استمارة ما قبل الزواج في السعودية
طلاق, مشكلة / مشاكل الزواج, المملكة العربية السعودية, خيانة, عنف أسري, خطوبة, المجتمع السعودي, إنفصال, إستمارة الخطبة, فواز عمر العلي, شركة الواحة, مريم افندي, ندية محمد جميل كتبي, لمى زهدي الفاتح قرقناوي, تهاني العامودي, حامد محمد حميد, الشيخ أحمد ا
06 أبريل 2010طريقة حديثة تعطي الفتاة فرصة التعرف على الشاب بطريقة شرعية
قالت الاختصاصية الاجتماعية والمشاركة في إطلاق الفكرة ندية محمد جميل كُتبي (٢٦ سنة) أن الإيمان الشديد بالفكرة جاء بسبب الصعوبات والعراقيل التي تضعها بعض العادات والتقاليد أمام الشباب والفتيات في ما يتعلق بالزواج الذي يأخذ الطابع التقليدي في السعودية، وارتفاع نسب الطلاق والعنف الأسري والخيانات الزوجية التي كثرُت في الآونة الأخيرة.
وقالت: «رغبةً منا في تصحيح الكثير من الأخطاء السائدة حول مفهوم الزواج قمنا بابتكار مشروع يعطي الفتاة والشاب فرصة للتعارف بطريقة جديدة وحضارية لا تخرج عن العادات الاجتماعية السائدة. فبعد طلب يد الفتاة تطلب هذه ارسال استمارة للشاب لتعبئتها وتضم ١٠ أسئلة متعلقة بالاهتمامات والمعلومات الأولية والصفات الشخصية والطباع النفسية والهوايات وما يحب كل شخص وما يكره. وقد قمت بتجربة هذه الفكرة مع أول شاب تقدم لخطبتي فأرسلت له الاستمارة وكان متعاوناً ومؤيداً لهذه الفكرة حتى انه أرسل صورته مع الاستمارة لنتبادل بعدها السيرة الذاتية لكلٍ منا. وعندما اطلعت على استمارته تبين لي ان ميولي واتجاهاتي وطباعي لا تتفق وميوله واتجاهاته. فعلى سبيل المثال هو يهوى مشاهدة الأفلام والأغاني الصاخبة بينما أنا كنت على النقيض تماماً، فأنا أحب القراءة والروايات والقصص، فضلا عن انه رجل غير رومانسي ولا يؤمن بالرومانسية ومفرداتها كما ذكر في الاستمارة، إضافة إلى أنني من عائلة محافظة ومتدينة لستُ متشددة وهو عكس ذلك. فرفضت الاقتران به نظراً للاختلاف الكلي بيننا».
ولفتت الى أن مسألة الزواج لا تحتاج إلى تعقيد فهي حياة مشتركة بين شخصين يحيطهما الحب والاحترام والتفاهم والوضوح والمعاملة الحسنة... «ليس بالاستمارة فقط يعرفان بعضهما ذلك لأنهما يجب أن يخضعا لاختبار نفسي شخصي يُشرف عليه طبيب مختص في مركز للاستشارات النفسية، ومن ثم إعطاؤهما دورات توعوية مخصصة لإنجاح الحياة الأسرية والترابط بينهما».
رحب المدير العام لشركة الواحة فواز عمر العلي (٣٤ سنة) بهذه الفكرة ووصفها «بالفكرة المتطورة والحضارية» للتعارف بين الجنسين قبل الارتباط. يقول: «هي فكرة جديدة وأرى أنها جميلة جداً لتنوير أي طرفين مقبلين على حياة مشتركة ومستقبل واحد، لمعرفة تفكيرهما وتقريب وجهات النظر بينهما، وهذا ما يجعل كل طرف يقبل على الحياة براحة أكثر وقبول أسرع في الحياة الزوجية. وهي طريقة ناجحة ومفيدة بنسبة ١٠٠ في المئة للحد من انتشار الطلاق والمشكلات الزوجية ولئلا يحدث التصادم لاحقاً كما يحدث مع بعض الزيجات التقليدية. فالمعلومات والاستشارة النفسية واختبار الشخصية والدورات التي ستعطى للزوجين هي خطوات صحيّة وصحيحة للبدء في الحياة الزوجية المشتركة والجديدة على الطرفين».
تهاني العامودي: نعطي حلولاً للطلاق والعنف الأسري بلغة عصرية جديدة وشرعية
ذكرت الناشطة وصاحبة الفكرة الاختصاصية النفسية تهاني العامودي (٢٧ سنة) أن هذه الطريقة الشرعية المبتكرة توصلنا إليها بعد النسب المفجعة لظاهرة الطلاق المنتشرة كالوباء في المجتمع السعودي، مما أدى إلى إصابة بعض الفتيات بفوبيا من الزواج خوفاً من حمل لقب مطلقة في أقل من ست أشهر. تقول: « هناك نوعان من الفتيات، نوع يقبل بأي شيء وأي نوع من الزواج فقط لكي ترتبط الفتاة ويقال إنها تزوجت، أما النوع الآخر من الفتيات فهن متخوفات من الاقبال على خطوة الزواج لإدراكهن حقيقة هذا الأمر والمخاطر التي تحيط به بسبب قلة الوعي وعدم فهم الآخر من البداية. فإذا نظرنا إلى المجتمع بدقة نجد أن العلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة في السعودية فيها نوع من الحذر. وهناك حالات قليلة جداً ممن يتزوجون عن طريق تعارف (غير شرعي). وعادة يتقدم شاب لخطبة فتاة بعد إرسال والدته، حتى أصبحت الأمور وكأنها شكليات بمواصفات وشروط معينة وسطحية يضعها الشاب في مخيلته عن الزوجة التي يرغب في الارتباط بها ومن ثم تتم عملية القبول والزواج لكن السؤال هو: هل هذه الطريقة كافية ليتعرف الطرفان على بعضهما؟ بالطبع لا. فالفتاة لم تسنح لها فرصة التعرف على الشاب».
وأشارت إلى أن هذه الفكرة اختُبرت على محيط الصديقات ونجحت مع بعض الفتيات، وقريباً ستتزوج إحداهن بعد موافقتها على صفات الزوج من خلال تعبئة الاستمارة. «هذه الطريقة تبدأ قبل النظرة الشرعية بإعداد سيرة ذاتية للشاب والشابة ليتعرف كل منهما على الآخر. بعد ذلك اذا تم الاتفاق بينهما تأتي مرحلة النظرة الشرعية، ومن ثم تأتي مرحلة الفحص النفسي للطرفين من خلال إجراء اختبار للشخصية بإشراف طبيب أو اختصاصيين نفسيين لمعرفة مدى تواؤم صفاتهما النفسية والعقلية والفكرية.
وأطالب الجهات الحكومية و وزارة العدل بالنظر إلى هذه الفكرة بإيجابية آملة تشريعها وإقرارها كشرط أساسي قبل الزواج ذلك لأنها تمنح الشاب والفتاة فرصة التعرف على مواصفات الآخر بطريقة شرعية وواضحة. واذا طُبقت ستحد كثيراً من تفشي الطلاق والعنوسة وزواج الصغيرات والخيانة الزوجية والانفصال العاطفي وغيرها من الظواهر السلبية التي تُنغص الحياة الزوجية وتفتك بها منذ بدايتها ولابد أن تكون دورات تثقيفية مكثفة لمفهوم الزواج ونحن نعاني من قلة الوعي في هذا الجانب حتى تستطيع مواجهة العقبات او العثرات.فزواج الصالونات والتعارف ساهما في الوصول إلى نسب الطلاق المفجعة التي باتت تزدحم بها محاكمنا الشرعية ومعظم المحيطين بنا من صديقات وأشخاص في العائلة منفصلون لأسباب سطحية كعدم التفاهم واختلاف الشخصيات».
وشددت على ضرورة إلغاء دور الخاطبة من المجتمع السعودي «لأن دورها في المقام الأول تجاري ولا يوجد أي وجه تشابه بين فكرتنا العلمية الاجتماعية المدروسة وبين الخاطبة التي تهتم بالمال.
وحول المواقع الالكترونية التي تعنى بالزواج والتعارف من خلال استمارات، لفتت العامودي إلى أن هناك الكثير من الاشخاص ممن تضرروا من هذه المواقع. «أنا متأكدة أن ٩٩ في المئة من هذه المواقع تخلو من المصداقية والوضوح والجدية. أما ما يخص المتقدم عن طريق الانترنت فإن أغلب الشباب غير جادين يريدون أن يتعرفوا على فتيات بطرق أخرى. وفي علم النفس هناك ما يسمى الحيل الدفاعية اللاشعورية، وأحياناً تستخدم هذه الطريقة للاقناع بالفشل. فبالتالي أجد أن هذه المواقع غير مدروسة اجتماعياً وغير جيدة. ونحن لم نخترع او نبتكر طريقة جديدة فالتعارف موجود في المجتمعات جميعها، ولكن من حق الفتاة قبل النظرة الشرعية أن تطلب سيرة ذاتية عن شاب لمعرفة طباعه».
وعن ردود الفعل على الفكرة الجديدة التي لم تبلغ سوى ستة أشهر أكدت العامودي ان «غالبية الحالات التي جاءت الينا تقبلت هذه الفكرة واعتبرتها بمثابة الفرصة التي تخدم الشاب والفتاة بطريقة جديدة. لكن هناك بعض الشرائح في المجتمع لا تتقبلها. وهناك من أطلق تعليقات تعبر عن رأيه بأنها استمارة وظيفة وملفات وما إلى ذلك، وهو أمر يعود إليهم. فالمشكلة تكمن في نظرتنا الى أي موضوع أو فكرة من جانب سلبي دون النظر إلى الزوايا او الجوانب الأخرى التي قد تكون ايجابية. وهي فكرة طُرحت في المجتمع ولابد أن يكون لها مؤيدون ومعارضون. فمن أراد أن يجربها فما المانع من ذلك ومن لم تعجبه فهذا رأيه ونحن نحترمه. لكن من وجهة نظري أجد أنها فكرة قد تعطي حلولاً للكثير من المشكلات كالطلاق والعنف الاسري بلغة العصر وبحلول جديدة ومشرعة دينياً، فهي خطوة أولى تتبعها خطوات لفحص النفس والدورات التثقيفية عن الحياة المشتركة بين الزوجين».
لا أتزوج بـ«استمارة»
عارضت الفكرة مريم افندي (٣٠ سنة)، وهي موظفة في شركة خاصة، قائلة: «لا يمكنني أن اتزوج من خلال استمارة ومعلومات قد تكون مكتوبة لجذب الطرف الآخر، وعند القبول تبدأ الصدمات من كل حدبٍ وصوب. لا أعتقد أنها فكرة ناجحة ذلك أننا في مجتمعٍ يحرص على عاداته وتقاليده ويتمسك بالجذور والقواعد الصحيحة للزواج التقليدي الذي ينجح بين غالبية الناس. ولا نستطيع أن نحكم بالفشل على هذا النوع من الزواج بسبب فشل علاقات أو طلاق زوجين بسبب أمور قد لا تكشفها تلك الاستمارة أو حتى اختبار الشخصية. لست من مؤيدي هذا النوع من التواصل بين الجنسين لبناء حياة زوجية صحيحة».
قرقناوي: تجربة جديدة وخطوة مفيدة
الا أن لمى زهدي الفاتح قرقناوي (٣٥ سنة)، وهي أم لثلاث بنات أكبرهن تبلغ السابعة عشرة، أيدت الفكرة بقولها: «هي فكرة ناجحة مستقلة لطرفين أرادا أن يقبلا على الحياة بشكل جديد ومشروع لكي لا يقعا في ما بعد في مشكلات تودي الى الطلاق. ولو عاد بي الزمن الى الوراء لكنت جربت هذه الفكرة. واذا أحبت ابنتي تجربتها لا أمانع طالما أنها ترسم لنفسها الطريق السليم مع الشخص الذي سيشاركها حياتها ومستقبلها».
حميد: اطلب عروساً لا وظيفة لأبدأ بتعبئة استمارة
أما حامد محمد حميد (٢٧ سنة)، وهو موظف في شركة خاصة، فرفض الفكرة جملةً وتفصيلاً ووصفها بالسيئة التي لا تُجدي نفعاً في المجتمع السعودي. يقول: «لست مع هذه الأفكار التي قد تحتمل الصدق أو الكذب في بعض المعلومات التي تُعبأ من الطرفين في الاستمارة لتبدأ المواجهة بعد أشهر من الزواج. ولعل الفكرة لن تحد من ظاهرة الطلاق بل ستنشرها لأن الكثيرين من الشباب أو الفتيات قد لا يأخذون الفكرة على محمل الجد، وبالتالي فالنتيجة واضحة وهي الفشل في العلاقة الزوجية التي بُنيت على أوهام أو صفات غير موجودة في احد الطرفين. أكاد أن أبصم باستحالة نجاحها في السعودية، فأنا شاب أطلب الزواج لا وظيفة لأبدأ بتعبئة استمارة وكتابة سيرتي الذاتية!».
«إن كنت تريد أن تخطبني فاملأ الاستمارة»، شعار رفعته فتاتان سعوديتان لطريقة حديثة تهدف الى تعارف الشاب والفتاة قبل الزواج وتمنحهما فرصة لكشف طباعهما وميولهما. من خلال تعبئة استمارة و إرسال سيرة ذاتية تعطى لكل منهما قبل النظرة الشرعية، ليُلزما بعد الموافقة على الآخر بالذهاب إلى مركز تدريب ذاتي للفحص النفسي والتأكد من صحة سيرتيهما ومدى توافق صفاتهما النفسية والفكرية. ومن ثم يتم إلحاقهما بدوراتٍ تكثيفية وتأهيلية لتعريفهما بمفهوم الزواج والحياة المشتركة. وأرجعت مبتكرتا هذه الطريقة وجود الاستمارة إلى ارتفاع نسب الطلاق وحالات الانفصال العاطفي والخيانات الزوجية والعنف الأسري في السعودية، وطالبتا الجهات الحكومية بإقرارها كشرط أساسي قبل الزواج. «لها» التقت صاحبتي الفكرة الاختصاصية النفسية تهاني العامودي والاختصاصية الاجتماعية ندّية كتُبي، واستطلعت آراء بعض الشباب والفتيات حول هذا الموضوع.
الشيخ احمد المُعبي: فكرة جائزة طالما أنها لا تُفضي إلى اختلاط
من جانبه، ذكر عضو المحكمين في السعودية الشيخ احمد المُعبي أن «هذه الفكرة جائزة شرعاً طالما أنها لا تُفضي إلى اختلاط وتتم بعلم أهل الخاطبين باستمارة المعلومات الخاصة في الخاطب والمخطوبة. وهي طريقة للتعارف بينهما عن بعد من خلال ملء الاستمارة بالطباع والصفات والبيانات الأولية لكل طرف وتوضيح ما يحب وما يكره من عادات أو أمور شخصية أو حتى عامة، وطريقة التصرف اذا واجه مشكلة ما، فضلا عن الطريقة والكيفية التي يتم من خلالها إيصال تلك الاستمارة إلى الشاب أو الفتاة سواء أكان ذلك من خلال الوالدة أو الأخت أو أي من أفراد عائلتهما. هذا أمر جائز ولا يجوز تحريمه طالما انه لا يؤخَذ ذريعة للالتواء أو الخداع وإلا وجب تحريمه إن ثبت ان الشاب والفتاة غير جادَّين بأمر الزواج والارتباط. ولا أرى فيها خطأ إن تم إقرارها كشرط أساسي قبل الزواج من الجهات الحكومية في حال ثبوت نفعها».