تحديد آليات ولي الأمر في السعودية...

المملكة العربية السعودية, المرأة السعودية / نساء سعوديات, وزارة التجارة, الوكيل الشرعي, المجتمع السعودي, سن الرشد, الفيسبوك, تويتر

12 ديسمبر 2011

ثلاث سنوات مرت على حملة سيدة الأعمال عالية باناجة السابقة حين طالبت برفع الوكيل الشرعي عن أعمال سيدات الأعمال السعوديات، ليتسنى لهن متابعة عملهن بكل حرية، وليشرفن بشكل مباشر على مشاريعهن، ومحالهن التجارية أيا كان نوع عملهن... وجدت الحملة صدى لدى الدولة وكان لها ما أرادت حين انتهى نظام الوكيل الشرعي واختفى من حياة سيدات الأعمال السعوديات، ليقمن بحملة جديدة لتحديد آليات ولي الأمر في السعودية.  «لها» تحدثت الى مسؤولة الحملة عالية باناجة، والى عدد من سيدات الأعمال وعضوات الحملة للوقوف على أهدافها وآلياتها.


بدأت عالية باناجة حملتها منذ ما يقارب الشهر، وبدأت تأخذ صدى واسعا على الفيسبوك والتويتر. قالت: «بدأنا قبل ثلاث سنوات حملة الوكيل الشرعي لإلغائه من وزارة التجارة، وكان لنا ذلك. إلا أن التعليقات التي فوجئنا بها من السيدات تؤكد أن الوكيل الشرعي لم يتم إلغاؤه في كثير من الأعمال خصوصا الحكومية منها، وألغي فقط في وزارة التجارة. انطلقنا بحملة أخرى في أيار/مايو الماضي لإلغائه في كل الوزارات، وبالفعل تجاوبت الحكومة معنا وألغي الوكيل الشرعي من كل الوزارات».

من جهة أخرى، برزت مطالبات جديدة من نساء المجتمع السعودي، لتحديد آليات ولي الأمر على المرأة في المملكة، وتقول باناجه: «تتعرض النساء في السعودية لكثير من الضرر من خلال الوصاية المطلقة لولي الأمر على نسائه، بحيث لا يمكنها على سبيل المثال تجديد جواز سفرها إلا عن طريقه، أو من يوكله هو شخصيا، ولا يمكنها أن تفتح عملها الخاص إلا بموافقة منه شخصيا. ولا يمكنها أن تعمل في قطاع حكومي أو خاص إلا بموافقة خطية من وليها سواء كان الأب، أو الزوج، أو الأخ، أو حتى الابن، وهذا يضر بها».
ولفتت إلى أنه في حال مرض ولي الأمر أو سفره لا تتمكن السيدة من مباشرة عملها أو تجديد جواز سفرها مما يعرقل الكثير من أمورها. وإضافة إلى ذلك لولي الأمر الحرية المطلقة في أن يطلب من مكان عملها أن يقيلها دون سابق إنذار.

هكذا انطلقت حملة جديدة منذ ما يقارب الشهر تحمل عنوان «تحديد آليات ولي الأمر للمواطنات في المملكة». «بدأت الحملة الجديدة منذ ما يقارب الشهر وقد أنشأنا صفحة تحمل هذا العنوان على الفيسبوك لتحديد مهمات ولي الأمر في السعودية. ولأن المهمات كثيرة تم تقسيمها على المناطق الرئيسية الثلاث في السعودية، فتولّت المنطقة الشرقية الأعمال الحرة، فيما تولّت المنطقة الوسطى الجوازات، وكانت مهمة المنطقة الغربية والتي تدخل معها المدينة المنورة وزارة العمل».

وتطالب الحملة بتحديد أعمال ولي الأمر في هذه المناطق وما يتبعها لأن هناك ضررا كبيرا على السيدة من الصلاحيات المطلقة. وترى باناجة أنه «يحق للمرأة السعودية العمل بلا وصاية عليها كما هو منصوص عليه في القانون السعودي. واستنادا إلى المادة الثامنة من نظام الحكم نطالب وزير العمل بأن تتساوى المرأة مع الرجل في العمل... توجهنا بخطابنا إلى وكيل وزارة العمل ولم نجد أي تجاوب، لنذهب إلى مساعد وزير العمل، وتكرر الأمر. وحاليا نتوجه إلى وزير العمل بشكل مباشر».

وفي ما يخص المطالبات الأخرى قالت: «بالنسبة إلى الجوازات لم يحصل حتى اللحظة أي تحرّك بشأنها لأنه الفريق المختص لم يشكَّل إلا من فترة قريبة، وسيباشر عمله في اتجاه المطالبة برفع وصاية الولي من ناحية تجديد المرأة أوراقها الرسمية في هذه الدوائر بنفسها، فيما بدأت المنطقة الشرقية تحرّكها لرفع الوصاية عن الأعمال الحرة».
وعن خطة العمل قالت: «حالياً نقيم عدداً من ورش العمل للسيدات لتوعيتهن بحقوقهن، وكيفية المطالبة بها. ونعمل على رفع العلم والمعرفة للمجتمع. أيضاً من خطتنا الوجود الإعلامي من خلال الإذاعة والتلفزيون والصحافة المكتوبة لتعريف النساء بمدى الضرر الواقع عليهن».
وشددت في نهاية حديثها على أن الحملة لا تطالب بإلغاء ولي الأمر بل تحديد صلاحياته طبقا لما يوافق الشرع.


الدكتورة نوف الغامدي: أنا لست مع هذه الحملة ولا ضدها ولكن علينا أن نتدرّج في المطالب

لم تعارض المحلّلة الاستراتيجية الدكتورة نوف الغامدي حملة تحديد آليات ولي الأمر، ولكنها لم تكن معها بالكامل لعدة أسباب ذكرتها قائلة: «الفكرة جميلة جدا، ونحن في حاجة إليها خصوصا السيدات العاملات منا. وأعتقد أنه ليس من المنطق أن أوفر كثيرا من الحقوق للسيدة السعودية، وأشركها في العمل السياسي والحكومي، وحتى اللحظة لا نمتلك حرية القرار في أبسط الأمور مثل العمل، وعلي تقديم موافقة ولي الأمر لأحصل على الوظيفة، أو من حقه أن يوقف عملي دون معرفتي لمجرد أنه لا يريد أن أعمل. ولكن في الجانب الآخر أجد أن المطالبات النسائية أصبحت تأخذ الشكل المبالغ فيه، فعلينا أن نتروى في تقديم قائمة المطالبات» والتدرّج فيها.

وأضافت: «من جهة أخرى أنا لست مع إلغاء آليات ولي الأمر بشكل كامل، بل علينا أن نحدد ما نريده بشكل دقيق، لأنه ليس من المنطق أن يتنحى ولي الأمر عن حياتنا بشكل كامل، مع أني سيدة وهناك الكثير من الأشياء تضر بي، ومع ذلك علينا تحديد مطالبنا بشكل مقبول وممكن التطبيق».
ولفتت إلى ضرورة الاهتمام أولا بالبنية الفكرية الأساسية لدى أفراد المجتمع السعودي حتى لا تستغل هذه النقطة من جانب البعض بشكل خاطئ.


لمى يونس: نعم أنا مع تحديد آليات ولي الأمر للمرأة

سيدة الأعمال لمى يونس من المؤيدات قلبا وقالبا لهذه الحملة وتطالب بسرعة العمل بها قائلة: «هذه الحملة بكل تأكيد تصبّ في مصلحة السيدة في السعودية وعلينا دعمها لأنها ستحقق الصالح العام. المرأة كيان كامل، ناضج، يستطيع التحرك واتخاذ القرارات بكل قدرة وكفاءة، وأكبر دليل على ذلك القرارات الأخيرة التي تدعم وجود المرأة في الساحات السياسية والعملية والتعليمية. وأجد أن من حقّ المرأة المشروع أن تتعلّم وأن تعمل بكل حرية دون أي حجر على هذه الحرية».

 



الدكتورة عائشة المانع: سنعمل أولاً على إظهار الفرق بين الوصاية والولاية

من جهتها، رأت الدكتورة عائشة المانع من المنطقة الشرقية وإحدى عضوات حملة تحديد آليات ولي الأمر في السعودية أنه من الضروري توضيح الفرق بين الولي، والوصي: «أعددنا ورقة أوضحنا فيها من هو الوكيل الشرعي، وما هي المهمات التي يحق له الولاية فيها على المرأة، والفرق بين الولي والوصي. ومن ثم كان من الضروري معرفة سن الرشد للمرأة السعودية وهذه ستحددها محكمة العدل. أيضا كان من المهم معرفة الجهات التي تطلب موافقة ولي الأمر أو وجوده، مثل العمل، التعليم، الجوازات. لذا طلبنا من أحد المكاتب الإدارية إجراء دراسة تحدد الجهات التي تطلب موافقة ولي الأمر، وعلى هذا الأساس سنخرج بنقاط، ومنها ننطلق حتى نكون على بيّنة من الوضع الحقيقي للمرأة».

وبعد صدور الدراسة ستتجه الحملة إلى الجهات المسؤولة للمطالبة برفع الولاية في الأمور التي تتسبب بالضرر للمرأة.
وشددت على أن المجتمع السعودي لديه خلط بين الولاية والوصاية علماً أن الولاية تنتقل من الجد إلى الأب فقط، ولا يدخل فيها الفروع مثل العم، الخال، والأخ، وحتى الزوج إلا في حالة واحدة هي زواج البكر. أما الوصاية فتكون على المرأة من الأب والفروع عندما تكون دون السن القانونية، وفي حال بلوغها سن الرشد تنتهي الوصاية.


سيدات تضررن من ولاية ولي الأمر المباشرة

انفصلت عنه عائلياً فكان مصيرها الخروج من العمل نهائياً. هكذا كانت مشكلة مودة يوسف التي دفعت ثمن حريتها من كيانها الوظيفي. تقول: «كنت أعمل في القطاع الخاص، وتحديدا في مجال التسويق والعلاقات العامة. كانت الوظيفة توفر لي الأمان النفسي والمادي بعيدا عن تهديدات زوجي البخيل على بيته وأطفاله، والمشاكل المتراكمة يوما بعد يوم التي لم تعد تطاق أو تحتمل، مما دفع بي إلى طلب الانفصال بعد سبع سنوات من زواج أثمر طفلتين لم يكن لهما ذنب أكثر من أنه والدهما».

قررت مودة ترك المنزل والتوجه إلى بيت والدها لعلها تجد فيه الاستقرار معمّدة على استطاعتها إعالة طفلتيها من عملها. لكنها لم تضع في حسابها أن زوجها يمكن أن يذهب إلى عملها ويقطع آخر خيط بينه وبينها... «قررت الخروج من المنزل لتفاقم الخلافات بيننا، ولكنه كان يرفض فكرة الطلاق، فما كان مني إلا التوجه إلى منزل والدي حتى أجد حلا للمشاكل المتزايدة. وبالطبع لم يكن في بالي أن أطلب منه إعالة لأني كنت موظفة وقادرة على إعالة أسرتي الصغيرة، ولكن ما حدث لم أتوقعه أبدا».

ذهب زوج مودة إلى مقر عملها طالبا من مديرها سحب الإقرار بالموافقة على عملها، قائلاً إنه يريدها أن تجلس في البيت. إلا أن مديرها رفض طلب الزوج الذي سلك طريقاً آخر أكثر حدة... «بعد أن رفض مديري في العمل إلغاء إقراره بالموافقة تقدم زوجي إلى وزارة العمل ورفع شكوى على المؤسسة ففُتح تحقيق في الموضوع وأحيل مديري على المساءلة. وتم فصلي نهائيا من العمل وإنهاء خدماتي دون علم مني، أو حتى إخطاري بالأمر، وكل ذلك لمجرد أن زوجي طلب منهم ذلك على خلفية الخلافات بيننا».
ولا تزال مودة حالياً في منزل والدها وهي أكثر إصراراً على الانفصال، بل والطلاق دون رجعة حتى لا تجعل له سلطة عليها في أي حال من الأحوال.

منى الفارسي
لم تكن حال المعلمة منى الفارسي  المعلمة أفضل حظاً. تروي: «أنا من مدينة جدة، وعند تخرجي من الكلية قدمت كل أوراقي اللازمة الى ديوان العمل، ولكن سبع سنوات من الانتظار لم تشفع لي في الحصول على وظيفة، فطلبت التعيين في الليث التي تبعد عن جدة خمس ساعات بالسيارة، وزوجي كان قد دعم قراري رغم أنه ليس في صالحه ولا في صالح الأولاد لأن التنقل سيكون صعبا للغاية بين المدينتين. وبعد حصولي على الوظيفة من ديوان العمل وتعييني في الليث، صدمت بالحاجز الكبير الذي فرضته وزارة العمل أيضا كنوع من العرقلة من وجهة نظري». فقد ألغي التعيين بسبب عدم انتمائها الى محافظة الليث وعدم وجود محرم معها هناك.

تضيف: «شرطان أساسيان للانتقال إلى المدارس في أي محافظة أخرى سنّتهما وزارة العمل لتفرض عرقلة وظيفية ليس لها أساس، فقد طلب مني وجود محرم معي في المدينة، إضافة إلى ما يثبت أي علاقة لي بالمكان الذي تم التعيين فيه مثل ولادتي فيه، أو دراستي في مدارسه، أو وجود ولي أمر أو محرم هناك».
لم يتوفر لمنى شرط انتمائها الى الليث، وعدم وجود محرم معها في المدينة جعل تعيينها لاغياً، فعادت إلى دائرة الانتظار لتكمل بذلك عامها الثامن منتظرة الوظيفة.

رياضة
الدكتورة مها محمد رئيسة قسم الصيدلية الداخلية في احد المستشفيات في المنطقة الشرقية كانت لها تجربة تقول عنها: «كنت أبحث عن مركز رياضي يحتوي على كل الأجهزة الرياضية والسباحة وخلافه، ويكون بجوار بيتي. وعندما وجدت المركز وزرته مرتين لأتحقق منه ومحتوياته والأوراق المطلوبة قررت الاشتراك فيه، ولكن طلب مني عند دفع مبلغ الاشتراك ورقة تثبت موافقة ولي الأمر. حينها استغربت الأمر بشكل كبير، فهذا شأن خاص ولا داعي لوجود موافقة من ولي الأمر، مما جعلني أعترض على القرار، فأحالتني الموظفة إلى مديرة المركز التي أكدت أن هذا نظام من الدولة».

وتضيف الدكتورة مها: «أعمل في أحد أهم المستشفيات في المنطقة الشرقية منذ ما يقارب تسع سنوات، وعند التحاقي بالعمل في ذلك الوقت طلب مني تعبئة الاستمارة الوظيفية، ولم يسمح لي بالوظيفة وبالاستمارة إلا في حال حضور ولي الأمر بنفسه وتعبئة الاستمارة بنفسه».
وتذكر أيضا أنها عندما ابتعثت للدراسة في الخارج لم يتم تسليمها أيا من حقوقها إلا عندما أثبتت وجود محرم لها يسكن معها في المكان نفسه. وترى أن آليات ولي الأمر محددة مسبقا في الشريعة الإسلامية، إلا أن القانون في السعودية بالغ في تحميل الأمر أكثر مما يستحق.