'صيف ٨٤٠'

المهرجان القومي للمسرح المصري, زياد الرحباني, منصور الرحباني, كازينو لبنان, مسرحية, المسرح الرحباني, عاصي الرحباني, هبة طوجي, هدى الكاشف

01 مارس 2010

صالة كازينو لبنان الضخمة ممتلئة بالجمهور المتحمّس لمشاهدة تحفة مسرحية قدّمها منصور الرحباني عام ١٩٨٧ تأكيداً منه على وفائه وشوقه وعطشه للفنّ القيّم الذي يعكس حقيقة واقعه بصورة تحوي الكثير من الجماليات والمعاني. إلاّ أنّ هذا الجمهور الذي قصد «صيف ٨٤٠» عام ٢٠١٠ هو نفسه الذي قصده عام ١٩٨٩، والجمهور الذي وقف وصفّق طويلاً لأولاد منصور الثلاث «غدي ومروان وأسامة» على العمل الذي أعادوا تقديمه برؤية جديدة ومميزّة إهداءً منهم لروح والدهم هو الجمهور نفسه الذي وقف وصفّق منذ أكثر من عشرين عاماً لمنصور الرحباني الذي قدّم «صيف ٨٤٠» إهداءً منه لروح «المعلّم» شقيقه ورفيقه في الإبداع الفني والثقافي عاصي الرحباني.
ولا أدري ما إذا كان الجمهور الذي تحمّس للممثلة والمطربة «الرحبانية» الجديدة هبة طوجي كان متحمساً لها أم للفنانة هدى التي حضرت بصوتها المُعشّش في أغنياتها الخالدة دوماً في المكتبة الموسيقية اللبنانية العريقة مثل «يا حجر» و«ندهوني» و«وحياة اللي راحوا»...
إنّها حقاً مفارقة غريبة ومعادلة يصعب تفكيكها أو البتّ فيها لأنّه في غياب المسرح اللبناني الغنائي الهادف تبقى خطوة مثل تلك التي قام بها أبناء منصور جديرة بالإحترام، لكونها تروي ظمأ الجمهور المتعطّش لأعمال فنية تبهر العين وتُنوّر الفكر وتُرطّب الأذن بأعذب الألحان وأجمل الأصوات.
وفي المقابل نرى أنفسنا أمام سؤال يقضي بضرورة معرفة الهدف أو الفائدة من إعادة نشر أو تقديم عمل فني سبق أن أخذ نصيبه على مدار سنوات متتالية من النجاح والحفاوة والإنتشار. فبدل استعادة لحظات سعيدة سبق أن سرقناها في سنوات منصرمة من خلال العمل المسرحي البديع نفسه، كان بإمكان الأخوة الرحباني التكاتف- كلٌ حسب مجال عمله- بهدف تقديم عمل مسرحي جديد يُنسي العالم نجاح «صيف ٨٤٠ » ليُدخلهم مرحلة جديدة من المسرح الرحباني بنكهته المختلفة ويُؤكّدوا للجميع أنّ إعلان زياد الرحباني المبكر عن موت المسرح الرحباني في "شي فاشل" لم يكن دقيقاً بعدما قرّروا المضي في استكمال المسيرة الطويلة التي بدأها الأخوان الرحباني منذ أواسط القرن الماضي. هكذا كان يُمكن للإهداء الذي منحه الأولاد إلى روح والدهم أن يحمل معنىً أسمى وأعمق وأهم بكثير.