المخرجة اليمنية خديجة السلامي: اهتمامي السينمائي بالمرأة...

السينما السورية, فيلم قصير, إخراج, مخرجة, كاميرا, الأعمال الدرامية, مونتاج, فيلم وثائقي, خديجة السلامي

24 يناير 2011

عرضت المخرجة خديجة السلامي فيلمها التوثيقي عن الفساد في اليمن، العمل الذي استغرق اكثر من عامين.
خديجة السلامي هي المخرجة السينمائية الاولى والوحيدة في اليمن، تعمل حالياً مديرة المركز الاعلامي اليمني في باريس. أخرجت العديد من الافلام الوثائقية عن قضايا المرأة اليمنية وعرضتها في كثير من بلدان العالم، كان آخرها فيلم «السجينة أمينة» الذي نالت عليه المخرجة جائزة مهرجان دبي للسينما الوثائقية العام الماضي، واختيرت عضو تحكيم في المهرجان. «لها»أجرت معها هذا اللقاء.


- تعودنا منك اخراج أفلام متعلقة بقضايا مجتمعية؟
المجتمع اليمني تضرر كثيراً من الفساد، الى حد أن مساوئ الفساد وسلبياته طغت على سلوكيات الأفراد والأسر اليمنية، وهنا تكمن مخاطره، فأضرار الفساد لم تقف عند حدودها الاقتصادية، بل وصلت الى حد إفساد قيم الناس وتدمير أخلاقهم، وهذا هو باعث إهتمامي بالفساد ومحرضي عليه.

- لماذا بدأ الفيلم بعرض مشاهد تراجيدية عن عمالة الاطفال وبؤسهم؟
لأن عمالة الاطفال وبؤسهم أسوأ ما ينتجه الفقر في اليمن، والفقر هو من الآثار المترتبة على الفساد، وليس العكس. وكلما استفحل الفساد وتشعبت تفاصيله ازدادت حدة الفقر واتسعت مساحته.

- الفساد موضوع شائك وحساس، كيف تسنى لك تصوير الفيلم وإخراجه؟
تقدمت بطلب اذن رسمي لجهات رسمية مختصة في البلد وأقنعتهم بأننا لانريد التشهير بأشخاص فاسدين بل نريد إثارة قضايا الفساد بموضوعية تصب في قالب الجهود الرسمية لمكافحته، خصوصاً أن الدولة قد أعلنت وجود هيئة رسمية لمكافحة الفساد وهذا بحد ذاته إقرار بوجود الفساد وعدم سريته. منحوني رخصة رسمية، وعندما بدات العمل  فوجئت بقرار منعي من التصوير، مما ادى الى تاخيري لمدة عامين، ثم اضطرني التوقيف التعسفي لإلغاء أفكار كثيرة، كما أنني اختصرت مدة الفيلم من 60دقيقة الى 42 دقيقة.

- من قرر توقيفك؟
أشخاص أزعجتهم فكرة الفيلم كونه يتطرق إلى بعض الاجراءات الرسمية التي يقومون بها في إطار واجباتهم الوظيفية. كتبوا عني تقريراً لجهة معنية، اتهموني فيه بأني أقدم للناس مبالغ مالية كبيرة وأغريهم بتمثيل بعض الممارسات الفاسدة وفعلاً تمكنوا من توقيفي، لكني لم أحبط بل واصلت وأخرجت الفيلم وتمّ عرضه على مصادر عليا فأبدوا ارتياحهم وإعجابهم، وهذا بالنسبة إليّ نجاح كبير.

-  كيف كان تجاوب المتضررين من الفساد معك؟
واجهت موقفاً غريباً جداً. رجال أعمال يشكون من إجراءات المناقصات، ويتحدثون عن مخالفات وقضايا فساد كبيرة يواجهونها في معاملات رسمية خصوصاً في الموانئ البحرية. فاتفقت مع بعضهم على تصوير بعض هذه الإجراءات بنظام الكاميرا الخفية بحيث لانذيع أسماء ولا نظهر أشخاصاً. ووعدوني بالتعاون معي، وأثناء التصوير خذلوني تماماً ولم أجد أحداً منهم وكلما حاولت أن أتصل باي منهم لايرد على رقمي نهائياً.

- هل طلب منك أو اضطررت لحذف بعض مشاهد الفيلم؟
نعم هناك مشاهد حذفت  لأن الفيلم اصبحت أهدافه توعوية وتثقيفية والمشاهد التي حذفت لم تكن تخدم الأهداف.

- يلاحظ أنك تحاشيت التطرق الى قضايا فساد من العيار الثقيل ...لماذا؟
لأن أكبر قضايا الفساد تحدث دون وثائق. هناك قضايا كثيرة مهمة لكني لم أجد وثائق لها، باستثناء قضية تزويد محطة كهرباء رئيسية بمادة الديزل التي كشف النقاب فيها عن فقدان مليوني لتر ديزل سنويا يتم التصرف بها لصالح أشخاص وتدفع اسعارها من الموازنة العامة للحكومة. فقد حصلت على وثائق خاصة بها من جهة  حكومية.

- هل أنت متفائلة بإمكان مكافحة الفساد؟
التفاؤل موجود وسماح الجهات الرسمية بتصوير فيلم عن الفساد موقف إيجابي جعلني أشعر بالتفاؤل.

- من خلال تتبعك لمظاهر الفساد بعدسة الكاميرا. إلى ماذا نحتاج لنتخلص منه؟
نحتاج إلى إرادة قوية جداً وصادقة. اليمن قد تكون أكثر بلد متضرر من الفساد، والسؤال المهم هو من أين نبدأ.

- هناك منطق تبريري يقول إن الفساد منتشر في كثير من بلدان العالم. مارأيك؟
الفساد موجود لكنه محدود في مرافق محدوده جداً، لايشعر بها المواطن العادي ولا يتحمل تبعاتها. والفاسدون يقدمون للمحاكمة ولا يمكن التغاضي عنهم أو التواطؤ معهم بأي حال من الأحوال مهما كانت مراكزهم.

- هل تسمية الفيلم «الوحش الكاسر» تدل على وحشية الفساد في اليمن؟
هذا العنوان جاء على لسان طالبة كانت عضواً في برلمان الأطفال أثناء التصوير وهي تدعو الى ضرورة مكافحة الفساد، قائلة: «الفساد أصبح وحشاً كاسراً إذا لم ننتصر عليه سينتصر هو علينا». أعجبني تعبيرها ووجدت أنه يلفت انتباه المعنيين الى أضرار الفساد في مختلف شؤون حياتنا العامة.

- سابقاً عرضت أفلام كثيرة وأقمت ندوات عديدة في عواصم أوروبية عن المرأة اليمنية. ماذا حققتِ من هذه الجهود؟
أردت أن أفتح نافذة معرفية عن مجتمعي في أوروبا، يطل من خلالها المهتم الأوروبي على قضايا المجتمع اليمني ويتعرف على تفاصيلها بموضوعية. أيضاً لاحظت شيئاً آخر لم يكن بحسباني، عندما عرضت فيلم «السجينة أمينة» في كندا فوجئت بأن البعض هناك يقول إن وجود مخرجة سينمائية يمنية تتاح لها فرصة إخراج أفلامها التوثيقية بهذا الوضوح وتعرضها بحرية في أكثر من دولة، دليل على أن المرأة اليمنية تملك مؤهلات كبيرة للنجاح، ودليل أيضاً على وجود تقدير رسمي واجتماعي للمرأة في حال نجاحها وإصرارها على ما تريد.

- يصفك البعض بأنك سفيرة المرأة اليمنية في أوروبا. هل تتعمدين هذا الانحياز؟
أفلامي التوثيقية تبدي اهتماماً ملحوظاً بقضايا النساء، التي تهمني وأشعر بأنها تعنيني، لكن طبيعة عملي الرسمي تحتّم عليّ تمثيل اليمن بكل مكوناته، بعيداً عن هذا التوصيف الجندري. ففي كانون الثاني/يناير الماضي على سبيل المثال، عندما تمّ القبض على الشاب النيجري المتهم بالإرهاب، نشرت الصحف الأوروبية عن اليمن صورة أنها بلد الإرهابيين وتستقطب عناصر القاعدة من مختلف الجنسيات وتقوم بتدريبهم، الأمر الذي دفعنا لتنظيم زيارة لعشرين صحافياً أوروبياً الى اليمن وكنت في صحبتهم، وعندما شاهدوا الحياة في اليمن على أرض الواقع اندهشوا كثيراً لانهم كانوا يعتقدون أن الحياة في البلاد بالغة السوء بفعل الصورة الإعلامية المنطبعة في أذهانهم.

- يتساءل الكثيرون عن عدم انتقالك من الأفلام التوثيقية الى الدرامية؟
لديّ مشروع أعتزم تنفيذه العام المقبل، هو فيلم فيه تمثيل ودراما عن الطفولة. أما سبب ابتعادي عن إخراج  الأفلام الدرامية طوال الفترة السابقة، فأنها تحتاج إلى إمكانات كبيرة مادية وتقنية أيضاً من ممثلين وممثلات محترفين ومونتاج وأجور مكلفة. ولكني مصممة على اقتحام الدراما السينمائية العام المقبل.