62 في المئة من المغربيات تعرضن للعنف...
عنف ضدّ المرأة, مهرجان سينما الذاكرة المشتركة المغربي, خلافات الزوجية, عنف نفسي, عنف جنسي, إغتصاب, عنف جسدي
07 فبراير 2011قانون جديد
يذكر انه من أجل الحد من ظاهرة العنف ضد المرأة ، ينتظر أن تقر الحكومة المغربية قانونا يجرم العنف ضد المرأة داخل الأسرة، خاصة العنف الزوجي الذي يشكل نسبة عالية من أشكال تعنيف النساء،وقد وضعت وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة استراتيجية لمحاربة العنف المبني على النوع. ويتضمن هذا البرنامج تنظيم حملات سنوية لمناهضة العنف المبني على النوع وتتبع وضع منظومات معلوماتية مؤسساتية، وتعزيز قدرات مراكز الاستماع إلى النساء ضحايا العنف، ومحاربة الصور النمطية ونشر ثقافة المساواة، وتنفيذ مخطط لتحسين صورة المرأة في وسائل الإعلام. وتقول الوزيرة نزهة الصقلي إن إصدار قانون ضد العنف الزوجي من شأنه أن يخفف النقص في التشريعات الحالية تجاه خصوصية العنف المبني على النوع خاصة العنف الزوجي، مشيرة إلى أن هذا القانون الجديد المرتقب من شأنه ضمان حماية ناجعة ضد كل أشكال العنف، ومؤكدة أن الهدف من التشريع الخاص ضد العنف يندرج في إطار الاستمرار في إصلاح مدونة الأسرة وحماية النساء ومعالجة موضوع العنف انطلاقا من زوايا متعددة دون الإضرار بأي طرف.
معطيات البحث
كشفت دراسة ميدانية حول انتشار ظاهرة العنف ضد النساء المغربيات، أنه من بين 5ر9 ملايين امرأة تتراوح أعمارهن ما بين 18 و 64 سنة، تعرضت نحو 6 ملايين (8ر62 في المئة)، لشكل من أشكال العنف خلال الإثني عشر شهرا التي سبقت البحث ( 8ر3 ملايين في الوسط الحضري و2ر2 مليون في الوسط القروي).
وأوضح هذا البحث الذي شمل الفترة ما بين حزيران/يونيو 2009 وكانون الثاني/يناير 2010، وقدم نتائجه أحمد الحليمي علمي المندوب السامي للتخطيط، أن 15 في المئة من النساء المستجوبات صرحن بتعرضهن للعنف الجسدي خلال الأشهر الإثني عشر التي سبقت البحث. أما معدل انتشار العنف الجنسي فبلغ 7ر8 في المائة (1ر7 في المئة في الوسط القروي مقابل 8ر9 في المئة في الوسط الحضري)، وشمل الشكل الأكثر خطورة (المعاشرة الجنسية بالإكراه) 38 ألف امرأة سنوياً أي بمعدل انتشار يقدر بـ 4ر0 في المئة.
ويعتبر العنف النفسي حسب البحث من أنواع العنف الأكثر انتشاراً، وذلك بمعدل 4ر48 في المائة وهو ما يمثل 6ر4 ملايين ضحية. وتعتبر الشابات الأكثر عرضة لهذا العنف الذي ينتقل معدله من 4ر48 في المئة بالنسبة للنساء اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 35 و39 سنة إلى 57 في المئة للبالغات ما بين 18 و24 سنة.
أما الأشكال الأخرى للعنف الممارس ضد النساء، فهي انتهاك الحريات الفردية (ثلاثة ملايين امرأة أي بنسبة 3ر31 في المائة) ويرتفع معدل انتشار هذا الشكل من العنف خصوصاً في إطار الحياة الزوجية، إذ يتجاوز 30 في المئة ويطال ما يفوق مليوني امرأة. كما يطال العنف المرتبط بتطبيق القانون أساساً النساء المتزوجات (1ر1 مليون).
أما العنف الاقتصادي فيطال أكثر من 181 ألف امرأة، أي ما يمثل 2ر8 في المئة وينتشر نسبياً أكثر في الوسط القروي (13 في المئة) مقارنة بالوسط الحضري (6 في المئة).
ومن جهة أخرى، أفادت معطيات البحث أن أعمال العنف التي تتعرض لها النساء في الأماكن العمومية، يتم التبليغ عنها لدى السلطات المختصة بنسبة 4ر17 في المئة من الحالات. ويجري التبليغ عن العنف الممارس في الوسط الزوجي إلى السلطات المختصة بنسبة ضعيفة لا تتعدى 3 في المئة من الحالات. وتتصدر الاعتداءات بواسطة أداة حادة أو مادة خطيرة الأفعال المبلغ عنها (41.4 في المئة من الحالات)، يليها الحرمان من الأطفال 21.2 في المئة والطرد من بيت الزوجية (6.9 في المئة).
ويشار إلى أن الشكاوى تنتهي في معظمها بتحرير محضر (25 في المئة) أو بالصلح أو التنازل عن القضية (38 في المئة)، كما أنه على إثر هذه الشكاوى أوقف 3ر1 في المئة من المعتدين وإدانة 8ر1 في المائة منهم.
وكان الحليمي قد أكد، في تقديمه لنتائج هذا البحث الوطني حول انتشار العنف ضد النساء، أنه يندرج ضمن صيرورة واضحة تحكمها أساسا ثلاثة اعتبارات، يحيل الأول إلى ظاهرة الفوارق الاجتماعية، إذ مكنت الدراسات والأبحاث التي أجريت من الوقوف على مستوى التوزيع الاجتماعي للدخل والتشغيل والوصول إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية في البلاد.
وأكد أن نتائج البحث ستساهم على الخصوص، في تفعيل المخططين الاستراتيجي والعملي اللذين تبناهما المغرب لمناهضة هذه الظاهرة، مبرزا أن هذا البحث يوفر معطيات دقيقة تستجيب لسياسات وطنية حريصة على ضمان الانسجام مع مبادئ إعلان 1993 للأمم المتحدة الخاص بالقضاء على ظاهرة العنف ضد المرأة، ومع قرارات الأمم المتحدة الأخرى ذات الصلة.
ويخلص البحث إلى أن العنف ضد النساء ينتشر بالدرجة الأولى في الوسط الحضري ويخص الشباب كما يتزايد بتزايد الهشاشة السوسيو اقتصادية.
ممارسة شاذة
في المقابل كشفت دراسة أنجزها «مرصد عيون نسائية» أخيراً أن معاناة بعض النساء المغربيات مع أزواجهن تصل إلى حد الحط من كرامتهن الإنسانية، وذلك في ظاهرة دخيلة على المجتمع المغربي سمتها الدراسة «الاغتصاب الزوجي».
وأفادت الدراسة أن عدداً كبيراً من المغربيات يخضعن للاغتصاب الزوجي وما يرافقه من عنف بدني، وقالت أن أكثر من 8% في المئة من المتصلات بمراكز نداء النساء المعنفات أكدن تعرضهن للعنف جراء رفضهن الخضوع لاغتصاب زوجي يراد منه إجبارهن من قبل أزواجهن على ممارسة جنسية شاذة مع أزواجهن.
وقالت الباحثة سمية نعمان جسوس، إحدى المشرفات على هذه الدراسة، إن أكثر الحالات التي شملتها الدراسة هي لزوجات اشتكين من إرغام أزواجهن لهن على الخضوع لممارسات جنسية شاذة. وأعطت مثالين عن فتاتين تزوجتا لأكثر من 6 شهور ثم عادتا إلى بيتي أسرتيهما عذراوين، لأن زوجيهما كانا يضاجعانهما طوال فترة الزواج بطريقة مخالفة للشرع.
وبحسب هذه الدراسة، فإن «الاغتصاب الزوجي» في المغرب يرتكب في جو محاط بالكتمان، ومسيّج بالتسامح من الزوجة، في ظل فراغ قانوني لا يجرم هذا النوع من العنف ضد النساء. ونبهت الباحثة المغربية، خلال عرض نتائج الدراسة، إلى تسرب بعض الممارسات والأفعال الشاذة من المجتمع الغربي إلى المجتمع المغربي.
وذكرت الباحثة أن من بين الحالات التي وقفت عليها حالة سيدة كان زوجها يصطحب معه عشيقته إلى البيت ويجبرها على مشاركتهما العملية الجنسية. وفي مقابل هذه الحالات الشاذة، كشفت الدراسة عن وجود سيدات لا يميزن بين الحلال والحرام في العشرة الزوجية. وأشارت الباحثة السوسيولوجية سمية نعمان جسوس إلى حالة سيدة لم تكن تسمح لزوجها بتقبيلها في فمها ظناً منها أن ذلك «لا يجوز». وذكرت حالات نساء أخريات اعتبرن أنفسهن ضحايا «الاغتصاب الزوجي» لمجرد أن أزواجهن كانوا يتعرّون أمامهن.
مواكبة الرجال
في السياق ذاته، شرعت الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء في تطبيق أول برنامج أسري يطمح إلى وقف ارتكاب أفعال العنف ضد النساء، عبر العمل مع الرجال مرتكبي العنف، لإشراكهم في مناهضته، وحثهم على التفكير في آليات تطبيق ذلك، لإحلال السلام بين أفراد الأسرة وبين طرفي العلاقة الزوجية.
ويعد البرنامج، حسب الجمعية، الأول من نوعه في المغرب والعالم العربي، ويرتكز على المقاربة التواصلية باعتماد تقنيات حديثة في الحوار والتواصل، والاستماع إلى الزوج المعنف والزوجة المعنفة، خلال حضورهما جلسات خاصة.
ويهدف البرنامج إلى مواكبة الرجال على المستويين النفسي والاجتماعي، والعمل معهم في إطار «مجموعات نقاش» أو «مواكبة فردية»، لتجاوز العنف، والوصول إلى امتلاك قدرة التواصل داخل العلاقة الزوجية.
ويطلق على البرنامج اسم «مواكبة الرجال في محاولة لكسر العنف الزوجي القائم على النوع الاجتماعي»، ويستفيد منه، حالياً 8 رجال، استطاع واحد منهم التوصل إلى طريقة لفض خلافاته الزوجية ووقف تعنيف زوجته، مما أعاد الود إلى علاقتهما، حسب الجمعية.
أوضحت أرقام أوردتها دراسات ميدانية حديثة أن ظاهرة العنف ضد النساء المغربيات مستمرة رغم انتشار عدد من مراكز الاستماع والتوجيه التي تديرها جمعيات نسائية، بغرض كسر جدار الصمت واستقبال النساء ضحايا العنف الذكوري وتقديم الدعم النفسي لهن وتوجيههن قانونياً وإجتماعياً، فضلاً عن بناء قواعد بيانات لفهم أبعاد الظاهرة في انتظار صدور قانون ينصف المغربيات ويحميهن من بطش أزواجهن.
برنامج أسري
قالت مديرة الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء خديجة الرباح إن البرنامج يمنح فرصة جديدة للرجال المعنفين، للدخول في برنامج إصلاح السلوك، عبر التحكم في حالتهم النفسية وانفعالاتهم وتوتراتهم التي تؤدي بهم إلى ارتكاب العنف، موضحة أن البرنامج لا يعتمد على مقاربة علاجية بمفهومها الطبي، لكن باعتماد أساليب تصحيح السلوك، دون اللجوء إلى القضاء.