في السعودية: الفجوة بين الأمهات والبنات تكبر وتتعاظم
المملكة العربية السعودية, التواصل الإجتماعي, صراع الأجيال, عيد الأمهات, غزل البنات
13 ديسمبر 2010أم محمد: فتيات اليوم أسيرات الأسواق
وفي حديثنا مع والدة الإعلامية ميرفت أم محمد أظهرت لنا كثيراً من صفات هذا الجيل، ومن أهمها انعدام الصبر على ضنك الحياة وصعوباتها... «فقد الوقت الحالي حلاوة اللمة والاجتماعات العائلية التي تعودنا عليها نحن الجيل السابق، فحالياً لا يوجد ارتباط أسري، وكل يبحث عن مصلحته، إضافة إلى أن المرأة في الوقت السابق كانت مكافحة بجد في كل المجالات. كانت مدبرة منزل من الدرجة الأولى بخلاف نساء الوقت الراهن اللواتي يتهافتن على المنتجات والأسواق بطريقة غريبة».
وعن الزواج قالت: «ما نراه ونقرأ عنه في الصحف من نسب طلاق في العالم العربي بشكل عام يبرهن أن المرأة والرجل على حد سواء اختلفت معايير الحياة لديهما وبينهما. وبالمقارنة بين الحاضر والماضي نجد أننا كأمهات كانت لدينا قدرة على تحمل الأعباء الزوجية والأسرية والدليل أن نسب الطلاق تكاد تكون معدومة سابقاً إلا في أصعب الحالات، مع أن المرأة كانت تتزوج أصغر سناً وأقل تعليماً وتقيم مع عائلة زوجها. وكل هذا اختلف اليوم».
وتجد أم محمد أن التسهيلات العصرية في وسائل الاتصال كانت سبباً مباشراً لابتعاد أفراد العائلة بعضهم عن بعض، «إلا أن العصر الحالي فيه إيجابيات لا يمكن أن نغفلها من حيث الحياة الأكثر سهولة، والانفتاح العلمي الذي باتت المرأة ضلعاً فعّالاً فيه. إضافة إلى الحياة التربوية التي اختلفت تماماً بحيث صارت الأم صديقة لأبنائها، والأب يتعامل مع الأبناء بكل أريحية».
الزمن غير الزمن، والاختلاف واضح وكبير، والمفارقات بيننا وبين أمهاتنا لم تعد سهلة. بل ان الفجوة بين الأجيال تكبر وتتعاظم، وتنبأ بمصير لا يعلمه إلا الله.
في التحقيق الذي تناولته «لها» من السعودية تقرّ الأمهات بأن العصر الحالي أسهل في كثير من جوانب الحياة المادية، إلا أنه فقد روح التواصل الاجتماعي مع وسائل الاتصالات الحديثة التي سلبت الترابط الاجتماعي حياته وروحه القديمة ما جعل العصر الحالي أشبه بماكينة. وهذه الآراء والمواقف تشهد على ذلك.
ميرفت عرفات: اختلاف واضح في كثير من الأمور
ميرفت عرفات إعلامية تحدثت عن حياتها وحياة والدتها أم محمد قائلة: «بالتأكيد بين حياتي وحياة والدتي اختلاف واضح في كثير من الأمور، ولكن أيضاً هناك من التشابه الكثير خصوصا في ما تربينا عليه من معتقدات دينية، وأخلاقية، وتواصل اجتماعي بيننا وبين أفراد أسرتي».
أضافت: «الاختلافات يمكن أن أقسمها أقساماً عدّة: إجتماعية وعلمية ومادية. وبداية يمكن أن أقول إن البساطة التي كانت تطبع حياة الزمن السابق انتهت أو بمعنى أصح اختفت. والدتي لم تكن مقيمة في السعودية كان لديها الانفتاح الاجتماعي، ولكن في ما يخصني أنا وبحكم إقامتي داخل السعودية يعدّ الانفتاح حديث العهد في عدد من الأمور من أهمها الحياة العلمية والعملية في ما يخص الفتيات، وهذا لا يعني أن أمهاتنا لم يعملن بل عملن في عدد من المجالات إلا أنها كانت مقتصرة على بعض المهن النسائية البحتة، فيما نحن الآن أصبح مجال العمل أمامنا أوسع وأرحب والفرص الوظيفية للفتاة أكثر».
ورأت عرفات أن التواصل عبر الانترنت جعل الإنسان يكتشف العالم وهو داخل غرفته الصغيرة... «الانترنت من الوسائل الحديثة والمتجددة التي تطالعنا كل يوم بتقنية جديدة لم تكن موجودة في السابق. وللحقيقة أنها سهلت علينا أموراً كثيرة إلا أنها أفقدتنا روح التواصل الاجتماعي الجميل الذي عاشته والدتي».
ولفتت إلى أن الحاضر جعلنا أكثر عصبية في تعاملاتنا اليومية، حتى أنه بات الوقت لا يكفي لإنهاء الأعمال اليومية، بعكس والدتها التي تشعر من خلال حياتها اليومية معها بأنها تستطيع ترتيب أوراقها بكل يسر وسهولة ودائماً ما تعيب عليها سرعتها وعصبيتها.
وعن وجه الاختلاف والتشابه بين ميرفت ووالدتها قالت: «لدينا نقاط تشابه في كثير من الأفكار، ولكننا نختلف في التنفيذ. فأنا أكثر جنوناً، وعملي الإعلامي علمني سرعة الانجاز. نتشابه في بعض الملامح الشكلية، ولكن إلى الآن أعدها الأجمل. لدينا المفهوم نفسه عن تربية الأطفال لأنها قواعد ثابتة وراسخة مستقاة من الدين الإسلامي ولله الحمد».
أمل باقازي: الحداثة وراء التباعد بين الأجيال
أمل باقازي (26 عاماً) من جريدة «الشرق الأوسط» قالت: «هناك فرق كبير بيني وبين والدتي خصوصا بحكم أن والدتي كانت الفتاة الوحيدة لوالديها فكان التعامل معها مختلفاً، ففي الوقت الذي وجدت فيه الاهتمام كانت المسؤولية منصبة بالكامل عليها لأنها الفتاة الوحيدة في المنزل.
على عكسي أنا تماما من حيث عدد الأخوات والحمد الله، مما جعل المسؤولية عليّ أقل. وبالتالي أجد أن هذا الجانب بيننا غير متشابه. من جانب آخر نحن نتحدث عن فارق كبير في السنوات مما يجعل نمط الحياة أصلاً مختلفاً من حيث وقع الحياة، وسرعتها، والحياة الاجتماعية».
ولفتت إلى أن التواصل الاجتماعي أيضاً اختلف في وقتنا الحاضر وبات مقتصراً على المناسبات. عدا ذلك أصبحت مواقع التواصل مثل الميسنجر والفيسبوك والجوال هي وسائل الإتصال المباشرة والأكثر سهولة حتى في الأعياد والشهور الكريمة.
وأضافت باقازي: «الحداثة التي نعيشها حالياً لها كثير من الايجابيات، وأهمها الانفتاح العصري والفكري الذي نشهده على المستوييم العالمي والمحلي. إلا أن هذا التقدم كانت له ضريبته، وبالطبع أنا أحمد ربي كثيراً على وجودي في عصرنا الحالي لأن فيه كثيراً من الاختراعات التي سهّلت أعمالنا. وأعتقد أني لو لم أكن في الوقت الحالي لما استطعت العمل في مهنة الإعلام. أيضاً جدتي كانت قاسية على أمي، فيما كانت والدتي بالفعل حنونة جدا علينا هي والوالد حفظهما ربي لي. طريقة التربية اختلفت رغم التقاليد والعادات التي لابد من المحافظة عليها، والقيم التي تربينا عليها داخل منزلنا».
وحين خيرنا أمل ما بين الزمن الماضي والزمن الحالي قالت: «لا أستطيع الجزم بينهما فلكل وقت إيجابياته وسلبياته، ونحن والحمد الله نعيش في الوسط، لذا لا أعرف ماذا يمكن أن أختار».
الوالدة: أسمع نصائح ابنتي
من جانبها، وافقت والدة الإعلامية أمل السيدة حكمت حلمي على كثير من حديث ابنتها من حيث اختلاف الحياة قائلة: «الاختلاف قائم من نواح متعددة أهمها طبيعة البلد واختلاف العادات والتقاليد بين البلدين، إضافة إلى اختلاف نمط الحياة في الحقبة التي عشنا فيها. ولأنني كنت وحيدة الأم والأب كان لزاما عليّ تحمّل مسؤوليات أكثر رغم الاهتـمام الكبير من جانب والديّ بي.
غير أن تلك الظروف صنعت مني شخصية هادئة وخجولة إلى حد ما عـلى عكس ابنـتي، إضافة إلى أن طرق التربية تختلف باختلاف العقليات، ووجدت صعوبة تطبيق ما اعتدت عليه خلال تربيتي لأبنائي لاسيما أن المؤثرات المحيطة بجيل أبنائي وبناتي لم تكن موجودة في الماضي، وهذا ما جعلني أحاول مواكبة العصر وأغيّر قليلاً أساليب التربية القديمة.
إلا أنني لاأزال أشعر بفرق كبير جداً بيني وبين ابنـتي، خاصة أنها تعمل في مجال مفتوح يكسبها خبرات تفوق خبراتي بمراحل كبيرة، إلى درجة أنها قد تقدّم لي النصائح في التعامل مع بعض المواقف، إلى جانب مساهمتها في حلّ المشكلات التي تواجهني مع والدها، وهذا دليل عـلى وجود اختلافات كبيرة بين حياتي وحياة ابنـتي».