أبشع انتقام

قتل, إعدام, حبس / سجن, جريمة قتل

02 يناير 2013

الذهول يكسو ملامحها، لا تصدق ما حدث قبل أسابيع... لم تتخيل أن زوجها تخلى عن إنسانيته فجأة وقرر أن يرتكب جريمة بشعة أصبحت حديث الجميع، الأب ذبح طفليه بدم بارد انتقاماً من والدتهما، والأم لا تعفي نفسها من المسؤولية. أمام غرف المداولة كانت تردد: «أنا السبب، أنا التي قلت له اذبحهما». «يا ليتني نهرته، أو طلبت منه أن يعيدهما إلى حضني».


الأم الثكلى نادية قررت أن تعيش طوال عمرها في حداد على طفليها، بعدما تسببت في لحظة غضب بأن ينالا أسوأ مصير في الدنيا.
اعتقدت الأم أن والدهما، الهارب من السجن، سيكون حنونا عليهما، لكن الأم تركت طفليها لتتزوج، والأب أراد أن ينهي حياة الأسرة كلها وبدأ بطفليه.
ورغم أن النيابة لم توجه إلى الأم تهمة، فإنها لا تعفي نفسها من المسؤولية، صورتا طفليها لا تفارقانها، تبكي ندماً وهي تتذكر آخر مكالمة بينها وزوجها السابق الذي تروي اعترافاته في النيابة تفاصيل القضية.


اعتراف

الأب القاتل شعبان رشدي (28 سنة) يعمل مزارعاً في إحدى قرى محافظة بني سويف. داخل نيابة حوادث شرق القاهرة كان يقف وسط حراسة مشددة دون أن يرفّ له جفن من هول ما فعل، يقف كأنه وسط الجماهير بعد انتصاره في معركة حربية، مرفوع الرأس، حاد النظرات، ويتحدى الجميع بصوته الجهوري، اقتربت منه وسألته:

أنت الذي قتلت ولديك؟
قال: نعم أنا.

ولماذا قتلتهما؟
لأن أمهما قالت لي اذبحهما، فقتلتهما.

بهذه السهولة استطعت أن تذبح طفليك بيدك؟
لا تسألني عن أي شيء، اسأل أمهما فهي السبب في كل ما حدث.

سأله وكيل النيابة:

كيف تدفع زوجة زوجها ليقتل ولديه؟
- زوجتي باعت كل شيء، زوجها وولديها، وما حدث عام 2007 أنني دخلت السجن بتهمة الشروع في قتل زوجة خالها، وربنا يعلم أنني كنت مظلوماً، وزوجتي لم تساندني وتركتني أدخل السجن، وكان من الممكن أن تضغط على أهلها ليتنازلوا عن المحضر، لكن هذا لم يحدث.

وهل هذا يؤدي بك إلى أن تقتل طفليك؟
- لا طبعاً، وما حدث أنني هربت من ضمن المساجين الذين هربوا من سجن الفيوم في الفترة الأخيرة، ولما عدت إلى منزلي طلبت زوجتي الطلاق فطلقتها منذ حوالي شهر، وفوجئت بها تلقي لي الطفلين قائلة: «لا أريدهما». قلت لها إنني لن أستطيع تربيتهما وحدي، وطلبت منها أن تربيهما بمعرفتها، فرفضت وقالت لي إنها ستتزوج بعد شهور العدة، وزوجها الجديد لا يريد أطفالاً، فقلت لها إنني سأتزوج أيضاً، وهددتها بأنني سأذبح الطفلين وأنتحر، فقالت لي: «اذبحهما»، فذبحتهما.

وكيف قتلتهما؟
- أخذتهما إلى حديقة الزيتون التي تقع في حي مدينة السلام، وأمسكت رمضان الكبير وذبحته، وبعد ذلك ذبحت الصغير محمد ومشيت.

وسأله وكيل النيابة:

ألم يسمع أحد صراخ الطفلين؟
- هذه المنطقة شاسعة الأطراف، عرضها 50 فداناً، وكنا في وسطها، هذا يعني أن الناس كلها لو صرخت لن يسمعها أحد.

وماذا فعلت بعد ذلك؟
- اتصلت بطليقتي وقلت لها إنني ذبحت الطفلين، وجلست في البيت أنتظر الشرطة لتأتي وتأخذني !


«دمر حياتي مرتين»

تقول الأم: «لم أتوقع أن تنتهي حياة ولديَّ بهذه الطريقة البشعة، تخيلت أن والدهما سيرعاهما بعد زواجي، ولم أتصور أنه جاد في تهديده، فهل يوجد أب في الدنيا يقتل فلذة كبده وبهذه الطريقة البشعة؟!».
تكمل الأم: «أتمنى أن يقتص القضاء من زوجي الذي أزهق روحين بلا مبرر. هذا الرجل دمر حياتي مرتين، الأولى حين دمر منزلنا بتصرفاته الغريبة التي قادته إلى السجن، بعد أن حاول أن يقتل زوجة خالي لمجرد أنها تصدت لتصرفاته الهوجاء، والثانية حين قتل طفليَّ لمجرد أنني رفضت العودة إليه بعد أن هرب من السجن، لأنني لا أربط مصيري بمصير مجرم».

تواصل الزوجة كلامها: «عندما هرب زوجي السابق من السجن حاول أن يعيد المياه إلى مجاريها ويجبرني على الحياة معه، لكنني رفضت بشدة هذا الأمر، لأنني لم أتخيل أنني سأعيش مطاردة من الشرطة التي ستدهم منزلنا بين الحين والآخر بحثا عن زوجي. طلبت منه أن يسلم نفسه إلى أجهزة الأمن ، لكنه رفض بشدة واعتدى عليَّ، فقررت المطالبة بالطلاق وهددته بإقامة دعوى أمام المحاكم وإبلاغ الشرطة ضده».
وتواصل الزوجة: «لم يتردد زوجي، طلقني لكنني لم أدرك أنه ما زال يحبني ويرفض أن أرتبط بأحد آخر سواه، وظل يطاردني... في لحظة يأس قررت أن أترك له ابنيَّ لأتزوج، ولم أدرك أنني أخطأت خطأ عمري، لأن زوجي أصابه الجنون فقرر هدم الهبكل على رؤوس الجميع، وهددني بقتل طفليَّ وفعلها».
تبكي الأم بحرقة وتتوقف عن الحديث وهي لا تصدق ما حدث.


فريق بحث

العجيب في هذه القضية أن الفارق الزمني بين اكتشاف جثتي الطفلين والقبض على القاتل لم يتعد ساعات قليلة، مع أن فريق البحث تحت قيادة اللواء أسامة الصغير، مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، توقع أن تستغرق وقتاً طوبلاً، بسبب صغر سن المجني عليهما وعدم حملهما أي إثبات شخصية. بل إن الجثتين بدأتا التحلل. لكن القدر لعب دوره في هذه القضية العجيبة، إذ وصلت معلومة إلى مباحث شرق القاهرة، مفادها أن هناك رجلاً عنده طفلان بمثل هذه المواصفات، وأنه بينه وبين طليقته مشاكل على حضانتهما، وتم تكليف معاون مباحث قسم السلام التحري حول هذا الأب، ليتأكد الضابط من صحة المعلومة، بل إن طليقته تبحث عن ولديها منذ يومين.
 وبالفعل توصل رجال المباحث إلى الأم لتتعرف على جثتي المجني عليهما، ليتم القبض على الأب القاتل الذي اعترف في محضر رسمي.
وقرر محامي عام نيابات شرق القاهرة إحالته على محكمة الجنايات، مع إعداد النيابة مذكرة تطالب بإعدامه.