الإعلامي عمرو أديب في لجنة تحكيم برنامج Arab's Got Talent

نجوى كرم, علي جابر, مايكل جاكسون, لجنة تحكيم, المواهب العربية, الجمهور, عمرو أديب, الشباب العربي, برنامج الهواة, موسيقى الأوبرا, أندريا بوتشيللي

10 يناير 2011

- نسأل بدايةُ عن أسباب موافقتك على المشاركة في لجنة تحكيم برنامج Arab's Got Talent،  وهو نوع جديد بالنسبة إليك كإعلامي؟
ممّا لا شكّ فيه أنه برنامج جديد، ولكنه برنامج معروف عالمياً وحقق شهرة واسعة في عدد كبير من الدول التي عُرض فيها. وعندما يقررّون تقديم برنامج مهم من هذا النوع، سأكون سعيداً بالمشاركة فيه طبعاً، خصوصاً أنه يُقدّم على شاشة ضخمة هي «ام بي سي» التي خصّصت له موازنة مهمة، وهي محطة لها إمكانات كبيرة وتستعين بخبرات مميزة. هذا ما توقّعته، وما لمسته بالفعل عندما حضرت إلى لبنان وبدأنا التصوير، مما أكّد لي أن «ام بي سي» قادرة على تقديم نسخة مشرّفة وناجحة بمستوى النسخ الأجنبية سواء الأميركية منها أو البريطانية و»يمكن أحسن كمان». هذا ما شجّعني، إضافة إلى أن البرنامج سيشكّل بوابة جديدة لي على العالم العربي ودول الخليج، إذ أن هناك دولاً قد لا يعرفني فيها الجمهور كما أنا معروف في مصر، ومنها دول المغرب.

- قبل الموافقة، هل سألت من سيكون إلى جانبك في لجنة التحكيم؟
«خالص، وأنا ما عرفتش مين حيكون معايَ غير لمّا جيت لبنان»، حقيقة لم أسأل.

- هل كانت لك تحفّظات معينة؟
أبداً، «تحفّظات على مين»؟ علي جابر أحد الذين أسّسوا لمرحلة مهمة جداً في التلفزيون العربي، وأيضاً نجوى كرم فنانة معروفة ومحترمة، هي «شمس الأغنية العربية»، من سأجد أفضل منهما!

- خلال متابعتنا تصوير الحلقات الأولى، لاحظنا أنك كنت منفعلاً ومتحمّساً سواء سلباً أو إيجاباً وكأنك معني مباشرة بهؤلاء المشاركين وما يحصل في الحلقة؟
«ديه شُغلتي»، وأنا أختلف عن علي ونجوى بأن مهنتي هي أن ألتحم مع الناس وأتفاعل معهم. شاهدنا حوالي 280 مشاركاً قدّموا مواهبهم في مختلف المجالات، وهذا بالنسبة إليّ يُعتبر 280 مقابلة أو 280 Talk Shows.

- كنت قاسياً أحياناً في نقدك للمشاركين، وفي أحيان أخرى شاهدناك مصرّاً على قبول أحدهم عندما تلمس لديه موهبة معينة؟
يجب أن نتحمّس للموهبة الجيدة، هذا ضروري. أما الشخص السيئ فسنرفضه. هناك أشخاص تقدّموا للمشاركة وكانوا عاديين، فقُلنا لهم «خلاص متشكّرين». وهناك آخرون كانوا يستفزّوننا فعلاً لمجرّد أنهم فكّروا في المشاركة وهم لا يملكون أي موهبة، وفي الوقت ذاته تجدينهم مصرّين على أنهم جيّدون وموهوبون... وآخرون يبرّرون ضُعف أدائهم بأنهم لم يتمرّنوا أو يقولون مثلاً «داه مش كلّ اللي عندي». هذا كان أكثر ما استفزّني، لأنه أمر يُشعرني بأنهم غير جادّين ومستهترون وليس لديهم أي رغبة أو قدرة. من يشارك في برنامج كهذا، عليه أن يُظهر الرغبة والقدرة معاً.

- لماذا كنت مصراً على أن يَدخل المشاركون بثقة تامة متأكدين من الفوز، كأن تقول لهم إنك تريد أن ترى ذلك في أعيُنهم؟
«أنا عايز أشوف حَدّ في عينيه طموح». العالم العربي للأسف لم يعد فيه أي طموح أو فكرة «أنا هنا وسأفوز»، وأن يكون طبعاً على قدر الكلام الذي يقوله وليس من باب الثقة الفارغة بالنفس، المبنية على أُسس غير موجودة أصلاً إلاّ في الخيال والوهم. لهذا تحدّثت عن الرغبة التي يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع القدرة.

- أتى أشخاص واثقون ولكنهم لا يملكون أي موهبة؟
(يضحك) «آه دول نصّابين». وما هو أسوأ أنهم يعيشون في وهم. إنها كارثة فعلاً أن نرى أشخاصاً مقتنعين بأنفسهم كثيراً ويتوهّمون أنهم يملكون أشياء مميزة ويريدون استفزازنا والإشارة إلينا بأنهم أفضل الناس في هذه الدنيا... هذه مأساة.

- لماذا يشارك هؤلاء؟ وكيف تفسّر هذه الثقة بالنفس لدى شخص غير موهوب إطلاقاً تشعر معه أنه أتى لاستفزازك؟
المشاهد نفسه يُستفّز عندما يُشاهد هؤلاء الأشخاص، فكيف تريدين مني ألاّ أُستفّز! أما لماذا يُشاركون أو كيف يُقنعون أنفسهم بأنهم موهوبون، فهذا بحث آخر. هناك وزراء وأشخاص في مواقع مسؤولة، مقتنعون حقيقة بأنهم أعظم الأشخاص أو أنهم «أهم اختراع بعد الكهربا»... بينما «همّ ولا حاجة». هذه الأمثلة موجودة بكثرة، هذا عدا عمّن يخالون أنفسهم «العمالقة الجدد» بعد أم كلثوم وعبد الحليم.

- من خلال نظرة عامة إلى مختلف المشاركين، في أي فئة من المواهب ترى الشخص الذي قد يفوز؟
لا يمكن أن أعرف طبعاً، لكن المؤكّد أن ما سيظهر في البرنامج هو الخريطة الفنية الجديدة أو المستقبل الفني للسنوات الخمس المقبلة، سواء أحببنا ذلك أو لا، وسواء كنّا مع هذا التوجّه أو لم نكن. ما أريد قوله وتأكيده، أنه من خلال مشاركتي في هذا البرنامج، اكتشفت أن المواهب التي ستظهر في السنوات المُقبلة ستكون مُختلفة، «الناس حتشوف حاجة تانية خالص» لأن توجّهات الناس وخصوصاً جيل الشباب اختلفت كثيراً ولم تعد محصورة في الغناء.

- ماذا تقصد؟
في السابق، كانت كلمة «موهوب» تُختصر في عبارة واحدة، «إنّك تعرف تغنّي». لكن بعد هذا البرنامج صارت الموهبة تعني وتشمل ما هو أكثر من ذلك بكثير، منها مثلاً دقّ المسامير في أجزاء معينة من الجسم والوجه، رقص الـ «راب» وتقليد مايكل جاكسون وغير ذلك... واللافت أن هؤلاء الأشخاص لم يُدرّبهم أحد، بل هم نتيجة تدريب الإنترنت ويمكن أن نُسمّيهم «خريجي مدرسة الإنترنت الإبتدائية».

- هل اكتشفت هذا الأمر في البرنامج؟
بالفعل، لم أكن أعرف أن لدى الشباب العربي اهتمامات مماثلة. أكثر ما أعجبني في هؤلاء الشبّان، بغضّ النظر عن توجّهاتهم التي قد أتفّق معها أو لا، أنهم أُعجبوا بفكرة معينة، فتدرّبوا عليها وطبّقوها دون أن ينتظروا مساعدة من أحد... وهذا أمر جميل ومهم وأفضل بكثير من شبّان لا يريدون فعل أي شيء لا سلباً ولا إيجاباً.

- أذكر أنك قلت لأحد المشاركين: «أنا نفسي ابني يكون زيّك»؟
طبعاً، لأنه كان يمثّل فريقاً من الشباب قاموا بحركات وألعاب رياضية معينة بطاقة كبيرة وجميلة، وشعرت بأنهم يضجّون بالطارقة والحيوية والإرادة، وفي الوقت ذاته مثقفون وجادّون وغير مستهترين. فكان من الطبيعي أن أتمنى أن يكون ابني بهذه الصفات عندما يصبح شاباً.

- هل كنت تتوقّع أن يكون العدد الأكبر من المشاركين في فئة الغناء؟
صحيح، توقعت أن أرى أناساً أكثر يغنون لأم كلثوم أو عبد الحليم، أو لعمرو دياب مثلاً إذا افترضنا أنهم يمثلون الجيل الجديد... لكن ما شاهدته كان مختلفاً وفاق كلّ توقعاتي، «شيء لا يصدقّه عقل» كنا تقول الفنانة شويكار. إذ إن عدد المغنّين كان الأقلّ وليس الأكبر.

- في حُكمكم على المشاركين، هل حصلت مقارنة بينهم وبين ما هو عالمي؟ في رقص الـ «هيب هوب» مثلاً؟
نحن لسنا خبراء في الـ «هيب هوب» طبعاً، ولكن هناك مرجعية لهذا النوع من الفنون وهي تأتي من الخارج، ونحن تعرّفنا إليه من خلال المحطات العالمية ومن الطبيعي أن تحصل مقارنة.

- ماذا عن ظاهرة مايكل جاكسون؟ لاحظنا أن كثيرين تقدّموا للمشاركة من خلال تقليده؟
صحيح. وفاة مايكل جاكسون كثّفت حضوره ووجوده، بينما نجوميته كانت متراجعة في الفترة الأخيرة من حياته.

- اللافت أن من قلّدوه، فعلوا ذلك من خلال الرقص فقط لكننا لم نشاهد أحداً يغني له؟
(يضحك) صحيح، «هُمّ بيرقصوا بسّ». 

- إن تحدّثنا عن المواهب المصرية تحديداً، هل لمست فيها ما يُبشّر بالخير؟
شاركت بالفعل مواهب جميلة من مصر وهي عديدة. لكن إن أردتِ الحديث من خلال نظرة إقليمية، فإن أكثر ما لفتني هو الكمّ الكبير من المواهب التي أتت من دول المغرب العربي. كانت كثيرة جداً.

- ما السبب؟
الاتصال بالغرب، هذا مؤكّد، خصوصاً أن غالبية المشاركين من تلك البلدان تقدمّوا عن فئات غربية. هذا القرب من أوروبا «هو اللي عامل شُغل».

- تقصد أنه ساعدهم على الانفتاح والتعرّف أكثر إلى فنون الغرب؟
طبعاً. وقد لفتتني أيضاً المواهب التي أتت من الخليج وشاركت في فئات غربية، إذ تجدين مثلاً فرقة «روك اند رول» من البحرين، أو شخصاً سعودياً يقدّم الـ Stand Up Comedy.
مما يعني أن الخليج صار أيضاً يتخّذ صفة معينة لم نكن ندركها، أو أننا كنا نعتقد أنه ما زال بعيداً عنها.

- هناك مشارك من الخليج غنّى أوبرا؟
صحيح، هو من الكويت، ومشاركته هذه كانت مفاجأة بالنسبة إلينا.

- ما هو أكثر ما فاجأك في هذا البرنامج أو الأمر الذي لم تكن تتخيّل حدوثه؟
الشاب اللبناني الذي غنّى أوبرا. شعرت وكأني أستمع إلى أندريا بوتشيللي بصراحة. «حاجة مُذهلة ومُزعجة»، وأقصد مزعجة من الناحية الإيجابية طبعاً، أي عندما يغني شخص بهذه الروعة ويستفّزك.

- اختلفت كثيراً مع نجوى كرم وعلي جابر في البرنامج؟
(يضحك) هذا طبيعي لأن الآراء تختلف، لكننا سنغيّر ذلك في المرحلة اللاحقة، «يعني حنبيع ونشتري».

- تقصد لناحية الأشخاص الذين كنت مصراً على قبولهم لكن نجوى وعلي لم يصوّتا لهم؟
(يضحك) كلّ واحد فينا لديه قائمة سوداء، و«الحاجات اللي ضاعت مننا حنرجّعها، يعني عايز داه ادّيني داه».

- عندما كانت نجوى كرم تعطي رأيها تقنياً في أحد المشاركين كنت تقول لها «لا بليز بلاش» وكأنك منزعج؟
كلا أبداً، ولكننا لم نكن نريد أن يتحوّل البرنامج إلى استوديو تحليل. إنه برنامج قائم على الموهبة والإحساس، ولو أردنا أن نحللّ، لكنتِ وجدت مثلاً في اللجنة شخصاً مختصاً في الرقص وآخر في السولفيج وثالثاً في المسرح والخ... هذا ليس أسلوب البرنامج ولا طبيعته. يمكن أن نرى شخصاً مثلاًَ لا يملك صوتاً رائعاً، لكنه أثّر فينا، وهذا هو المطلوب، أي موهبة تؤثر في الناس.

- كإعلامي من مصر، ماذا تقول عن الحملة التي تعرّضت لها نجوى كرم في مصر لجهة القول إنها ترفض الغناء باللهجة المصرية؟
هي حرّة طبعاً وهذا رأيها. لا يجوز أن نقسّم الناس من خلال فئتين: «يا معانا يا أعداء». لم أكن أعرفها على المستوى الشخصي لكني سُعدت فعلاً بلقائها وأحببت شخصيتها، كذلك الأمر بالنسبة إلى علي جابر الذي وجدت فيه انساناً رائعاً.

- علي جابر علّق عليك مرة وقال: «لنسمع رأي عمرو الخبير في كلّ شيء». هل انزعجت منه وشعرت بأنه كان يستهزئ؟
بالطبع لا، هو قالها مازحاً. أستطيع القول إني عملت على مدى 12 عاماً في برنامج «القاهرة والناس» الذي كان يُذاع يومياً لثلاث ساعات متواصلة. وبحكم عملي، من الطبيعي أن أكون أقرأ في كلّ شي، خصوصاً أنه برنامج منوّع ويتطرّق إلى كل المواضيع دون استثناء. فتجدين مرة طبيباً نسائياً في الحلقة، ومرة وزيراً ومرة أخرى كاتباً أو فنانة تشكيلية... هذا الأمر ساعدني وأفادني كثيراً، ولن أقول إنه كوّن لديّ خبرات كي لا أبدو مُتفلسفاً، لكنه دون شك قدّم إليّ معلومات عديدة عن مختلف ما أراه يومياً.

- ما قصة الجملة الشهيرة التي كنت ترددها عندما تُعجب بمشارك معين وهي «فُلّة، شمعة، منوّرة» والتي يُعتقد أنها ستصبح محط كلام عندما يُعرض البرنامج؟
(يضحك) «طلعت كده ومِشيِت». وهناك أيضاً «بوسة كبيرة، وحضن كبير» وذلك عندما كنت أعتذر من مشارك مثلاً لم أوافق عليه.

- هل يُمكن أن نراك في موسم ثان من البرنامج خصوصاً أن أغلب التوقّعات تشير إلى أنه سينجح؟
إن حققنا النجاح سأكون سعيداً دون شك، وإن طلبوا مشاركتي من جديد سيعني ذلك أني كنت عنصراً جيداً، وهذا دون شك سيُفرحني. أعتقد أن هذا البرنامج سيكون ككرة الثلج المتدحرجة لأننا ننتظر في كل لحظة مفاجأة، وأقول إنه سيكون أهم برنامج في 2011.

«فلّة، شمعة منوّرة، وحضن كبير...» لعمرو اديب
هي عبارة نعتقد أنها ستصبح محط كلام لدى كل من سيتابعون البرنامج. فعمرو أديب، الإعلامي المخضرم والمعروف بظرف شخصيته وحبه للمرح إلى جانب سعة اطلاعه، كان بدلاً من التصويت بنعم، يقول للمشارك: «فلّة، وشمعة منوّرة، طبعاً موافق» (أي موافق على مشاركته). ولكنه كان يقول أيضاً : «بوسة كبيرة، وحضن كبير، آسف»، وذلك عندما كان يريد الاعتذار أو إعلان عدم قبوله. سنشاهد الدموع، وسنشاهد أيضاً علي جابر يضحك رغم جدية شخصيته في البرنامج، أما نجوى فهي أحياناً وبسبب تعليقات عمرو كادت تختنق من الضحك.