صفاء عبد السلام العامري سفيرة الفكر العربي في قطر

قطر السكر, النشاطات الهادئة, مؤسسة الفكر العربي, نشاطات ثقافية, المجتمع العربي, الشباب العربي, صفاء عبد السلام العامري

14 مارس 2011

صفاء عبد السلام العامري -سفيرة الفكر العربي في دولة قطر- باحثة اقتصادية في برنامج قطر الوطني للأمن الغذائي. وقد التقتها «لها» في اليمن وكان لنا معها هذا الحوار.


- ما هو الدور الذي تؤدينه كسفيرة شباب الفكر العربي؟

من واجبي كسفيرة بطبيعة الحال تمثيل الشباب العربي في دولة قطر لدى كل المحافل وفي المؤتمرات والدورات التدريبية التي تقيمها مؤسسة الفكر العربي كل عام، سواء المؤتمر الختامي أو ورش التدريب التي تنمي قدراتنا في مختلف المجالات على مدار العام. ومن ثم تأتي الواجبات الرئيسية الأخرى التي تشمل دعم كل ما نستطيع دعمه والمشاركة فيه من نشاطات الشباب في الدول التي نمثلها ونحاول إشراك الشباب العربي في مختلف النشاطات والمبادرة بطرح أفكار جديدة تخرجهم من جو النشاطات التقليدية التي قد تتسم بالتكرار والملل إلى جو النشاطات التي من شأنها أن ترفع مستوى المسؤولية والفهم لديهم. ومن هذه النشاطات حملات توزيع فائض معلبات الغذاء عند الأسر المكتفية ذاتياً ونقلها لمدة أسبوع كامل للأسر المتعففة ذات الدخل المحدود والتي قد لا تجد قوت يومها. وكان ذلك بدعم كبير من مؤسسة عيد الخيرية في الدوحة.

هذا إلى جانب النشاطات التي أشاركت فيها مع فريق «توب شباب»، وهي جمعية قائمة على أيدي شباب في مقتبل العمر عملت معهم على مشروع التحفيز على القراءة iRead في خمس مدارس في الدوحة. وكنت ومازلت عضواً فاعلاً في سلسلة مشاريع المبادرة العالمية «والدي My Father» التي تهدف إلى تقوية العلاقة بين الآباء وأبنائهم من خلال المسابقات الانشائية والقصصية التي يكتبها المشاركون الأبناء من أي فئة عمرية كانت. هذا بالإضافة إلى الحوارات بين تلامذة المدارس عن موضوع العلاقات الأسرية والتحاور بين الأجيال. هذه بعض النشاطات التي قمت بها، وهي تلك التي يجب علينا كسفراء للفكر العربي أن ننخرط فيها لأنها تعنى بالفكر والثقافة والتغيير المجتمعي الايجابي.

 ومن ناحية أخرى، فإن الالتزامات التي علينا الحرص على تنفيذها من خلال الأعمال التطوعية التي نمارسها بمساعدة الأفراد والمؤسسات المجتمعية والأندية الشبابية تشمل: محاولة اشراك الشباب في اتخاذ القرار وتمثيل مجتمعاتهم بالطرق المختلفة، وهذا ما أسعى إلى القيام في الفترة المقبلة من خلال بعض الانشطة بالتعاون مع نوادٍ شبابية هنا في الدوحة، وتهدف هذه الأنشطة إلى ابراز قدرة الشباب على الحوار مع الآخر، وأعني هنا بالآخر من هم شباب من مختلف المجتمعات الغربية ومجتمعات الشرق الأقصى من خلال التواصل مع الجامعات في تلك الدول ومحاولة اختيار وقت ملائم للجميع وإقامة حوارات عبر الهواء مباشرة يناقش فيها هؤلاء الشباب الاختلافات والتوافقات التي تمتاز بها مجتمعاتهم. وهذا ينمي قدرات تقبل الرأي والرأي الآخر بإلاضافة إلى جوانب أخرى عديدة منها التثقيف والاستفادة من ايجابيات الآخرين وتبني ما يمكن تبنيه من تلكم الخبرات كسلوكيات تهدف إلى التطوير والانفتاح.

أما بعض النقاط الآخرى فتشمل الآتي:
1-
يجب الإشراف على تنظيم لقاء تعريفي ببرنامج السفراء من خلال نموذج موحد تعتمده المؤسّسة وبالتنسيق معها، ويمكن جعل هذا اللقاء دورياً بحسب اهتمام المشاركين.
2- تقديم لائحة بالنشاطات والّلقاءات الثقافية التي تقام في قطر، والحرص على تأمين دعوة للمؤسّسة أو المشاركة في نشاطات مماثلة.
3- تحضير استبيان استطلاعي خاص بالشباب في قطر حول احتياجاتهم ومتطلباتهم بالتنسيق مع المؤسّسة عن محتوى الاستبيان والاسئلة المطروحة.
4- إصدار ملحق خاص بالشباب مع مجلة المؤسّسة «متابعات» أشارك فيه من ناحية المحتوى والمواضيع.
5- ترشيح شباب للمشاركة في مؤتمرات مؤسّسة الفكر العربي وتزويدهم المعلومات الكافية عن المؤسّسة.
6- بناء شبكة «أصدقاء فكر» في قطر والتي يجب أن تضم شباباً ناشطين، مؤسّسات المجتمع المدني، منظمات شبابية، وزارات الشباب والتربية، جمعيات أهلية، فنانين، كتاباً وشخصيات اجتماعية معروفة، إعلاميين، مراكز بحث وجامعات.
7- استخدام المدونات والصفحات الإلكترونية والمجموعات الاجتماعية على شبكة الإنترنت لمناقشة مواضيع يعنى بها الشباب، وتبادل الآراء والاطلاع على  نشاطات السفراء وخبراتهم.

- كيف تنظر إلى مبادرة مثل مبادرة «برنامج الشباب» في مؤسسة الفكر العربي؟ وهل هي فعلاً قادرة على إشراك الشباب العربي في حلّ قضايا المجتمعات العربية؟
شاركت في هذه المبادرة لمدة عامين حتى الآن، وأجد أنها مفيدة ومثرية لأفكار الشباب وتنمي قدراتهم الذاتية والمهنية. وما أعنيه بقولي هذا هو أنني عندما شاركت مع بقية زملائي في هذه الورش التدريبية والمؤتمرات السنوية كنا مجبرين بشكل أو بآخر على أن نتحمل مسؤولية تمثيل جيل الشباب العربي في بلداننا والوطن العربي. أن نمثلهم من ناحية أننا جميعاً متشابهون في الرؤى والطموحات وفي تيقننا التام من حبنا للعلم والمعرفة، وأننا جميعاً كذلك نسعى إلى تطوير أنفسنا بكل الوسائل المتاحة لنا ونستغل كل الفرص حتى نكبر وفي عقولنا التجربة والوضوح الكبير لما هي المسؤولية وكيف نقوم نتحملها ونضطلع بها على أكمل وجه كل في تخصصه. هذا كله نحن نكتسبه من خلال الجلوس والاستماع في الجلسات الحوارية، النقاشية، العلمية، والفنية والأدبية والاقتصادية وغيرها تلك التي تناقش مواضيع تمسنا ومجتمعاتنا بشكل رئيسي، وكذلك نحصد الخبرات من الورش التعليمية والتدريبية التي تشركنا المؤسسة فيها.

 

- ما هي برأيك أبرز المشكلات التي تهدد المجتمعات العربية؟
أولاً أريد أن أقول إن مشكلات الشباب في العالم متشابهة الى حد كبير، سواء الشباب في الغرب أو أؤلئك في الشرق أو حتى نحن هنا في الأوسط. ولكن تبقى الاختلافات النسبية التي تنشأ في المجتمعات المختلفة مما يجعل شباب كل مجتمع يعاني بدرجة أقل أو أكثر من موضوع أو آخر...
في اعتقادي، ما ينقصنا نحن الشباب العربي هو الثقة بالنفس. ربما كانت هناك فرص بالملايين غير مستغلة من ناحية الشباب، ولكن تجد شباب اليوم يخلدون الى الراحة ويفضلونها على الاجتهاد للبحث. وأعني هنا بالبحث التخصص الأنسب الذي يناسبهم ويتطلبه مجتمعهم، أو البحث عن فرص العمل في أي مكان، وإن لم توجد فرص العمل هذه فتعلم حرفة واتقانها والنبوغ فيها. أنا أؤمن بأن العالم لم ينضب من الفرص في كل المجالات، وإنما يجب وجود عقول تكتشف هذه الفرص وتفعّلها وتستغلها أنفع استغلال لمصلحة الفرد والمجتمع والأمة.
وطالما الشباب العربي مليئاً بالبؤس والتخاذل والاتكال ستكون مجتمعاتنا معرضة لأخطار.
أختم بالقول إن الهوية العربية أصبحت تضمحل باضمحلال قيمة اللغة العربية في نفوس العرب ذاتهم. ولا ألقي اللوم هنا على اقبال العالم العربي على تعلم الانكليزية، فعندما نكون أقوياء في لغة الغير نستطيع عندها وبسهولة أن نأخذ ما عندهم من العلوم وتحسينها ثم تجريبها. ولكني ألوم بشكل أساسي وبشكل أولي الأباء والأمهات الذين تراهم يتحدثون الانكليزية مع أطفالهم ظناً منهم أن الطفل بهذه الصورة سوف يكبر وهو متعلم للانكليزية ولا يحتاج بعدها لدخول المعاهد، والبعض الآخر يأخذ هذا السلوك من باب المفخرة ليس إلا!
وبكل الأحوال يلام هؤلاء الاهالي ويلام أؤلئك الشباب المراهقون الذين تقليداً لكل من حولهم بدأوا يتحدثون في ما بينهم بالانكليزية، مما يجعل لسانهم في ما بعد يستصعب نطق الحروف العربية، فما بالكم الكلمات!


أبرز التحديات التي تواجه مجتمعاتنا: الثقة بالنفس، تحمل المسؤولية والاجتهاد، والهوية

- إلى أي حد الشباب العرب معنيون بتطوير مجتمعاتهم؟ وما هي أبرز العقبات التي تمنع الشباب من ممارسة دور فعّال؟ ولماذا هم بعيدون عن مواقع القرار؟
الشباب مسؤولون تماماً كي يقوموا بالبحث أولاً عن التخصصات التي تناسبهم ويبدأون بذلك وهم في المرحلة الثانوية. فليس الابكار في التفكير مشكلة وإنما تفتيح للدماغ كيف يبدأ استجماع المعلومات المترابطة من المحيط ومن ثم تنقيتها واختيار الأنسب منها. وليس هناك داع لليأس إذا كان التخصص الذي تعلمه الشاب في الجامعة ليس هو المطلوب في السوق، فالانسان المتقن في عمله سينجح وإن كانت مهنته حتى جمع المحصول من الحقل، فذاك الانسان يمكنه أن يفكر ويبتكر كل يوم وسيلة تبسط عليه العمل، ويجتهد فيصبح الرائد في أي مجال يعمل فيه. ولا ننسى أن هناك دوماً الدرجات العليا التي تأخذ وقتاً أقصر من التعليم الجامعي الأول، وقد نختار فيها ما نريده من تخصص مرغوب إن كنا نفكر بتلك الطريقة. من هذه الناحية يمكنني أن أقول الآن إن الشباب العربي معنيٌ أولاً بتطوير نفسه من كل الجوانب الممكنة والاجتهاد، وهذا سيجعل المجتمع كذلك يتطور ونكون كما يقول المثل: نضرب عصفورين بحجر! ومن ناحية أخرى، فلا بد للشاب والشابة الاحساس بقيمة النعم العظيمة لدينا والمحافظ عليها ، والتفكر فيها في كل وقت. وهذا يعني أن على الجميع أن يجربوا العمل التطوعي ويجعلوه عادة لديه لأن العمل التطوعي، رغم استصغار بعض الناس له، ركيزة مهمة تفتح العيون والعقول على الفرص المتوفرة في المجتمع وتجعلنا متيقنين على الدوام بأهمية ما نملك.

أما بالنسبة الى أبرز العقبات التي تمنع الشباب من ممارسة دور فعال، فأنا أعتقد وأؤمن بأنه ليس هناك أبداً ما يمنع بهذه الصورة المستحيلة. وكما قلت سابقاً حتى وإن عدمت الوظائف والمراكز العالية في الشركات أو المناصب، وحتى وإن كانت مستويات الفساد في مجتمعاتنا مرتفعة، تبقى هناك فرص عديدة تنتظر الشاب والفتاة لاكتشافها والخوض فيها. لِمَ لا نواجه مخاوفنا بالبحث عن لقمة العيش في بلداننا؟ ولا بد أن نجد شيئاً لم يسبقنا إليه أحد، وإن أخلصنا فيه وأبدعنا فسنكون السباقين فيه وسيكون حتى آخر الزمان لنا. وفي كل الأحوال ليس هناك ما نخسره اذا جربنا. وأما بالنسبة الى سؤال لماذا الشباب بعيدون عن مواقع اتخاذ القرار، فإني أؤمن بأن هذا لا مكان له في هذا العصر. ومع التكنولوجيا أصبح للجميع صوت يسمع وكلمة تقال ورأي يؤخذ بعين الاعتبار. وأيضاُ: لابد للشباب من اكتساب الخبرات ويكونوا محل الثقة وعلى مستوى المعرف المطلوبة المطلوب كي تناط بهم الأمور العظام.