القبلية في السعودية تفرق بين رأسين بالحلال

المملكة العربية السعودية, المهرجان القومي للمسرح المصري, محمد عيد, القبلية, حقوق الإنسان

13 يوليو 2009

بعدما دار الحديث كثيراً عن منصور وفاطمة وهيا وعبدالله وغيرهم من «أبطال» قضايا عدم تكافؤ النسب، وقف الإعلام حائراً أمام قضية سميرة وعبدالله في انتظار صدور الحكم فيها. اليوم هناك قضية أخرى مشابهة تطل برأسها من المناطق الشرقية، بطلاها طفلة وعيسى وإبنتهما التي لم تتجاوز 60 يوماً. فقد وجد الزوجان نفسيهما في مواجهة التصنيفات الإجتماعية المتعلقة بالنسب.

تقدم أشقاء الزوجة اليتيمة رافع ونافع ومحمد عيد الى المحكمة بعد عقد قران شقيقتهم ب10 أيام لتطليقها من زوجها بسبب «عدم تكافؤ النسب». ويقول رافع الشقيق الأكبر للزوجة: «تقدم عيسى لخطبة شقيقتي وقال إن عائلته من قبيلة معروفة، فقلت له أثبت ذلك من شيخ قبيلتك. وبعد أيام أتى الى منزلي ومعه 20رجلاً، ومن بينهم رجل يناهز 90 عاماً على كرسي متحرك، وقال إن هذا شيخ قبيلتي. وشهد الرجل الطاعن في السن انه يعود إلى القبيلة التي ذكرها عيسى».

إتهم رافع زوج شقيقته بالمراوغة والغش، وبأنه انتهز حرجه واحترامه للشيخ الذي معه وأجبره على عقد القران، ويضيف: «عندما طلب ان يتم عقد القران رفضت لعدم توافر التحليل الطبي قبل الزواج ولعدم وجود مأذون أنكحة، ولكنه إتخذ جميع احتياطاته، فقد أحضر معه مأذون انكحة وقال لي أحضر بطاقة الأحوال لإثبات هويتك. قلت لهم أني لست الوكيل الشرعي لشقيقتي، فقال: لايهم وسجل إسمي وأنا لست وكيلها الشرعي، وأيضا دون وجود تحليل ما قبل الزواج، ودفع الصداق المقدم وهو60 ألف ريال سعودي، وفي صباح اليوم التالي أحضر ورقة من شيخ قبيلتهم على أنه ينتمي إليهم».

لم تتم فرحة طفلة طويلاً، فبعد عقد القران بثلاثة أيام أتى مجموعة من رجال قبيلتهم يقولون لهم إنهم لا ينتمون إلى القبيلة وهم بلا أصول يعودون إليها، فتحقق الشقيق الأكبر من صحة الكلام وأتى إلى مدينة الدمام لشيخ القبيلة ناصر بن حمود للإستفسار عن الورقة التي أتى بها زوج شقيقته (عيسى) ليتأكد إن كانت صحيحة وصدرت منه. فنفاها وقال: «لم تصدر مني ولم يأتِني أحد وهم لا ينتمون إلى قبيلتنا».

ويستطرد رافع في حديثه بوجود شقيقه محمد المتابع للقضية والذي يثبت حديثه قائلا: «بعدما تأكدنا من الأمر ذهبنا إلى شقيقتنا طفلة وأخبرناها، وبدت لنا شدة ذهولها من الخبر الذي سمعته رافضه الارتباط به، وكان هذا الحديث مساءً»، ويكمل رافع الكلام: «في الصباح الباكر أيقظتني زوجتي لتخبرني بعدم وجود شقيقتي في المنزل، فبحثت عنها ولم أجد إلا آثار هربها من خلف المنزل حيث كان زوجها ينتظرها».

لم يتمالك رافع نفسه حتى ظهور أشعة الشمس بل اتجه إلى مركز الشرطة للتبليغ والتعميم في أرجاء المملكة، لكن ذلك لم يجد نفعاً. فاتجه بعدها إلى أمير منطقة الشرقية الأمير محمد بن فهد لإصدار منع سفر حتى لاتهرب خارج المملكة. ويقول: «كل محاولاتي باءت بالفشل ولم أعثر على شقيقتي التي مضى على هروبها الآن سنة». ويعلل لفظة هروب بقوله: «خروج الفتاة من غير إقامة حفلة زفاف وتسليمها لزوج من قبل ولي أمرها يطلق عليه هروب وهذا من أعرافنا وعاداتنا».

بعد النظر في القضية أمام محكمة النعيرية، وقد تغيب الزوج عن21 جلسة. وفي الجلسة الأخيرة التي كانت يوم الأربعاء في 20 أيار/مايو 2009 حضر المدعى علية وحدث تطاول في اللسان والأيدي في قاعة المحكمة بين الزوج وأشقاء زوجته، بعدما طلب الزوج أن تنقل القضية إلى محكمة حفر الباطن، على اعتبار أنها مقر إقامته. لكن أشقاء زوجته لم يرق لهم الأمر، واعتبروها مماطلة، فدخلوا في صدام أمام القاضي. وأوضح محامي الزوج عبد الوهاب العتيبي، أن موكله «نقل إلى المستشفى، وحصل منه على تقرير طبي، يفيد بحاجته إلى العلاج لمدة خمسة أيام». فيما أودع شقيق الزوجة التوقيف، ولم يخرج منه إلا بعد 24 ساعة.

وأكد رافع انه وشقيقيه لا يريدون إلا أن يثبت زوج أختهم نسبه. «نريد فقط أن يثبت نسبه، فالوضع لايتعلق بمصيرهما فقط. هناك سبع أسر مهددة بالإنفصال حالياً إذا لم يتم إثبات نسبه. والأعظم من ذلك سوف ينهدم مابناه أبي وأسلافي في المحافظة على صفاء سلالتنا من دخول ما يشوبها، وسوف تنبذنا قبيلتنا ولن نجد من يتزوج فتياتنا ويصاهرنا. العار سوف يسوم جبيننا وجبين ذريتنا». ووعد رافع بأنه في حال ثبوت نسب عيسى وإحضار شيخ قبيلته إلى المحكمة ليشهد أنه ينتمي إليهم سوف يقيم لهم حفلة زفاف، «وإذا لم يتم ذلك لا نريد منه سوى تطليق شقيقتي».

ويؤكد رافع ان مأذون الأنكحة الذي عقد قران شقيقته فصلته وزارة العدل لمخالفته للقوانين.  

 محامي الزوج: عيسى يحمي زوجته التي لجأت إليه ولها منه طفلة

أوضح المحامي عبد الوهاب العتيبي الذي يترافع عن الزوج في القضية أن الزوج تحمل مسؤولية حماية زوجته عندما لجأت إليه واحتمت به، وأعلن انه لن يتخلى عنها مهما حدث. وأقام وليمة عشاء حضرتها أسرته احتفاءً بها، فيما لا تزال الزوجة مستقرة في بيت زوجها مع طفلتها.

انتقلت القضية إلى محكمة في محافظة النعيرية، وأصدر القاضي بعد مداولات عدة حكماً بأن «تسلم الفتاة إلى أهلها». لكن المحامي رفض الحكم، وطالب بتمييزه لدى هيئة التمييز التي رفضت المصادقة عليه، و«طالبت بعدم النظر فيها من القاضي ذاته»، بحسب المحامي. وقال العتيبي إن القضية يُنظر فيها حالياً وفي إحدى محاكم النعيرية مع قاض آخر، بعدما تنقلت بين محكمتي الرياض وحفر الباطن، بدعوى ان الأخيرة مقر إقامة المدعى عليه. وشدد على أن موكله «مُلتزم بوعده لزوجته بالحفاظ عليها»، قائلاً: «إن المسألة لدى الزوج تتمثل في تحمل المسؤولية وليست في الفصل بين زوجين، إضافة إلى ثقته بنسبه».

حقوق الإنسان

لم تُحَلْ قضية طفلة وزوجها عيسى إلى هيئة حقوق الإنسان، لكن عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الناشطة في مجال قضايا حقوق المرأة الدكتورة سهيلة زين العابدين أوضحت دور جمعية وهيئة حقوق الإنسان في هذه القضايا، قائلة أنهما تستقبلان تلك الحالات التي أصبحت تحال على القضاء، وتبقى الجهات الحقوقية تتابع التفاصيل والجلسات. واعتبرت «دعاوى عدم كفاءة النسب بعد الزواج والإنجاب باطلة قانوناً وشرعاً، ويمكن أخذها بعين الاعتبار قبل الدخول وفسخ عقد الزواج. أما بعد الزواج والإنجاب فهي باطلة، ويجب إبلاغ الزوجة قبل وقوع الطلاق، واستدعاؤها للمشورة وسماع رأيها».