1071 سعودية...

المملكة العربية السعودية, المرأة السعودية / نساء سعوديات, خيانة, مواقع الزواج الإلكتروني, طلب الخلع, حكم الشرع, وليد الزهراني

25 فبراير 2013

تعيش سيدات كثيرات في السعودية معاناة الحياة الزوجية مما يضطرهن لطلب «الخلع» من أزواجهن، إلا أنهن يواجهن مشكلة في إعادة المهر حتى لو مضى على الزواج سنوات عدة. «لها» تفتح تحقيقاً عن الخلع في السعودية بعدما تقدّمت 1071 سيدة خلال سنة بطلب الخلع. ما هي قصصهن؟ ولماذا تجبر المرأة على إعادة المهر بعد سنوات من الزواج؟


خمسة أعوام في المحاكم

تقول فوزية نورة (33 عاماً) التي أقامت دعوى خلع على زوجها بعد زواج استمرّ 16 عاماً وأثمر ثلاثة أطفال: «طلبت الخلع بسبب إدمان زوجي المخدرات، فعندما يتناولها يفقد السيطرة على نفسه وأتعرض للعنف الجسدي».
وتضيف: «أمضيت خمسة أعوام أتردد إلى المحاكم للحصول على الطلاق، وبعد 6 جلسات طلب مني القاضي دفع 40 ألف ريال، ودفعت هذا المبلغ للقاضي إلا أن زوجي تهرّب كثيراً من الحضور إلى المحكمة... عانيت كثيراً من ظلم زوجي واستخدامه كل وسائل التعذيب معي، ونصحتني إحدى جاراتي بطلب الخلع، وبفضل الله طالبت بحقي حتى حصلت على الخلع بعد مشقّة استمرّت أكثر من خمس سنوات».


«الخادمة سبب خلعي زوجي»

أما عائشة (40 عاماً) فتقول إنها تزوجت عندما بلغت الثامنة عشرة، وأنجبت ستة أبناء وكانت حياتها تنعم بالدفء والاستقرار والراحة النفسية، لتفاجأ لاحقاً بخيانة زوجها لها مع العاملة المنزلية.
تحكي بألم: «لم أتحمّل خيانته فطلبت الطلاق، ولكن زوجي رفض مبدأ. حاولت كثيراً معه، وتدخل الأهل والأقارب، إلا أنه بقي رافضاً الفكرة. قرّرت إقامة دعوى خلع لأن لدي إثبات بالصور. وبعد جلسات كثيرة وقبلها تحويلي على لجنة إصلاح البين لتقريب وجهات النظر، تمسّكت بالخلع وحصلت على ورقة طلاقي» بعد سنتين في المحاكم.
وتتساءل عائشة لماذا يخطئ الرجل ويرتكب أفعالاً شنيعة تهز الحياة الزوجية وبعدها يطلب إعادة المهر المقدم للزوجة؟


خيانة في غرفة النوم

تقول أم خالد: «تحمّلت كل المشاكل الزوجية بسبب أطفالي، ولكن لم أستطع التحمّل أكثر، فصحتي تدهورت بسبب ما أعانيه كل يوم من قسوة وشتم من زوج لم يقدّر الحياة الزوجية التي استمرّت سنوات طويلة». وتضيف: «بقيت معلّقة سبع سنوات ضاعت من عمري بين أروقة المحاكم مطالبة بأبسط حق من حقوقي، فزوجي رفض الطلاق وحاولت معه مراراً وتكراراً، إلا أنه لم يعرني أي انتباه بل نسي أطفاله ولم يكن ينفق عليهم. كما كان كثير السفر لأنه رجل أعمال».
وتتابع بحرقة: «مع أنه مقتدر، أصرّ على أن أدفع له 60 ألف ريال ليطلق، فدفعت له المبلغ من المحسنين بعدما عرضت مشكلتي عليهم، خصوصاً أني لم أطق الاستمرار معه بعدما شاهدته مع امرأة في غرفة نومي».


الرأي الشرعي

يقول الباحث الشرعي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبدالله التركي: «شرّع الله الطلاق للرجل، وشرّع الخلع للمرأة، إلاّ أن الخلع يكون عن عوض، وسمّي خلعاً لأن المرأة تخلع نفسها من الزواج إذا أصابها ضرر منه وأرادت ذلك».
ويضيف: «حضت الأنظمة الإسلامية في مجال الأسرة على عدم قبول الخلع إذا لم يكن هناك مسببات واضحة وصريحة يستحال فيها بقاء الزوجة في منزل الزوج، ولكن الدليل على جواز الخلع هو قوله تعالى: فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما في ما افتدت به».

ويقول المستشار القانوني ظافر العجمي إن المحكمة المختصّة في موجب نظام المرافعات الشرعية هي «المحاكم العامة»، أما بعد صدور نظام القضاء الجديد فإن المحكمة أصبحت محكمة الأحوال الشخصية، ولكون المحكمة صارت أكثر تخصصاً فإن المواضيع الخاصة في الأحوال الشخصية خصوصاً في ما يتعلق بموضوع الخلع سيكون مجاله واسعاً للحلول المناسبة، والتي تعود بالنفع على الطرفين دون إضرار بأحد.
ويضيف: «بصدور نظام التنفيذ الذي سيطبّق فعلياً في تاريخ 14/4/1434هـ، فإن الحكم الصادر على الزوجة بالعودة إلى بيت الزوجية لا ينفذ جبراً، وهذا يعد انفراجاً كبيراً في ترتيب التنفيذ في الأحوال الشخصية، خصوصاً في ما يتعلّق بقضايا الخلع، إذا أن الدعوى التي تقدمها المرأة بطلب الخلع قد تنقلب ضدها عند عدم اقتناع فضيلة ناظر القضية بطلبها، وذلك بصدور حكم بالعودة إلى بيت الزوجية واعتبارها ناشزاً منه». ويتابع: «إن ما نوّه عنه في نظام التنفيذ أصبح حماية للمرأة ضد تحايل بعض الأزواج وابتزاز المرأة بالطلبات غير المعقولة عند طلب الخلع، بحيث أصبح أمر عودتها إلى بيت الزوجية برضاها حتى بوجود حكم قضائي في هذا الصدد، علماً أن حضانة الأطفال يقررها الشرع مع مراعاة مصلحة الأطفال».


الرأي النفسي: المرأة لا تلجأ إلى الخلع إلا كحلّ أخير

يرى الاختصاصي النفسي الدكتور وليد الزهراني، أن الزوجة لا تتقدم بطلب الخلع إلا بعد وصولها مع زوجها إلى أبواب مسدودة يصعب معها استمرار الحياة الزوجية بينهما، ولكن ينظر البعض في المجتمع السعودي إلى المرأة التي تطلب الخلع من زوجها نظرة سيئة، وقد لا تتزوج لاحقاً لأنها امرأة خلعت زوجها.
ويقول: «يعتقد البعض أن المرأة في طلبها خلع الزوج تخالف العادات والتقاليد، وهذه نظرة خاطئة لأن المرأة هي من تحافظ على حياتها ولا ترضى بالطلاق الذي هو أبغض الحلال عند الله، إلا أن صعوبة العيش مع شخص يدمن المخدرات أو لديه علاقات محرّمة تجبر النساء على طلب الخلع». ويتابع: «لا شك في أن الانفصال في الحياة الزوجية يؤثر على الزوجة في كل حالاته سواء كان طلاقاً أو خلعاً، ويترك أثاراً نفسية على الزوجة وعلى الأطفال».

1071 سعودية يخلعن أزواجهن عام 2011

تحدّثت وزارة العدل السعودية حسب التقرير الإحصائي لها عام 2011 عن 1468 حالة خلع في السعودية، منها 1071 لسعوديين، و330 لأجانب، و 49 حالة من سعودي وزوجة غير سعودية، و 148 حالة خالع من غير سعودي وغير سعودية.
وأشار التقرير إلى أن المرأة السعودية الأولى بـ 1071 حالة خلع، والمرأة اليمنية الثانية بـ 70 حالة، والمرأة البنغلادشية الثالثة بـ 34 حالة، تليها الفلسطينية بـ 22 حالة خلع. وأوضح أن منطقة مكة المكرمة احتلّت المرتبة الأولى بـ 882 حالة خلع، تليها المنطقة الشرقية بـ 116 حالة، ثم منطقة عسير بـ 116 حالة.

ولفت إلى أن عدد حالات الصلح وإمكان مراجعة سجل في السعودية بلغ 7803 حالة، وأن الرياض احتلت الأولى بـ 3677 قضية، منها 1295 لسعوديين و532 لأجانب.
ولفت التقرير إلى أن 4545 حالة أمكنها المراجعة دون فتوى، وأن 1099 حالة انتهت عن طريق الإفتاء.
وأشار إلى أن مجموع صكوك الطلاق أو الفسخ أو الخلع التي صدرت من محاكم السعودية بلغ 34622 صكاً بمعدل 95 صك يومياً، منها 29772 حالة طلاق بنسبة 86 في المئة، و1468 حالة خلع بنسبة4 في المئة، و3382 حالة فسخ نكاح بنسبة 10 في المئة من إجمالي الطلاق.


ما الخُلَع؟

سألنا «ما الخلع» في تحقيق نشرناه سابقاً، وكنا قد وجهنا السؤال الى المحامي والمستشار القانوني السعودي خالد أبو راشد فقال: الخُلَع هو طلاق الزوج زوجته بعوض يأخذه منها أو من غيرها، أي أن الزوجة إذا كرهت زوجها لخَلْقه أو خُلقه أو دينه أو كبره أو ضعفه أو نحو ذلك وخشيت أن لا تؤدي حق الله في طاعته جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه لقوله تعالى (فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليها فبما افتدت به). ولحديث عن إبن عباس انه جاءت إمرأة ثابت بن قيس ابن شماس الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ما أعيب عليه من خلق ولا دين ولكن أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله: (أتردين عليه حديقته؟ فقالت: نعم. فقال رسول الله لثابت: إقبل الحديقة وطلقها تطليقة).

ويمكن للزوجة أن تلجأ الى الخلع كما أشار أبو راشد إذا كرهت زوجها أو اختلفت الأسباب أو تعددت بحيث تعرض عليه مبلغاً من المال أو أي عوض آخر لتخلع نفسها بموافقته. «أقول هنا بموافقة الزوج أي أن مجرد دفع المال من قبل الزوجة للزوج دون موافقته وإعلانه تلك الموافقة صراحة كقوله خالعتك أو فسخت نكاحك لا يعد ذلك خلعاً». وأضاف انه إذا ما رفض الزوج الخلع فليس أمام الزوجة إلا اللجوء الى القضاء. ويؤكد أبو راشد أن الحالات التي ترفض فيها دعوى طلاق الخلع قليلة جداً وتكون إذا كان للزوجة متطلبات غير شرعية تدفعها لطلب الطلاق كالسهر واللهو والخروج الى النوادي الليلية مثلاً أو التبرّج أو شرب الخمر وغيره. فلا يقبل القاضي طلبها ويطلب منها العودة الى بيت الزوجية.

بالتعاقد والتراضي
وعن السؤال نفسه يجيب المحامي الكويتي فيصل عيّال العنزي فيقول:
بحسب قانون الأحوال الشخصية الكويتي فإن الخلع هو: «طلاق الزوج زوجته نظير عوض تراضيا عليه بلفظ الخلع أو الطلاق أو المبارأة» والخلع يعني تمكين الزوجة التي استحالت العشرة بينها وبين زوجها من أن تفتدي نفسها من عصمة زوجها بعوض تبذله ويخلعها به.

- وهل هذا يعني طلاقاً واضحاً؟
لا يمكن أن يعني هذا طلاقاً واضحاً لأن الخلع يقوم على أساس تعاقدي برضاء طرفيه، ويعتبر الخلع طلاقاً بائناً بمعنى أن الرجل لا يستطيع مراجعة الزوجة ولا تعود إليه إلا في زواج جديد وبجميع الشروط المتعارف عليها قبل قران أي زوجين.

- هل معنى ذلك أن الطلاق العادي يكون من طرف الزوج والخلع من طرف الزوجة؟
لا، وإن كان هذا القول يبدو للوهلة الأولى مقنعاً فالطلاق يأتي بعد ظروف متعددة كثيرة منها: الزواج الثاني للرجل أو القصور في نفقة رعاية الأولاد والكثير من المسببات الاجتماعية التي تتفاقم وتتصاعد وتيرتها لتصل الى الطلاق. ويكون الفصل فيه في يد الرجل، أما الخلع فيقدم فرصة للزوجة كي تنصف حياتها لكن هذا لا يعني أن ذلك ملك لها فلا بد من التراضي والاتفاق مع الزوج على أي خطوة يمكن الإقدام عليها. فالخلع والطلاق كلاهما مستمد من الشرع لكن الخلع يختلف في شرحه الفقهاء، كلّ بحسب طريقة فهمه للأمور.

حكم الشرع والقانون
أما السيدة آمنة نصير أستاذة العقيدة في كلية أصول الدين في القاهرة فقد تحدثت عن الجوانب الشرعية والقانونية للخلع فقالت: «الأمر له شقان ديني وقانوني، وفي القانون المصري لا يمكن أن يتعارض نص قانوني مع صحيح الدين والشريعة الإسلامية. والمعروف أن مصادر التشريع الإسلامي تقف في الأساس على القرآن والسنّة، والقرآن الكريم أوضح أحكام المعاملات بين الرجال والنساء سواء في الزواج أو الميراث وانتهاء بالطلاق، وجاءت السنّة النبوية لتيسّر عملية التعامل أكثر، لذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى بأن تخلع المرأة زوجها ما دامت لا تطيق العشرة معه. وخوفاً من ألا تقيم الزوجة حدود الله أقرّ لها الإسلام شريعة وسنّة أن تلجأ الى الخلع، وبشروط، أولاً أن تعيد الى زوجها مهره وأن تجعل الزواج من ناحية ما تكلفه الزوج للارتباط بها كأنه لم يكن، وبهذا يعتبر الزوج ملزماً طلاقها على أساس رغبتها الصريحة، وقد أرجع هذا بعض الفقهاء لما هو معروف في الفقه الإسلامي بالطلاق على المال».
وتضيف نصير: «ولما جاء القضاء المستمد من الشريعة الإسلامية، يعالج الخلاف بين الزوج والزوجة حول مسألة الطلاق، أي أن الزوجة ترغب شيئاً مثلاً ولا يرغبه الزوج ولأن كثيرين لم يتتبعوا السنّة وأحكام القرآن التي تقوم على أساس الآية الكريمة في ما يتعلق بالزوج وزوجته والتي تقول «ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا»، فقد أعطى القانون هذا الحق للقاضي في إتمام الطلاق أو رفضه.