"مسافة كافية" في سلسلة "الإبداع العربي"

القاهرة – طارق الطاهر 23 يونيو 2019

عن هيئة الكتاب وفي سلسلة "الإبداع العربي"، صدرت للقاص الأردني جعفر العقيلي مجموعة قصصية بعنوان "مسافة كافية"، وتتضمن خمس عشرة قصة. القصص تتنوع في مضامينها، غير أنها تشترك في إبراز الهواجس الإنسانية، التي تتضح في صورة جليّة عبر المفارقة، وهي تُعلي من قيم التمرّد والثورة والاختلاف. وتقارب القصص مواضيع تتعلق بواقع الناس وحياتهم اليومية وهمومهم النفسية والمعيشية والاجتماعية والسياسية، كما أن الأحداث البسيطة والمقدّمات التي تبدو للوهلة الأولى عادية ومنطقية فيها، تقود إلى نهايات غير متوقَّعة. وتبرز في عدد من القصص سخرية سوداء نابعة من المفارقة في الموقف، الذي تتصاعد فيه الأحداث دراماتيكيّاً، بشكل يدفع للضحك حيناً، وللبكاء أحياناً. كما تنفتح القصص على البعد الإنساني، وتتخلص من محدودية الزمان والمكان، أو تتابعهما التعاقبي لمصلحة التتابع النفسي، حتى صار الحدث مشرّعاً على التأويل ومحافظاً على روح المتعة والإدهاش، رغم أنه يلتصق بالواقع المعيش، منه ينطلق وإليه يعود. وتُظهر مجموعة "مسافة كافية" التي تزيّن غلافها لوحة للفنان هيثم سعيد، اهتمامَ العقيلي بشخصياته القصصية، وهو يقول في هذا الصدد: "أبطالي يعيشون فِيّ، هم أشبه ما يكونون بأصدقاء افتراضيين لكلٍّ منهم ملامحه الخاصة، أعرفهم جيداً لأنهم شظايا أنايَ، أو هم أنَوَاتي في تجلّياتها المتعددة". وينظر العقيلي إلى الكتابة بصفتها أكثر من مجرد مسألة لغوية، موضحاً: "أتجنّب الثرثرة في السرد، ولا تستهويني ضروب البلاغة في التعبير. بساطة اللغة هي التي أستعين بها لأقول ما لديّ". ويضيف: "لكنني أحتفي بالتفاصيل، تفاصيل المشهد والحالة النفسية المسيطرة في النص، تتلاشى المسافة بين الكتابة والتقاط الصورة لدي، وأجدني أحمل كاميرا على كتفي وأنا أكتب، أرصد كل نأمة ورفّة جفن وأتتبّع العلاقة بين البطل وما يحيط به من مفردات تؤثث المكان، هنا تحديداً يكون لكل مفردة دور ووظيفة، فإن لم تؤدِّ المطلوب منها فلماذا أتمسك بها؟!".

يُذكر أن العقيلي يعمل سكرتيراً للتحرير في صحيفة "الرأي" اليومية الأردنية، ومشرفاً على صفحات الملحق الثقافي فيها، وهو المدير العام لـ"الآن ناشرون وموزعون" في عمّان. أصدر نحو عشرين كتاباً، منها أربع مجموعات قصصية، هي: "ضيوف ثقال الظل" (2002)، و"ربيع في عمّان" (2011)، و"تصفية حساب" (2014)، و"كمستير" (2015)... ومجموعة شعرية بعنوان "للنار طقوس وللرماد طقوس أخرى" (1996)، وكتابان في الحوارات هما: "في الطريق إليهم"، و"أفق التجربة".