القرصنة تهدد مستقبل الغناء العربي!
الغناء, مصطفى قمر, محسن جابر , محمد رحيم , هاني شاكر, نصر محروس, هادي حجار, مطربون, أحمد فهمي, حلمي بكر , موقع / مواقع إلكترونية, صناعة الموسيقى, أشرف عبد المنعم, بهاء الدين محمد, طارق عبد الجابر, القرصنة الإلكترونية, هيثم شاكر, العقاب, منتج فني
03 أغسطس 2010المسؤولية
«تسريب الأغاني مسؤولية الجميع»، هكذا يرى الموزع الموسيقي طارق عبدالجابر المشكلة، رافضاً اتهام المطربين بتسريب الأغنيات. وقال: «المطرب ما هو إلا فرد داخل منظومة كبيرة. فالمسؤولية مشتركة وهو ما أدى إلى صعوبة السيطرة على القرصنة، خاصة مع ميلاد موقع إلكتروني جديد كل يوم».
وطالب مباحث مكافحة جرائم الإنترنت «بحماية الغناء من القرصنة، قبل أن تغلق كل شركات الإنتاج أبوابها، وتنتهي في مرحلة لاحقة الأغنية العربية».
أما المنتج محمد ياسين فقرر مواجهة القرصنة بتحالفه مع شركة «emi» العالمية التي توزّع ألبوماتها في عدد كبير من الدول، ولديها القدرة، كما يؤكد، على حماية حقوق صانع الموسيقى، سواء كان مطرباً أو ملحناً أو موزعاً.
وقال ياسين: «لن يكون هناك مستقبل حقيقي للغناء إلا إذا تكونت تحالفات كهذه وأقيمت مشاريع غنائية مشتركة مع المنتجين العالميين ليتم عرض هذه الأعمال في دول العالم المختلفة بالتزامن مع إطلاقها في العالم العربي.
أثنى المطرب أحمد فهمي على هذا الرأي مؤكداً أن «القرصنة تفيد المطربين وتساعدهم على الانتشار، لكن هذا لا ينفي أنها تسبّب خسارة كبيرة للمنتج وتؤثر سلباً في الصناعة ككل. وإذا أخذنا عمرو دياب مثالاً، بما أن ألبوماته كانت الأكثر مبيعاً في الماضي، فكان قبل القرصنة تتعدى مبيعاته مليوناً ونصف المليون نسخة. أما حالياً فتراجعت إلى 350 ألفاً. وهذا لا يدل على تراجع جماهيرية دياب، وإنما هناك فئة كبيرة من الجمهور تتجه إلى تحميل أغنياته من الإنترنت».
تقرير الاتحاد الدولي لصناعة الأغنية
في آخر تقرير للاتحاد الدولي لصناعة الأغنية I.P.F.I تبين أن أزمة الأغنية تزداد سوءاً، بسبب أعمال القرصنة وفي ظل ازدياد عدد المواقع الغنائية على الإنترنت.
وأشار التقرير إلى أن 60 في المئة من مستخدمي الإنترنت في مصر يستخدمونه من أجل تحميل المواد فقط، وقد بلغ إجمالي عدد ساعات التحميل 600 ألف ساعة شهرياً، منها 300 ألف لتحميل الأعمال الفنية نصيب الأغنية منها 150 ألف ساعة، وهذا يعني أن خسائر صناعة الأغنية في الشهر تتجاوز 150 مليون جنيه، مما يعني أن حجم الكوارث سوف يزداد في السنوات المقبلة. ولمح التقرير إلى أن ثورة التكنولوجيا هي العدو الأول لصناعة الموسيقى في مصر، لأن الدولة ليس لديها القدرة على مواجهة هذه القرصنة التي تستخدم فيها التكنولوجيا.
وأفاد التقرير إن حجم الإنتاج الغنائي خلال السنوات الأخيرة تقلّص لما دون الـ50 في المئة؛ لأن المنتجين لن يتحملوا هذه الخسائر التي تلحق بالشركات بشكل يومي، ممّا أدى إلى تقلّص عدد هذه الشركات في مصر من 140 شركة إلى خمس شركات.
وعلى المستوى العربي تقلص من 300 شركة إلى 10 شركات، كما أن إنتاج الأغاني العربية تقلّص من 3 آلاف أغنية سنوياً إلى 500 أغنية فقط.
وذكر التقرير أن الفقر قد أصاب الأعمال الغنائية، من حيث المستوى الفني. والمنتج أصبح عاجزاً عن الإنفاق بسخاء، كما في الماضي، لأنه يعلم أن العائد لن يغطي نفقات الألبوم.
الشيء الثاني الذي ذكره التقرير بالنسبة إلى المستوى الفني أن المنتجين لم تعد لديهم القدرة على المغامرة بتقديم أصوات شابة، كما كان الحال مع تامر حسني وشيرين وخالد سليم وبهاء سلطان.
وقال تقرير الاتحاد الدولي لصناعة الأغنية إن القانون المصري لا يجرّم وضع الموسيقى على الإنترنت، فيما هناك في أوروبا محاكم لهذا الغرض تُعاقب المتهم جزائياً
البحث عن اللص
يقول الملحن محمد رحيم: «تسريب الأغنيات قبل إطلاقها في الأسواق جريمة يجب عدم السكوت عنها، لأنها تسببت بإغلاق الكثير من شركات الإنتاج الضخمة. وهذا ما حدث مثلاً مع شركتي «ريلاكس إن» و«لارين».
وأوضح أن «القرصنة لا تضيع مجهود المنتج فقط، بل الملحن والموزع والمطرب أيضاً». وأكد أن «القنوات الفضائية هي السر في استمرار بعض شركات الإنتاج حتى الآن مثل «روتانا» و«ميلودي» و«عالم الفن»، لأنها تروّج لأغنياتها ومطربيها عبر هذه القنوات وتحقق الأرباح بطرق مختلفة منها بيع النغمات».
وكشف أن «جميع صنّاع الأغنية يتبادلون الاتهامات حول من يسرِّب هذه الأغنيات إلى مواقع الإنترنت، قبل إطلاقها في الأسواق»، موضحاً أن «أحداً لم يعرف حتى الآن من هو اللص الحقيقي».
ويرى أن «الاقتداء بالدول الأوروبية هو الحل الوحيد لمواجهة الأزمة. فمثلاً موقعً «أي تيونز»، الذي يضم أكبر كم من الألبومات والأغاني، يحصّل نصف دولار من كل شخص يرغب في سماع أغنية أو تحميلها».
«القرصنة» أصبحت شبحاً ينهش في جسد الغناء، ويعاني منه كل من يعمل في الحقل الموسيقي بعدما دمر في فترة وجيزة مستقبل الكثيرين ويهدد بالقضاء على الباقين. وفي الآونة الأخيرة أشهر كثير من المنتجين إفلاسهم بعدما تعرضوا لخسائر فادحة. ورغم أن الكل أجمع على أن المطربين هم الفئة الوحيدة المستفيدة من تسريب الأغنيات فإن أضرار ذلك لاحقتهم بعدما أجبرتهم على خفض أجورهم.
«لها» فتحت ملف القرصنة، وبحثت مع نجوم الغناء والموسيقى عن حلول لمواجهة الأزمة.
الفوضى والحل
«نعيش فوضى غنائية»، هكذا بدأ الناقد أشرف عبدالمنعم تحليل الوضع. وقال: «هناك الكثير من الاستهتار، إذ يسجل المطرب أربعين أغنية تقريباً، ليختار من بينها 14 فقط. هذا الوضع متاح للمطربين الذين ينعمون بالتعاون مع شركات إنتاج سخية. ويقرر هذا المطرب بعد ذلك إطلاق ما تبقى من أغنيات على الإنترنت حتى يتسنى لجمهوره سماعها، وتكون دعاية لألبومه الجديد».
وأضاف «الحل أن ينشئ كل مطرب استوديو خاصاً لتسجيل أغانيه بحيث يكون كل شيء تحت سيطرته المباشرة ويحمي نفسه من تسريب ألبومه قبل طرحه كما يحدث مع معظم المطربين».
مواقع غنائية
المطرب الشاب هيثم شاكر قال إنه ملّ سرقة أغنياته على الإنترنت قبل إطلاقها، وأكد أنه لجأ إلى إنتاج أغنياته بنفسه لأنه سيكون أكثر حرصاً على عدم تسريبها. وطالب «بأن يطلق المنتجون مواقع غنائية ليستفيدوا من عائد تحميل الألبومات بدلاً من تركها بالمجان للمواقع الأخرى». ورغم اقتناع شاكر بالضرر الناتج عن القرصنة، فإنه يرى أنها في صالح المطرب وتحقق له انتشاراً كبيراً».
المؤامرة
أما الملحن حلمي بكر فرجح «نظرية المؤامرة»، إذ أكد أن «قراصنة الإنترنت لهم عملاء داخل شركات الإنتاج، يمدونهم بالأغنيات قبل إطلاقها بهدف إلحاق الضرر بالمطرب أو بشركة الإنتاج نفسها».
واستبعد تسريب الأغنيات عبر استوديوهات تسجيل الصوت، مؤكداً أنها «لا تُسَرَّب إلا بعد أن يتسلمها المنتج». وأشار إلى أن «القرصنة جعلت كثيراً من المنتجين يستغنون عن مطربيهم بعدما تأكدوا من عدم القدرة على توفير حاجاتهم، وهذا أثر سلباً في الغناء بشكل عام، لأن هناك كثيراً من المطربين الحقيقيين يجلسون في بيوتهم».
هادي حجار مسؤول التسويق والإعلان في روتانا: التسريب لم يعد يحقق أرباحاً مادية والإتهامات تطال الجميع
موضوع «القرصنة» وتزوير الألبومات وتسريبها إلى الأسواق قبل صدورها رسمياً عن الجهة المُنتجة هو دون شك باب واسع ومتشعّب. وبعد أخذ أراء عدد من النجوم والمنتجين معاً في هذا الموضوع، طرحنا السؤال على هادي حجار مسؤول التسويق والإعلام في شركة روتانا الذي أكّد أنه لا يمكن حصر التهمة في شخص واحد لأن احتمالات التزوير كثيرة ومتشعّبة. فإما أن يكون المطرب نفسه هو مَن قام بتسريب ألبومه قبل صدوره رسمياً عن الشركة، أو الشركة نفسها أو ربما عن طريق الخطأ والصدفة. لكن حجار قال إن الإستفادة المادية من تسريب الألبومات لم تعد مُجدية كما في السابق وهي لم تعد تؤثر على المبيعات لأن المبيعات أصلاً صارت ضئيلة. فحتى لو لم يُسرّب العمل، فإنه بمجرد صدوره رسمياً عن الشركة المُنتجة، يصبح في متناول الجميع على شبكة الإنترنت. ويقول حجار إنه في السابق، كان المُزوّر يستفيد مادياً بشكل كبير، إذ يمكنه مثلاً أن يبيع النسخ المُزوّرة قبل صدور الألبوم بأيام قليلة. أما اليوم فلم تعد هناك فائدة من الموضوع كما أن التسريب لم يعد يؤثر على حجم المبيعات كما في السابق. ويقول حجار لا يمكن حصر التهمة بشخص واحد، لأن أكثر من شخص يمكن أن يكونوا حاملين لنسخة من العمل قبل صدوره، بدءاً من المطرب مروراً بالاستوديو حيث تمّ التسجيل، وصولاً إلى الشركة، حتى أنه بعض المخرجين يمكن أن يكونوا حاملين لنسخة، لأن الفنان إجمالاً يقصد مخرجاً معيناً ليصوّر أغنية، ومن الضروري أن يترك مع المخرج نسخة كي يتسنّى لهذا المخرج سماع الأغنية برويّة واختيار السيناريو المناسب لها. هذا طبعاً مع عدم نفي إمكانية تزوير الألبوم أو تسريبه عن طريق الخطأ وبشكل غير مقصود. «فمثلاً يتمّ أحياناً إرسال أغنيات جديدة إلى إذاعات في الخارج بغية بثّها، ويوجد الكثير من «الهاكرز» الذين يمكن أن يدخلوا إلى البريد الإلكرتوني والحصول على الأغنية ثم تسريبها».
ويضيف حجار أن الهدف من تسريب الألبومات قبل صدورها يكون عادة لأذية الفنان أو لأذية الشركة المنتجة لأن ذلك يؤثر على المبيعات. أو حتى يمكن أن يكون ذلك من باب الدعاية. ففي الغرب مثلاً، تعمد بعض الشركات إلى تسريب أغنية معينة لدسّ نبض السوق، أو لإلهاء الناس مثلاً عن قضية معينة تتعلق بهذا الفنان.
ويؤكّد حجار أنهم تمكّنوا في روتانا من حصر التسريب، وقد خفّت النسبة كثيراً عن السنوات الماضية. ففي السابق كان يتم تسريب ألبومات بالكامل، أما اليوم فإنه يتم تسريب أغنية أو أغنيتي على الأكثر وهذا مؤشر إيجابي. كما يقول حجار إنهم تمكنوا في روتانا من اكتشاف كيفية حصول التسريب مع أكثر من عمل أو أغنية وذلك بنسبة 75%.
حلّّ موقت
التعاون بين المنتجين ووزارة الاتصالات المشرفة على شبكة الإنترنت في مصر، هو ما ينادي به الشاعر الغنائي بهاء الدين محمد. ودعا إلى الاتفاق على صيغة لتوفير الأغاني على مواقع الإنترنت مقابل مبلغ من المال ليس كبيراً». ويرى أن في ذلك حلاً موقتاً لمواجهة القرصنة، وسيساعد شركات الإنتاج على الاستمرار. فالأمر خطير جداً، ويجب أن تسعى الجهات المعنية لإنقاذ ما تبقى من المنتجين قبل إعلان إفلاسهم».
العقاب
أما المطرب هاني شاكر فيؤكد أن ما يحدث هو خراب كبير للمنتجين والمطربين معاً. ودعا إلى ضرورة تدخل الدولة «بشكل إيجابي وملموس حتى تنتهي هذه الكارثة». وأوضح أن «شركات الإنتاج لن تستطيع مواجهة القراصنة بمفردها، ويجب على مباحث الإنترنت التدخل للقضاء على المواقع التي تسرق مجهود الناس».
وأضاف: «ليس معقولاً أن أضيّع العام في اختيار الأغنيات وتسجيلها، ثم تسرق في دقائق بمنتهى السهولة وتطرح مجاناً على الإنترنت ليحقق القراصنة الأرباح، ونخسر نحن صناعها أموالاً طائلة. لذلك يجب وضع عقاب رادع على الأقل بسجن هذا «اللص» 10 سنوات، فهو لا يختلف كثيراً عن الذي يسرق منزلاً أو خزينة بنك. أما إذا لم يضع المسؤولون حلولاً لهذه الكارثة فستشهد الساحة انحلالاً أكثر في الغناء».
شعبية المطرب
أما المطرب مصطفى قمر فهو غير مقتنع بتأثير القرصنة في شعبية المطرب، موضحاً أنها تتضاعف بفضل هذا التحميل، حتى إذا تراجعت مبيعات ألبوماته بشكل ملحوظ. وأشار إلى أنه يتعاطف مع المنتجين «لأن المنتج ينفق على الأقل مليون جنيه على الألبوم الواحد، يضاف إليها أجر المطرب وميزانية تصوير الأغنيات. وفي النهاية لا يربح شيئاً، لأنه مهما كان حجم البيع فلن يغطي تكاليف إنتاج الألبوم، ولذلك أضطر المنتجون لخفض أجور المطربين».
البداية كانت مع المنتج محسن جابر الذي أكد أن حجم القرصنة عبر مواقع الإنترنت شيء لا يتخيله عقل، فأحد المواقع الخاصة بتحميل الموسيقى يتردد عليه أكثر من مليون زائر يومياً، وبلغ فيه حجم التحميل 400 ألف أغنية. وأضاف أن ما يحدث اضطره لتغيير خريطته الإنتاجية، واتخذ أشكالاً جديدة في تعاونه مع المطربين، مثل خفض الأجور بالنسبة إلى البعض. كما أكد أن هناك من يمنح صوته للشركة بالمجان، وهناك أيضاً من ينتج لنفسه. وبرر ذلك بأن أي مطرب في ظروف كهذه ومهما بلغ صيته ونجوميته، يكون عبئاً على المنتج وخسارة عليه.
خسائر بالملايين
ويصرخ المنتج نصر محروس قائلاً: «نتعرض لسرقة علنية أمام الجميع ولا أحد يحمينا. فنحن مع كل ألبوم نخسر ملايين الجنيهات ولا أعرف كيف نستمر». ورأى أن «القانون يجب أن يكون رادعاً ويطبق بحزم على كل من يرتكب هذه الجريمة... إذا انهارت صناعة الموسيقى، لن يكون الضرر على المطربين والمنتجين فقط، بل سيمتد إلى الآلاف من العمال والموظفين والتقنيين. الكل سيتضرر ويجلس في البيوت من دون عمل».
كشف منير الوسيمي نقيب الموسيقيين المصريين: «نُحضّر لعقد مؤتمر كبير لمناقشة حقوق الملكية الفكرية والتوعية من خطورتها، حتى يعي سارقو الأغاني خطورة ما يفعلون، والمنتج محسن جابر وافقني على تنفيذ هذه الخطوة في أقرب فرصة».
وأضاف: «سرقة الأغاني بهذه الطريقة الفجة تدل على استهتار القراصنة بالمهنة»، مشيراً إلى أن حجم الخسائر التي تتعرض لها الدولة سنوياً بسبب القرصنة يتعدى مليوني دولار». ويشير إلى أن «المنتج هو المجني عليه في هذه الجريمة. أما المطرب فلا يخسر شيئاً، ويرجح البعض أن يكون هو من يُهدي الأغاني للمواقع بنفسه حتى يلقى رواجاً أكبر. وإذا كان هذا صحيحاً فإنها أنانية شديدة من المطرب».