شكاوى الزوجات تتكاثر: صديقتي خطفت زوجي!

الحياة الزوجية, المشاكل الزوجية, خلافات الزوجية, مصر, السعودية, الرأي النفسي, د. سامية خضر, إختصاصي إجتماعي, د. أبو بكر باقادر

13 أبريل 2014

كثيرة هي الأمثال والأقوال التي توصي بالصديق ومكانته، ولكن قلّة الوفاء وعدم الإخلاص والأنانية وحب الذات، وثقت المثل الذي يقول: «أحذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة، فربما انقلب الصديق فكان أعلم بالمضرّة». وأصعب طعنات الأصدقاء هي دخول حياة الآخرين بقناع مزيّف بمعرفتهم نقاط القوة والضعف، فالزوجة تفشي أسرارها الزوجية وهمومها وفرحها لصديقتها المقرّبة، والزوج يضع قناع البراءة ويمثل دور الضحية والمغلوب على أمره، والصديقة تخون صديقتها وتسرق منها زوجها. التقطت مجلة «لها» من مصر والسعودية بعض القصص عن خيانة الصديقة صديقتها المقرّبة و«خطفها» زوجها والارتباط به. ونبدأ من مصر...


أمنية: خدعة الحمّام جعلتني أكتشف خيانتهما

لا تريد الاقتراب من جرحها القديم الذي التأم بصعوبة وما زالت تعاني من آلامه، إلا أنها قررت فتحه لتحكي ما مرّت به من آلام، وتساعد أخريات في تفادي التعرض لجراح مشابهة. تبدأ أمنية أحمد حكايتها بقولها: «كانت صدمة عمري التي جعلتني أفقد الثقة فيمن حولي، فقد كانت لي صديقة اعتبرتها أكثر من أخت لمدة 18 سنة، شاركتني كل أحزاني قبل أفراحي وكذلك فعلت معها. كنت أأتمنها على كل أسرار حياتي بتفاصيلها، وعندما تزوجت ابن خالتي كنت أحكي لها كل تفاصيل حياتي الزوجية حتى أسرار العلاقة الخاصة، وكانت دائماً تصف زوجي بأنه رجل طيب يحبني ويخاف عليَّ، وكانت تأتي لزيارتي وفي بعض الأحيان تبيت عندي ليلاً، خاصةً عندما تغضب من زوجها. ولم أكن أدرك أنني أرتكب خطأً فادحاً عندما كنت أحكي لزوجي عن صديقتي ومواقفها التي توضح شهامتها. وهو الأمر الذي اكتشفته بعد ذلك، فمع مرور الأيام شعرت بشيء غريب يحدث بين زوجي وصديقتي. لاحظت ذلك من خلال النظرات المتبادلة بينهما، وأيضاً اهتمامه المفرط بأخبارها، واقتراحاته المتكررة لدعوتها مع أسرتها إلى بيتنا. كنت أكذب شعوري لكن مع تكرار هذه المواقف صارحت زوجي بأحاسيسي، وكان الإنكار الشديد والاستخفاف بحديثي هما رده الصارم على كل ما يجول بخاطري».

وتضيف أمنية: «ذات يوم جاءتني فكرة شيطانية حتى أقطع الشك باليقين، فدعوت صديقتي إلى بيتي أثناء وجود زوجي على أساس أننا سنخرج معاً، واستأذنتهما لأدخل الحمام كي أستحم وأرتدي ملابسي استعداداً للخروج، ودخلت الحمام وفتحت الماء وجلست فترة، ثم تركت الماء مفتوحاً لكي يعتقدا أنني ما زلت أستحم، وخرجت فجأة لأستكشف ما يفعلان وأرتاح من شكوكي التي ظللت أكذبها لآخر لحظة، لكن كانت صدمتي الكبري فيهما عندما خرجت ورأيتهما في وضع حميم في مرآة قريبة تعكس كل ما يحدث داخل غرفة نومي. وشعرت وقتها بالشلل التام عن الحركة، ووقفت أشاهد ما يحدث دون أن أستطيع استيعابه، وفجأة صرخت بأعلى صوت وطردتها من بيتي، ثم ضربت زوجي في ظل حالة عدم وعي بكل ما يحدث، ودخلت في حالة إغماء نتيجة صدمتي التي حدثت بسبب خطئي من البداية. وكنت سأخرب البيت وأفضحه في العائلة حتى يعرف أفرادها ما صدر عنه، لكنه خوفاً على أسرتنا وأبنائنا اعتذر كثيراً وعبّر عن ندمه بشدة مما حدث من أخطاء، وأخذ يرجوني أن أعطيه فرصة للبداية من جديد، ووعدني بأن يغيّر من نفسه وشخصيته، خاصةً أنني عشت شهوراً في حالة انهيار عصبي بسبب الجرح الذي لم يلتئم إلا بعد سنوات من المعاملة الطيبة التي أثبتت ندمه الحقيقي ووفاءه لأسرتنا».
وتواصل أمنية: «من واقع تجربتي أنصح كل زوجة ألا تقع في أخطاء مشابهة لما وقعت فيها، فيجب عليها ألا تطلع أحداً على أسرار بيتها أو جوانب شخصية زوجها، خاصة الإيجابية، وأيضاً ألا تحكي لزوجها عن صديقاتها ما يجمل صورتهن في نظره حتى لا تعاني من جرح شبيه لجرحي».


صفاء: رسائل غرامية على المحمول فضحت علاقتهما

«عشت سنوات من الشقاء بسبب أقرب الناس إلى قلبي»، هكذا تصف صفاء سعد ما تعرضت له، وتحكي قائلةً: «كانت أقرب صديقاتي إلى درجة أنني اعتبرتها فرداً من عائلتي، وأطلعتها على كل ما يخصني ويخص المقربين لي، وكأنها تعيش معي كل لحظات حياتي. وهذه كانت نقطة البداية التي انطلقت منها في غفلة مني، إذ كانت تحاول التحلي بالصفات التي يحبها زوجي، خاصةً أثناء وجوده، ومن هنا بادلها زوجي الإعجاب ونشأت بينهما علاقة حب دون علمي».
وتضيف: «مع مرور الأيام بدأت أشعر بتغير زوجي نحوي وانتقاده لجميع تصرفاتي، فبدأت أشك في أنه على علاقة بأخرى، وصارحت صديقتي بشعوري هذا، لكنها كانت تكذب إحساسي وتقول لي زوجك يحبك ومن الممكن أن تكون ضغوط عمله هي سبب تغيره معكِ. وفوجئت بها في أحد الأيام تقول لي إنها ستطلق من زوجها لكثرة المشاكل واستحالة العشرة بينهما، فحاولت أن أنصحها وأهدئها، لكنها كانت مصممة على الانفصال، ولم أكن أعلم أن قرارها تم بالاتفاق مع زوجي حتى يتزوجا ويعيشا معاً».

وتكمل صفاء: «بدأت أشعر بتحول تام إلى الأسوأ في تعامل زوجي معي، فقررت تفتيش أغراضه حتى أتوصل إلى سبب تغيره، وكانت الصدمة التي وقعت عليَّ كالصاعقة، عندما رأيت في هاتفه المحمول رسائل غرامية متبادلة بينه وبين صديقتي... بدأت أربط الأحداث السابقة ببعضها، وقررت مواجهة زوجي بما يفعله لعله يرجع عنه، وفوجئت به يعترف بكل شيء بمجرد مواجهتي له، بل وقال بكل جرأة: «أحبها وسأتزوجها ولن أتخلى عنها»، فهددته بأنه إذا فعل ذلك سيخرب بيتنا، فاستهتر بحديثي معه وقال: «إذاً أنت الخاسرة». وعندما فقدت الأمل في أن يرجع عن قراره ذهبت لمن كنت أعتبرها أعز أصدقائي، اعتقاداً مني أنها سترفق بحال أبنائي وتبتعد عن زوجي، لكنها فاجأتني بردها: «إما أن تقبلي زواجنا أو تنسيه وتنسيني معه». وعندما رفضت زواجهما حفاظاً على كرامتي، ترك زوجي البيت لي ولأبنائي وتزوجها ولم يسأل على أبنائه أبداً منذ زواجه منها».
وتؤكد صفاء أنه إذا عاد بها الزمن مرة أخرى فستكون حذرة في كل تصرفاتها، وتضع حدوداً لصداقتها التي كانت السبب وراء هدم أسرتها.


ناني: شجعتني على الارتباط به وطارت معه إلى خارج البلاد

لا تختلف تفاصيل القصة كثيراً مع المهندسة ناني حسين (40 سنة) التي لم تسلم بدورها من لدغة أعز صديقاتها، تروي قائلةً: «تعرفت على صديقة عمري حسناء منذ كنا في المرحلة الإعدادية، وكنت اعتبرها مكمن أسراري وعرفتها على كل صغيرة وكبيرة في حياتي، حتى أنني كنت أحرص على معرفة رأيها في كل شيء حتى ملابسي التي أرتديها. وبلغت صداقتي لها وثقتي بها إلى أنني لم أوافق على زميلي المهندس الذي قد تقدم لخطبتي إلا بعد أن عرفت رأيها فيه، وشجعتني جداً على إتمام الخطوبة ثم الزواج الذي استمر 12 سنة أنجبت فيها بناتي مي ورنا وروان».
وتضيف: «ظل زوجي معي طبيعياً حتى قبل أربع سنوات تقريباً، ثم بدأت ألاحظ تغيراً منه تجاهنا أنا وبناتي، فراح يهملنا. وظهرت صديقتي في حياتنا بقوة، لأنني كنت أعرض عليها مشكلاتي مع زوجي لكي تتوسط بيننا وتسعي لحل مشاكلنا. واستمر هذا الحال ثلاث سنوات أعطيت فيها صديقتي حسناء كل المعلومات عن زوجي ومشكلاتي معه لتستغلّها هي في توطيد علاقتها به دون علمي. ولأنني طيبة القلب لم أربط بين وجودها في حياتنا وبين ازدياد المشكلات مع زوجي، حتى اكتشفت الطامة الكبرى، وهي أنها تزوجته منذ عامين عرفياً وأخفيا عني ذلك تماماً ولم أكتشفه إلا بعد أن قرر زوجي تطليقي حتى يكون ملكاً لها وحدها، ويتحول زواجهما من عرفي إلى رسمي. وعلمت في ما بعد أن أعز صديقاتي لم تكتف بخداعي، إنما استعانت بأعمال الدجل والشعوذة.

وتصف ناني صدمتها بقولها: «إلى الآن لا أصدق ما حدث، وكيف ضاع الوفاء في هذا الزمن، إلى درجة أن تخدعني أقرب صديقاتي ولا تراعي العشرة والصداقة الطويلة، ولم ترفق ببناتي الصغيرات اللواتي يحتجن إلى رعاية والدهن. وكانت نتيجة صدمتي هذه أنني لم أعد أثق في أحد، وبدأت أشك في كل أصدقائي وصديقاتي بعد الغدر الذي تعرضت له».
وتجهش ناني بالبكاء قائلةً: «للأسف دفعت أنا وبناتي ثمن الثقة في صديقتي التي خانتني واستأثرت وحدها بزوجي، لدرجة أنها أوجدت له فرصة عمل خارج مصر وسافرت معه ليتركنا أنا وبناتي وحدنا، وأصبحت كل صلتنا به هي ما يرسله إلينا من نفقة شهرية قررتها محكمة الأسرة، لكن بعد هذه الأزمة قررت أن أحاول الخروج منها بسرعة والتفرغ لتربية بناتي».


ميرنا: استعنت بها لحل مشكلاتي مع خطيبي فسرقته

«استغلت صديقتي دور الوسيط لحل مشاكلي مع خطيبي لصالحها وخطفته مني». هكذا لخصت ميرنا عاطف حكايتها، وأوضحت: «كانت لي صديقة في المرحلة الثانوية، وبالصدفة التي اعتبرتها حسن حظ التحقنا بالكلية نفسها، وكانت كل منا حاملة لأسرار الأخرى، تخاف عليها وتنصحها وتثق بها. وبعد فترة من التحاقي بالجامعة تعرفت على شاب طموح من زملائنا كان يكبرني بثلاث سنوات، وتبادلنا الإعجاب وتطور إلى الحب الذي كللناه بالخطوبة. ومثل كل المخطوبين كانت تحدث بيننا مشكلات في مواقف مختلفة نتيجة اختلاف طباع كل منا عن الآخر، وكنت لا أحسن التصرف في بعض هذه المواقف، لذا كنت أحكي لصديقتي عن كل شيء لترشدني إلى ما ينبغي عليَّ فعله. وفي إحدى المشاكل طرحت عليَّ فكرة التدخل كوسيط لإقناعه بوجهة نظري، ورحبت بشدة، لكني لم أكن أعلم أن هذا أول مسمار في نعش علاقتي بخطيبي. وبالفعل أصبحت تتدخل في كل مواقفنا، وتخيلت أنها تحاول الإصلاح، في حين أنها كانت تفعل عكس ذلك فتقوم بالإيقاع بيننا وتحاول إظهار صورة سيئة عني أمامه وتتحلّى بعكسها، إلى ان أصبحا مقربين جداً دون علمي. وفوجئت به يفسخ خطوبتنا في إحدى المشاكل التافهة التي تجاوزنا الأصعب منها، وكان مبرر تصرفه هذا أنه اكتشف اختلافاً كبيراً في شخصية كل منا يجعلنا لا نستطيع الاستمرار في علاقتنا، وتزامن مع ذلك ابتعاد صديقتي عني رغم أنني كنت في أشد الاحتياج لها في هذا الوقت، ولم أفسر ذلك بسوء، لأن كل هذه الأحداث تمت في نهاية العام الدراسي للصف الثالث من الكلية، فتوقعت أن يكون سبب ابتعادها هو انشغالها في مذاكرتها أو مع عائلتها كما كانت تدعي، لكنها كانت مشغولة مع خطيبي وتوطد علاقتها به».

وتضيف ميرنا: «بعد انتهاء الإجازة فرحت كثيراً لأنني سأشاهد صديقتي التي اشتقت إليها مع بداية العام الدراسي، لكني فوجئت بفتور شديد في مقابلتها لي لم أستطع تفسيره وقتها، وأثناء حديثي معها لاحظت وجود دبلة في يدها اليمنى، فسألتها مستنكرة كيف تخفي عني خبراً مفرحاً مثل هذا. وكان ردها «حتى لاتغضبي أو أجرح مشاعرك». دهشت من إجابتها عليَّ وسألتها: هل تعتقدين أنني سأغار من خبر خطوبتك؟، وفوجئت بها ترد: نعم لأنني ارتبطت بخطيبك السابق! وعندها علمت أنها استغلّت دورها كوسيط لتبث الكراهية بيننا وتصل إلى قلبه لتحصل عليه في النهاية، وبعدها قطعت علاقتي بها تماماً لأنني اكتشفت خبثها حتى مع أقرب الناس إليها، وعوضني الله بإنسان متميز في كل شيء استطاع أن ينسيني كل ما حدث. ورغم انقطاع علاقتي معها إلا أن زملاءنا المشتركين كانوا ينقلون لي بعض أخبارها، وعرفت أنهما تزوجا بعد تخرجها لكن زواجهما لم يستمر كثيراً، وانفصلا بعد خمسة أشهر فقط من الزواج ، ولا أنكر إحساسي بالسعادة عند سماعي لهذا الخبر، لأن الله انتقم منهما لما فعلاه بي».


رأي نفسي

الدكتور محمدأبو العزائم: حدود للاختلاط
يحلل الدكتور محمد جمال ماضي أبو العزائم، الأمين العام للجمعية العالمية الإسلامية للصحة النفسية، شخصية الصديقة التي يمكن أن تخطف زوج صديقتها، بأنها شخصية تحب الاستحواذ على أي شيء، ومنها أزواج الأخريات، حتى إذا كانت ستجرح المقربين لها. وعادة تكون السلوكيات الخاطئة لمثل هذه الشخصيات نابعة من ضغوط نفسية ومرحلة من الحرمان تعرضت لها في طفولتها أو نشأتها، أما شخصية الزوج الذي يخدع زوجته ويخضع لإقامة علاقة مع أعز صديقاتها، فيرى الدكتور محمد ضرورة دراسة الظروف الاجتماعية والنفسية التي دفعته لهذا الفعل قبل توجيه الاتهامات إليه. ويوضح: «الزوج مثل أي إنسان له رغبات يريد أن يشبعها، فإذا كانت الزوجة غير متفهمة للحياة الزوجية ومتطلبات زوجها، فإنه يبحث في هذه الحالة عن السبيل المناسب والمتاح لإشباع رغباته، وعندما يجده لا يتردد في الانجذاب نحوه».
وينصح الدكتور محمد الزوجة بالاعتدال في علاقتها مع الآخرين، فلا تكون في عزلة اجتماعية وأيضاً لا تنساق في علاقات صداقة بلا حدود، فيجب عليها أن تحيط علاقتها الاجتماعية والأسرية بالحذر المنطقي والعقلاني، وألا تفصح عن أسرار ومشاكل بيتها وحياتها الزوجية لأي أحد، لأنه يمكن لإحدى صديقاتها في بعض الأحيان أن تستخدم هذه الأسرار في التقرب من زوجها. ويضيف: «كما يجب على الزوجة أن تعطي لزوجها الأولوية في الاهتمام به، لأنها كلما أعطت وقتها للاهتمام ببيتها تستطيع بناء أسرتها على أساس سليم».
كما يوجه النصيحة للزوجة التي تعرضت لخيانة صديقتها بأن تتحلى بالحكمة، وألا تهدم أسرتها، وتفكر جيداً في الظروف التي دفعت زوجها لذلك وتتفهم مشاكله، وأن تحاول الوصول إلى حلول للموقف بعقلانية.
ويؤكد أبو العزائم أن هذه الحالات أصبحت متكررة في ظل ضغوط الحياة والمشاكل التي يواجهها البيت المصري، وأيضاً مع تأخر سن الزواج الذي يدفع بعض الفتيات لفعل أي شيء حتى يهربن من شبح العنوسة، ويرى أن حل هذه المشكلات يتطلب في البداية درس الجوانب الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لهذه الحالات، وأيضاً توعية الزوجين بمتطلبات كل منهما وواجباته.


رأي علم اجتماع

الدكتور محمد عودة: مسؤولية الرجل لا تقلّ عن مسؤولية المرأة
رغم تكرار حالات خطف الصديقة لزوج صديقتها، فإن الدكتور محمود عودة، أستاذ علم الاجتماع في جامعة عين شمس، يرى أنها مجرد حالات فردية ولا تشكل ظاهرة، وتظل حالات مستهجنة وغير مقبولة اجتماعياً، ومعظمها ينتشر في مجتمعات النخبة، لكنه يشير إلى أنها ليست وليدة هذه الأيام، خاصة أن الموروث الشعبي يبرزها ويضعها تحت طائلة «القسمة والنصيب»، ويظهر ذلك في المثل الشعبي «خدي بختك من حضن أختك». ويلقي مسؤولية تزايد هذه الحالات على عنصر ندرة الزواج الذي يتسبب فيه العوامل الاقتصادية والاجتماعية.
ويضيف أن من تقبل على فعل ذلك يلقى اللوم عليها أكثر من الرجل، وتوجه إليها نظرة استنكار وخوف مثل نظرة المجتمع للمطلقة، ويرجع هذا الفكر إلى أن مجتمعنا ما زال ذكورياً لا يلوم الرجل على أخطائه ويلقي باللوم دائما على المرأة، رغم أنه في مثل هذه الحالات الرجل مسؤول أيضاً عما حدث.

الدكتورة سامية خضر: أنصح الزوجات بالتأني في اختيار الصديقات
 تشير الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع جامعة عين شمس، إلى أن كثيراً من المشكلات الاجتماعية والأسرية سببها الرئيسي أن عملية اختيار الصديقة أو الصديق تكون «عشوائية»، بالإضافة إلى عدم التفرقة بين الزميل والصديق، بل إن الصديق نفسه يجب أن يكون درجات؛ أعلاها «الصديق الصدوق»، والذي يجب ألا يتم منح هذه الصفة في حياتنا إلا لعدد قليل جداً، وفي الوقت نفسه عدم البوح بكل الأسرار وخاصة العائلية لأي صديق، لأنه قد تحدث خصومة يوماً ما فتكون هذه الأسرار سلاحاً ضد صاحبها.
وأشارت إلى أن وجود العديد من الخصائص الشخصية المشتركة بين الصديقتين يكون عاملاً في كسب مزيد من الثقة والبوح بالأسرار الشخصية والزوجية، ظناً منها أن من تستمع إليها مكمن الأسرار، ولن تتفاعل عواطفها مع مشكلات صديقتها المتأزمة نفسياً بسبب توتر علاقتها مع زوجها الذي يكون محبطاً هو الآخر، فتجد الصديقة المخادعة الفرصة سانحة لتحقيق مأربها في هذا الجو المتوتر، وتبدأ في الإيقاع بالزوج وتقديم نفسها على أنها البديل الأكثر عقلانية وعاطفية، وسيجد لديها كل ما يفتقده من زوجته، ومن المعروف علمياً أن الإنسان وقت التوتر النفسي تكون قراراته أقل حكمة وأكثر عاطفية.
وتنصح الدكتورة سامية الزوجات بالتأني كثيراً في إعطاء لقب «صديقة» لمن تعرفهن، وحتى الصديقة يجب أن تكون العلاقة معها في «العموميات» لا «الخصوصيات»، وأن تبتعد قدر الإمكان عن «الاندماج الأسري» مع الصديقات، وتجعلهن كأنهن من أسرتها وتفضفض لهن بأسرارها وتكون هي الضحية الأولى لهذه الثقة المفرطة، التي تصل إلى درجة السذاجة أحياناً، وقديما قالوا: «معظم النار من مستصغر الشرر»، ومهما كانت هناك صفات مشتركة بين الصديقات فإنها لن تكون صورة طبق الأصل من صديقتها لتعايش مشكلاتها وأسرارها بإخلاص.  
وأنهت الدكتورة سامية كلامها قائلةً: «تعلّمي فنون التعبير عن مشاعرك بطريقة صحيحة بدون إفراط ولا تفريط مع زميلاتك وصديقاتك، ولا تنخدعي بكل من ضحكت في وجهك، ولا تعطي مفتاح دولاب أسرارك لأي إنسانة، حتى لو كانت صديقة، لأنه قد يخالط قلبها شعور غير طيب تجاهك وأنت لا تعلمين مثل الغيرة والحسد والشماتة وغيرها».
 

المشكلة نفسها في السعودية
وهذه قصص من السعودية لا تختلف فيها دوافع غدر الصديقة بصديقتها والزوج بزوجته عما شهدناه في مصر:
 

أم ريان: عدم اهتمامي بزوجي وبوحي بخصوصية علاقتنا أديا إلى صفعة من صديقتي

«تمكنت من اكتشاف خيانة صديقتي وزوجي منذ البداية حين شعرت بالتغيرات من الطرفين»، تسرد لنا أم ريان قصتها قائلة: «بعد زواج عشر سنوات شعرت بتغيرات في تصرفات زوجي، وغيابه عن المنزل ساعات طويلة كان أكبر دافع  لتولد الشكوك لدّي. وحين بحثت عن الأسباب تبيّن أن لصديقتي يداً في الموضوع، فبعد ائتماني لها على أسراري الزوجية كانت الطعنة قوية، بمحاولتها الاستيلاء على زوجي والارتباط به».
وتضيف: «لم يدر في مخيلتي أن تكون اليد الحنونة التي كانت تساعدني وتعطيني النصائح في حل الخلافات الزوجية، هي نفسها تطعنني في ظهري، فكانت صديقتي تستمع إلي وتقدم النصائح، وحين طلبت المساعدة في عملها لم أتردد لحظة من تعريفها إلى زوجي ليقدم لها العون. ولكن لعلمها بكل الأمور الخاصة عن زوجي تمكنت من لفت انتباهه وتعليقه بها، وبعدي عن زوجي واهتمامي بعملي ساعداها في الوصول إلى مخططها».
واستطردت: «تمكنت في اللحظة الحاسمة أن أتدارك الأمر، فبعد تغيّر زوجي وتغيّر تصرفاتها، بدأت البحث عن الأسباب، إلى أن عرفت أن صديقتي تقدم لها عريس ولم تخبرني بالأمر، وبالبحث والسؤال علمت أن عريسها المنتظر يحمل معظم صفات زوجي بدون التصريح عن اسمه. وحين واجهتها بالأمر ذرفت الدموع وأخبرتني أنها تحب زوجي وتريد الارتباط به وأنها أحق به مني لأنني غير مهتمة به. وحين واجهت زوجي بالأمر وجه إلي الاتهامات وقال إنه وجد فيها ما لم أقدمه له، وحين وعدته بالتغيير وعدني بتركها واعتذر عن تصرفه. وخلال السنوات الخمس الماضية تمكنت من مسامحته والاهتمام به، ومنعت جميع صديقاتي من الاقتراب من زوجي وكتمت أسرار أسرتي عن جميع من حولي».


أبو حامد: جزاء المعروف مكيدة مخطط لها

«وقعت بالمحظور وأجبرت على الزواج من صديقة زوجتي بمكيدة خططت لها بذكاء». يروي أبو حامد تفاصيل قصته قائلاً: «عشت مع زوجتي سنوات طويلة من السعادة وكوّنا أسرة محبة، وكانت الخلافات التي تنشب بيننا تحل بسرعة، حتى بدأت صديقتها التدخل في حياتنا وزرع الخلافات والمشاكل بيننا، ولم نلحظ هذا الأمر حتى وقعنا في الفخ الذي خططت له ونفذته».
ويضيف: «لا أحمّل زوجتي الخطأ بل نتقاسمه، فثقتها الزائدة بصديقتها وحديثها معها عن تفاصيل حياتنا ومعرفتها بها، جعلتنا مغفلين ومغمضي العيون، فحين طلبت مساعدتنا في إنهاء أمور حكومية، لم تتردد زوجتي في إقناعي بمساعدتها ومد يد العون لها لكثرة معارفي، وبدأت مساعدتها، ولم نكن نعلم بالمصيدة التي تخطط لها لإطاحتي. وحين طلبت منها إحضار بعض الأوراق الثبوتية، تعذرت بنسيانها حين جاءت إلى منزلنا، وأخبرتني أنها ستحضرها اليوم التالي في مطعم قريب من مكان تقديم هذه الأوراق. وفي صباح ذلك اليوم كنت انتظرها في المكان الذي حددته، وبعد دقائق من دخولها وقبل أن تعطيني هذه الأوراق، وجدت أعضاء الهيئة يملأون المكان وأخذوا جميع من كان معها وكنت أنا وهي من ضمنهم، واضطررت لإجراء عقد زواج معها حتى ننهي هذه المسألة ولا تتأثر سمعتنا. وبعد خروجنا طلبت مني كتمان الأمر عن زوجتي، ففضلت السكوت لفترة حتى أخبر زوجتي بالأمر بطريقة لا تجرحها، وبدأت هذه الصديقة التودد وأخباري أن هذا الزواج سيؤثر على حياتها بعد ذلك، وإذا تركتها سيطلق عليها لقب مطلقة، وتمكنت من زرع الفتن بيني وبين زوجتي ونشبت الخلافات، فبدأت أذهب إليها بحثاً عن الراحة والبعد عن المشاكل إلى حين عودة الوئام بيني وبين زوجتي. واستغلّت هي الموقف بطريقتها، وأخبرت زوجتي بالأمر برسالة تقول فيها إنها نادمة على الارتباط بزوج أعز صديقاتها. تصاعدت الخلافات بيننا منذ ذلك اليوم، ولم أتمكن من حل هذه المسألة وطلبت زوجتي الطلاق، وتمكنت هذه الصديقة من اصطياد زوج صديقتها والاحتفاظ به، ومنعت أي صديقة من دخول منزلها خوفاً من تكرار الأمر معها».


هدى: صدمتي مضاعفة من خاطفة زوجي فهي ابنة عمي وصديقتي المقربة

«لم أستمع إلى نصيحة زوجي حين طلب مني إبعاد ابنة عمي من منزلنا، وكان ردي أنني أثق بها كثيراً وآخذ النصائح منها، ولم يدر في مخيلتي أن تكون هي سبب هدم منزلي وخطف زوجي». وأكملت هدى: «تربطني قرابة وصداقة قوية بإحدى بنات عمي، كانت تساعدني في أموري، وكان قربها مني يزيدني قوة خصوصاً أنها أجمل مني، وهي من عرّفني إلى زوجي حين زرتها في عملها، وكانت تستمع إلى كل التفاصيل التي أسردها عن حياتي الزوجية. قربها مني جعلها قريبة من زوجي وتتدخل في كل شيء، حتى أنها كانت تفرض رأيها علي بإقناعي على طريقتها، ولم أكن أتخيل أن تكون مشاعر الغيرة هي ما يحركها، وأن تنتظر الفرصة لتتمكن من خطف زوجي».
وبعد أربع سنوات تمكنت ابنة العم من الحصول على الرجل والزواج منه بالسر، وحين لاحظت هدى تغير معاملتها، بدأت البحث عن الأسباب. تقول:«بعد مدة صعقت من اكتشافي السبب بأنها أصبحت زوجته، فكانت الطعنة مضاعفة من الجهتين فهي قريبتي وصديقتي وهو زوجي، فطلبت الطلاق. ودبت الخلافات في صفوف العائلة بسبب ما حصل... وأنصح جميع كل زوجة بفصل حياتها الزوجية عن أي صديقة أو قريبة، حتى لا تقع في المحظور».


الرأي النفسي

الدكتورة رزان ناظر: الغيرة والأنانية من أهم مسببات غدر الصديقة بصديقتها

تؤكد الاختصاصية في العلاج النفسي والاكلينكي للراشدين والعلاقات الزوجية والأسرية الدكتورة رزان ناظر أن خيانة الصديقة المقربة صديقتها أصبحت تتكرّر وأن الغيرة أو الأنانية أهم أسبابها، وهي تصرفات وسلوكيات خاطئة. ويقع الخطأ على جميع الأطراف في هذه المسألة فالصديقة تعتبر خائنة لطمعها بالحصول على أمر ليس من حقها بسبب غيرتها، أما الزوجة فتعتبر الضحية ولكن لها يد في الوضع بسبب إفشائها أسرار حياتها الزوجية وتوضيح نقاط الضعف ليستغلها المستمع إليها، وأيضاً مدحها الزائد لصفات زوجها أمام الغير. أما الزوج فهو خائن وينساق وراء الكلام المعسول ولا يحاول تصليح الأمور الخاطئة في زواجه بل يتركها ويحاول التملّص منها، وأيضاً موافقته على دخول طرف آخر يدل على عدم التفاهم الحاصل بين الزوجين وفقدان لغة الحوار.
وعن الآثار النفسية والمشاكل توضح: «لا تقع المشاكل فقط على الأطراف الثلاثة بل تؤثر أيضاً في المجتمع، فالزوجة ضحية، يؤثر هذا الأمر على ثقتها بنفسها وتشعر بنقص وبقلّة خوضها تجارب في حياتها. أما الصديقة فمشكلتها ستكون مع المجتمع لنظرته أنها صائدة أزواج وخائنة فيختلف تعامل الأشخاص من حولها، أما الزوج فتكون الآثار حسب شخصيته فإذا شعر بأنه ظلم زوجته فهذا الأمر سينغّص عليه حياته مع الأخرى، وسيكون تعامله معها بريبة وخوف، وإذا وُجد الأبناء فسيترتب على الأمر كثير من المشاكل لأن علاقتهم مع والدهم ستتأثر».


الرأي الاجتماعي

د. باقادر: الزوجة ليست مخطئة ولكن عليها الحرص وعدم إفشاء أسرار حياتها الزوجية
يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك الدكتور أبو بكر باقادر إن «الاختلاط منافٍ لقيمنا وأخلاقنا وينتج عنه الكثير من المشاكل الأسرية، واختلاط الأصدقاء يجب أن يكون منضبطاً، مع الحرص على عدم رفع الكلفة بين الزوج وصديقات الزوجة. وعلى الزوجة أن تهتم بشؤونها الأسرية بنفسها، ولا توسع دائرة الثقة لمن لا يستحقها. فلا يمكن خلط الصداقة مهما كان معناها في الحياة الأسرية لأنها تولد علاقة على المدى البعيد، وتخلق أجواء من التنافس والغيرة».
وشدد على ضرورة حرص الزوجة كتمان خصوصية أسرتها وزوجها على أقرب الناس حولها، وعدم إفشاء أسرار علاقتها مع زوجها لأقرب الأشخاص، لأن هذا الأمر يولد مواجهة ويفقد السيطرة، ويدمر المنزل، ويحول الصداقة إلى عداوة مع الوقت.

CREDITS

تصوير : محمد يحيى