بهاء ونجيب ومحمد...

المملكة العربية السعودية, ربّ العمل, الصداقة الحقيقية

20 فبراير 2012

ثلاثة أصدقاء من السعودية مرّوا معاً بالكثير، وحافظوا رغم الوقت والظروف على العلاقة وصانوها نظراً إلى تقديرهم للصداقة وحرصهم على استمرار رصيدهم المشترك. «لها» تحاورت مع الثلاثة واستمعت منهم إلى رواياتهم عن أحلى المواقف وأصعبها...


بهاء الجمل
(29 سنة) موظف في مجال التسويق في شركة خاصة، اتجه الى هذا العمل لأنه يجد في مخالطة الناس والاقتراب منهم خبرة لا تستطيع أي شهادة من أي جامعة في العالم منحنا إياها. يقول: «سبق أن عملت فترة في مجال المبيعات والتسويق. وهذا النوع من العمل يفتح طريقاً واسعاً للاحتكاك بفئات مختلفة من الناس من مختلف الجنسيات والأعمار والمستويات الفكرية والاجتماعية».
محمد الغُفيري (27 سنة) متزوج ولديه طفل (فارس)، يعمل في مجال التجارة في شركة عائلية وله أيضا شركة خاصة. بعد عودته من كندا عمل فترة قصيرة في مجال المبيعات قبل أن يتجه إلى التجارة ومشاركة والده وإنشاء مشروعه الخاص في هذا المجال. يقول: «أشعر بأني محبوب من جميع الناس. ولعل احتكاكي بالعالم الخارجي في الفترات القصيرة التي عملت فيها في مجال المبيعات أفادني ومنحني خبرة لا يمكن الاستغناء عنها أبداً. وشخصيتي تتناسب مع مجال التجارة لأن معرفة الأطياف المختلفة من البشر تعلّمنا الطريقة المثُلى في التعامل معهم».
نجيب خوجة  (24 سنة) يعمل في مجال السيارات، وقد اختاره لأنه يحب عالم السيارات والمحركات. يقول: «أعشق كثيرا عالم السيارات من الألف إلى الياء، لذلك مجال عملي يختلف عن عمل صديقيّ بهاء ومحمد. وأنا بمثابة مستشار لهما كلما أرادا شيئا يتعلق بالسيارات».


اللقاء الأول

تعرف بهاء على محمد أثناء وجودهما في اجتماع لشركة مبيعات وتسويق، وبعد محادثة بينهما شعرا بالارتياح حتى أنهما طلبا من المدير جمعهما في مجموعة واحدة للنزول إلى الموقع نفسه والتسويق للسلع التي كانت تروّج لها الشركة. حينها شعر بهاء بأن محمد هو الشخص الذي يفهمه قبل أن يتكلم، ويعرف ما يُريده الآخر بمجرد التفكير. يقول بهاء: «هناك قريب لمحمد في الشركة سألته عنه واكتشفت في ما بعد أن محمد أيضاً سأل الشخص نفسه عني، وهذا يدل على الالتقاء النفسي والفكري الذي ربط بيننا من اللحظة الأولى كما يقولون».
ويقول محمد: «كان العمل بالنسبة إليّ لإيجاد المتعة فقط لا الحصول على المال، فعند عودتي إلى جدة كنت دائما أبحث عن أي شيء لأفرغ طاقتي فيه، وعندما سألت ابن عمي نصحني بالنزول معه إلى العمل،  وسبحان الله لألتقي صُدفة ببهاء وأتعرف عليه ونصبح بالفعل مثل شقيقين».


صداقة العائلات

ويضيف بهاء :«تعرفت على عائلة محمد ووالده وأشقائه وهو كذلك تعرف على عائلتي وأصبحنا مثل شقيقين، فأينما أذهب أنا يجب ان يرافقني محمد وأينما يذهب محمد يجب أن ارافقه أنا. حتى أنني إذا أردت الانتقال إلى عمل آخر أخبر محمد بذلك ونقدم اوراقنا معا ونُقبل معا في الوظيفة».
تزوج محمد في سن مبكرة وكان لهذا الزواج أثر كبير على صديقه بهاء وعلى زوجة محمد ايضاً، فغيرة الزوجة من وجود محمد مع أصدقائه، وخشية بهاء من المسؤوليات التي سيخضع لها محمد بعد الزواج، أجبرتا بهاء على أخذ موقف من صديقه، يقول: «عندما علمت أن محمد سيتزوج شعرت بقليل من الكره تجاهه ذلك لأني سأفقد صديقاً مُقرباً مني وسأفتقد لحظات الشباب والرحلات».


غيرة الزوجة

ومع أن محمد وعد بهاء بأنه لن يتخلى عن تلك الصداقة وأنه سيبقى على تواصل معه، تسرّب الاحباط الى قلب بهاء الذي بدأ بالخروج مع أصدقاءٍ آخرين ولم يقطع علاقته بمحمد الذي يوضح: «في اولى سنوات زواجي كانت زوجتي تغار جدا من بهاء وتخبرني بأنها تتمنى أن تكون بهاء لأمضي معها  ولو جزءا بسيطا من الوقت الذي أمضيه مع أصدقائي، حتى أنها كانت تهددني بإخبار والدي عندما كنت أعود إلى المنزل متأخرا من سهرة مع الاصدقاء. إلا أن الوضع الآن اختلف تماماً فانا حرصت على التوفيق بين مسؤولياتي العائلية وبين اصدقائي. وبفضل من الله زوجتي اليوم تتقبل وجود بهاء في المنزل لزيارتي او تمضية وقت ممتع بصحبة العائلة».


صداقة مميزة

ويضيف محمد:«هناك الكثير من الاصدقاء الذين تربوا معي وكبروا معي ايضاً لكن علاقتي بصديقي بهاء مختلفة تماما فحين أحتاجه اجده في أصعب الظروف والمواقف سنداً مادياً ومعنوياً. وكذلك انا عندما اشعر بان بهاء في ضائقة أسارع إلى مساعدته. هي صداقة مختلفة بيننا، التقاء نفسي مميز بين كلانا. انا اعتبر بهاء أخي الذي لم تلده أمي، حتى عائلتي تعتبره كذلك فجدتي في احدى المرات أخبرت الجميع بأن بهاء أخي».
وبين هذه الأماكن وتلك الذكريات، يدخل نجيب خوجه صديقهم الثالث إلى القاعة يسلم علينا وعلى صديقيه، ويشاركنا الحديث قائلاً: «تعرفت على بهاء عندما كنت مع مجموعة من الأصدقاء في مكان عام، في بداية الأمر لم استلطفه. ولكن عندما بدأت أتقرب منه وأتكلم معه، نغيّرت مشاعري تجاهه إلى صداقة مستمرة بيننا منذ ما يقارب السبع سنوات».

ويتذكر نجيب أحد المواقف عاشوها قائلاً: «أتى صديق لنا من الخارج وأراد أن يتنزه في مدينة جدة، فأخذناه أنا وبهاء في السيارة وفي منتصف الطريق قلت بهاء لمَ لا نذهب إلى المدينة المنورة؟ وبالفعل غيرنا وجهة السير إلى المدينة، وفي منتصف الطريق غيّرنا رأينا لنتوجه إلى الطائف، وهكذا دواليك وصديقنا يشعر بالملل وكان ينام ويستيقظ طوال الطريق إلى أن عدنا إلى جدة ونحن نضحك على صديقنا الذي أمضى نزهته في الطريق نائماً ولم ير أي معلم من معالم أي مدينة». 
ويضيف نجيب: «تعرفت على محمد عن طريق بهاء في مكان عملي، وتوطدت علاقتي معه من خلال وجودنا في أكثر من مناسبة أو رحلة مع بعضنا».