قضية العصر: المثلّث الرحباني انقسم بين حقوق عاصي ومستحقّات أولاد منصور
منصور الرحباني, قضية, فيروز
27 يوليو 2010مروان الرحباني : إعتصام عشاق فيروز.. باطل
صرّح مروان الرحباني، نجل الراحل منصور الرحباني أن الإعتصام الذي أقيم في بيروت هو باطل ومحاولة لإثارة الرأي العام وتضليله من خلال القول إن هناك من يحاول منع فيروز من الغناء، مضيفاً أنه يجب أن يكون هناك اعتصام من عشاق فيروز لمطالبة فيروز بإعطاء ورثة منصور حقوقهم.. كان ذلك في اتصال هاتفي مع الإعلامي محمود سعد في برنامجه "مصر النهار داه " الذي طالب بإنهاء الخلاف بين أفراد العائلة الرحبانية.
بيان رسمي لورثة منصور: دور فيروز اقتصر فقط على الأداء لقاء أجر
بعد أخذ وردّ في الصحافة ووسائل الإعلام، خرج ورثة منصور الرحباني عن صمتهم وأرسلوا بياناً قبل الإعتصام الذي خُصّص للتضامن مع فيروز، إلى مختلف وسائل الإعلام لإيضاح الحقيقة من جانبهم وجاء فيه:
"نحن مروان وغدي وأسامة منصور الرحباني، وبعد صمت فرضناه على أنفسنا تجاه حملات إعلامية مغرضة تناولتنا أخيراً من بعض الأقلام، وبينها ذوو القربى على خلفية مشاكل عالقة بيننا وبين وريثتي عمّنا عاصي وهما أرملته السيدة نهاد حداد "فيروز" وابنتها ريما. وبعدما تيقنا أن كل الذين تحدثوا في الموضوع لا يعرفون ماهية تلك المشاكل ولا أسبابها ولا تفاصيلها ولا ما الحقوق والواجبات فيها، وبعد وصول التجني في الإعلام إلى درجات الشتم والإهانة و"السلبطة"، رأينا أن من واجبنا الخروج عن "الصمت الأخلاقي" الذي تعلمناه من نبل عاصي ومنصور معا، والدخول في الكلام الواقعي والجدي تبيانا للحقائق...
غداة غياب منصور الرحباني، ... أصدرت وزيرة التربية آنذلك بهية الحريري بتاريخ 12/2/2009 القرار رقم 167/2009 الذي قضى بتشكيل "لجنة لتخليد فن وأدب منصور الرحباني والعائلة الرحبانية عبر إدخالها في المناهج والأنشطة التربوية". وفي أعقاب نشر هذا القرار... اعترضت الآنسة ريما الرحباني على تلك العبارة وجاريناها الرأي وتمنينا على الوزيرة الحريري التصحيح فبادرت إلى التصحيح بموجب قرار مؤرخ في 19/5/2009 حيث أصبح على الوجه التالي: تشكل لجنة لتخليد فن وأدب الأخوين الرحباني ومنصور الرحباني بعد غياب عاصي الكبير. وبعد ذلك، أصرّت الآنسة ريما على الاحتجاج الواهم في الإعلام بالرغم من انتفاء السبب. وعليه لا يمكن اعتبارنا مسؤولين عن صياغة نص القرار الأول ولا عن تغييب عاصي الرحباني....
وبسياق هذه الحرب العاقر، يتبين لنا يوما بعد يوم أن هنالك نية مصوبة نحو إلغاء إنتاج وجهد وتأليف كل ما صدر عن منصور الرحباني منفردا بعد رحيل عاصي كأنما هنالك من يعتبر نفسه متضررا من هذا الإنتاج الذي استمر طوال 23 سنة، أصدر خلالها 11 مسرحية غنائية وخمسة دواوين شعرية والقداس الماروني، قدم في عروض متمادية في لبنان والخارج بنجاح منقطع النظير...
يحاول البعض أن يشيع للرأي العام أن الدعاوى التي أقامها منصور هي من أجل منع فيروز عن الغناء، إن هذا الأمر غير صحيح على الإطلاق حيث أن منصور لم يرفض يوما طلبا لفيروز بأن تؤدي أيا من الأعمال المشتركة للأخوين الرحباني. إلا أن ما طالب به منصور بالمقابل كان ابسط حقوقه التي تنبع من المبدأ القانوني المكرس في المادة 6 من القانون رقم 75/1999 التي تحظر على أحد المؤلفين في الأعمال المشتركة أن يمارس بمفرده حقوق المؤلف من دون رضا شركائه ما لم يكن هناك اتفاق خطي مخالف وما يترتب عليها من حقوق، والتي ما كان منصور لينكرها على فيروز فيما لو رغب بإعادة أحد أعمال الأخوين واستحصل على موافقة أصحاب الحقوق بشأنها.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن إدارة كازينو لبنان، وبالنظر إلى صراحة هذه المادة، لم تقبل التعاقد على تقديم أي مسرحية للأخوين الرحباني دون موافقة خطية صريحة ومسبقة من مؤلفي العمل المشترك. وعلى هذا الأساس أيضا نشأ خلاف مع فيروز على خلفية تقديمها لمسرحية "صح النوم" في دمشق والشارقة دون موافقة منصور الخطية والمسبقة ودون احتساب حقوقه المادية كمؤلف وملحن لهذه المسرحية بالاشتراك مناصفة مع عاصي، خلافا لما حصل بالنسبة لعروض البيال والأردن...
ويتابع البيان: يكون الخلاف إذن مبدئيا من جهتنا وماديا من جهة فيروز التي تقاضت مبالغ طائلة عن تقديم العمل في دمشق والشارقة ممتنعة عن تسديد حقوق منصور الذي طالب بتطبيق المعايير المعتمدة عالميا في احتساب الحقوق. فهل المطالبة بهذه الحقوق تشكل منعا لفيروز من الغناء كما يدعي الغيارى عليها؟... من جهة أخرى، نوضح أن الفنانة فيروز لم تكن يوما شريكة في إنتاج أي من أعمال الأخوين الرحباني المسرحية والغنائية، حيث اقتصر دورها على الأداء فقط لقاء أجر مادي منفصل كأي بطل من أبطال تلك الأعمال. فالإنتاج كان للأخوين ومعهما أحيانا بعض الجهات الإنتاجية وعليه كانا يتحملان بصفة "الأخوين الرحباني" الأرباح والخسائر...
وهنا يجب التذكير بأن الأعمال المسرحية الـ (11) لمنصور الرحباني منفرداً هي علامات قاطعة يمكن أن تدل بعض الهائمين على دوره في أعمال الأخوين عاصي ومنصور السابقة، مع التذكير بأن المؤسسة الرحبانية التي أسهم الأخوان في إطلاقها قد حملها منصور على كتفيه منذ إصابة عمنا عاصي بانفجار في الدماغ عام 1972، ولسنا هنا لنجاري "التقسيميين" لفن الأخوين، هؤلاء التقسيميون الذين سيجدون الآن متعة عز نظيرها في مجموعة ألبومات من قديم الأخوين رحباني، أصدرتها فيروز مؤخرا مع جهة إنتاجية حصدت فيها ما تستحقه من الإحترام والملايين معا، وفيها أغان يدعون أنها من ألحان عاصي الرحباني في وقت يعلم الجميع ماضياً وحاضراً وتعلم «الساسيم» منذ عشرات السنين أنها من تأليف وتلحين الأخوين الرحباني بتوقيعهما المباشر على وثائق التصريح المحفوظة لديها....
وبالمختصر المفيد: هناك "الساسيم" وقوانينها، وهناك القضاء اللبناني الذي نقدره، وهناك حقوق الملكية الفكرية والفنية المنصوص عليها في القوانين التي نخضع لها جميعا بالتساوي مهما علا شأننا وهناك المنطق والعدل والإنصاف والحقوق الإرثية. فان كان لنا حق معنوي ومادي عند فيروز فيجب أن تعترف لنا به، وان كان لها حق مادي ومعنوي عندنا فستأخذه من دون نقصان. فإذا نحن قررنا إعادة عرض أي عمل مسرحي من أعمال الأخوين الرحباني في المستقبل فعلينا أخذ الإذن من نهاد حداد وأولاد عمنا عاصي زياد وهلي وريما كورثة لعاصي وإذا أرادت أي جهة أخرى إنتاج وإعادة مسرحية للأخوين رحباني وجب عليها اخذ موافقة ورثة الأخوين رحباني.
شكوى من فيروز إلى وزيري التربية والثقافة
قامت السيدة فيروز بمراسلة وزيريْ التربية والثقافة معترضة على القرار الوزاري الذي اعتبرته مهيناً بحق عاصي وحتى اللحظة لم تلق إجابة! أما نصّ الرسالة فهو كالتالي:
"إن مبادرتكم مباركة ومشكورة ولطالما انتظرناها، ولم نكن بوارد التدخل فيها فيما لو كانت محصورة بالراحل منصور الرحباني الذي نحترم ونجل، لكن أن تُخصص لفن وأدب "الأخوين رحباني والأستاذ منصور الرحباني" دون ذكر لعاصي، أو أن يتم تذويبه بالعائلة الرحبانية بشكل عام كما جاء في القرار الأول، فهو أمر لا نخالكم ترضون به، ذلك أن عاصي ومنصور أسسا معاً مدرسة خالدة في الفكر والفن، ومن الطبيعي أن يكرّما معاً بالاسم الذي اختاراه لنشر أعمالهما "الأخوين رحباني" دون أي تمييز مصطنع بينهما".
وردّت السيدة فيروز على إدارة الكازينو بعد قرار منعها من تقديم المسرحية بالقول إنه لا يحقّ لورثة منصور منعها بحسب قانون الساسيم (جمعية المؤلفين والملحنين في لبنان)، وقامت بإنذار جمعية "الساسيم" بسبب تدخلها لدى كازينو لبنان، لدفع إدارة الكازينو الى العودة عن الاتفاق معها، رغم الترخيص السنوي الممنوح للكازينو لاستغلال جميع الأعمال الفنية بما فيها أعمال الأخوين رحباني، وأرسِلَت نسخاً منه إلى وزارتَيْ الثقافة والاقتصاد والتجارة. ثم تقدّمت فيروز عبر وكالتها للمحاميين فوزي مطران وفادي سركيس، بدعوى قضائيّة ضد شركة كازينو لبنان ممثلة بشخص رئيس مجلس إدارتها السيد حميد كريدي، وضدّ ورثة منصور الرحباني، تلزم فيها المدعى عليهم بالتعويض عملاً بأحكام المادتين 121 و122 من قانون الموجبات والعقود. وجاء في المذكرة أن المدعّى عليهم لا يحق لهم منع فيروز ما لم تحصل على إذن أو إجازة منهم، طالما أن هذه الإجازة ممنوحة سلفاً من الساسيم لشركة كازينو لبنان بموجب اتفاقية سنوية جارية بينهما.
ردّ الساسيم في مواجهة ردّ ريما الرحباني
محامي جمعية "الساسيم" رفض الإتهامات التي طالت الجمعية والتي تقول إن الجمعية متواطئة مع ورثة منصور وتقف إلى جانبهم ضدّ فيروز، وقال إن الجمعية أرسلت كتاباً إلى محامي السيدة فيروز تبلغه فيه أنهم مستعدون لمنح كل التراخيص اللازمة شرط أن تدفع فيروز المستحقات المترتبة عليها منذ عشر سنوات".
هذا الردّ واجهته ريما الرحباني التي اعتبرت أن ما يقوله تابت يتضمّن مغالطات قانونية وأنها تملك وثائق رسمية تثبت أن عمّها الراحل منصور قبض كل المستحقات عن الحفلات التي أحيتها فيروز في بعلبك وبيت الدين، إضافة إلى مبلغ عن إعادة عرض "صحّ النوم" في الأردن في العام 2007، إضافة إلى أن دفع المستحقات يكون على عاتق الجهة المنتجة. كما ذكرت ريما أن أحداً لم يستشرهم بما أنهم ورثة عاصي، عندما تمت إعادة مسرحية "هالة والملك" في فيلم سينمائي تحت إسم "سيلينا" على سبيل المثال، إضافة إلى بث أعمال الرحابنة عبر مختلف الإذاعات متسائلة "أين هي حقوق عاصي وأولاده وزوجته؟"
إنها دون شك قضية العصر... دعاوى وإشكالات قانونية بين ورثة الفنان الراحل منصور الرحباني وبين "الملكة فيروز" في سابقة لم يشهد لها الوسط الفني مثيلاً من قبل، بالرغم من أن الخلافات بين الطرفين بدأت منذ سنوات لكنها لم تظهر إلى العلن سوى أخيراً بعد ما سُمّي "أزمة كازينو لبنان". العنوان العريض للموضوع هو منع السيدة فيروز من تقديم أغنياتها واتهامها بسرقة "أعمالها" أي أعمال الأخوين رحباني، لكن ردّ أبناء منصور كان أنهم لا يريدون منع فيروز من الغناء وأن البعض يجيّر الموضوع ويتلاعب بالرأي العام، وأن كل الإشكال الحاصل هو المطالبة القانونية بحقوقهم المادية بصفتهم ورثة أحد ركني "الأخوين"، أي ورثة منصور.
خلفيات القضية ومحاولة إيقاف فيروز في الإمارات
بدأت الخلافات في العام 2008 عندما تقدّم الراحل منصور الرحباني بإنذارات رسمية للسيدة فيروز لإيقاف عرض مسرحيتها "صحّ النوم" في دار الأوبرا في دمشق، تلتها إنذارات وُجهّت في آذار/ مارس للجهات المنظمة لحفل أقامته فيروز في البحرين. ودائماً خلال 2008، أقام منصور دعوى قضائية ضدّ فيروز مطالباً إيّاها بعطل وضرر عن تقديمها أغنياتها دون إذن منه، أي أعمال الأخوين. ثم وجّه إنذارات أخرى في دولة الإمارات وتحديداً في إمارة الشارقة، عندما أرادت فيروز تقديم مسرحية "صحّ النوم"، مطالباً بتوقيف فيروز في مطار دبي وسوقها، إلاّ أن الجهات الرسمية في الإمارات لم توقف فيروز وأمّنت لها حماية خاصة.
وقد جاء في نص الإنذار:"لا يحق لها (فيروز) إطلاقاً الإنفراد في التصرف بهذه الملكية الفكرية من دون مراجعة موكلنا (منصور)...، ولما كان فعلها هذا يشكّل إخلالاً وخرقاً لقانون اتحادي صادر في دولة الإمارات العربية، وسيعرّضها لعقوبتي الحبس والغرامة، لذلك وبوكالتنا عن السيد منصور حنا الرحباني، جئنا بموجب هذا الكتاب ننذر موكلتكم بضرورة الإمتناع عن عرض مسرحية "صحّ النوم" في إمارة الشارقة في الإمارات العربية المتحدة وفي أية دولة أخرى، وإلا سنضطر آسفين إلى مراجعة السلطات المختصة وملاحقتها قانونياً، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية والتدابير اللازمة بحقها والتعميم عنها أمام الشرطة وسلطات الموانئ والمطارات ومنعها من دخول أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة والإدّعاء عليها جزائياً وتوقيفها، كذلك استصدار قرار أمام قاضي الأمور المستعجلة يقضي بتوقيف العرض وإلغائه والمطالبة أمام المحاكم المدنية بالتعويض عن الأضرار والخسائر التي ألحقتها بموكلنا".
أما ما فجّر القضية إلى العلن وأثار حفيظة ورثة عاصي وتحديداً السيدة ريما الرحباني، كان القرار الوزاري الصادر عن النائب بهية الحريري بصفتها وزيرة للتربية، والذي نصّ على "تعليم فن وأدب منصور الرحباني والعائلة الرحبانية". هذا الأمر اعتبره ورثة عاصي تقليلاً من شأن عاصي الرحباني ومحاولة لتغييبه بمجرد فصل منصور وتدريس أدبه وحيداً. وفي العام 2009 وتحديداً في 24 شباط/ فبراير، تم تعديل القرار وتمّ إدخال أربعة أعضاء إلى لجنة تخليد فن وأدب (منصور والعائلة الرحبانية). حينها أصدرت ريما الرحباني بياناً إلى وسائل الإعلام مُسجّلة اعتراضها على القرار الوزاري دون أن توضح تفاصيل أخرى رغم استفسارات مختلف وسائل الإعلام عن حقيقة ما يجري. ثم عدّل القرار للمرة الثالثة لكنه في المضمون بقي كما هو أيضاً وجاء على الشكل التالي: "تخليد فن وأدب الأخوين رحباني ومنصور الرحباني بعد غياب عاصي الكبير".
أولاد منصور الرحباني برروا تغييب إسم عاصي عبر بيان قالوا فيه إن اسم عاصي سقط سهواً.
أما في ما يتعلّق بموضوع إعادة فيروز عرض مسرحية "صحّ النوم" في كازينو لبنان، فما حصل أن رئيس مجلس إدارة الكازينو أصدر في 13/8/2009 قراراً يمنع فيروز من تقديم مسرحيتها نزولاً عند رغبة أولاد منصور، (رغم العقد المبرم بين فيروز وإدارة الكازينو) بعد إنذار وجّهوه لإدارة الكازينو يقولون فيه إن فيروز لم تأخذ إذنهم كونهم الورثة وإن هناك حقوقاً مادية يفترض أن تعود إليهم جراء إعادة عرض أعمال الأخوين ومن ضمنها مسرحية "صح النوم"، وإن فيروز لا تلتزم بهذه الحقوق التي نصّ عليها القانون.
مصادر قانونية وإشكالية "الساسيم"
اعتبر ورثة منصور أن المؤلف وحده هو صاحب الحق في استغلال العمل مادياً وبأن له الحق الحصري في إجازة أو منع أداء العمل، بينما ينصّ قانون "الساسيم" التي ينتسب إليها الأخوان رحباني منذ العام 1963 أن للجمعية وحدها الحق في الترخيص أو منع الأداء العلني لجميع المصنفات الفنية بمجرد تأليف الأعضاء المنتسبين إليها. وقد أوضحت مصادر قانونية مطلعة أن هذا الأمر يعني قانوناً أنه لا يحق لمنصور وورثته مطالبة فيروز بأخذ الإذن منهم، وأنه لا يحق لهم أيضاً المطالبة بالعائدات المترتبة لهم لأن علاقتهم هي مع "الساسيم" وليست مع فيروز. أي يجب أن يطالبوا "ساسيم" بحقوقهم وليس فيروز.