متعهدو الحفلات في مصر في قفص الاتهام!
نانسي عجرم, راغب علامة, عمرو دياب, تامر حسني, شيرين عبد الوهاب, هيفاء وهبي, هشام عباس , إيهاب توفيق , هاني شاكر, محمد حماقي , مشكلة / مشاكل وخلافات فنّية, حفلات غنائية, عبد الحليم حافظ , أجور النجوم والفنانين, محمد فؤاد, تامر عبد المنعم, محمد الحلو,
10 مارس 2010ثلاثة عناصر
ويعلق متعهد الحفلات تامر عبد المنعم على الهجوم الذي شُن عليه أخيراً بسبب حفلة عمرو دياب في بيروت قائلاً: «هذه ليست أول مرة أنظم حفلة كمتعهد، بل نظمت حفلات كثيرة لعدد كبير من المطربين من مصر والدول العربية المختلفة. وأرى أن كل هذه الانتقادات سببها الغيرة من نجاحي الناتج عن الثقة المتبادلة بيني وبين المطربين والصداقة القوية التي تربط بيننا».
وأوضح ان حفلة عمرو دياب في لبنان ألغيت، وأنه لم يعتذر كما أشيع، وذلك «لإخلال القائمين على الحفلة بالالتزامات المنصوص عليها في التعاقد، ومنها عدم تمكين الفرقة الخاصة بعمرو دياب من تجربة الأجهزة الصوتية قبل الحفلة، وعدم الإفصاح عن مواصفات تلك الأجهزة ، الى جانب عدم اطلاعنا على جميع التصاريح اللازمة لاحياء الحفلة من السلطات الرسمية والمصنفات الفنية، وإيصالات سداد مستحقات الضرائب قبل موعد إقامة الحفلة بأسبوع على الأقل، وعدم توفير ٢٥ تأشيرة دخول عمل للمطرب وفرقته، وعدم الحصول على موافقة كتابية من الفنان على شكل الدعاية، وعدم سداد مستحقات المطرب وفرقته كاملة قبل أسبوع من الحفلة، اذ ينص العقد على تسليمها في القاهرة.
وأشير إلى أن نجاح أي حفلة غنائية يتمثل في ثلاثة عناصر: النجم والتوقيت والمكان. وإذا توافرت هذه العناصر بالتأكيد ستلقى الحفلة صدى وتنجح بشكل كبير. وأرى أن هناك تحاملاً عنيفاً على المتعهدين في الفترة الأخيرة وهجوماً دون مبرر، علماً أن المتعهد يواجه متاعب كثيرة لإتمام أي حفلة. وكلما فشلت حفلة تصوب في وجهه الاتهامات، في حين أن هناك أسباباً أخرى وراء تخريب الحفلات، منها الهمجية التي تسيطر على البعض من الجمهور، وتدفعهم للقفز من فوق الأسوار لدخول الحفلة بطرق غير مشروعة، رغم أنهم يمتلكون سعر التذكرة ومستواهم المادي جيد. فنحن نفتقد ثقافة الإتيكيت في هذه الحفلات، وهو ما يُعرّضها للفشل ويلصق التهم بالمتعهدين في النهاية، وهم بريئون مما ينسب إليهم».
«لسنا السبب»
أما إمام أحد متعهدي الحفلات في مصر فيقول: «الحفلات الجماهيرية قلّت منذ عامين فقط لعدة أسباب منها ظهورمرض أنفلونزا الخنازير، والتحذيرات المستمرة من الوجود في أماكن مزدحمة كالحفلات للوقاية من المرض، بالإضافة إلى تدخل شركات الإنتاج في رفع أجر المطرب في الحفلات، خاصة أن ٧٠ في المئة من المطربين لديهم شركات إنتاج وإدارة أعمال.
وتبعاً لذلك يدرج في التعاقد بين المنتج والمطرب أن يكون للمنتج نسبة من الحفلات والبرامج والإعلانات التي يقدمها المطرب، خاصة أن تلك الشركات لا تُحصّل المبالغ التي تنفقها على المطرب وعلى ألبوماته بسبب كساد سوق الكاسيت، كما أن انتشار القنوات الفضائية التي تبث الكليبات والأغاني طوال الوقت جعل الجمهور في حالة تشبع من المطربين فلم يعد يشتاق لرؤيته في الحفلات. وللأسف تواجهنا مشكلة كبيرة مع المطربين وهي أنهم يحمّلوننا مسؤولية فشل حفلاتهم، رغم أن المتعهد يفي بكل التزاماته من حيث الدعاية والإعلان عن الحفلة بشكل يليق بالمطرب ونجوميته، ويقوم بكل شيء على أكمل وجه، ثم تفشل الحفلة. فما ذنبه في هذه الحال؟ إلا أن المطرب لا يقتنع بذلك، ووصل الأمر إلى حد مقاطعة بعض المطربين للمتعهدين بسبب ذلك، ونسي المطرب أن اسمه هو الذي ينجح أو يفشلها وليس المتعهد».
وعن المواقف الصعبة التي قابلته في الحفلات يقول إمام: «نواجه مواقف صعبة ومُحرجة كثيرة، وأذكر أنني تعرضت لموقف محرج في حفلة لإيهاب توفيق في نادي المقاولون العرب، وكان إيهاب وقتها في تركيا وحددنا يوم الحفل وانتظرناه في المطار وتأخر أربع ساعات. فاتصلت بمطربين آخرين ليقدموا فقرات غنائية حتى يصل إيهاب، خاصة أن الجمهور غضب بشدة وحاولت تهدئته حتى جاء إيهاب وصعد إلى المسرح في الأولى فجراً، وبمجرد رؤية الجمهور لإيهاب حُلّت المشكلة وانتهت الأزمة».
عقد قانوني
يضيف حسن عاكف: «هناك رخص مزاولة مهنة تصدر عن وزارة الثقافة، ويجب أن يكون هناك مبلغ تأمين يدفعه المتعهد حتى يُخصم في حالة تنصله أو إخلاله بالالتزامات الموجودة في العقد، فالآن أصبح الاتفاق بين المطرب والمتعهد بموجب عقد قانوني وليس ودياً كما كان من قبل، وهناك شرط جزائي يُطبّق على أحد الطرفين في حالة الإخلال بشروط التعاقد الخاصة بالأجر، وميعاد حضور المطرب وسعر التذكرة وشكل الدعاية والإعلان. وتلك العقود تمثل احتراماً للجمهور في المقام الأول وضماناً لحقوقه.
ويعلق عاكف على فشل العديد من الحفلات وخاصة إلغاء حفلة عمرو دياب في لبنان مؤخراً قائلاً: «ما حدث يعود الى سوء تنظيم من جانب متعهد حفلات عمرو دياب، لأنه ما زال صغيراً ولا يمتلك الخبرة الكافية لإدارة حفلات نجم كبير مثل عمرو دياب، فقد كنت مسؤولاً عن جميع حفلات عمرو لمدة ١٢ عاماً، ولم نسمع عن أي مشاكل كما حدث في حفلة لبنان، بل على العكس كانت تلك الفترة من أنجح حفلات عمرو دياب في تاريخه الفني، وهو يشهد على ذلك ويعلم تماماً ما أقوله. وللأسف قلة خبرة المتعهد تؤثر حتماً في نجومية الفنان ومكانته، لذا ينبغي أن يدقق جيداً في اختيار متعهد حفلاته، ويراعي سمعته وخبرته الطويلة في هذا المجال».
دخلاء
أما حسن عاكف أحد متعهدي الحفلات في مصر فيقول: «هناك دخلاء دخلوا هذا المجال خلال السنوات العشر الأخيرة وهم يفتقدون الخبرة، وذلك يُفسر الكوارث التي تقع في كثير من الحفلات ونشوب خلافات تصل إلى القضاء أحياناً. أنا أعمل في هذا المجال منذ أكثر من ٣٥ عاماً وبداياتي كانت من خلال الحفلات في الدول العربية. وأرى أن فشل بعض الحفلات حالياً يرجع إلى اهتمام المطربين بأجرهم قبل أي شيء آخر دون التفكير في الجمهور الذي حضر خصيصاً لسماعهم، وأذكر موقفاً للمطرب عبد الحليم حافظ عندما قال له المتعهد عرابي وقتها: الحفلة لم تغطِ التكاليف، فرفض حليم تقاضي أجره «الذي كان يبلغ» ألف جنيه، وقال للمتعهد: يهمني في المقام الأول إسعاد الجمهور ونجاح حفلتي».
وهو ما يدل على أن الجيل القديم كان يُدرك تماماً قيمة الفن الراقي. ولا شك أن الأسعار ارتفعت بشكل غريب خلال السنوات العشر الأخيرة، فوصل أجر عمرو دياب إلى مليوني جنيه بعد أن كان ٦٠ ألفاً في الحفلة داخل مصر، ووصل أجر تامر حسني إلى ٥٠٠ ألف جنيه وحماقي ٣٠٠ ألف جنيه تقريباً وشيرين ٢٥٠ ألفاً، وهاني شاكر ٢٠٠ وهشام عباس ١٥٠... وللأسف تراجعت أسهم المطربين القدامى، مثل إيهاب توفيق ومصطفى قمر وهشام عباس ومحمد الحلو وغيرهم في الحفلات رغم نجوميتهم وشهرتهم وتاريخهم الفني الطويل، في حين أن حفلاتهم أنجح خارج مصر، وهناك طلب عليهم كبير في الحفلات التي تقام في الدول العربية الأخرى، ومعاناتي كلها مع الجيل الصاعد من المطربين الذي يعتقد خطأ ان أجره العالي يمثل قيمته ومكانته كفنان، لذا تقديراتهم للأسعار ليست في محلها، لأنهم نسوا أنهم ظاهرة وسوف تزول. وأنصحهم بأن يعيدوا حساباتهم بخصوص أجورهم في الحفلات.
ثورة المطربين
ويُكمل حسام خليل: «هناك بعض التعقيدات التي نصادفها كمتعهدين خاصة بتأجير الأماكن التي تقام فيها الحفلات ومغالاة أصحابها في سعرها، أما المشاكل التي تواجهني مع المطربين فتحدث عقب توقيع عقد الحفلة، اذ أفاجأ بالمطرب يثور ويغضب لمجرد مشاركة بعض المطربين معه في الحفلة نفسها لمجرد أنه لا يستلطفهم أو أن مستوى نجوميتهم لا يتناسب مع نجوميته. وفي هذه الحالة أحاول تهدئته من ناحية ذلك المطرب أو المطربة، وتلطيف حتى تنتهي الحفلة على خير. وأنا أفعل ذلك لأنهم مطربون كبار فقط، ولكن إذا كانوا غير ذلك لكنت بدلتهم بمطربين آخرين، لذا أفضّل حفلات النجم الواحد الذي يبيع تذاكر أكثر، وهم قليلون على الساحة».
وعن المواقف الصعبة التي واجهته في الحفلات وتغلب عليها، يقول: «أذكر في حفلة لراغب علامة في الجزائر أنه كان من المفترض أن يحجز المتعهد غرفا لفرقة راغب، وذهبت قبل الحفلة بيومين لأعاين المكان، وفوجئت بأن الفندق الخاص بالفرقة دون المستوى، وأن ذلك قد يُغضب راغب وأصررت على فسخ التعاقد مع المتعهد. ولحسن الحظ ان الطائرة الخاصة براغب والفرقة تأخرت ١٢ ساعة تقريباً فاستطعت أن اتخذ الاجراءات اللازمة وأحجز مكاناً آخر أفضل لهم، وحللت المشكلة قبل وصولهم إلى الجزائر».
وعن أنجح الحفلات التي نظمها قال: «جميع حفلات تامر حسني خارج مصر في تونس والمغرب والبحرين ودبي من أنجح الحفلات التي نظمتها، فقد نفدت التذاكر جميعها وتعدى عدد الجمهور الـ٣٠ ألفاً وأيضاً نجحت حفلة لهاني شاكر أقيمت في أبو ظبي برعاية وزارة الثقافة والتراث هناك».
في البداية يروي حسام خليل تجربته كمتعهد حفلات قائلاً: «دخلت هذا المجال منذ أن كنت طالباً في كلية الآداب جامعة عين شمس، حيث كنت أتولى إنتاج الحفلات الغنائية في الجامعة وتعرفت على العديد من المطربين الكبار، ومنهم محمد فؤاد وهاني شاكر ومحمد منير وإيهاب توفيق. ووقتها كان المطربون مهما كانت نجوميتهم وشهرتهم متاحين لإحياء الحفلات في الجامعة، ولم أواجه صعوبة في تنظيم الحفلات وقتها، ويرجع ذلك الى عوامل عدة أهمها عدم وجود صحف وفضائيات كثيرة تلاحق المطربين، كما يحدث هذه الأيام، بالإضافة إلى أن الحفلات كانت تقام في النهار، وكانت معفاة من الضرائب، وأول مطرب تعاملت معه في الحفلات هو الفنان عمرو دياب الذي كان مريحاً جداً في التعامل وكان يعقد معي اتفاقاً قبل أي حفلة على نسبة الأرباح المتوقعة، لذا لم يكن يرهقني، وهذا شجعني على الاستمرار في هذا المجال.
ومن هنا احترفت المهنة كمتعهد خارج أسوار الجامعة، وساعدتني على ذلك علاقاتي مع المطربين، الذين كانوا يتهاودون معي في الأسعار. ولا شك أن الوضع اختلف في السنوات العشر الأخيرة وتغيرت المعايير، فقلت الحفلات بشكل ملحوظ في مصر أسباب عدة، منها ارتفاع أجور المطربين المصريين بشكل جنوني وبصورة فجائية دون مقدمات، وبتقديرات فردية لا أساس لها تبعاً لرؤية المطرب الذي أصبح يتحكم الآن في تسعيرته، ويحدد ذلك من قبيل الغيرة بينه وبين زميل له معروف أنه يتقاضى أجراً كبيراً. وهنا أقول ان ثمة عقداً نفسية يعاني منها بعض المطربين في مصر، الى جانب تدخل الكثير من الشركات كرعاة للحفلات، وهو ما شجع المطربين الكبار على المغالاة في أجورهم».
هل يتحمل متعهدو الحفلات مسؤولية فشل أي حفلة؟ سؤال يفرض نفسه بعد المشاكل الكثيرة التي أصبحت تشهدها الحفلات الغنائية أخيراً، والتي تشير أصابع الاتهام فيها إلى المتعهد.
فماذا يقول هؤلاء؟ وما هي طبيعة عملهم وعلاقتهم بالمطربين؟ وإلى أي مدى يكونون مسؤولين بالفعل عن الكوارث التي تحدث في بعض الحفلات؟