'الزواج المدبّر' في لبنان
شبكة الإنترنت, زواج الإنترنت, الزواج المدبّر
17 مايو 2011فراس عرب: الإنتقاء الذاتي للأشياء يجلب إلى حياتنا نوعاً من السعادة والبهجة
يقيم الشاب اللبناني فراس عرب (25 عاماً) في إسبانيا حيث تابع تحصيله العلمي ويعمل في شركة سفريات. وإن بدا هاني زيتون متحفظاً قليلاً في موفقه من الزواج المدبر مرحباً بالتعارف المدبّر بناء على رغبة الأصدقاء، ففراس عرب يجزم بإجابة سلبية رفضه للزواج المدبر.
«أنا ضد الزواج المدبّر بشكل نهائي. انتقاء المنزل أو السيارة أو الملابس أو الأصدقاء أو الوجبات الغذائية يجلب إلى حياتنا نوعاً من السعادة والبهجة، بينما الإملاءات والواسطات هي استسلام أو اقتناع باختيار مقدّر قد يقودنا إلى التعاسة لاحقاً».
وبوتيرة جدّية تتخللها الطرافة انطلاقاً من ربطه للأمور التي قد تبدو غير مترابطة للبعض يقول: «هناك من يختار الموت لأجل الوطن ونسميه عليه شهيد الحرية، بينما من يُقتل عمداً نحتسب موته جريمة».
يضيف: «كل مشروع نقدم عليه يحتاج إلى البحث والآراء والإحصاءات والأرقام وربما الحوافز. لا يمكن أن أبدأ مشروعاً مغمض العينين إذا كنت أفكر في النجاح. كما أنني أؤمن بالحب حتى لو بات صعب الوجود أو الإحتفاظ به لكنه موجود. نحتاج فقط إلى الحظ.
لا أريد لأحد أن يختار شريكة حياتي! أريد أن أكون على الدوام من يأخذ القرارات المرتبطة بحياتي. أريد أن أغرم بهذا الشخص إلى حد قبول اختلافه عني. ولن أتزوج حتى «أصاب بالحب». أظن أن الأمر في منتهى السهولة إضافة إلى أن غالبية الزيجات المدبّرة مصيرها الفشل في هذه الأيام كونها غير مبنيّة على أسس قوية بالنظر إلى عالم اليوم الذي بات الإنفصال فيه أسهل، حتى بوجود الأطفال».
فراس علّيق: الزواج المدبّر حلّ لبناني اقتصادي قد ينهي العلاقات العاطفية
«وفي سياق متّصل» ومنسجم يقوّم فراس علّيق (28 عاماً) ظاهرة الزواج المدبّر التي يلجأ إليها الشاب المغترب باعتبارها «حلاً وخياراً مضموناً نسبياً». وهو مرتبط بزميلة تعرّف إليها في الجامعة قبل ثلاث سنوات، ويرفض اتخاذ موقف نهائي من الزواج المدبّر. لكنه يلفت إلى أن «هذا الزواج حلّ في صالح الفتاة التي تبحث عن زوج ميسور الحال في ظل الأزمة الإقتصادية التي يعيشها اللبناني المتواضع الحال، خصوصاً تلك التي تحمل هاجس العمر.
لقد أنهى هذا الواقع علاقة صديقي وحبيبته، فبعدما احتفلت معه بعيد الأمهات أخيراً، فاجأته بعد أسبوعين أكاليل الورد التي كانت تصل بأعداد كبيرة إلى منزلها. لقد تمّت خطوبتها من شاب لبناني يعيش في الخارج. أرى أن الفتاة معذورة كونها تعيش واقعاً معيشياً وإجتماعياً يضعها في قلق مستمر وفي سباق مع الوقت لكي تجد من يقطفها فبل فوات الأوان»!
هاني زيتون: أنا من سيعيش مع زوجتي لا أبي ولا أمي ولا العائلة...
قد لا يبدو هاني زيتون (24 عاماً) شاباً تقليدياً بالمفهوم العربي لكنه لبناني جداً بانفتاحه وفق ما يطبع لبنان من صفة الإغتراب الجزئي الذي شكّل شخصية شاب متحرّر يؤمن بمؤسسة الزواج بمفهوم: «أنا من سيعيش مع زوجتي لا أبي ولا أمي ولا العائلة ...».
«أفضل أن أتزوج بطريقة تلقائية وفق الصدفة وليس وفق التدبير الذي يقوم به الأهل في مجتمعنا العربي أحياناً. وحتى لو أنني لا أزال مقيماً في الخارج لن ألجأ إلى هذا النوع من الزواج الذي - وبناء على طبيعة مجتمعنا الطائفي - يلجأ إليه الشاب المغترب للعثور على فتاة جميلة ومناسبة ومن الطائفة نفسها.
لا يمكن أن أتزوج بأسلوب cliché أو أن أقول: «إبحثوا لي عن عروس»، لكنني لا أجد مشكلة في التعرّف إلى فتاة خلال سهرة أصدقاء بناء على رغبة أو تنظيم مسبق منهم. فوالداي تعارفا بهذه الطريقة».
نشأ في فرنسا وعاد إلى لبنان في سن السابعة. مجاز بشهادة التسويق وإدارة الأعمال من الجامعة الأميركية لا يجد مشكلة في الإرتباط بفتاة من غير طائفته الدرزية أو جنسيته وإن كانت العائلة توصيه بأن الزواج من الطائفة نفسها أكثر ضمانة حسب ما قال.
«أبحث عن عروس!»، يردّد الرجل اللبناني هذه العبارة بجدية أو طرافة خصوصاً المغترب الذي يجد صعوبة في التعرّف إلى فتاة «مناسبة». وإذا كانت سبل التواصل عن بعد وفيرة إلاّ أن نصيحة المحيط والأصدقاء لها اعتبار في زحمة عالم الأصدقاء وضيق الوقت. وبعدما ساد اعتقاد في الأعوام المنصرمة أن هذا أسلوب يتّبعه رجل خجول جداً أو غير متمكّن من الإحتكاك بالجنس اللطيف إلى درجة حسن اختيار شريكة العمر، تبيّن أن الرجل المنفتح بشكل واسع يسلك هذا السبيل. عاد الزواج المدبّر إلى تفاصيل حياتنا بملامح العصر التي تفشل في اجتياز الموروثات أحياناً.
ما موقف الشباب منه؟ فالزواج اليوم لن يكون متسرعاً مذ تنال العروس رضا العريس الباحث، والعروس لها حرية القبول والرفض أو «التهكّم» أو القبول مع حيازة امتياز طلب الطلاق (في ما بعد) الذي تزايد كثيراً... لم تعد الفتاة اللبنانية أقله تحت سلطة مقولة «القاصر المنتقلة من سلطة الأب إلى سلطة الزوج». لا حالة مثل الأخرى، هذا ما يحكم به المجتمع اللبناني الشديد التباين كشوارعه وشعاراته وشبابه... آراء تيسّرت في الزواج المدبّر وأشكاله اللبنانية ...
كوميديا قسمة ونصيب Perfect Bride!
حين يصبح الزواج فوزاً عليكَ أو عليكِ أن تحظى أو تحظي بشريك في فترة لا تتعدى الأسابيع العشرة!
ريما نجيم : تعد عروساً غير مثالية من تفشل في «نقر الكوسا»!
هذا البرنامج يُقرأ من عنوانه الذي ترجم إلى الإنكليزية، عبارة لا يتوافق معها مجتمعنا اللبناني العصري: «العروس المثالية»! أين تكمن الشراكة المرجوّة في هذا البرنامج التي يمكن أن نسقطه على نظرة الرجل إلى المرأة و«مثاليتها» في غياب عنوان يجسّد الإيمان بالثنائية.
شارك في البرنامج 7 شباب و7 أمّهات و13 صبيّة من مختلف الدول العربيّة! وهنا يحضر سؤال: لمَ بلغ عدد الصبايا ضعفي عدد الرجال؟ هل هذا معناه أن أمام الرجل امتيازاً مضاعفاً لاختيار شريكة عمره، وهو امتياز غير عادل وغير قائم على المساواة؟
للإعلامية ريما نجيم (عضو في لجنة تحكيم البرنامج) رأي في هذا السياق... تقول: «أنا مؤمنة بالعلاقة المبنية على سنوات من المعرفة المعمّقة. أنا تزوجت بعد علاقة حب استمرت أكثر من أربع سنوات. لقد عارضت الكثير من الأفكار والسيناريوهات التي كانت ضمن البرنامج كإخضاع الفتيات لاختبار «نقر الكوسا» على مرأى من أمهات العرسان.
ألاّ تعد عروساً مثالية من تفشل في «نقر الكوسا»؟ في عصر باتت المرأة فيه وزيرة خارجية ومديرة بنك ورئيسة جمهورية؟ من جانب آخر، لا أرى قوانين أو أساليب مثالية للإرتباط، فكل ما في الحياة نسبي. قد يتعارفان عبر الـFaceBook وتنشأ بينهما علاقة جدية، لمَ لا؟ الفيسبوك وسيلة أدّت إلى اندلاع ثورات وقد تكون حلاً للشباب المغترب أو غير المغترب. وهذا بشرط أن يقدّم كل شخص هويته وصورته الحقيقيتين. أؤمن بالقدر أكثر من مسألة العرض والطلب بين البشر.
لقد شمل هذا البرنامج استعراضات أدّتها مقدمته الإعلامية رزان المغربي، غناء ورقصاً. للأسف لا يزال يعامل مجمتعنا الذكوري المرأة وكأنها فاكهة له أسبقية اختيارها وكأنه يخضع الفتاة لانتخابات قد يقصيها أو يختارها على أساسها. وما أشد وقع خبر إقصائه من قبل من اعتبرها النخبة!
مروان نوفل: أرادوني أن أجالس فتاةً لكنها لم ترُقني وهذا مُحرج!
مروان نوفل (35 عاماً)، لبناني مقيم منذ سنوات في دبي حيث يعمل في مجال التسويق والعلاقات العامة في أحد الفنادق. يقول إنه لا يعارض «الإرتباط عبر ما يسمى الزواج المدبّر شرط ألاّ أشعر والفتاة بأي ضغط عائلي. فالزواج المدبّر اليوم يختلف عن الأمس. لم يعد «زواج صالونات» يرغَم عليه الطرفان مع استمرار وجود هذا النوع من الزيجات وإن بعدد قليل.
باتت الكلمة الفصل للشريكين المفترضين، وإن تعارفا عبر لقاء مدبّر. لم أعارض أهلي حين ناقشوني حول فكرة الزواج، وأنّ ثمة فتاة مناسبة يريدونني أن أجالسها. لن أعارض أهلي في التعرّف مجدداً إلى فتاة بهذه الطريقة لأن إجازتي التي أمضيها في لبنان قصيرة، وخصوصاً أن والدتي تحسن الإختيار مبدئياً وتملك حدساً جيداً».
Pom d'amour موقعٌ «جدّي» للمطالبين بالزواج
هذه الإزدواجية التي يعيشها اللبناني أحياناً في تفاصيل حياته حدّت من فرصة التحدّث إلى أرباب الزواج المدبّر في لبنان، خصوصاً ما اتخذ شكلاً عصرياً، في المبنى والمعنى، موقع Pom d'amour. وما يميّز هذا الزواج المدبّر عدا كونه إلكترونياً هو أن الموقع باللغتين الفرنسية والإنكليزية لا العربية، رغم تاريخ إنشائه منذ أكثر من أربع سنوات، وهذا ما قد يمنحه سمة الجاذبية بالـ «مفهوم اللبناني».
على طالب الزواج أن يكون مثقفاً! هذا التفصيل لم نتمكّن من فهمه لأن صاحبة الموقع صولانج سريح أو صريح (لا يمكن التيقن من اسم العائلة كونها كتبت باللغة الفرنسية أيضاً) امتنعت عن التحدّث خوفاً من إظهار مشروعها بصورة سلبية. وهنا نكتفي بترجمة التفاصيل التي وردت في الموقع الذي يعدّ الشاب والشابة اللبنانيين بنسيان أمر الوحدة بعبارات عاطفية ولطيفة Croquer la vie (la pomme) à pleines dents! أو Rapprocher les distances, Renforcer les liens.
يعد الموقع كل أعزب أو عازبة بحياة سعيدة مدى العمر انطلاقاً من الخدمات الجدية والمهنية التي يهدف إليها الموقع باختزال زمني كدفع القدر أو النصيب قُدماً.
شروط الزواج
- غير مرتبط أو ملتزم بأي علاقة (أعزب أو مطلّق أو أرمل).
- العمر لا يقل عن 20 عاماً.
- لديه رغبة في بناء علاقة جدّية
- إتقان العربية أو الفرنسية أو الإنكليزية.
- مستوى ثقافي لائق.
وبعد التأكد من توافر البيانات أعلاه يتم نشر البيانات الخاصة بكل شاب أو فتاة مع «كود»، وللمغتربين حصة كبيرة على الموقع. تشبه البيانات إلى حدّ كبير ما كانت تنشره المجلات والجرائد العربية تحت عناوين «رأسان بالحلال» لكن دون صورة أو اسم، بل فقط المهنة والعمر (البعض تجاوز الخمسين) والهوايات والبرج ووصف للمظهر والشخصية.
يذكر أنه يجب دفع 800 دولار أميركي لنشر بطاقة طالب الزواج على الموقع لمدة عام كامل. وقد تبيّن أن النساء يذكرن تفاصيل أكثر من الرجال.
حنان ماضي: انقطعت أخبارهم عني لأنهم يخجلون من زواجهم المدبّر غالباً
حنان ماضي ممرّضة و«خاطبة» لصديقاتها. تروي قصتها مع الزواج المدبّر: «بدأت الحكاية بموقف طريف حين رغب جيران جدتي في تزويجي لإبنهم. لكنني لم أكن مكترثة بالأمر ولم تعجبني الفكرة. فسعيت إلى تقريب المسافة بين هذا الشاب وصديقتي التي سرعان ما رحّبت بها عائلته بعدما أعجبته. هما متزوجان ولديهما ثلاث بنات الآن. سررت كثيراً بزواجهما وهذا ما حمّسني إلى جمع صديقتي الدكتورة (في العقد الثالث) وقريب زوجي المهندس - الذي تخطى عقده الرابع دون زواج - تحت سقف واحد.
كنت أدعوهما باستمرار إلى منزلي رغم تردّدهما في التعرّف بهذا الأسلوب، إلاّ أن اللقاءات التي تتالت ولّدت انسجاماً بينهما. تزوجا وأسسا عائلة من خمسة أفراد. لقد انتابني قلق شديد حين وقع الخلاف بينهما لكن علاقتهما استعادت هدوءها لاحقاً. أما الزيجة الثالثة فهي جارتي وصديق زوجي المقيم في أفريقيا. فور خروجه من علاقة فاشلة أصررنا أنا وزوجي على إنهاء وضعه الأعزب. إلتقى جارتي سلام التي كانت في العشرين من عمرها.
راقته كثيراً وأعجب بها على الفور. فبات يتردّد إلى منزلها دون أن يعلمني إلى أن تزوجا، ويقيمان الآن معاً في أفريقيا. ما يحزنني قليلاً أن أخبارهم جميعاً لا تصلني كأنهم يخجلون من الأسلوب الذي تزوجوا به ولا يودّون أن يتذكروا بداية قصّة تعارفهم».