فتيات لبنان: انتماء الى عالم الأم أم الى الحياة الجديدة؟
التواصل الإجتماعي, سلوى القطريب, عيد الأمهات, ورد الخال, صراع الأجيال, غزل البنات, ألين لحود, ليليان نمري
13 ديسمبر 2010الفنانة ألين لحود ابنة الفنانة القديرة الراحلة سلوى القطريب: وقفتُ على مسرح بعلبك... وأمي لم تحظَ بفرصة الوقوف هناك أو فرصة مشاهدتي
أشبه والدتي شكلاً باستدارة وجهي، أما طباعنا فمختلفة جداً. كانت أمي هادئة ومتروّية في أسلوب حياتها وأنا «دمي حامٍ» وعصبية. أنجز كل أموري بسرعة، لا أملك الصبر، وأدّعي إدراكاً مسبقاً لما أصبو إليه على الدوام. لم أختلف عنها بالمسؤولية، لقد كنت أعطي دروساً خصوصية في سن السادسة عشرة في إجازة الصيف. نلت عروضاً في وقت قياسي، كالوقوف والغناء في بعلبك، الحلم الذي لم تحقّقه فنياً. وقد غادرت الحياة قبل أن تشاهدني على تلك المنصة التاريخية. ما كانت تملكه من طاقة فنية استحق التحليق إلى فضاءات أخرى، لقد تلقّت عروضاً من الخارج.
وكانت لتحقّق نجاحات الفنانة داليدا، لكنها التزمت بالوطن وقوبلت بالتقصير. هذا ما يحصده الفنان الحقيقي المؤمن برسالته الراقية، لقد انزوت في مسرح استعراضي بقناعة ونجاح.
لقد تعلمت منها الإلتزام الفني. أوصتني بفرض نفسي وعدم التنازل عن حقي وتحديد خياراتي الفنية بشكل واضح والتخلي عن الغيرة الفنية لأن الجمهور لن يصفق لي وحدي. تزوجت أمي في منتصف العشرينات، وكانت تحلم برؤيتي عروساً.
لكنني اليوم وبسن زواجها غير جاهزة لاتخاذ هذا القرار. وقد أدركَتْ صوابية قراري بعد مناقشة دارت بيننا.
لقد تبدّل إيقاع الحياة، فيما كانت الفتاة تعتبر الزواج مهرباً إلى الحرية أو حياة جديدة في السابق. ورغم سرعة الوصول الفني اليوم، لم أتخلَ عن مبادىء أمي، عليّ أن أبذل مجهوداً كبيراً للوصول بشكل راق.
لا أنكر بأنني أكثر جرأة من أمي، خصوصاً أنني ارتديت الشورت في الشريط المصور لأغنية «حبوك عيوني». لكن الفكرة كانت مدروسة حسب ما وضّح لي المخرج وليد ناصيف، وكان الأمر منطقياً خصوصاً أنني أغني في غرفتي. نبّهتني كثيراً من العروض المغرية والكلام المعسول، وأدرك كلامها جيداً اليوم لما يعتري الوسط الفني. لا أنكر بأنني كنت أتجنب الغناء باللغة العربية، لكنها كانت على الدوام تدعمني وتقول بأن صوتي جميل بالعربية ويجب ألا أخجل من الغناء بصوت مرتفع. إذا قررت الزواج يوماً، سأربي أولادي كما فعلت أمي لكنني سأكون أكثر انفتاحاً. هذا ما أوصتني به أن أكون أكثر تقرباً من أطفالي في مواضيع الحياة التي لم تجرؤ على ذكرها. وهذا قد يكون ولّد لديّ نوعاً من الكبت الحياتي. أنا أقسى من والدتي في الأمور العاطفية التي تنجرف معها، خصوصاً حين اتخذتُ قراراً عاطفياً حاسماً. كنت أقول لها «أنا مبسوطة عندكن بالبيت»، وقد أدركت قناعتي لاحقاً من خلال معاناة الارتباط في المحيط.
الممثلة الكوميدية ليليان نمري ابنة الممثلة القديرة الراحلة علياء نمري: لا أشبه أمي ولكني أفتخر بها
كانت صديقتي منذ صغري، فأنا وحيدتها وسط أربعة أشقاء. أفتخر بها كثيراً. لكنني كنت على الدوام أقوى منها، هي هادئة وتتنازل عن حقّها، لا يسمع لها صوت وأنا نقيضها في هذا الجانب. كانت تخجل كثيراً، أشبهها بحنانها. رغم ضعفها لم تهتز مكانتها كأم فقد كانت لديها سلطة فطرية علينا. أخذت بنصيحتها في علاقتي مع الوسط الفني، فأنا الأخت والصديقة والزميلة في آن واحد.
هذه كانت نصيحتها إذا قررت الإستمرار في عالم التمثيل. ورثت عنها غيرة البعض لكثرة ما أتلقاه من عروض إعلانات وتقديم برامج وأدوار. لكنني أقوى منها، ولا أسكت عن حقي المادي. كانت تسمع الشتيمة في موقع التصوير ولا تتكلم. أشعر بأنني سأفشل حين أؤدي دور الأمومة تأثراً بها، هي "أم الشاشة" التي لم تحصّل أجر أعمالها السينمائية. من يذكر علياء نمري اليوم ؟ بلغت الخمسين أخيراً وما جمعته من مال حرصاً على غدي صرفته لعلاج والديّ. لا أقبل اليوم أن يلغيني من ألغى حقوق والدتي، فالممثل في لبنان حقّه مهدور. لكنني ماضية في الفن والتقديم عبر برنامجين أحدهما «سؤال مسؤول».
في لبنان، تتسع الفوارق بين الأجيال، ففي جيلين من عائلة واحدة يستحيل ان تكون الابنة انعكاساً لأمها، بل تختلف عنها بسبب انتمائها الى واقع مجتمعها المتجدد باستمرار... ثلاث فنانات لبنانيات، وحيدات لامهاتهن يتحدثن...
الممثلة ورد الخال ابنة الفنانة والشاعرة مها بيرقدار: عطاءات أمي بين الجدران وعطائي تحت الأضواء
هي الممثلة ورد الخال، ابنة الشاعرة والرسامة مها بيرقدار التي جسّدت جزءاً من حياة أمها في مسلسل «الطائر المكسور» إلى جانب أخيها الممثل ومقدّم البرامج يوسف الخال.
قامت بدور رسامة تدعى ربى تروي وأصدقاءها معاناتهم في الحياة والصعاب وخيبات الأمل التي يتعرضون لها. «جسّدت في المسلسل جزءاً من حياة والدتي، فثمة الكثير من الأحداث مأخوذة من واقع حياة أمي، وأنا أجد سهولة في تجسيد الدور لأن الشخصية تسكن معي تحت سقف واحد. أخذت من أمي حب الفن والرومانسية الحالمة». لكن حياة ورد تختلف عن حياة أمها، فلكل منهما حياتها: «عالم أمي وعطاؤها بين الجدران كشاعرة ورسّامة، بينما عالمي يعجّ بالعلاقات وهو جماعي وتحت الأضواء».
رغم ما تملكه من مقومات جمالية، لا تجرؤ ورد على أداء الأدوار المثيرة. فهي ابنة عائلة محافظة وتتذكر والدها «مع كل نجاح أفكّر فيه، فهو محب للتغيير وليس نمطياً كما أنه كان ثائراً في شعره. ورثت عنه العناد وحب قهر المسائل الصعبة». لكن الإثارة التي ترفض أداءها تتنافى مع الجرأة لناحية اختيار الأدوار. تقول أمي: «أعجب من جرأتك في التمثيل، فهي خجولة جداً وقد تحفّظت على أدائي دور «مدام كارمن» لكنها عادت واقتنعت بخياري». فورد - أخيراً- أدّت دور مديرة بيت دعارة في رباعية «مدام كارمن» في سلسلة تحمل عنوان «للكبار فقط»، كتبتها كلوديا مرشليان وأخرجها فيليب أسمر.