هل حققت طموحك المهني؟
فنان / فنانون, ماجد المهندس, طبيب الجلد, ربّ العمل, مصممة أزياء, علم النفس, خبراء التجميل , الطموح, ملكة جمال مصر, د. أحمد البحيري
24 أكتوبر 2011علم النفس والفشل في تحقيق الحلم المهني النجاح في التكيّف
يؤكد الدكتور أحمد البحيري استشاري الطب النفسي المصري، أن الإنسان الناجح هو من يتكيف مع ظروف الحياة، فكم من عاشق للفن أجبرته الظروف على التطرق إلى مجال الطب، وكم من مهندس كان الأدب هو طموحه، لكن العاقل والناجح هو من يطوع ظروفه ليحقق نجاحاً جديداً يمزج فيه بين الطموح القديم والجديد.
ويضيف: «لتحقيق ذلك علينا النظر إلى النصف الممتلئ من الكوب دائماً، فيسعى الإنسان إلى النجاح، لأن النجاح في العمل يعوض إحساسه بفقدان طموحه القديم، ويجعله متوازناً نفسياً قادراً على استكمال الحياة بلا اكتئاب أو يأس، فالنجاح في عمل جديد بديل جيد لحلم سابق، فيجني الإنسان منه الإمكانات المادية الجيدة التي تكفيه لعيش حياة كريمة، ويعوضه اجتماعياً أيضاً حيث يشيد به أبناؤه ومن حوله، كما أنه يكتسب خبرة تساعده على الوقوف بجوار أبنائه ليحققوا أحلامهم ولا يقعوا في خطأ أضاع طموحه الأول».
وينصح الدكتور أحمد البحيري، كل من لم ينجح في تحقيق حلمه المهني، بضرورة الثقة بالنفس والاقتناع بأن الإنسان هو صانع النجاحات، والاستمرار في محاولة إثبات نفسه في الحياة حسب ظروفه التي أعطاه اياها الله، مع ضرورة اقتناص الفرص وبذل المجهود، مؤكداً أن الحياة مبادرة وإيجابية وليست استسلاماً للظروف.
محمد زهران: ظروف الحياة قتلت طموحي
لم يطمح محمد زهران (26 عاماً) يوماً إلى أن يعمل بالدعم الفني في إحدى شركات الاتصالات، فكان كل طموحه أن يكون عازفاً ولديه فرقة موسيقية، لأنها كانت هوايته الأولى، لذا قرر أن يتخصص فيها ودرس في كلية التربية قسم موسيقى، إلا أنه اصطدم بأرض الواقع.
يقول زهران: «أنا غير راضٍ عن عملي تماماً، خاصة أن ظروف الحياة قتلت طموحي الى أن أكون عازفاً موسيقياً، فبعد أن كونت فرقة موسيقية وظهرت في برنامج مصري شهير يرعى المواهب الشابة، وجدت أن النجاح في المجال الفني يتطلب صبراً طويلاً وغير مجدٍ مادياً، وأنا كشاب لديَّ أعباء مادية ثقيلة، فالزواج تكاليفه عالية جداً، من ثَمَّ قدمت سيرتي الذاتية للعمل في شركات عديدة حتى تم قبولي بإحدى شركات الاتصالات الأجنبية بمصر، وعملت بالدعم الفني رغم أنه ليس مجال دراستي، إلا أن إجادتي للغة الانكليزية كانت السبب في قبولي».
وعن سبب عدم رضاه عن عمله الحالي يقول: «أنا غير راضٍ عن عملي الحالي لأنهم يستغلون ضيق سوق العمل في مصر، فمثلاً أنا وزملائي نتقاضى 80 في المئة من راتبنا المتفق عليه والـ20 في المئة المتبقية حسب التكليفات الزائدة عن عملنا، وإن رفضنا أداء المهمات الزائدة يجري الحسم من رواتبنا».
إبراهيم الشيوي: بيئة العمل قاتلة للطموح
أما إبراهيم الشيوي (مهندس معماري 27 عاماً) فيعترف أن أستاذ الفيزياء في الجامعة قتل طموحه المهني، حيث كان سبباً في تغيير مسار تخصصه من هندسة حاسبات إلى هندسة المعمار كي لا يتذكره أو يتقابل معه في دراسة الفيزياء.
ويوضح: «هربت إلى قسم المعمار لأنه لا يوجد فيه دراسة فيزياء، وبعد ذلك وجدت أن مجال العمل في المعمار أوسع، ولكني أعلم أني لن أحقق طموحي المهني في مصر، لأن بيئة العمل قاتلة للإبداع، وصاحب العمل ليس لديه أي استعداد لتنفيذ أبحاث أقوم بها وتصميمات معمارية تخدم البيئة وتحافظ عليها وتقلل من استخدام تكييفات الهواء الكهربائية، فكل ما يهم أصحاب العمل في مصر هو المغالاة في تكلفة المنشآت ليحققوا أعلى ربح ممكن، على عكس العديد من الدول العربية التي عملت فيها».
ويضيف إبراهيم: «أعلم تماماً أنني لن أصل إلى طموحي في مصر، فكل أمنياتي الآن أن أصمم مبنى رائعا ينال جائزة الـ«الأغاخان» في العمارة، وهي جائزة تقدم إلى المباني وليس الأشخاص، إلا أن المجال الضيق هنا قاتل للطموح».
إيفا هابيل أول عمدة: كنت أحلم بالإعلام لكنني نجحت كمحامية
من قلب صعيد مصر، نجحت إيفا هابيل «أول عمدة مصرية» في تحقيق طموحها الاجتماعي من خلال عملها كعمدة ومحامية في قريتها الصغيرة، وتقول: «فشلت في تحقيق أول طموح مهني لي، فقد حرمني التنسيق الجامعي من دخول كلية الإعلام ودخلت كلية الحقوق، ورغم ذلك حققت طموحي المهني في نجاحي أن أكون محامية نزيهة لا تدافع إلا عن الأبرياء. وعملت في القاهرة فترة كبيرة قبل أن أنتقل بعملي إلى قريتي الصغيرة في الصعيد».
تضيف: «إضافة إلى طموحي المهني في المحاماة فقد كان طموحي الاجتماعي أكبر، وهو إزالة ثقافة التمييز، وساعدني على النجاح فيه عملي كمحامية، فقد كنت المحامية الوحيدة في القرية وكان أهل القرية يثقون بي فهم يعرفونني، وكنت قريبة منهم دائماً، واستطعت شيئاً فشيئاً أن أثبت لهم وبالدليل العملي أن السند الذي تبحثون عنها في الولد، وبسببه تحرمون البنت من حقوقها في الحياة كالتعليم والعمل، ستجدونه في البنت أيضاً إذا منحتموها فرصتها في الحياة والعمل. وبالفعل استطعت إيصال الفكرة وتغيير ثقافتهم المغلوطة، خاصة عندما وفقني الله وأمسكت بمقاليد العمدية، وكنت أول عمدة في مصر كلها».
إلهام وجدي ملكة جمال مصر: نجحت في تحقيق طموحي في ثلاث مهن ولم أكتفِ بعد
إلهام وجدي ملكة جمال مصر عام 2009، لم تكتفِ بطموح مهني واحد، فلم يكن بحسبانها الفوز بلقب ملكة جمال مصر، ولكن بعد الفوز باللقب استطاعت تحقيق أكثر من طموح فرضته عليها الشهرة والنجاح.
وتوضح ذلك قائلة: «كان طموحي الوحيد أن أكون رسامة فأنا أستمتع بالفن، وبالفعل تخرجت في كلية الفنون الجميلة، وقررت إنشاء مشروع خاص وهو شركة تنظيم حفلات ومناسبات، ومن خلاله حققت طموحي المهني والفني في الوقت نفسه. أما حصولي على لقب ملكة جمال مصر عام 2009 فلم يكن في حسباني على الإطلاق، ولكن الشهرة وضعتني في طريق الإعلام وعملت مذيعة ببرنامج «سوالفنا حلوة»؟ ولم يكن هدفي من طرق أبواب هذه المهنة المال أو الشهرة، ولكنني رأيت أني من خلال مهنتي كمذيعة سأخدم بلادي بتمثيلها في برنامج عربي يضم جنسيات عربية متعددة، وأستطيع أن أوصل للجمهور بعض القيم والمفاهيم الصحيحة».
وتتابع: «نجحت في تحقيق طموحي الثاني، وانفتحت شهيتي للنجاح أكثر، وشعرت بأنني يجب ألا أكون مناظرة خلف الشاشة فقط، وعليَّ النزول إلى أرض الواقع وتحقيق نتائج ملموسة أراها بعيني، فأخذت دورات تدريبية وأصبحت أعمل أيضاً مدربة حياة، وهي مهنة تعتمد على التنمية البشرية في حل المشاكل الحياتية والعملية».
ورغم نجاحات إلهام تقول مبتسمة: «نعم حققت طموحي المهني وأعتز بذلك ولكني لم أكتفِ بعد، فالنجاح وراءه نجاح والطموح يجلب طموحاً آخر، هذه هي الحياة».
أنوش: حلمت بأن أصبح طبيبة وانتهى بي الأمر خبيرة تجميل
«أنوش» خبيرة التجميل، طرقت هذا المجال عن طريق الصدفة البحتة دون أي تخطيط مسبق، فقد انهارت كل طموحاتها في أن تصبح طبيبة بعد أن خذلها مجموعها في الثانوية العامة، وتقول: «أمنيتي كانت الالتحاق بكلية الطب، وشجعني على ذلك أخوالي الأطباء، إلا أن مجموع الثانوية العامة والتنسيق جعلني أدرس في كلية الآداب وتخصصت في اللغة الإنكليزية. وما زاد من إحباطي آنذاك أن والدي رفض التحاقي بمعهد الفنون المسرحية، فقد كان حلمي الثاني أن أتخصص في الديكور».
لم تستسلم «أنوش» لإحباطها، وقررت عدم استكمال دراستها التي لا تحبها والتحقت بأكاديمية الدراسات المتطورة لدراسة الكمبيوتر، وفي ذلك الوقت عملت لفترة في مجال السياحة. ولأن عملها كان مجرد وظيفة قررت دخول عالم «البيزنس»، وفتحت سلسلة محلات متخصصة في الإكسسوارات والأزياء، فهي تعشق الأناقة والجمال. وتضيف أنوش: «دخلت عالم التجميل بالصدفة، فقد كنت متميزة في عمل الماكياج لنفسي ولصديقاتي خاصة في المناسبات، ولم أفكر أبداً في طرق هذا المجال، وذات مرة كنت أحضر مع صديقة لي مصممة أزياء مسابقة كبيرة للأزياء والماكياج في الوطن العربي كانت مقامة بفندق كبير في القاهرة.
وجرت العادة ألا تكسب في تلك المسابقة إلا الأسماء الكبيرة، إلا أني قررت الاشتراك دون أي تجهيز مسبق، وبماكياجي العادي الذي كان معي وقتها، وعلى عكس التوقعات أخذت المركز الأول مع درع التفوق في الماكياج، وصورت معي قناة «مسايا»، وكانت هذه نقطة انطلاقي في عالم التجميل، بعدها عرضت عليَّ العديد من شركات التجميل والماكياج أن أكون خبيرة التجميل لديها، وأقوم بتدريس فنون الماكياج، وفعلت ذلك ونجحت نجاحاً لم يخطر لي ببال يوماً ما». وتكمل قائلة: «أنا راضية جداً عن مهنتي الحالية والنجاح الذي حققته فيها، رغم أنني لم أعمل فيهما إلا لمدة عامين فقط، إلا أنه أصبح لي اسم كبير في عالم التجميل، وأتمنى أن أكون أكبر صاحبة بيوتي سنتر في مصر، وأفتتح فروعاً في العالم العربي، وهذا هدفي الذي أسعى إليه الآن».
إيناس إسماعيل: تحايلت على الظروف ونجحت في العمل بالمهنة التي حلمت بها
إيناس إسماعيل أيضاً خذلها التنسيق في الثانوية العامة، ولم تتمكن من دخول كلية الفنون الجميلة التي كانت تحلم بها، فكان مصيرها الالتحاق بكلية الخدمة الاجتماعية، وتقول: «لم أكن سعيدة يوماً بدراستي التي فرضها عليَّ مجموع الثانوية العامة، فالفن كان يجري في عروقي، لذا شجعني أبي على الدراسة الحرة في كلية الفنون الجميلة. وبالفعل درست الغرافيك وعملت لفترة مصممة غرافيك ومواقع إلكترونية، ولكن تصميم الإكسسوارات جذبني بطريقة أكثر فاستغللت الغرافيك في تصميم الإكسسوارات».
ورغم أن مجال تصميم الإكسسوارات النسائية لم تخطط له إيناس، إلا أنها حققت تميزاً كبيراً، حيث لجأت إلى استغلال خامة النحاس بدلاً من الذهب والفضة بعد ارتفاع أسعارهما بجنون، مؤكدة أن هذه الفكرة جعلتها أكثر تميزاً.
وتضيف: «الحمد لله استطعت تحقيق حلمي وطرقت أبواب الفن بأسلوب جديد ومبتكر، فعلى كل منّا إذا فشل في تحقيق حلمه ألا يستسلم للظروف ويحاول مرات ومرات حتى ينجح، فما الحياة إلا محاولات وتجارب تقودنا إلى النجاح، ولكل مجتهد نصيب».
نرفين فكري: لو وجدت مصباح علاء الدين لطلبت تغيير مهنتي «إذا وجدت مصباح علاء الدين السحري أو خاتم سليمان، سيكون أول طلب لي تغيير مهنتي والعمل مضيفة طيران»، هكذا بدأت كابتن نرفين فكري «مدربة أيروبكس» حديثها عن مهنتها، وتضيف: «هذا لا يعني أنني ساخطة على عملي، فأنا والحمد لله استطعت تطويع موهبتي في الرياضة، ودخلت كلية التربية الرياضية وتخصصت في الأيروبكس والرقص».
وتتابع: «لديَّ اقتناع بأن كلاً منا يستطيع توظيف مهاراته ومواهبه ليعيش النجاح، فأنا كنت أحب الرقص والرياضة منذ صغري، وعندما فشلت في الالتحاق بكلية السياحة والفندقة لأعمل مضيفة، قررت استغلال ما أحب وتخرجت في كلية التربية الرياضية قسم أيروبكس ورقص. ولأن اقتناعي أيضاً بأن العمل قيمة كبيرة كان عليَّ توظيفه في ما أحب، فعملت مدربة أيروبكس وأعمل أيضاً مدرسة تربية رياضية في إحدى المدارس، وأتحايل على الروتين بتدريب البنات على أنشطة عملية والاستعداد لحفلات نهاية العام».
وتؤكد نرفين أن عدم التحاقها بالمهنة التي كانت تتمناها لم يجعلها تصاب بالإحباط، بل هي راضية تماماً عن عملها الحالي وتستمتع به وبالنجاح الذي وصلت إليه.
سهير مسعود: حققت طموحي المهني رغم معارضة أبي
تعيش مصممة الأزياء سهير مسعود حالة من الرضا التام عن طموحها الوظيفي، والسبب أنها عملت المهنة التي طالما كانت تحلم بها منذ طفولتها.
وتحكي مسعود عن سر سعادتها قائلة: «أنا عاشقة لمهنة تصميم الأزياء، فقد ورثتها عن أبي حيث كان مصمم أزياء شهيراً لا يقبل عليه إلا صفوة المجتمع من عائلات الباشوات، وكنت أنتظر الإجازة المدرسية بفارغ الصبر حتى أذهب معه إلى الأتيليه وأساعده، وأنتهز فرصة فرار إخوتي الصبية من مساعدته في الإجازة وأعرض عليه أنا المساعدة، وكنت أتمنى أن أصبح مصممة أزياء مثله إلا أنه كان مُصرًّا على استكمال دراستي».
وتضيف: «تعاملت مع رغبة أبي بذكاء واكتفيت بمساعدته في الإجازة الصيفية حتى حصلت على بكالوريوس التجارة، وإلى جانب الدراسة الجامعية اتفقت مع أبي أن يخصص لي عدداً من الزبائن أكون المسؤولة عن تصميم أزيائهن، ومن هنا كانت انطلاقتي الحقيقية».
وترى سهير مسعود أن السبب الحقيقي وراء النجاح هو الإصرار على تحقيق الطموح، ولا مانع من المغامرة، وتقول: «غامرت كثيراً وساعدني على المغامرة الحب الذي جمع بيني وبين زوجي، فهو أيضاً ابن عمتي؟ لقد تعلمت تصميم الأزياء بطريقة المحترفين على يد خبير فرنسي، وذلك دون أن يعلم أبي، والمغامرة الكبرى أنني أقنعت زوجي بأن يعيرني ما كان يدخره من أجل زواجنا حتى أفتتح أول أتيليه لنا، والجميل منه أن الأمر استمر سراً بيننا رغم إلحاح أبي على معرفة سبب تأخر الزواج رغم توافر تكاليفه».
وتتابع: «أنا راضية عن طموحي المهني، رغم أنه لا يتوقف عند مرحلة معينة، فكلما أتذوق طعم النجاح أسعى لأقطف ثمار نجاح آخر، والآن طموحي أن يصبح اسم «سهير مسعود» علامة تجارية، وأن أبني مصنعاً صغيراً لأنتج فيه الأزياء وجميع الإكسسوارات اللازمة لها كالحقائب والأحذية، وأتمنى أن أقيم بيتاً للعمال وأسرهم بجوار المصنع لأوفر لهم بيئة مناسبة للعمل».
بين ما يحلم به الإنسان في شبابه وصباه بالنسبة لطموحه العملي والمهني، وبين ما يتحقق له على أرض الواقع، فإن الرياح هنا، تجري في كثير من الأحيان عكس ما تشتهي السفن، فإن شخصاً كان يرغب أن يكون معلماً أو طبيباً أو مهندساً أو فناناً، تجده يعمل مصفف شعر، أو تاجراً أو مقاولاً. هذا، وكثير من الناس قد لا يوفَّقون في إيجاد عمل على الاطلاق، مع اختلاف في نسبة تحقيق الأحلام المهنية بين مجتمعاتنا والمجتمعات الغربية التي تعتبر نسبة الفشل في تحقيق الطموحات فيها أقل ما هو عليه الحال في مجتمعاتنا. هل تعمل في المهنة التي حلمت بها؟ أم ان الظروف أجبرتك على العمل في مهنة لم تخطر على بالك أبداً؟ الجواب عن هذا السؤال تستعرضه «لها» في هذا التحقيق مع أشخاص في أكثر من بلد عربي. والبداية من مصر.