مسميات الأزواج والزوجات على المحمول تعكس علاقة المد والجزر في حياتهم

الأزواج,الزوجات,الهواتف التقالة,العلاقة الاجتماعية

ميس حمّاد (جدة) 12 سبتمبر 2015

يتفنن البعض في اختراع مسميات غريبة، مضحكة ومُرعبة في أحيانٍ كثيرة لشركائهم على هواتفهم النقّالة، فمن «حبيبي» و«حياتي» و«رفيقة الروح» إلى «الله يستر» و«الشرطة» و«الحكومة» و«ممنوع الرد» و«القلق».... تعكس أسماء الزوجات والأزواج على هواتف شركائهم تطور العلاقة بين الزوجين، بدءاً بلحظات التعارف، مروراً بمرحلة الخطوبة، ووصولاً الى سني الزواج الطويلة التي تشهد ازدياد المشاعر سواء بالاحترام والتقدير، أو بالملل والفتور بين الزوجين.
وقد نشرت صحيفة «الوطن» السعودية خبراً يفيد بتقدم زوجة سعودية بطلب الطلاق، بعدما اكتشفت من طريق المصادفة أن زوجها سجل اسمها على جواله الخاص بغوانتانامو، وجاء  إصرارها على طلب الطلاق بعدما عثرت على هاتف زوجها المحمول بعدما نسيهُ في المنزل، وحاولت الاتصال به، لتتلقى الصدمة بوصفه لها بالمتسلطة والشرسة التي لا تُعاشر، مؤكدة أن ما أقدم عليه زوجها بعد 17 عاماً من الزواج، ما هو الا تقليل من مكانتها، فطالبته بدفع مبلغ من المال كترضية حتى يكون رد اعتبار لها، ودرساً يتعلم منه الزوج الذي أشار بدوره إلى أنه يعتمد هذه التسمية من باب الحفاظ على الخصوصية، وحرصاً منه على عدم معرفة من هم الى جانبه بأن المتصلة هي زوجته.
فهل بات اسم الزوجة أو الزوج عيباً أمام بعض الشركاء؟ أم يُعد الحفاظ على الاسم باعتماد أسماء مستعارة، منها الغريب، الطريف والعاطفي، جزءاً من الحفاظ على الخصوصية في السعودية؟
في هذا التحقيق، تناقش «لها» مسميات الأزواج لشركائهم على الهاتف النقّال، من خلال آراء بعض الأزواج والزوجات، مع الوقوف على آراء المختصين في هذا الشأن.


يذكر الصحافي عبدالله عون أنه يطلق اسم رفيقة الروح على زوجته في جواله، قائلاً: «منذ بداية زواجنا، وأنا أسميها برفيقة الروح، ومن الجميل أن ترى اسم شريكة حياتك على الهاتف بكلمات تميزها لديك. هو ليس مجرد اسم فقط، بل رسالة لطيفة  تعبّر عن الحب والاحترام والتقدير لمن شاركتني حياتي ورحلة عمري منذ 18 سنة».
ويضيف عون: «هناك أشخاص يطلقون أسماء غريبة على زوجاتهم في هواتفهم، مثل الحكومة، وأجد أن هذه المسميات تؤذي المرأة التي تشاركك حياتها. فالمرأة بطبيعة الحال معروفة بأنها تحب الإطراء، فكيف إن كان من زوجها وشريك حياتها».
عادة ما يكتب الشاب والفتاة في مرحلة الخطوبة على هاتفهما المحمول اسم الطرف الآخر بـ My Love، أو حياتي... هذا ما تؤكده أروى عبدالقادر التي تُسجل اسم خطيبها على هاتفها بـ «كل الحب»، ويسجل هو اسمها على هاتفه بـ «الغالية»، وتقول: «والدتي ما زالت تسجل اسم والدي على هاتفها بنور عيني، كنت أبتسم عندما يتصل والدي، وبعدما ارتبطت بخطيبي شعرت بأهمية هذه التسميات في الهاتف، وهي تعني الكثير للمرأة». وتضيف: «شقيقتي كانت تُسجل اسم زوجها في فترة الخطبة بحياتي، وبعد الزواج أصبح اسمه المدير العام».
من جانبه، يوضح محمد القرني أنه يُسجل اسم زوجته على هاتفه بـ «أم الجازي بعدما أنجبت طفلتنا الأولى، هذا الاسم هو عربون محبة وتقدير لأم الأطفال، ولوجودها في حياتي، فهي أكبر ثروة أمتلكها».
ويتابع القرني: «أعرف أشخاصاً يطلقون على زوجاتهم اسم الشرطة، مع إضافة نغمة الشرطة عندما تتصل الزوجة، وأعرف شخصاً يُطلق على زوجته اسم القلق، وهناك من يسجل اسم زوجته على هاتفه باسم رجل لئلا يعرف أحد من أصدقائه رقم زوجته... إلا أن هذه التسميات تُزعج المرأة، وقد تثير المشاكل بين الرجل وزوجته».
ويعترف أحمد عبدالله المتزوج منذ سنة ونصف سنة، بأن علاقته بزوجته شهدت مراحل مختلفة، تعددت معها التسميات. يقول: «في فترة الخطوبة أطلقت عليها اسم حياتي، وكنا نتحدث لساعات على الهاتف. وبعد الزواج استمر الاسم نفسه إلى أن أنجبت طفلنا الأول عبدالله، فغيرت الاسم إلى أم عبدالله».
أما منار محمد فترى أن الاسم على الهاتف مهم جداً، ويدل على استمرار الحب والعلاقة، وتؤكد: «في بداية تعارفنا، كان اسمه أحمد، وبعد الخطبة أصبح اسمه الحب، كما كان يسجلني في بداية علاقتنا باسم منوره، وبعد الخطبة سجلني باسم منورتي، ومن المهم بالنسبة إليّ أن يكون لقبي مميزاً على هاتفه، وأتفقد الاسم باستمرار للتأكد مما إذا كان غيره أم لا».
وتتابع: «غضبت منه مرة واحدة، وقمت بتغيير اسمه إلى ممنوع الرد».
وتشير سحر عبدالله (28 سنة) الى أن «مسألة الاسم المدوّن على الهاتف تعود الى طبيعة المشاعر ونوع العلاقة. ففي أيام الخطبة الأولى سجلت زوجي باسم الدلع الخاص، وبعد الزواج غيرت الاسم إلى حبيبي، وهو لا يزال نفسه حتى الآن بعد خمس سنوات من الزواج، لكنني أجهل تسمية زوجي لي على هاتفه، وأعتقد بأن الاسم سيتغير على الهاتف المحمول بعد سنوات ليصبح اسمه فقط، ومن دون مسميات. ومما لا شك فيه أن الاسم يعكس طبيعة العلاقة والروابط الزوجية بين الرجل والمرأة».
ويُعلق مدير الاستشارات الإدارية بندر الجنيدي على الموضوع مؤكداً: «أجد أن هذه المسألة تعني للزوجة الكثير، خاصة أن الزوجات يرغبن دائماً بأن يكون ضمن أسمائهن الدلع والدلال، بينما الرجل ينظر الى الموضوع باحترام، فطالما أحترمها، سواء كتبت اسمها الحقيقي أو لقب أم فلان، فهو بالنسبة إليّ أمر جيد. وأستغرب من يكتبون اسم الحكومة أو الشرطة، غير مدركين أن هذه المسميات تؤثر سلباً في علاقاتهم بزوجاتهم، وفي عقلهم الباطني، وأجد أنهم سيكرهون زوجاتهم من خلال هذه الطريقة».
ويضيف الجنيدي: «في العالم العربي بشكل عام، نجد تقاليد غريبة بين الرجال، وهي ليست من تقاليد المجتمع، بل تشكلت لديهم في فترة المراهقة، بأن يكون الرجل عنترة، ولا يستمع الى كلام المرأة... إضافة إلى أن من المتعارف عليه قديماً، ومن باب العيب أن تُعرف أسماء المحارم كالأم والزوجة والأخت، ذلك أن استخدام هذه الأسماء خاصة بين الأصدقاء كان سيئاً جداً، لذا أصبح هناك تحفظ على ذكر أسماء النساء والفتيات في العائلة، أمام الغرباء أو الأصدقاء، وربما بقيت هذه العادات فقط لدى الأشخاص الذين يعيشون في القرى أو المحافظات البعيدة عن المدن الرئيسية في السعودية».


مزاج
أما خلود سلمان التي تزوجت زواجاً تقليدياً، فتقول: «لم تكن فترة خطوبتنا طويلة، وكان اسمه الحقيقي على هاتفي محمد، خاصة أنني لم أكن قد تعرفت اليه بعد، من ثم أضفت إلى اسمه حبيبي، وبعد الزواج أصبح اسمه في هاتفي كل حياتي، وبعد سنة من الزواج تغير الاسم تلقائياً الى زوجي مع استخدام أيقونات لوجوه غاضبة. أما اسمي على هاتفه فكان في البداية خلود حبيبتي، وبعد الزواج أصبح زوجتي».
وتضيف سلمان: «أشعر بأن الاسم بالنسبة الى المرأة تعبير عما في داخلها، بعكس الرجل الذي لا تعنيه هذه الأمور، فعلى سبيل المثال عندما تكون الزوجة غاضبة من زوجها، ولا تستطيع عمل أي شيء للتعبير عن حالتها المزاجية، تقوم بتغيير اسم زوجها الى أي لقب كالغاضب أو المزعج، لتشعر من خلال هذه التسمية بأنها انتصرت على مزاجها. وعندما يتصالحان تعود الى المسميات الرومانسية مثل حبيبي وحياتي وغيرهما الكثير».
ويرى أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة أبو بكر باقادر أن «اسماء الشريكين على الهواتف النقّالة تعكس علاقة المد والجزر في الحياة الاجتماعية بينهما، ومن الطبيعي أن تكون علاقة الشاب بالفتاة التي خطبها في بداية الأمر غاية في الانسجام والتوافق، ومع مرور السنوات تصبح العلاقة الزوجية اعتيادية يشوبها الكثير من الأولويات، خاصة إن كان هناك أطفال ومسؤوليات، لكنها لا تصل إلى الفتور والملل، لئلا تتأثر الحياة الاجتماعية والأسرية في ما بينهما».
وعن الأسماء الغريبة التي يُطلقها البعض على شُركاء حياتهم، يشير باقادر إلى أن «هذه التصرفات من جانب عدد من الأزواج أو الزوجات، تعبر عن عدم احترام الطرف الآخر، والنظر اليه باستصغار. فلا بد لكلا الطرفين من احترام بعضهما البعض، حتى وإن بدأت المسألة بالمُزاح، ذلك أن المرأة كائن حساس، تسعى دائماً إلى الحنان والعطف من شخص آمنته على حياتها، واختار هو كذلك انسانة لتكون أم ابنائه وشريكة حياته، لذا يقع الخطأ على الطرفين، وعليهما احترام مشاعر بعضهما بعضاً».
أما كبير استشاريي الطب النفسي ومستشار الطب النفسي عند الأطفال والمراهقين في مستشفى الصحة النفسية في جدة الدكتور سعد عمر الخطيب فيرى أن «التسميات اختيارية أو افتراضية من الزوج، وهي تعتمد على العلاقة أو ثقة الرجل بزوجته، وإن كانت السيدة تثق بنفسها، تبقى مسألة الاسم أمراً بديهياً لا يؤثر فيها، سواء كان الاسم ايجابياً أو سلبياً، لكن إن كانت ثقة السيدة بنفسها ضعيفة، نجدها تتأثر كثيراً بالمسميات، وقد تدخل في معارك تصل إلى خلافات زوجية كبيرة مع زوجها بسبب تسميته لها باسم أغضبها، كما أن هناك سيدات يسجلن أرقام هواتف أزواجهن بمسميات غريبة، قد تكون مضحكة أو نوعاً من أنواع الممازحة ليس إلا، وذلك يرتبط أيضاً بنوع العلاقة الزوجية بينهما».
ويلفت د. الخطيب إلى أن «طبيعة العلاقة الزوجية بينهما، إن كانت تعتمد على المُزاح والضحك، فلن يتأثر أي طرف منهما، وسيتقبلان الأمر برحابة صدر. أما إن كانت العلاقة جديّة، ويوجد خلافات بين الزوجين، فبالتأكيد ستنعكس هذه المسألة سلباً على كلا الطرفين».