دراسة حديثة تؤكد أن سبعين في المئة من السعوديين يعانون السمنة
إرتفاع ضغط الدم, المملكة العربية السعودية, السمنة, المرأة السعودية / نساء سعوديات, النادي الرياضي, الجلطات, داء / مرض السكري, تصلب الشرايين
13 فبراير 2012من جانبه، تحدث الدكتور مدني فرج رحيمي المحلل والناقد الرياضي عن عدم وجود نواد رياضية تهتم بالمرأة السعودية وكيف أن هذا المنع يخلق نوعاً من التناقض في المجتمع السعودي خصوصا بعد المطالبات بوجود المرأة حتى على المستوى السياسي. «من المتعارف عليه في الألعاب الأولمبية وجود ما لا يقل عن عشرة في المئة من الفرق نساء وهذا غير متوافر في الفرق السعودية مما يعني أنه من المحتمل أن تحرم السعودية من المشاركة في الدورات الأولمبية، مع أن المرأة يمكن أن تدخل تحت أنواع رياضية بعيدة كل البعد عن عدم الحشمة، مثل الرماية والفروسية، خصوصا أننا لدينا فرق فروسية نسائية ولكن غير معلنة».
وأشار إلى أنه في كثير من الدول الإسلامية المجاورة ترتدي السيدة الملابس الشرعية أثناء الألعاب دون أن يعترضها أحد. وأضاف: «لا يوجد حتى اللحظة جهة مخولة لإصدار تصاريح إنشاء نوادٍ رياضية نسائية داخل السعودية، لذا يجب أن يكون هناك أمر من الدولة بتغيير هذه السياسة. هناك نوع من التناقض، فإذا كنت تهتم بفروسية المرأة،وتكرم الفارسات كيف لا يكون لدينا نوادي فروسية للسيدات، ونوادي رماية، وكرة قدم، وسلة وخلافه؟».
مشروع متوقف
الدكتورة بسمة العمير رئيسة مركز السيدة خديجة بنت خويلد في الغرفة التجارية الصناعية في جدة عملت على مشروع إنشاء نوادٍ رياضية نسائية، ولكنها فوجئت بعدم وجود جهة تتولى التصاريح. قالت: «كان لدينا توجه لتكوين نادٍ رياضي متكامل، ولكن للأسف لم نجد جهة تتبنى المشروع من حيث إعطاء التراخيص سواء من رعاية الشباب أو البلديات، وحتى اللحظة المشروع متوقف». وأوضحت أن هناك مطالبات من الغرفة التجارية لرعاية الشباب والبلديات بأن تفتح هذا الباب ليكون هناك جهة مخولة إصدار التصاريح المطلوبة. وأضافت: «لدينا عدد من الملفات التي نعمل عليها ومن ضمنها ملف النوادي الرياضية النسائية. إلا أن هذا الملف سيتم تأجيله حتى يكون لدينا جهة تتبنى إصدار التراخيص، وسيكون لدينا متابعة من قبل الغرفة التجارية».
تؤكد الدراسات أن نسبة السمنة في تزايد مستمر، وتأتي النساء ومعهن الأطفال في مقدم أصحاب المشكلة. وقالت خبيرة التغذية أماني كتبي إن 70 في المئة من السعوديين يعانون سمنة مفرطة، وخصوصا الأطفال، وهو ما انعكس زيادة في الأمراض الناتجة عنها مثل ارتفاع ضغط الدم، السكري، الجلطات، وتصلب الشرايين، إضافة إلى الأمراض النفسية، وحصوات المرارة، وآلام المفاصل.
وأوضحت أنه لا جدوى من معالجة كل الأمراض السالفة الذكر دون علاج السبب الرئيسي وهو السمنة، إضافة إلى أن 80 في المئة من الأطفال ذوي البدانة المفرطة سيظلون هكذا فترة الشباب، ليس هذا فحسب بل إن الأمراض تكثر لديهم وتزداد الوفيات.
وفيما تهرع كل وسائل الإعلام لدق ناقوس الخطر لهذه المشكلة المتفاقمة، وبشكل متسارع، تبقى السيدات والأطفال بعيدين عن ممارسة الرياضة في السعودية لأسباب عدة من أهمها أنه لا توجد جهة مخولة إصدار التصاريح لإنشاء نواد رياضية نسائية.
«لها» طرحت القضية، وتحدثت مع نساء يعانين من عدم وجود نوادٍ تهتم بلياقة المرأة وصحتها، إضافة إلى سيدات يرغبن في الاستثمار في مجال النوادي الرياضية المخصصة للسيدات.
استثمار
الاختصاصية الاجتماعية والنفسية في الرياض حصة عبد الله العزاز فكرت في أن تستثمر في إنشاء نادٍ رياضي صحي للسيدات. قالت: «بدأت الاجراءات بشكل رسمي منذ العام 2009، وأنا من النساء المدمنات ممارسة الرياضة التي تعطيني إحساساً بالحياة والفرح، وبأني استطيع التعامل مع من حولي، والتخلص من حالات القهر والغضب وعدم الرضا من خلال الرياضة، بممارسة تمارين بسيطة وغير مكلفة».
ولفتت العزاز إلى أن ثقافة الرياضة غير موجودة في الفلسفة الحياتية النسائية، ولا في المفهوم الاجتماعي النسائي السعودي. وأرجعت انعدام الثقافة الصحية إلى كون مفهوم الحلال ومساحته لدى النساء أصغر من مساحة المحرمات التي أدرجت تحتها الرياضة النسائية.
وأضافت: «لم يتوقف حبي لممارسة التمارين عندي فقط، بل جعلته مفهوماً أسرياً، فقد شجعت ابنتيّ على ممارستها وهما حاليا في سن المراهقة، ولا بد لي كأم أن أزرع هذه الفلسفة داخلهما لأن الرياضة صحية بالدرجة الأولى، إضافة إلى أنها عامل تواصل بيني وبينهما». وأكدت العزاز أن متوسط مصروفها على النوادي الرياضية يقارب 20 ألف ريال في إشارة منها الى المبالغ غير المعقولة التي تدفع مقابل اشتراكها في النادي الرياضي النسائي في المنطقة الوسطى.
من هنا ولدت لديها فكرة إنشاء نادٍ رياضي بمقاييس صحية وصحيحة بعيدة عن المقاييس الموجودة حاليا والتي تقبع تحت مسمى مشاغل. تقول: «بعض النوادي الصحية تكون تحت مسمى العلاج الطبيعي في بعض المستشفيات الخاصة على أساس أن لها علاقة بالعضلات وأعضاء الجسم المختلفة. ولكن يجب إنشاء نوادٍ نسائية بمقاييس سليمة. وهنا أشير إلى وجود مركز الأمير سلمان الاجتماعي في الرياض وهو نادٍ يضم حتى المسبح، ولديه تصريح». وأضافت: «يفترض أن يحتوي النادي على أقسام مختلفة محددة لكل فئة عمرية ولكل حالة، فمجموعة اللياقة تختلف عن مجموعة من يعانين مشكلة زيادة الوزن. أنا أجد أن الرياضة مطلب عام لا نخبوي كما يدعي البعض، مما يعني أنه من الضروري توافر ما يتطلبه النادي بمقاييسه الصحيحة».
وأوضحت: «عندما قررت استصدار الرخص المطلوبة قيل لي بالحرف الواحد غير مسموح إصدار تصريح لنادٍ رياضي نسائي، بل علي أن أصدر تصريحاً بمسمى مشغل ومن ثم يمكن أن أخصص جزءاً منه كنادٍ. أنا لا أريد أن احتال على القانون، ولا أريد أن يتم التفتيش على المبنى بعد سبعة شهور ليتم إغلاقه لأنه مخالف للتصريح بعد أن أكون أنفقت مبالغ مالية ضخمة».
منعت حصة العزاز من الدخول إلى الجهات المختصة بالتصاريح بنفسها فاستعانت بمعقب بعد أن استوفت كامل الأوراق ودفعت له مبلغاً من المال. وبعد ثلاثة شهور من تقديم الطلب الى رعاية الشباب جاء الرفض... «بعد ثلاثة شهور من المحاولات المستمرة رفض الطلب ليكون الجواب لا يوجد أي بند يخولنا الموافقة على النادي الرياضي النسائي، والتصاريح لديهم كلها تختص بنوادي الشباب».
وذكرت أن الرياض وحدها تضم ما يقارب 41 نادياً رياضياً تحت مسمى مشاغل نسائية، مما يعني أنه لا يوجد تصريح نادٍ بل هناك نوادٍ بطرق ملتوية، بأسعار مرتفعة جدا، وغير متوافقة مع المقاييس الصحيحة.
مريم أفندي تعمل في شركة علاقات عامة، وهي إحدى الفتيات اللواتي لديهن تجربة طويلة جدا مع النوادي الرياضية في جدة. تقول: «أنا مترددة جدا في الاشتراك بنوادي الرياضة الخاصة في جدة لأنها وبكل صراحة لا تخضع لجهة مراقبة معروفة، ومجمل النوادي نقام تحت مسمى مشغل، وبعضها يتبع مستشفيات خاصة. هذا لا يعني أني لم أحاول سابقا الاشتراك ولكن، صدقا تولّد لدي انطباع سيئ جدا، لأنها لا تمتلك الخبرة الكافية في التعامل مع الحالات التي ترتاد المكان، والجميع في صالة واحدة من الطفل الصغير وحتى السيدة المسنة.
أيضا عادة ما تكون عبارة عن صالة لأجهزة قليلة العدد، وعليك الانتظار لتجدي فسحة لاستخدام الجهاز، عدا عن الكلفة المالية الباهظة التي يمكن أن تغطي إحدى الجراحات التي نسمع عنها دون عناء الممارسة اليومية». وتؤكد مريم أنها تنقلت بين أكثر من ناد وكانت جميعها تعاني غياب المدربة المتخصصة في التعامل مع كل حالة على حدة، إضافة إلى رداءة المكان من ناحية الأجواء الصحية لأن النوادي دائما ما تتبع المشاغل التي يكون فيها عدد من الخدمات مثل صبغات الشعر، والقص، مما يعني جوا بعيدا كل البعد عن الأوكسيجين الصحي».
وأضافت: «بدأنا نحن السيدات والفتيات في السعودية محاولة إنشاء أماكن جديدة لممارسة الرياضة، ولو كانت رياضة بسيطة تخلو من التركيز على المناطق المراد تنحيفها، فرياضة المشي مطلب وحق لكل شخص أن يمارسها وبكل حرية دون قيد أو شرط. لكن للأسف حتى هذا الحق حرمنا منه بسبب ما نتعرض له من مضايقات خلال ممارسة الرياضة رغم أننا نمشي في أماكن متعارف عليها ومحددة لهذا النوع من الرياضة ولكن دون فائدة».
وتساءلت: «لماذا نحن محرومون من النوادي النسائية التي يمكن أن تخلص النساء من كثير من الأمراض التي بدأت تتفشى في المجتمع السعودي؟ ولماذا نجد أن النوادي الخاصة بالشباب تملأ الشوارع، وللشباب الحرية في ممارسة أنواع شتى من الرياضة؟».
وطالبت بإصدار تصاريح إقامة نوادٍ رياضية للنساء والفتيات بأسعار معقولة، على أن تنتشر في كل حي من أحياء جدة حتى لا تتكدس كل المناطق في نادٍ واحد وبالتالي يفقد شروطه الصحية.