المخرجون الفلسطينيون في حالة 'حصار'
نساء, المجتمع السعودي, إخراج, عادات وتقاليد, سياسة, الرئيس الفلسطيني محمود عباس, قضية / قضايا التشهير, مخرجة, أحمد أبو بكر, محمد عمرو, بثينة خوري, جورج خليفة
15 يونيو 2011هناك عوائق وحواجز كثيرة تحد من إبداع المخرج الفلسطيني وتمنعه من العمل والتطوّر.«لها» التقت عددا من المخرجين لإلقاء الضوء على ما يعانونه وعدم قدرتهم على العمل كما يريدون وتناول القضايا المهمة، وفي طليعتها قضية المرأة.
كان أول اللقاءات مع المخرج جورج خليفة الذي حدثنا عن عمله في مجال الإخراج فقال: «أخرجت العديد من المسلسلات، وكان آخرها مسلسل «مطب»، وتناولت فيه عددا من المحاور منها قتل النساء على خلفية ما يسمى شرف العائلة، وقضية حرية النساء وسوى ذلك من الأمور. وكانت البطلة في المسلسل تضع الحجاب، ولكنها في المقابل فتاة متحررة، تعمل وتكدّ وتثبت نفسها في عملها وتحترم التقاليد والعادات، وتعتقد انه من حقها التعرف إلى من تريد الزواج به قبل أن عقد مراسم الزواج».
وأضاف: «عندما يعمل الكاتب على تأليف نص المسلسل، يأخذ بعين الاعتبار أن المحطات تتوجه إلى الجمهور الواسع. ونستطيع القول إن ما يحدث يطابق الصيغة التي أوجدتها السينما المصرية قبل قرن من الزمان تقريبا، وبالتالي كان يجب أن نوجد التوازن من ناحية استعداد الجمهور ومن ناحية طلب هذا الجمهور لمواضيع معينة لكي يأتي لمشاهدة الفيلم، ومن هذه المواضيع الدين والسياسة والجنس. ووجدوا الطريقة الذهبية وهي سياسة الفاتر لا حامٍ ولا بارد لكي يتلاءم مع الكل، وبالتالي خاضوا في جميع المواضيع. وفي المقابل السينما الفلسطينية مختلفة لأنها ليست تجارية، والتلفزيون الفلسطيني نفسه لم يشارك في الإنتاج السينمائي وما زال غريبا عليه ونادرا ما يعرض السينما الفلسطينية».
ولفت إلى أنه لا يحبذ أن «تتحدث الأفلام عن المرأة وحدها، بل أريد أن تتحدث عن الواقع الفلسطيني وتتغلغل في داخله، لان السينما هي جزء من الخطاب الوطني الفلسطيني، وبالتي السياسة هي جزء مهم من الواقع الفلسطيني».
وعن كتاب السيناريو في فلسطين قال: «نحن نفتقر إلى كتاب سيناريو وغالبا المخرج هو كاتب السيناريو، وهذا يؤدي إلى نقص في طرح موضوع المرأة، والأمر يحتاج إلى اهتمام من الحكومة».
السياسة والمجتمع
وتحدث المخرج والفنان احمد أبو بكر عن وضع المخرجين الفلسطينيين، فقال: «هو يتأرجح بين ضغوط السياسة وإرضاء المجتمع، وهذا أمر محرج لأن المجتمع الفلسطيني لا ثقافة له في السينما أو الدراما. كما أن الإخراج هو موهبة فنية بالدرجة الأولى، ولكن حينما نحبها تصبح حرفة».
أضاف: «اعتقد أن الوضع السياسي أعطى المخرج الفلسطيني رؤية أجمل بحيث زادت المشاهد التي يمكن للمخرج أن يقتبس منها الكثير. غير أن الوضع يقلق المنتجين ويعيق حركة الإنتاج. وفي ما يخص المرأة يحرص بعض المخرجين على الابتعاد عن القضايا الحساسة في المجتمع الفلسطيني وخصوصا قضايا الشرف والانحراف، اذ يتخوف المخرج من التهديدات نظرا لعدم وجود الأمن الكافي وعدم تقبل المجتمع لهذه الأفلام، ناهيك يالوضع السياسي المنهار أصلا».
وعدد أبو بكر العراقيل التي تعترض المخرج الفلسطيني، وفي طليعتها «الاحتلال الإسرائيلي الذي يقيد حركة المخرج. والمشكلة الثانية انعدام الأمن. أما المشكلة الأخرى فهي عدم وجود احتراف في الإخراج، بالإضافة إلى أن المخرج الفلسطيني غير متواصل وغير مطلع على التقنيات الحديثة» .
وأضاف: «يحتاج المخرج من اجل الاهتمام بقضايا المرأة أكثر الى دعم من المجتمع، بالإضافة إلى توفير الأمن والدعم الكافي معنويا وماديا».
سيطرة الوضع السياسي على الأفلام
عن وضع المخرجين الفلسطينيين أكدت المخرجة بثينة خوري أنهم بخير فهم أشخاص تعودوا أن يحملوا هم السينما وحدهم، وقالت: «الإخراج يعتمد على الشخص نفسه، ولكن اعتقد انه يبدأ بالموهبة وينتهي ليصبح مهنة. لكن أتمنى أن يبدأ كموهبة وان يبقى كذلك لان الإبداع ذاته يكمن في الموهبة».
وعما إذا سيطر الوضع السياسي على الأفلام وغيّب الجوانب الأخرى، قالت بثينة خوري: «نعم مادام هناك احتلال إسرائيلي مقيت يسرق ويحرق ويهدم وينفي ويبعد ويأسر، فالعنصر السياسي يأخذ الأولوية دائما. ولكن رغم كل ذلك أركز على دور المرأة الفلسطينية، ومن المهم في نظري تناول مواضيع المرأة من منطلق إنساني».
وعن المشاكل التي تواجه المخرج الفلسطيني وكيفية تجاوزه لها، قالت: «هناك مشاكل كثيرة لا تعد ولا تحصى، منها التمويل وعدم وجود جسم يمثل المخرجين ويطالب بحقوقهم، إضافة إلى الاحتلال الإسرائيلي الذي يسبب مشاكل كبيرة في التواصل بين مدن فلسطين الحالية أو التاريخية».
وعن سبب ظهور المرأة في الأفلام الفلسطينية غالبا على أنها معنفة أو مضطهدة، قالت: «السينما مرآة تعكس الوجه الحقيقي للمجتمع. فالمرأة العربية معنفة ومضطهدة كثيرا في الواقع، وهذا ينعكس على السينما».
وعما إذا كانت العادات التقاليد تمنع المخرج من طرح بعض قضايا المرأة التي تتعلق بالشرف مثلا، قالت خوري: «ليس بالضرورة أن تمنع العادات والتقاليد ذلك، هي قد تسبب بعض المشاكل، ولكن حتى هذه العقبة تستطيع السينما أن تتخطاها».
نساء العالم
من ناحيته قال المخرج محمد عمرو: «عندما نتحدث عن المرأة بشكل عام، فان نساء العالم يتشابهن في عطائهن من ناحية الأمومة مثلا. ولكن عندما نسلط الضوء على المرأة الفلسطينية نجدها تختلف عن كل نساء العالم في حجم عطائها وصبرها وصمودها، فهي العاملة والموظفة والصحافية والقيادية والكاتبة والأرملة زوجة الشهيد وزوجة الأسير، والتي تفوق نساء العالم لكونها أب وأم للأسرة في آن واحد. ونجد المرأة التي تقود مسيرة ضد الجدار والاستيطان لتتحدى جنود الاحتلال، ونجد المرأة التي تسكن الكهوف كي تبقى في أرضها، ونجد المرأة التي تسير مسافات طويلة على القدمين بسبب الحواجز الاحتلالية».
وتابع عمرو: «صور المرأة الفلسطينية نعجز أمامها، فهي بصمودها وتحديها وجلدها أكبر من أي تعبير يوصف بالكلام، ومن خلال البرامج التي نعدها ونقدمها فان طبيعة المرأة تفرض نفسها على الواقع بكل الصور التي ذكرتها سابقاً».
وأضاف: «كما ذكرت فان المرأة الفلسطينية تلفت الانتباه من كل النواحي لأن واقع حياتها اليومية مربوط بطبيعة الكفاح والصمود من أجل البقاء. وعلى سبيل المثال في البرنامج الذي أخرجه والذي يتناول قضية الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي لا تخلو حلقة من الحديث عن المرأة سواءً كانت أسيرة أو زوجة أسير أو أم أسير».
ولفت عمرو إلى أن «هناك عوائق عدة يواجهها المخرج الفلسطيني، منها مثلا طبيعة المجتمع الذي نعيش فيه. وأنا أرى أن المرأة الفلسطينية ليست في حاجة إلى إبداع المخرج لأن حقيقتها وواقعها يفرضان علينا أن نظهرها كما هي لأنها اصدق نساء العالم في العطاء والصمود والتحدي والإرادة».