جريمة سرقة في السعودية تقتل الطفلة دانا

تحقيق, المجتمع السعودي, المملكة العربية السعودية, المخدرات, علم إجتماع, جريمة, عملية جراحية, عصابة, مستشفى, علم النفس, إختصاصي نفسي, طبيب نفسي, التعرض لحادثة, جريمة سرقة, شرطة الرياض, بيان الشرطة, محمد فراس اليافي, حي الملز, الأسواق المركزية, الجناة,

18 يناير 2010

أدت حادثة سرقة في العاصمة السعودية الرياض إلى وفاة الطفلة السورية دانا البالغة من العمر ١٨ شهراً، بعد  تعرض سيارة والدها لحادث أدى الى طيرانها من نافذة السيارة وارتطامها بالأرض بقوة مما أدى إلى كسور في جمجمتها الصغيرة. تفاصيل الحادث وبيان الشرطة في هذا التحقيق.

يقول خال الطفلة المتوفاة محمد فراس اليافي بصوت حزين لـ«لها» إن الحادث وقع في حي الملز وسط الرياض عندما وقفت سيارة الأسرة وفي داخلها شقيقته وابنها وزوجته ترافقهما ابنتهما الطفلة دانا بعد أن خرجوا من أحد الأسواق المركزية حيث وقفت إحدى السيارات خلفهم مباشرة.

وأضاف أن شقيقته كانت في تلك الأثناء منشغلة باستخراج بعض الحاجيات من السيارة عندما فاجأها احد الشباب في السيارة التي وقفت خلفهم بمد يده إلى حقيبتها اليدوية وسرقتها بالقوة، علما انها كانت تحتوي على ١٥٠٠ ريال وجهاز جوال وجوازات سفر، ومن ثم لاذ السارق ومن معه بالفرار.

وأشار إلى أن شقيقته استنجدت بابنها الذي كان يقف بقرب السيارة فانطلق بها مسرعاً خلف سيارة الجناة، وكانت زوجته وابنته في السيارة. وبدأت المطاردة وصدمت سيارة الجناة سيارة ابن شقيقته في محاولة لإعاقته فزاد سرعته لتجنب وقوع كارثة في الطريق لا سيما ان أسرته أيضاً برفقته في السيارة.

وبيّن اليافي انه في تلك الأثناء قام الجناة بصدمه من الخلف مرات عدة حتى انحرفت سيارته بعدما فقدت توازنها إلى احد الأسوار في الشارع ذاته واصطدمت بعمود حديد وشجرة كبيرة، مما أدى إلى إصابة ابن شقيقته وزوجته إصابات بليغة، وخروج الطفلة بمقعدها من السيارة وارتطامها بالأرض مما أدى إلى وفاتها لاحقا.

وأشار إلى أن المارة نقلوا المصابين على عجل إلى احد المستشفيات القريبة حيث تبين إصابة الزوج بثلاثة كسور متفرقة في جسمه، وكسر في الساعد الأيسر للزوجة، وضربة قوية في رأس الطفلة نتيجة ارتطامها بقوة بالأرض. وأجريت عمليات جراحية عاجلة للأسرة مكثوا على أثرها لأيام عدة في المستشفى.

وأوضح اليافي أن والدي الطفلة أصرا على إحضار جثتها إليهما في المستشفى لرؤيتها لآخر مرة قبل دفنها، فحقنهما الأطباء بابر تخدير كي لا يتأثرا بمنظر جثة طفلتهما. وفوجىء الجميع بالوالدين يقومان باحتضانها وتقبيلها بشدة رغم كمية الأدوية المهدئة والمخدرة التي أُعطيا إياها.

وطالب الخال المكلوم بالقصاص العادل لهؤلاء المجرمين الذين حرموا زوج وزوجته طفلتهما، مشيداً في الوقت ذاته برجال تحريات شرطة الرياض الذين كانوا معهم لحظة بلحظة يواسونهم بمصابهم وبوعد قطعوه على أنفسهم أن لا يهنأ لهم بال إلا بعد القبض على الجناة، وقد تحقق ذلك.

اختصاصي نفسي: شخصية هؤلاء المجرمين «سيكوباتية»
قال الاختصاصي النفسي المتخصص في العلم الإكلينيكي الدكتور طلال الثقفي «أن الجناة والمجرمين بشكل عام عندما يقررون الإقدام على الجريمة لا يفكرون أو يحسبون حساب نتائج العملية التي يقومون بها بقدر ما يفكرون في تأثيرهم النفسي من الجانب الآخر وهو الحصول على مرادهم، مع انه من خصائص النفس البشرية الارتباك والتوتر في ظروف معينة».

وأضاف أن «هؤلاء المجرمين مبرمجون نفسياً بشكل كامل تحت تأثير مجموعة من العوامل النفسية تجاه فئة من المجتمع نتيجة مواقف سابقة تعرضوا لها أو لحاجتهم الماسة والوقتية إلى المادة، وذلك لتقبل ما سيقدمون عليه دون إرباك أو توتر أو شعور قد يدفع إلى التراجع عن ارتكاب الجرم. وهذا ما يسمى في علم النفس الشخصية «السيكوباتية» التي لديها ميول إجرامية»، مستبعدا أن يكون هؤلاء يقدمون على تلك الأعمال الإجرامية تحت تخدير المخدرات.

وأوضح أن الجناة يفكرون دائماً في تنفيذ مخططاتهم «بعيداً عن أي حسابات أخرى، فهم يفكرون في ما بعد العملية، لذلك تجد مظاهر القلق والتوتر لدى هؤلاء منخفضة جداً ما قبل تنفيذ العملية، رغم وجود مادة في جسم الإنسان تسمى هرمون «الادرينالين» الذي يفرز في الدم بشكل مباشر يزيد مظاهر القلق مثل التعرق والخفقان الشديد في القلب والارتعاش، وأحيانا أخرى توسع حدقة العين».

وأشار إلى أن«الشخصية السيكيوباتية» هي شخصية منحرفة ومجرمة ومريضة نفسياً، تحمل خصائص تتعلق باستعداد نفسي ووراثي لتوجيه العدائية تجاه الآخرين كونها عدوانية وشرسة، وهذا ما يسهل الخلل في المخ والتفكير، ويشير الى أمراض نفسية تسمى «أمراض الشولوفينيا» وهي مرتبطة ارتباطاً تاماً بأمراض انفصام الشخصية».

وأشار الثقفي إلى أن التأثير النفسي للوالدين اللذين تعرضا لهذا الموقف لن يستمر طويلا كونهما سيتقبلان الأمر تدريجياً، بيد أنهما لن ينسيا الموقف على المدى البعيد. ولم يستبعد حاجتهما إلى طبيب نفسي يساعدهما في محو  الآثار السلبية التي قد يشعران بها بين الحين والآخر.

بيان شرطة الرياض
«عندما شاهد مقيم سوري عصابة تسرق حقيبة والدته جن جنونه ولحق بهم من دون أن يخطر في باله أن مطاردتهم ستجر عليه ويلات سيستمر تأثيرها عليه طوال حياته، إذ صدم قائد سيارة العصابة سيارته التي ارتطمت بجدار جهة حكومية، فأصيب وزوجته بكسور، واكتشف لاحقاً أن ابنته التي كانت في المقعد الخلفي ليست في مكانها بل «طارت» من النافذة من قوة الاصطدام وسقطت على الأرض لا روح فيها.

الجهات الأمنية في السعودية نجحت خلال وقت قصير في كشف أفراد العصابة الذين لا يزيد عمر أكبر أفرادها عن ٢٥ عاماً».

تفاصيل قصة المقيم السوري بدأت بحسب بيان لشرطة منطقة الرياض عندما تبلغ مركز شرطة الملز من مقيم عربي في منتصف العقد الرابع، أنه عند حضور شقيقته وابنتها إلى منزلهم في حي الملز «توقفت سيارة من طراز مرسيدس إلى جانبهما ونزل منها أشخاص خطف أحدهم حقيبتها اليدوية وبداخلها جوازات سفر وجهازا هاتف نقال وسلسلة ذهبية وهربوا من المكان».

وأضاف أن ابن المرأة (٣١ عاماً) الذي كانت ترافقه زوجته (٢٤ عاماً) وطفلتهما طارد الجناة بسيارته، وأثناء ذلك ارتطمت سيارة الجناة بسيارته مما أدى إلى انحراف سيارته واصطدامها بسور إحدى المنشآت الحكومية، فأصيب السائق وزوجته بكسور متفرقة، فيما طارت الطفلة وكرسي الأطفال المثبتة به من المقعد الخلفي إلى خارج السيارة وارتطمت بالأرض وتوفيت مباشرة.

وذكر أن شرطة منطقة الرياض أوكلت مهمة تعقب الجناة الى شعبة التحريات والبحث الجنائي التي اتخذت التدابير اللازمة لكشف هوية الجناة والقبض عليهم. وأسفرت التحريات عن تركز الشبهة على خمسة وافدين أربعة منهم من جنسية عربية والخامس أفريقي، أعمارهم تتراوح بين ١٧ و ٢٥ عاماً. وبعد القبض عليهم وتفتيشهم عثر بحوزة أحدهم على سلسلة ذهبية تبين أنها من المسروقات التي كانت تحويها حقيبة شقيقة المبلغ.

ولفت بيان الشرطة إلى أن التحقيقات المبدئية معهم قادت إلى اعترافهم بارتكاب الجريمة وتوزيع الأدوار وتقاسم المسروقات بينهم، ودلوا على موقع الحادث وعلى محل الاتصالات الذي بيع فيه أحد الهواتف النقالة في حي منفوحة، واتضح أن العامل فيه من جنسية عربية (٢٨ عاماً) عثر على الجهاز المسروق بحوزته فتم التحفظ عليه لمخالفته الأنظمة والتعليمات.

وأشارت شرطة الرياض إلى أنها أحالت أوراق الجناة إلى فرع هيئة التحقيق والادعاء العام في منطقة الرياض.

العقاب والعبرة
طالب الأستاذ المساعد في علم الاجتماع الجنائي في كلية الملك فهد الأمنية الدكتور صالح الدبل «بسرعة تطبيق العقوبة على المجرمين ليكونوا عبرة وعظة لغيرهم»، مشيراً الى أن الشخص يفكر قبل الإقدام على الجريمة هل سيكتشف أمره أم لا، وهل ستطبق بحقه العقوبة سريعاً، وهل العقاب رادع وكاف. وإذا غلب على ظنه أنه سيكتشف أمره وستطبق العقوبة بحقه سريعاً اقلع عن ارتكاب الجريمة، أما إذا ظن أن احتمال القبض عليه ضعيف جداً ولن يكتشف أمره وسيتأخر تطبيق العقوبة عليه فسيقدم على ارتكاب الجريمة.

وأضاف: «أن الشخص لا يرتكب السلوك الإجرامي نتيجة ظروف وضع فيها بالصدفة دون سابق تخطيط»، مؤكداً أن نظرية الردع قائمة على أساس أن الناس يرتكبون الجرائم عندما يغلب على ظنهم انه لا عقوبات كافية ورأى أن الحل هو رد في عدم إعطاء المجرم فرصة، بل يجب ان يطبق بحقه العقاب مباشرة ليكون تطبيق العقوبات رادعاً  لباقي الناس عندما يفكرون في الجريمة فيرتدعون قبل الإقدام عليها».