في كواليس البرامج التلفزيونية اللبنانية
نجوى كرم, نيشان, جورج قرداحي, برنامج حواري فني, برنامج حواري تلفزيوني, سيرة حياة, عبد الغني طليس, طوني سمعان, تلفزيون قطر, كورين مدور, برنامج عن المشاهير والنجوم تلفزيوني, برنامج شبابي تلفزيوني, برنامج فني تلفزيوني, برنامج منوعات تلفزيوني, برنامج مبا
15 ديسمبر 2009

كورين مدوّر من «تاراتاتا» و«حديث البلد»: إنتهى عصر الـOne Man Show والإعداد أصبح متخصصاً
عملت المنتجة المنفذّة كورين مدوّر في عدد لا يستهان به من البرامج التلفزيونية وعلى اكثر من محطة، أبرزها «تاراتاتا» على شاشة تلفزيون دبي و«شاكو ماكو» مع نيشان على «نيو تي في» الذي تحول لاحقاً إلى «حديث البلد» مع منى حمزة على «ام تي في»، و«الحكي بيناتنا» مع ماغي فرح، وأيضاً في «معجب عجيب» (المستقبل)، و«قريب جداً» مع جوزف عيساوي و«جدل حر» و«أحلى مع هيام» مع هيام أبو شديد (الحرّة) و«أنت» (ام بي سي) وغيرها.
تقول كورين إن العمل التلفزيوني اختلف كثيراً عن السابق، إذ أن الأعمال التي كان يقوم بها عادة شخص واحد «One Man Show» تحوّلت إلى تخصصات، حيث لكل شخص مهمة يقوم بها.
فهناك مثلاً الـ Producer والـ Guest Producer (أي الذي يهتم باختيار الضيوف) ومحرر النصوص ومعدّ الحوار Script Writer وغيرها من الأعمال. ولم نعد نرَ إلا نادراً مذيعاً يتولّى هو إعداد برنامجه.
وفي برنامج مثل «تاراتاتا» الذي لا يعتمد على مذيع واحد، بل كل حلقة يقدّمها مذيع مختلف، فإن كلّ الإتكال يكون على فريق الإعداد بشكل كامل، لأنه المسؤول عن تنسيق الضيوف والأغنيات وإعداد الحوار وبرمجة المواعيد وكل التفاصيل الأخرى، ليأتي المذيع لحلقة واحدة ويجد كلّ شيء جاهزاً.
وتضيف مدوّر إن برنامج «تاراتاتا» بصيغته العربية، بيّن فعلاً أهمية دور الإعداد وفريق البرنامج ككل. وطبعاً هذا لا يُلغي أهمية دور المذيع، لأن كل مذيع له أسلوبه الخاص وروحه المختلفة اللذان يضيفهما إلى الحلقة، إنما هناك روح معينة يجب أن تبقى في البرنامج ككل هي روح «تاراتاتا» وهويته.
لهذا تطلب مدوّر من المذيعين المشاركين الإلتزام بنصّ الحوار، لأنه يكون مفصلاً على مقاس الضيوف والأغنيات والوقت الخاص بكل حلقة، لهذا يفضّل عدم الإستطراد واعتماد التغيير والتعديل، خصوصاً أن «تاراتاتا» هو برنامج فني غنائي وليس برنامجاً حوارياً.
«ومن الضروري أن يكون هناك تحضير مسبق مع المذيع والمنتج Producer كي نقدم حلقة جيدة للمشاهد».
وتقول مدوّر إنه في بداية تصوير «تاراتاتا» عانوا قليلاً من بعض الصعاب، لأنهم كانوا مضطرين كل مرة للجلوس مع المذيع لشرح تفاصيل البرنامج وهويته.
لكن بعد ذلك أصبح الأمر سهلاً كون البرنامج حقق شهرة كبيرة والكل حضره، بالتالي كلّ من يقدم فيه حلقة بات يعرف المهمة أمامه. أما برنامج «حديث البلد» الذي عرف سابقاً بإسم «شاكو ماكو» فهو مختلف تماماً وفيه اتكال على الحوار والحديث عن كل جديد. وهو برنامج يستضيف ضيوفاً كثراً من مختلف المجالات الفنية والسياسية والثقافية والإجتماعية وغيرها، ويتحدث كل منهم عن موضوع معين وجديد في توقيته.
لهذا يكون الإعداد فيه مختلفاً، ويتولاه أشخاص عديدون (من اختصاصات مختلفة) يقومون بالأبحاث ويضعون الأسئلة، وفي النهاية يصبّ كلّ ذلك لدى «رئيس التحرير» والـProducer ، فيتم تنسيق الأفكار وجمعها ومناقشتها.
كما أن مذيعة البرنامج منى حمزة، وبحسب مدوّر، تقوم بدور كبير في المشاركة في الإعداد وهي بارعة في هذه الناحية لأنها ليست من المذيعين الذين يحصرون دورهم في تلقي ورقة عليها أسئلة مكتوبة ليطرحوها.
تقول كورين إنه من المهم جداً أن يشارك المذيع في الإعداد وطرح الأسئلة، وإلاّ سيتحوّل دوره إلى مجرد ببغاء يردد ما كتبه الآخرون.
هذه التخصصات المهمة، تقول عنها كورين، إنها دليل تطوّر في عالم التلفزيون، وإن عصر الـ One Man Show إنتهى، رغم وجود بعض المذيعين الذين لا يزالون يقومون بكل شيء، لكنهم قلّة.

الإعلامي عبد الغني طليس: أشمئزّ من البرامج التي تتكّل في إعدادها على ما نشرته الصحف والمجلات
يُعتبر الإعلامي عبد الغني طليس واحداً من أشهر النقاد الفنيين من لبنان، وقد عمل في إعداد عدد كبير من البرامج التلفزيونية على أكثر من شاشة منها «ام بي سي» و«المستقبل» و«نيو تي في»، وتحوّل لاحقاً إلى تقديم البرامج على شاشة تلفزيون لبنان، فقدم سابقاً «بيت القصيد» وحالياً «مساء النور».
يقول طليس إن التحوّل الكبير الذي حصل في عالم البرامج التفزيونية حيث صار الإتكال كبيراً على فريق الإعداد ليس خطأ، لكنه دون شك بات يختلف كثيراً عن الماضي حين كان الإعلاميون أكثر ثقافة ويواظبون على مطالعة كل الجرائد ومختلف المواضيع فيها سواء سياسية كانت أو إقتصادية أو فنية أو ثقافية، إضافة إلى حضور الندوات والمسرحيات بشكل مستمر.
أما هذا الجيل فهو مختلف تماماً لذا من الصعب أن نجد إعلامياً مذيعاً قادراً على تقديم البرنامج دون الإستعانة بمعدّ أو فريق إعداد.
أما عن تجربته الخاصة لجهة تحوّله من معدّ إلى مقدّم برامج، فيقول طليس إنه قادر على تقديم برنامجه دون الإستعانة بأحد، بل هو يتولّى الإعداد ويتدخل في كل التفاصيل وينتبه لكلّ شاردة وواردة، خصوصاً أن ضيوفه شخصيات منوّعة منها سياسية وأخرى فنية وثقافية وإعلامية وغيرها...
أما وجود فريق إعداد فلا يعني بالضرورة أن هناك نقصاً عند المذيع، بل هناك برامج تفرض ذلك. ومما لا شكّ فيه أن إعداد البرامج السياسية وتقديمها يختلفان عن البرامج الفنية وغيرها، ولكل برنامج طبيعة خاصة تفرض إعداداً مختلفاً.
ويقول طليس أنه يلمس أحياناً ظلماً للمعدّ القوي والبارع في عمله، في إذا لم يتم طرح الموضوع ومقاربته بشكل دقيق من جانب المذيع، فيلاحظ المشاهد عندها خللاً كبيراً بين المذيع والمعدّ.
ويؤكد من خلال تجربته أن هذا الأمر حصل معه مرّات كثيرة واضطر للإنسحاب من أكثر من برنامج تولّى إعداده لهذه الأسباب تحديداً، حيث كان المعنى الحقيقي أو مضمون السؤال يختلف أو يضعف بسبب ضعف المذيع.
ويضيف أن المشكلة الكبرى في عالم إعداد البرامج اليوم تكمن في أن أغلب المعدّين والمحاورين يتكّلون بشكل واضح وفاضح على كل ما تنشره المجلات والصحف، فتكون أغلب الأسئلة: «صرّحت في مجلة كذا وقلت في جريدة كذا....».
ولهذا يلاحظ المشاهدون والمراقبون أن أغلب البرامج تدور حول المضمون ذاته لأنها كلها منقولة أو مستنسخة عما ينشر في المطبوعات، وخصوصاً في البرامج السياسية. أما هو وحسب ما يقول، فيبتعد تماماً عن مقالات المطبوعات ويسعى كلّ مرة إلى استدراج الضيف نحو محطات جديدة في الحوار كي لا يكون برنامجه مكرراً أو مستنسخاً.
ويؤكد أنه ولكثرة التكرار صار يشعر بالإشمئزاز من متابعة الحوارات المتلفزة وخصوصاً البرامج السياسة في لبنان التي تحوّلت إلى منابر للشتم بسبب انعدام القدرة على إبتكار محاور جديدة، وأيضاً بسبب ارتهان البرامج للتيارات السياسية التي تملك بعض المحطات الخاصة.
فيصبح المذيع تابعاً للزعيم السياسي إلى درجة تجيير الحوار لمصلحته دون احترام وجهة النظر الأخرى، وأيضاً من خلال إعطاء مساحة كلام أكبر للضيف الذي يأتي من الخلفية السياسية ذاتها.
أما دور الإعداد والمذيع فهو إدارة نقاش يفيد الناس ويُظهر لهم حقائق معينة، وليس تسخير البرامج والمحطة لتلميع صورة زعيم ما.
ويشدد طليس على مسألة مهمة جداً بنظره هي أن ليس كل معدّ قادراً على أن يكون مذيعاً، كما أن المذيع هو شخصية أو كاراكتير كامل متكامل ويفترض أن يمتلك كل الأدوات كي يكون برنامجه مميزاً، وهذا ينتج عن الخبرة الطويلة وتراكمات تجارب العمل. لهذا ما يقدمه اليوم يختلف بطبيعة الحال عمّا قدّمه سابقاً لأن خبرته ازدادت، كما انه أصبح أكثر حيوية في تعامله مع الضيوف بينما كان في السابق جدياً جداً.

قلائل من يعرفون ماذا يجري داخل أروقة التلفزيون وتصوير البرامج سواء المسجّلة منها أو المباشرة على الهواء....
وقد لا يدرك كثر أيضاً، أن عدداً لا بأس به من المذيعين هم مجرد ببغاوات يرددون ما كتبه لهم معدّ البرنامج بعد سلسلة أبحاث يقوم بها عن الضيف الموجود في حلقة معينة.
فيكتفون بطرح الأسئلة كما وردت، دون جهد ولا عناء، ودون أي محاولة ذكية لاستنباط سؤال جديد من معلومة قد يوردها الضيف المذكور.
لكن من ناحية أخرى، لا يمكن أن ننكر أن مذيعين آخرين يمتلكون سعة الإطلاع والمخزون الثقافي الجيد والقدرة على المشاركة في إعداد حلقاتهم، فيكملون ما قد بدأه فريق الإعداد.
لكن وفي كل الحالات، أيضاً قلائل هم من يدركون أهمية دور الإعداد، وطبيعته. فالإعداد التلفزيوني ليس مجرد تحضير لأسئلة نطرحها، بل هو عمل ضخم يقوم به أشخاص كثر، لكل واحد منهم عمل معين.
لقد إنتقلنا من عصر الـ One Man Show إلى عصر التخصصات. في هذا التحقيق، إستطلعت «لها» آراء عدد من النقاد والمنتجين ومعدّي البرامج التلفزيونية من لبنان ومصر، مع رأي من قطر، للتعرف إلى ماهية دور الإعداد: ونبدأها باستعراض آراء من لبنان.

طوني سمعان من «مايسترو» و«العرّاب»: أتحدّى أن أكون قد استغلّيت منصبي في روتانا لكشف أسرار الفنانين على الهواء
بدأ الزميل طوني سمعان إعداد البرامج رسمياً عام ٢٠٠٢ بعدما عمل لسنوات طويلة في روتانا (ولا يزال) وفي محلطة «إي ار تي» موسيقى.
أما مرحلة الإحتراف فكانت مع الإعلامي نيشان ديرهاروتيونيان في برنامجي «مايسترو» بأجزائه الأربعة و«العراب» ليصبح اليوم من أشهر معدّي البرامج الفنية. يقول سمعان الذي يتولّى حالياً منصب مدير الشؤون الفنية في شركة روتانا، إنه قبل الحديث عن أي إعداد أو برنامج لا بدّ أن نسأل ما هو الهدف من الإطلالة نفسها وماذا الذي سيقوله الضيف، أو بمعنى آخر ما هو الجديد الذي سنقدّمه للناس كي نستضيف فلاناً.
ويعلّق أهمية كبيرة على تحضير الحلقة في وقت سابق مع الضيف حيث يتمّ الإتفاق على محاور معينة، لكن دون الدخول في كل التفاصيل كي يبقى عنصر التشويق موجوداً في الحلقة، وهذا طبيعي.
وسألنا سمعان عن مدى التزام الإعداد بعدم طرح مواضيع حساسة بناء على رغبة الضيف بما أن «مايسترو» هو برنامج مباشر على الهواء ويمكن مفاجأة الضيف بأي سؤال، فأجاب: «لا يجوز أن نفاجئ الفنان على الهواء بأمور أخبرنا مسبقاً انه لا يريد التطرّق إليها، وذلك إحتراماً مناً للضيف الموجود في الاستوديو، لكن في الوقت ذاته لا يجوز أيضاً أن نتجاهل بعض المواضيع المهمة التي تكون متداولة في وسائل الإعلام وشكّلت حديث الناس لفترة.
وهنا يأتي دور الإعداد في مدى قدرته على طرح المواضيع الحساسة والدقيقة من خلال مقاربة معينة للموضوع، دون التمادي في الطرح أو محاولة جرّ الضيف إلى أماكن نعرف مسبقاً أنها تضايقه.
من حقّي أن أطرح أي سؤال لكن ليس من حقّي أن أُجرّح بأحد، خصوصاً أني لا أعتبر الحلقة مجرد إطلالة وتمرّ، بل لا بدّ من الحفاظ على المصداقية مع الفنانين خصوصاً أن بعض الضيوف اطلّوا معنا بصورة إستثنائية.
لهذا نسعى دائماً إلى التوصّل إلى صيغة معينة ترضي الضيوف وفي الوقت ذاته لا تظلم إعداد الحلقة، من خلال إقناع الضيف مثلاً بطريقة معينة بأن إثارة موضوع ما لا تؤذيه.
وأنا أعتبر أن الجلسات التي تسبق الحلقة هي بمثابة التحدث عن العموميات وذلك للوصول إلى الخصوصيات خلال الحلقة».
أما عن موضوع عمله في شركة روتانا كمدير شؤون فنية وعدم وجود تضارب بينه وبين عمله كمعدّ خصوصاً أنه مطّلع على الكثير من أسرار الشركة، فيقول سمعان إنه لم يقم مرة باستغلال منصبه في روتانا لخدمة إعداد برامجه، وهو يتحدى أن يكون قام مرة بتسريب معلومات في أي حلقة أطلّ فيها نيشان وكان هو معدّها.
وإن تدخّل مثلاً في موضوع معين يخصّ شركة روتانا، فهذا يحق له من منطلق انه مراقب قبل أن يكون من ضمن كوادر روتانا. فالإعلامي أو الصحافي هو «محامي الغائب» في كل الحوارات، «وفي أي حديث نقوم به من واجبنا أن ندافع عن وجهة النظر الأخرى لأن الطرف الآخر ليس موجوداً، سواء كان هذا الطرف روتانا أو أي شخص جرى الحديث عنه بطريقة معينة.
والفنان إن ذكر أمراً يخص خلافاً له مع روتانا، نقول له مثلاً: لكن من وجهة نظر روتانا فهم يعتبرون كذا...».
ويضيف طوني: «إذا تدخلت في الحوار بطريقة معينة فهذا من حقي وواجبي لأني أنتمي إلى روتانا وأنا من أوائل الذين عملوا فيها، لا بل أول موظّف في مكتب روتانا بيروت».
«وأدرك جيداً ما تقدمه روتانا لكل فنان، ووهجها غالب بالتالي صورتها الحقيقية تكمن في الوقائع والإنجازات.
وعن تعاونه المستمر مع نيشان دون سواه من الإعلاميين يقول سمعان إن كلاً منهما يكمّل الآخر نظراً للتفاهم الكبير بينهما وكأنهما على الموجة ذاتها، مؤكداً أن نجاحهما معاً لم يأت من فراغ، وهذه نقطة قوتهما.
ويضيف أنه يتمنى أن يعمل نيشان مع معدّ آخر وهذا من حقه، تماماً كالفنان الذي يحقّ له أن يتعامل مع أكثر من مخرج حتى لو كان عمله مع مخرج معين ناجحاً، وهذا من منطلق التنويع والتغيير.
كما أكّد أن الخلفية التي يأتي منها نيشان كإعلامي، تخوّله التأقلم مع أي مادة يتلقاها، خصوصاً أنه محاور محترف، إضافة إلى أن وجود معدّ محترف لا يعني بالضرورة أن كلّ الإتكال هو عليه.
لأنه مهما كان المعدّ على اطلاع على كل شيء وعارفاً بكل الخبايا ومحترفاً إلى أبعد الحدود وقادراً على تقديم ملفّه بطريقة مميزة، كل هذا لن يصل إن لم يكن المذيع بارعاً، أي تماماً كمن يهدي ماسة مثلاً إلى شخص لا يعرف كيف يضعها كي يبرزها...
وعن البرامج السياسية يقول سمعان إن العمل فيها لا يستهويه كثيراً رغم أنه من متابعي السياسة بشكل كبير، خصوصاً أن السياسة في لبنان أصبحت من تفاصيل الحياة اليومية.
لكن العمل في إعداد برامج سياسية لا يستهويه، بل يفضل أن يتطرّق إليها من بعيد، أي إظهار السياسيين في وجوههم الأخرى من خلال استضافتهم في برامج منوعة مثل «مايسترو»، مع التذكير بأن «مايسترو» استضاف الكثير من الساسة في حوارات عن تجارب حياتهم.
ويختم سمعان حديثه بالقول إنه لا بدّ أن يشارك المذيع في إعداد حلقته وإلاّ فلن يتطوّر أبداً.