النجوم يواجهون شبح المستقبل الغامض للفن
سلمى المصري, نبيلة عبيد, بشير الديك, فاروق الفيشاوي, داليا البحيري, إلهام شاهين, الإنتخابات النيابية, المخرجة إيناس الدغيدي, المخرج خالد يوسف, البرلمان المصري, رانيا يوسف, هاني فوزي, نادية الجندي, طارق الشناوي, التيارات الدينية, جامعة المستقبل
09 يناير 2012مناقشات
أما المؤلف بشير الديك فيقول: «شكل الفن لن يتأثر كثيراً في العام الأول لوجود التيارات المتشددة في الساحة السياسية، ولكن بعد تلك المدة ستحدث مناقشات عديدة بينهم وبين صناع الأعمال الفنية، ولابد أن نستغل ذلك لصالح الفن، لأن تلك المناقشات ستحدث حالة من الحراك الفكري الذي سيرفع مستوى الفن.
كما أنه في حالة وجود التيارات المتشددة لن تجد الأعمال الفنية الهابطة مكاناً، ولذلك سيتجه الجمهور إلى الأعمال الجيدة. لكنني لا أعتقد أن قيوداً ستُفرض على الفن أو الفنانين، لأن هذه التيارات المتشددة ليس لديها السلطة الكافية لفعل ذلك ولأننا أيضاً في عصر الحرية وفي مناخ الحرية».
معركة إرادة
وتقول الفنانة رانيا يوسف: «حتى الآن لا أستطيع أن أمتلك رؤية محددة لمستقبل الفن في ظل اعتلاء التيارات المتشددة للحكم، وأنا في انتظار معرفة أفكارهم وآرائهم في الفن والسينما، خاصة أنه حتى الآن تلك الآراء متضاربة، ولا توجد رؤية محددة لهم نستطيع من خلالها أن نتخيل مستقبل الفن. لكنني متأكدة أن شكل الفن وسواه سوف يتغير، فالسياحة ستتغير وكذلك الصحافة».
أما المؤلف هاني فوزي فيقول: «إذا خضع الفن لأي نوع من التقييد أو العرقلة سيصبح العيب على الفنانين والمبدعين أنفسهم، وسنكون أغبياء إذا تحكم فينا أي تيار يحاول القضاء على الفن. فالسينما الآن تعيش معركة إرادة، ولا أعتقد أنها سوف تهزم، وإن حدث ذلك فعلى الجميع عدم اتخاذ موقف سلبي أو الاستسلام لأحكام متشددة، لأن الفن يجب أن يكون مستقلاً، ولذلك إذا حدث غير ذلك سوف أقوم بالتظاهر، ولن يسكت أحد من الفنانين على ذلك الأمر».
تهديد
أما المخرجة إيناس الدغيدي فتقول: شكل الفن في مصر سيتغير كلياً بعد حصول التيارات المتشددة على غالبية مقاعد مجلس الشعب، وستصبح الغلبة للأعمال الفنية الدينية. وأتوقع أن تفرض تلك التيارات الحجاب على الممثلات في الأعمال الفنية، أو تضع معايير متشددة لشكل ملابسهن، بل يمكن أن تمنع ظهور المرأة من الأساس في السينما، ونعود إلى العصر الجاهلي ويضيع الفن وسط تشدد هذه التيارات. وكل هذا غير منطقي ولا يتطابق مع مفهوم الفن الذي يقوم على عرض قضايا داخل المجتمع وليس كل المجتمع محجبات وليس كله فاسقاً، لكن هناك هذا وذاك».
وأضافت: «حكم هذه التيارات المتشددة سيكون مثل الرقابة على الفن، لكن بشكل أكثر تعسفاً. وأنا شخصياً تلقيت العديد من التهديدات قبل الثورة من جهة مجهولة، وحذرتني من طريقة طرحي لأفكاري المتحررة في أعمالي السينمائية، لكنني لم أخف وأكملت مسيرتي. أما هذه المرة في حالة وجود هذا التشدد الحاد فقررت أن أكمل مسيرتي الفنية خارج مصر، لأنني لا أقبل أن يفرض عليَّ أحد قيوداً من أي نوع».
وتختلف داليا البحيري في الرأي مع إيناس الدغيدي وتقول: «أرى أن شكل الفن بعد وصول التيارات المتشددة الى الحكم أنه سيظل كما هو دون أي تغيير، ذلك أن السينما لن تتأثر بمن سيحكم البلاد في الفترة المقبلة، وأكبر دليل على ذلك هو النموذج التركي، ففي تركيا يحكم الإسلاميون ورغم ذلك يقدمون أفلاماً مليئة بالمشاهد الجريئة دون أي اعتراض من النظام الحاكم، وهو ما يطمئنني».
توقعات ولكن
أما الفنانة نادية الجندي فتقول: «بالتأكيد سيتغير شكل الفن عما كان سابقاً، لكن هذا التغيير لن يكون كبيراً. وأنا أتوقع منع ارتداء ملابس السباحة في الأفلام، ومنع ارتداء الفساتين القصيرة، لكنني أستبعد تماماً فرض الحجاب ومنع ظهور المرأة.
فوجود التيارات المتشددة سيكون مثل وجود الرقابة على الأفلام والمسلسلات في الوقت الحالي، لكن بشكل موسع، وأعتقد أن الموضوع لن يتعدى أكثر من ذلك».
وأضافت: «يجب ألا نتسرع في الحكم على شكل الفن، فمن الممكن ألا يوجد لكل هذه التوقعات أي أساس، ويظل كل شيء على حاله».
التصدي
أما المخرج السينمائي خالد يوسف فيقول: «أشعر بالاستياء دائماً من سماع عبارة «شكل الفن سيتغير بعد اعتلاء التيارات المتشددة للحكم»، لأن الفن المصري لن يتغير تماماً مثل المجتمع المصري بل أرى أنه على التيارات المتشددة أن تغيّر أنفسها بما يلائم عادات مجتمعنا وتقاليده التي عشنا وتربينا عليها، ولم نر في يوم من الأيام أنها خاطئة. فالفن سيظل كما هو ولن يتغير شيء وعلينا أن نتصدى لأي محاولات لتغييره».
ويقول الناقد طارق الشناوي: «أعتقد أن شكل الفن بعد اعتلاء التيارات المتشددة لن يكون كما يتوقع البعض معبراً عن توجه واحد فقط، ولكنه سيظل يقدم وجهات نظر عديدة، لأن تلك التيارات المتشددة لن تستطيع فرض قيود على الفن في ظل عصر العولمة الذي نعيش فيه الآن، بل إنهم سيحاولون تقديم توجهاتهم من خلال أعمال فنية خاصة، وهذا حدث بالفعل، فقد أنشأوا شركة إنتاج لتقديم أعمال فنية تعبر عن اتجاهاتهم.
وأعتقد أن شكل الفن سيتحول من خلال تلك الأعمال إلى تقديم الفنانات المحجبات على الشاشة، وأنا لا أعتبر هذا خطأً، لأن أكثر من 70 في المئة من النساء في المجتمع من المحجبات، لكن عندما يقدم الحجاب في كل المشاهد يصبح تزييفاً للواقع، لأن المحجبة لن ترتدي الحجاب طوال يومها، وليس أمام جميع الأفراد. وفي اعتقادي أن تلك النوعية من الأعمال الفنية لن تستطيع تحقيق النجاح، لأنها لا تحاكي الواقع، والدليل على ذلك أن فيلم «كامل الأوصاف» بطولة عامر منيب وحلا شيحا كان يطبق قانون الحجاب ولكنه فشل، لأنه لم يكن عملاً جيداً فنياًً.
وفي النهاية المشكلة لن تكون بالنسبة إلي في التيارات المتشددة، بل ستكون مع الفنانين والمبدعين، لأنهم هم الذين بأيديهم زمام الأمور، ولا بد ألا يستسلموا لآراء الآخر ومعتقداته، وأن تكون لديهم إرادة قوية للدفاع عن الفن».
اعتراض
وعلى النقيض، جاء رأي الفنانة نبيلة عبيد بقولها: «الفن سيتحول مفهومه ومضمونه تماماً، وهذا أمر طبيعي بعد تولّي التيارات المتشددة الحكم، وهذا لن يحدث فقط في الفن بل في كل المجالات. وستفرض معايير خاصة على الممثلات في نوعية ملابسهن وشكل الماكياج وخلافه».
وأضافت: «أرى أن ملابس الفنانات ستتغير تماماً، وسيكون هناك رقابة شديدة على الملابس وعلى الأداء وعلى أدق التفاصيل، فمثلاً هناك بعض المشاهد التي ستُمنع، مثل المشاهد التي تجمع بين الرجل والمرأة والقبلات وغيرها، ومن الممكن أن تتحول الأعمال الفنية تدريجياً إلى أعمال دينية».
وسجلت اعتراضها على «فرض قيود وشروط على الفن، لأن العصر الذي نعيشه لن يتحمّل ذلك، خاصة أن مصر لم تشهد يوماً تولي التيارات المتشددة زمام أمورها. وأنا لا أفكر في مغادرة مصر أبداً مهما حدث، ولن أفكر في الاعتزال، لأنني أعلم أنه إذا حدث ذلك ستنفجر ثورة فنية ولن يسكت أي فنان على ما سيحدث».
وجاء رأي الفنان فاروق الفيشاوي مشابهاً لما قالته نبيلة عبيد، فقال: «في حالة تولّي التيارات المتشددة الحكم ستوضع قيود كبيرة على الفن، ومن الممكن فرض الحجاب على الفنانات، بل يمكن أن يصل الأمر إلى التقليل من ظهور المرأة. ولكن في النهاية كل هذه الأقاويل مجرد تكهنات لأننا لم نشاهد شيئاً حتى الآن.
وهذا لا يعني أنني متفائل، بل أتوقع أن تضيع ملامح الفن قريباً. مع ذلك، لن أترك مصر أبداً، فهي بلدي. أما بالنسبة إلى وضعي كفنان فهو مختلف لأني رجل والمتضرر الأكبر في التغييرات الآتية هن الفنانات، لكننا سنقف بجانبهن جميعاً للمحافظة على فن مصر».
ثورة
«لن يستطيع أحد أن يغيّر شكل الفن»، بهذه الكلمات بدأ الفنان محمد صبحي حديثه، ويقول: «الفن سيظل كما هو، ولن يتغير شكله عن الفترة السابقة حتى في ظل اعتلاء التيارات المتشددة الحكم، وهذا لأن الفن تراكم لسنوات كثيرة.
كما أنني مؤمن بحرية الإبداع، وإذا تغيّر أي شيء في الفن سيكون ما يقدم ليس له علاقة بالفن، وفي تلك الحالة لن يصمت أحد على ذلك، وستحدث ثورة من الفنانين والمبدعين لتغيير الأوضاع وعودة الأمور إلى طبيعتها. لكنني أتوقع أن يظل الفن كما هو ولن يتغيّر شكله أبداً».
ويتفق المخرج إسماعيل عبد الحافظ مع محمد صبحي في الرأي، ويقول: «لا أعتقد أن شكل الفن سيتغير، بل سيبقى كما هو حتى في حالة وجود التيارات المتشددة. وأرى أن المخاوف التي ظهرت لدى بعض صناع الأعمال الفنية، من فنانين ومخرجين ومؤلفين ومنتجين، كانت زائدة عن الحد الطبيعي.
قد تحدث بعض المشاكل والمواجهات وأيضاً المضايقات من جانب التيارات المتشددة للمبدعين، لكن في النهاية ستنتصر حرية الرأي والتعبير، لأن هذا هو أساس الديموقراطية التي تتجه نحوها مصر الآن».
بعد فوز التيارات الدينية في الانتخابات البرلمانية في مصر، كثرت التساؤلات حول مستقبل الفن والفنانين، وهل سيتغير شكل الأعمال الفنية خلال الفترة المقبلة، خاصة أن بعض تلك التيارات تتسم بتشددها تجاه الفن. ولذلك سألنا نجوماً عن توقعاتهم لما يمكن أن يحدث من تغيير في الحياة الفنية، واستمعنا إلى آرائهم وهواجسهم...
بدأت الفنانة إلهام شاهين حديثها قائلة: «أنا لا أعلم مصير الفن، وهناك الكثير من الفنانين أمثالي لا تزال الرؤية غامضة بالنسبة إليهم، لكنني أتوقع عدم حدوث تغيير في الفن بشكل مبالغ فيه، خاصة أن ممثلي هذه التيارات المتشددة لن يحرِّموا الفن ولن يقيّدوا الحريات، بل وصرحوا أكثر من مرة على وسائل الإعلام المختلفة أنهم يحترمون الفن والأعمال السينمائية والدرامية.
وأظن أنه سيكون هناك وجود للأفلام الاجتماعية والرومانسية في ظل صعود التيارات المتشددة للحكم، إلى جانب الأعمال الفنية الدينية. لكن من الممكن أن أتصوّر مستقبلاً معيناً للفن، ويحدث أمر مختلف تماماً عما توقعته، إلا أنني أتمنى بكل تأكيد النهوض بالسينما والارتقاء بها».