الخولي: تسقط حقوق الزوجة الشرعية وتدخل في حُكم «النشوز» إن رفضت العودة إلى بيت الزوجية بإرادتها
قال المستشار القانوني لهيئة حقوق الإنسان المحامي الدكتور عمر الخولي إن القرار «لا يتعلق بإحضار الزوجة ضد رغبتها إلى بيت الزوجية، أو تنفيذ أحكام الانقياد. هذه الخطوة كانت قائمة منذ نظام المرافعات الشرعية حين كان تنفيذ حكم الانقياد جبراً منصوصاً عليه، ولكن غير معمول به أو موقوفاً. والمستجد الآن انه صدر نظام جديد اسمه نظام التنفيذ، كرر الحكم السابق الذي كان منصوصاً عليه في نظام المرافعات الشرعية والقاضي بأنه لا يجوز تنفيذ أحكام الانقياد أو عودة الزوجة جبراً».
ورأى أنه ليس من المنطق أو المعقول سحب الزوجة إلى بيت زوجها ضد إرادتها أو رغماً عنها، «وهو تقليد سائد في كل الدول الأخرى إذا حُكم على الزوجة بالانقياد أي الشخوص إلى بيت الطاعة، فلا يُنفذ هذا رغماً عن إرادتها، لكن تسقط حقوقها الشرعية وتدخل في حُكم النشوز».
وأضاف الخولي: «المادة التي تليها لا تتعارض مع سابقتها، وتختص بالتنفيذ الجبري في الأحكام الصادرة بالتفريق بين الزوجين، ولكن الأمر المستجد هو استحداث استخدام القوة الجبرية والاستعانة بالشرطة للتفريق بين الزوجين. وهناك أمر آخر، وهو أنه إذا تبين للزوج بعد أن تزوج وأنجب من زوجته أنها تمت إليه بصلة قرابة بالرضاع فيتم التفريق بالقوة الجبرية بين الزوجين».
وحول الاستعانة بالقوة المختصة بحضانة الطفل، شرح الخولي أن هذا «القرار يسمح بإحضار الطفل في حالة رفض أحد الوالدين تسليمه للحاضن المستحق. فعلى سبيل المثال، إذا رفضت الأم تسليم طليقها الطفل فقد يتم إيقافها ويُسلم الطفل لوالده، أو في حالة نقل الحضانة من الأب إلى الأم يتم التنفيذ بالقوة الجبرية إذا رفض الأب تسليم الطفل».
كشغري: هذه المواد واللوائح ما هي إلا بداية لقانون الأسرة الذي سيصدر قريباً
من جانبها، قالت الكاتبة والناشطة في مجال حقوق المرأة وأستاذة قسم اللغات الأوروبية في كلية الآداب والعلوم الانسانية في جامعة الملك عبد العزيز الدكتورة أميرة كشغري، إن القوانين تسير في الاتجاهات الصحيحة نحو استكمال مدونة الأحوال الشخصية والتي من المفترض صدورها قريباً عن وزارة العدل. وأضافت: «إن هذه القرارات على رأس القائمة في اللوائح لأنها تمس بشكل مباشر وأساسي الأسرة. وكما نعلم فإن الأسرة هي نواة المجتمع، وإن لم تكن هناك أحكام أو قوانين تُلزم كل طرف فيها بأن يقوم بواجباته ومسؤولياته فعندئذ ستتأثر الأسرة وبالتالي الأطفال. لذلك هي خطوة في الاتجاه الصحيح، ويجب أن تؤسس لقوانين معتمدة تنطبق على كل الحالات وليس على حالة فردية. فنحن الآن نعيش في عصر حديث وهناك الكثير من المشكلات التي بدأنا نسمع عنها ما بين الزوجين خاصة بعد الطلاق وفي ما يخص حضانة الأطفال. والحضانة من الأمور الأساسية التي يقوم عليها المجتمع، ويجب أن تكون الأمور مقننة بشكل واضح، بحيث لا يكون فيها ضرر أو ضرار. فلا تُضار الأم ولا يُضار الأب لأن في ذلك مصلحة الأطفال في نهاية الأمر».
وفي ما يتعلق بقانون إعادة الزوجة بالقوة الجبرية، ذكرت كشغري أن هذا الأمر لا يمت إلى العصر الحديث ولا إلى الإنسانية بأي صورة، موضحة أنه، ومن المنطق والشريعة أيضا، يجب ألا يكون هناك ضرر على الزوجة، فإن كانت هي الأم والمربية فمن باب أَولى أن يكون لها احترامها وتقديرها بشكل يليق بالدور الذي تقوم به.
وحول القرار المستحدث في استخدام القوة الجبرية لتفريق الزوجين في حالتَي النسب بالرضاعة وعدم تكافؤ النسب، قالت كشغري إن النسب بالرضاعة يجب أن تتم فيه التفرقة الجبرية، إما في ما بتعلق بعدم تكافؤ النسب «فتحضرني الآن قصة فاطمة ومنصور التي أثيرت بشكل كبير إعلاميا وإنسانيا قبل عامين تقريباً. الزواج عقد شرعي ونُصّ عليه وهو واضح، وهو لا يقوم في أي حال من الأحوال على الكفاءة في النسب طالما أن العقد تم برضاء الطرفين وولي الأمر. فمن تزوجت وانتهى الأمر فلا يستطيع أي شخص فسخ هذا العقد، خاصة أن كان هناك أطفال. ولطالما أن الزوجة ارتضت هذا الزوج بغض النظر عن عدم وجود كفاءة في النسب بحسب منظور الناس والمجتمع، فمن حق الزوجة التي زُوجت من قبل وليها بهذا الرجل وكان هناك نتاج لهذا الزواج بوجود الأطفال، حفظ هذا الزواج لمصلحة الأسرة». وتمنت أن يكون هناك تقنين لما يتعلق بموضوع كفاءة النسب بشكل واضح في مدونة الأحوال الشخصية حتى لا تحصل مشكلات من هذا القبيل.
وأكدت أن هذه المواد واللوائح ما هي إلا بداية لقانون الأسرة، متسائلة عن موعد إصداره، «ما اعرفه انه رُفع إلى مجلس الشورى ومجلس هيئة الخبراء، ونأمل أن نسير في الاتجاه الصحيح وإنجاز مدونة الأحوال الشخصية لإنقاذ المجتمع والأسر والأطفال تحديداً من مشكلات التناقض والاختلافات بين الزوجين. وهو أمر طبيعي يحدث بين أي زوجين في العالم لكن هناك قوانين تُحدد ما هو الصحيح لأي حالة أو عائق أمام الزوجين».
حمّاد: بيت الطاعة لا وجود له في الإسلام وهو مأخوذ من القانون الفرنسي
قالت عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في جدة الكاتبة الدكتورة سهيلة زين العابدين حمّاد إن مصطلح «بيت الطاعة» لا وجود له في الإسلام. «فقد قال الله تعالى (فإمساك بمعروف أو تسريحٌ بإحسان) وقوله (وعاشروهن بالمعروف). فلا يمكن إجبار الزوجة على أن تذهب إلى بيت زوجها جبرا. وليس من حق أي شخص جعل الزوجة غير الراغبة في العودة إلى منزل زوجها ناشزاً (وهو ما يعني امتناع الزوجة عن إعطاء زوجها حقوقه الشرعية). وليس كل شيء نشوزاً، والعلاج فيه يكون إما بالمعروف والعظة، في قوله (فعظوهنَ، واهجروهن في المضاجع) والمرحلة الثالثة في قوله (واضربوهنّ)، وهنا تعني مفارقة المنزل ومغادرته للابتعاد عن الزوجة، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم عندما غضب من زوجاته وترك لهن المنزل. فإن لم تعد الزوجة إلى زوجها لإعطاء زوجها حقه فليقع الطلاق بينهما، وهناك آيات توضح هذا الأمر فلم تذكر أي آية في القران بيت الطاعة أو العودة جبرا إلى منزل الزوج».
وطالبت حمّاد وزارة العدل بإلغاء قرار بيت الطاعة نهائياً لأن لا أساس لوجوده في الإسلام، «يقول الله عزوجل لا إكراه في الدين، فكيف يحدث الإكراه في الحياة الزوجية؟ ولعل خطوة وزارة العدل في إيقاف عودة الزوجة الى البيت جبراً هي تفاعل مع ما كتبته وغيري في الجرائد وما توصّل إليه المسؤولون بأن ذلك لا وجود له في الإسلام، وانه أُخذ من القانون الفرنسي. وأذكر أنه أثناء حضور مؤتمر في البحرين كان هناك بعض القضاة الذين قالوا إنهم كانوا سيطالبون بإلغاء بيت الطاعة وتبين لهم من ورقتي أن بيت الطاعة لا وجود له في الإسلام، وبالتالي لا وجود لبيت الطاعة أساسا».
وحول عدم الكفاءة في النسب والتفريق بين الزوجين باستخدام القوة الجبرية، ذكّرت حمّاد بأن كل الأحاديث الخاصة بعدم كفاءة النسب هي أحاديث مُنكرة وضعيفة، «فالتفريق بين فاطمة ومنصور في عدم التكافؤ في النسب مبني على حديث ضعيف، فالكفاءة في الدين ليست في الخُلق والنسب». وفي ما يتعلق بقرار الحضانة أشارت حمّاد إلى أنه من باب أَولى أن تكون الحضانة للأم وهي متزوجة، «فإذا كان الرسول قام بهذا فلماذا لا نسير على هذا النهج ونأخذ به؟».
يرى البعض في ما استثنته وزارة العدل السعودية في ما يخص أحكام «بيت الطاعة» من التنفيذ الإجباري، انتصاراً للمرأة والزوجة التي سقط عنها الانقياد إلى بيت الزوجية جبراً لتفادي المضاعفات والجرائم والمشكلات في الحياة الزوجية كالطلاق وغيره. فيما تساءل كثر عن حاجة المجتمع إلى مثل هذه القوانين معتبرين إياها بداية لقانون الأسرة، ومُكملة لقوانين الأحوال الشخصية التي تضمن للأسرة والأطفال الاستمرار في الحياة. ومن جانب آخر، لفتت بعض المصادر القانونية إلى أن لا وجود لمثل هذه المواد في الشرع، وأن هذه اللوائح ما هي إلا تقنين لوقائع كانت في السابق وانتقلت من أمر مُطبق إلى أمر مُقنن.
إضافة إلى أن الانقياد لبيت الطاعة ليس إلزاما بقدر ما هو تهديد للزوجة التي ترفض العودة إلى زوجها. وكشفت المسودة في المادة 74 من نظام المرافعات الشرعية جواز الاستعانة بالقوة المختصة في الشرطة، ودخول المنازل لتنفيذ الأحكام الصادرة بحضانة الطفل الصغير وحفظه، والتفريق بين الزوجين جبراً إذا ثبت للقاضي الشرعي أن هناك نسباً بين الزوجين (رضاعة أو ما شابه)، وكان كل منهما متمسكاً بالآخر ولا يرغب في التفريق. فيما رفضت المادة 75 من هذا النظام وهي تنفيذ الأحكام الجبرية بإعادة الزوجة إلى بيت الزوجية جبراً. «لها» سألت المهتمين وأصحاب الاختصاص لتوضيح ما تعنيه هذه التعديلات وانعكاساتها على وضع المرأة.