برامج موضة

عفاف جنيفان: وُصفت بالجميلة الذكية ولم أكن مجرد جسم يرتدي الأزياء...

عفاف جنيفان,وصفت بالجميلة,الذكية,لم أكن مجرد جسم,الصبية التونسية,وقعت في حب شعب إيطاليا,من النظرة الأولى,project runway me,عضو لجنة تحكيم

مايا بنّوت 01 يونيو 2016

 

على منصات أشهر عواصم الموضة وعلى الشاشة الفضية، اختارت عفاف جنيفان أن تكون. والصبية التونسية التي خرجت من وطنها لم تكن لتنطلق عالمياً وتنطق بحرية... لو لم تؤمن بما قاله أبو القاسم الشابي: «ومن لم يعانقْه شوْقُ الحياة تبخَّرَ في جوِّها واندثرْ» في قصيدته «إرادة الحياة»... بعد دقائق من لقائنا استدعت إلى ذاكرتي الطفولية هذا الشاعر التونسي.  وقعت عفاف في حب شعب إيطاليا من النظرة الأولى، وتجمعها بالمشاهد العربي قريباً نظرة أولى على شاشة mbc حيث ستطل في برنامج Project Runway ME كعضو لجنة تحكيم تقيّم أزياء جيل جديد من المصمّمين العرب. إيلي صعب وبرلسكوني ونانسي عجرم وروبرتو كافالي وبورقيبة وفريدة خلفة... أسماء وردت في حوارنا.


العفاف، هو الامتناع عن الشيء وَصِفة تُنسب إلى المرأة الهادئة أو من تعيش وراء الكواليس غالباً. إلى أي مدى يشبهك اسمك؟
هي جرأة من والديّ أن يُطلقا عليّ هذا الاسم الثقيل الذي تحمل معانيه مسؤولية كبيرة وأنا طفلة لم أختبر هذه الحياة بعد. فالعفاف يعني العفّة، أي النقاء. ومع ذلك، لقد عشت في عوالم شديدة الاختلاف من الطفولة إلى عالم الموضة والظهور على الشاشة كمقدّمة برامج، وكنت نقيّة... نقيّة في ما أفعل وأقوم به. وفية وصريحة ونظيفة وأحترم نفسي وكل من حولي.

{قد يرادف اسمك، بالمفهوم الضيق، شخصية امرأة لا تخرج من منزلها؟
هذه مشكلة مَن يظن ذلك. وإن كان بعض العرب ينظرون الى هذا الاسم من منظار ضيق، فأنا أخالفهم الرأي. وأعطيك مثلاً، لا أعيش حياة من هم في عالم الموضة لناحية أسلوب سهرهم، ولا أدخن السيجارة حتى. وهذا جزء من العفاف بالنسبة إليّ. العفّة هي ألاّ أوافق على صداقة مصوّر مشهور لأصنع اسماً كبيراً وأصبح من أشهر نساء العالم. وهذا ما حدث مع عارضات عالميات.

{أن تكوني العربية التي يحبّها الإيطاليون، أي امتياز يمثّل لك هذا الواقع؟
هو امتياز بالطبع، وحب من النظرة الأولى حتى قبل أن أدخل عالم التلفزيون. لطالما تلقيت الإطراء من الإيطاليين. وأحبوني أكثر حين ظهرت شخصيتي على الشاشة. بينما هناك من لم تعجبهم آرائي، خصوصاً أولئك الذين ينتمون سياسياً إلى اليمين... بسبب دفاعي عن العرب وكل من حقوقه منتهكة...

{ من أنتِ، امرأة عربية في إيطاليا أم مواطنة ناجحة من العالم؟
أنا امرأة خرجت من تونس ولم تعشْ فيها كثيراً، لأن والدي كان سفيراً ومارس عمله في لبنان خلال أقسى مراحل الحرب في بداية الثمانينات من القرن الماضي. وأذكر جيداً يوم تفجير السفارة العراقية في بيروت، لأنها كانت على مقربة من منزلنا. وأنا معجبة بالشعب اللبناني الذي لا يزال يمتلك القدرة على الضحك والاحتفال رغم ما مرّ به من حروب شنيعة. أصولي تونسية، لكنني أشعر بأنني إيطالية لكوني عشت الجزء الأكبر من حياتي في إيطاليا، كما أن والد ابني إيطالي. إيطاليا اليوم هي بيتي وبلدي وأنتمي إليها، لكنني عربية الأصول في النهاية رغم أن لدي الكثير من الانتقادات لبعض العقليات العربية، سياسياً واجتماعياً. 

{ما هو الانتقاد الأول؟
بعض العادات السلبية المندثرة التي ما زلنا نتمسك بها بشكل منافق. فكأنهم يكذبون على أنفسهم، وهذا ما لا أفهمه.

{العالمية، هل هي صفة يصعب تحقيقها إن كنا تقليديين؟
لو أنني امرأة تقليدية لما كنت اخترت مهنة عرض الأزياء أصلاً. 

{عندما نصل إلى عمق معنى كلمة النجاح نجد أنها ببساطة تعني الإصرار...
منذ صغري وأنا أدقق في التفاصيل لأتعلّم منها. تركت تونس في سن الـ21، ومذ سافرت إلى أوروبا جذبني النظام ونظافة الشوارع فيها. لطالما وددت أن أكون أفضل حتى أصل إلى المكان الذي أريده. لقد دخلت عالم عروض الأزياء بالصدفة بعدما رآني المصوّر Jean-Paul Goude على الشاطئ. وعندما قلت نعم، لم أبقَ في مكاني. قررت الدخول في هذا العالم نتيجة الصدفة، ففي تلك المرحلة، نساء مثلي كنّ مطلوبات في مشهد الموضة إلى جانب العارضات اليابانيات وصاحبات البشرة الداكنة مثل ناومي كامبل. بينما لا نشاهدهن الآن كثيراً. كانت المنصة أجمل وأكثر تنوعاً. وقد سألتُ مصمماً صديقاً عن السبب، فأجاب: «نحن نحتاج إلى علّاقات Hangers». فقلت له: «أشكر الله أنني لم أمارس مهنتي في هذه المرحلة». 

{تشغل جيجي حديد عالم الموضة حالياً، بينما سبقتها كاندال جينر وكارا دولوفين. أي مرحلة تعيشها المنصة اليوم؟
هذا ليس واقعاً جديداً. هكذا هي حياة العارضات وهي شبيهة بعالم الفن وإسناد دور البطولة. ويبقى الأهم تقبّل فكرة انحسار الأضواء يوماً ما. فمن تكون رهينة الأضواء ستشعر بالجنون حين تجد نفسها مستبعدة من جلسة تصوير أو عرض أزياء أو غلاف مجلة. وامرأة غبيّة تلك التي لا تفكر بمهنة أخرى إلى جانب عرض الأزياء وسيأكلها هاجس: «لقد نسيني العالم». فهي لم تدرك أنها ستتقدم في السن كأي امرأة. العارضة كالموضة، ورواجها  محدود زمنياً ومرتبط بمرحلة.

{متى شعرت بأنك تجاوزت جمالك وتطمحين الى تحقيق المزيد من النجاح؟
قال روبرتو كافالي إنني لم أكن مجرد أيقونة في بسهولة على الجميلات، بينما لم أكن مجرد جسم يرتدي الأزياء. لم أكن مجرد عارضة على منصته.

{في العالم العربي قد يورّط الحديث السياسي بعض الشخصيات العامة، هل كنت لتملكين الحرية في التعبير لو أنك تقيمين في تونس أو أي بلد عربي آخر؟
بالتأكيد لا... وكان مكاني هو السجن لو كنت ناشطة سياسية ترفض اللاعدالة. ربما تغيّرت الأمور في تونس الآن، لكننا ما زلنا نفتقر إلى الديموقراطية في العالم العربي. ألم يحن الوقت لنعلّم المواطن أن يكون جزءاً من الحياة السياسية؟ أنا لا أقول منح الحرية الكاملة لمواطن في مجتمع لم يرَ الحرية في حياته. فنحن نرتكب خطأ فادحاً في هذه الحالة.

{هل كلامك مبنيّ على ما خلّفته الثورات العربية؟
أتكلم بشكل عام.

{هل كان ثمة حلّ بديل لإطاحة الديكتاتورية؟
لا. أنا بالتأكيد لا أحب الديكتاتورية. لكن يجب ألاّ يراهَن في إطاحتها على التدخلات الخارجية. 

{متى كنت أكثر جرأة في حياتك؟
لطالما كنت جريئة، كانتقادي لسياسة برلسكوني ربما حين كان رئيساً للوزراء. كما انتقدت رئيس مجلس الشيوخ على الشاشة أيضاً، وكان ذلك مجازفة. 

{تجربة الدخول في عالم السياسة إلى جانب برلسكوني، كيف تقرئينها من منظار العالم العربي وماذا تمثّل لك شخصياً؟
كانت مرحلة من حياة برلسكوني السياسية التي لم يكن يعرف فيها التعامل مع العرب. وقد انتقدته عبر لقاء أجريته في صحيفة Corriere Della Sera. فاتصل بي شخصياً. أنا لم أنتمِ إلى حزبه السياسي يوماً رغم أنني عملت معه مستشارة وهو يعرف ذلك جيداً. لكنني كنت أخشى تدهور العلاقة بين الإيطاليين والعرب نتيجة ما يصرح به. فالمجتمع الإيطالي ليس عنصرياً بل هو يشبه المجتمع اللبناني، يحب الأطباق الشهية والاحتفال ويُحسن الضيافة. حين طلب مساعدتي ساعدته وأسديت إليه بعض النصائح. وكانت نصيحتي الأولى له أن يجري مقابلة يبرر فيها ما قاله عن العالم العربي. 

{يحب برلسكوني أن يكون محاطاً بنساء جميلات، ألم تُقلقك هذه الفكرة السائدة؟
أين المشكلة؟ معظم الرجال يحبون ذلك.ألا ينطبق هذا الواقع على بعض الشخصيات السياسية العربية؟ بالتأكيد نعم، لكن تبقى أخبار هؤلاء «البعض» مخبأة وراء الأبواب، بينما جاهر برلسكوني بأسلوب حياته. ومع ذلك، هذا ليس خطأ برلسكوني، وإنما خطأ النساء اللواتي يرمين أنفسهن عليه. وهو يعرف جيداً من أنا، وأن صورتي مختلفة تماماً عن هؤلاء النساء. ومع ذلك، لم أفكر يوماً بما قد يظنه العالم نتيجة قراراتي واختياراتي في هذه الحياة، ما دمتُ واثقة من أنني لا أخالف مبادئي وقناعاتي التي تربيت ونشأتُ عليها.

{ثمة مقولة إيطالية مؤثرة مفادها: «يدفع الجندي من دمه ثمن شهرة قائده». هل شعرت يوماً بأنك لا تحصلين على ما تستحقينه؟
لا، لم أعشْ هذا الواقع أبداً. كل ما أردته حصلت عليه. واجهت صعوبات كثيرة في حياتي لكنني تخطيتها ونلت ما سعيت إليه.

{وكأنك تسجّلين حضورك العربي الأقوى الآن بمشاركتك في برنامج Project Runway، كيف تثمّنين الإطلالة عبر شاشة MBC العربية بعد انتشارك العالمي؟
لم أشارك في هذا البرنامج سعياً وراء الانتشار في العالم العربي. وأرجو أن أنقل تجربتي في عالم الموضة إلى الجيل الجديد من المصمّمين. فأنا لم أكن عارضة أزياء فقط، بل إن أصدقائي هم  المصممون أنفسهم منذ سنوات طويلة. وأدرك جيداً مراحل اتخاذ قرار ممارسة مهنة تصميم الأزياء وقد دخلتها، لكنني كنت أكثر انشغالاً بعالم التلفزيون.

{هل كنت من متابعي برنامج Project Runway في صيغته العالمية، قبل اختيارك عضو لجنة تحكيم في صيغته العربية الذي ستعرضه MBC؟
شاهدتُ بعض حلقات النسخة الأميركية. وطُلب مني المشاركة في النسخة الإيطالية لكنني رفضت. لم أرغب في تقديم المزيد في إيطاليا.

{كيف تصفين التجربة اليوم ومجريات تصوير البرنامج المرتقب عرضه في أيلول/سبتمبر المقبل؟
التجربة أكثر من رائعة ومثيرة للاهتمام. وفريق الانتاج في MBC محترف ويعرف ما يفعل. وأبدو الأكثر قسوة في لجنة تحكيم البرنامج لأنني قرّرت مساعدة المصممين. لا أفرض على المصممين أسلوبي لأنهم بذلك سيعودون أدراجهم حين لا يصنعون ما قد أرتديه شخصياً. وهذا ليس ما أريده. لكن ما هو وسطي أعتبره غير مقبول ويميل إلى ما هو سيئ. فأنا أطمح إلى أن يصل أحدهم إلى العالمية.

{ماذا عن فكرة البرنامج وقبولك بكرسي لجنة التحكيم وأنت المحاورة الشرسة التي كان لديها برنامجها الخاص والناجح على القناة الإيطالية؟ أخبرينا عن ذلك، وعن سبب قبولك بالفكرة؟
إلى جانب مشاطرة تجربتي في عالم الموضة، شعرت بحماسة كبيرة للمشاركة بسبب وجود إيلي صعب في البرنامج. أذكر حين عرض مجموعاته في أوروبا، جاء إلى روما أولاً. وعرضت على منصته كما ارتديت من أزيائه في برنامجي، حينما لم يكن معروفاً في إيطاليا كثيراً. لقد تابعت مراحل نجاح هذا المبدع وأعرفه منذ سنوات طويلة. يستحق فعلاً ما وصل إليه نتيجة بساطته على الصعيد الإنساني وإبداعه على الصعيد المهني.

{ماذا عن إيلي صعب الذي يرأس لجنة التحكيم في البرنامج؟
يعبّر عن آرائه بالمشتركين بأسلوب ألطف من أسلوبي، ربما لأنه يتكلم العربية أفضل مني.

{إيلي صعب، هو الأيقونة العالمية التي صنعت ماركة عالمية، لماذا برأيك نجح إيلي حيث فشل الآخرون، أو على الأقل نجح في المكان الذي لم يجرؤ الآخرون على الاقتراب منه؟
نجح إيلي صعب بسبب إبداعه وإتقانه لعمله وموهبته الفذة. بات الانتشار أصعب اليوم، وهذا لا ينطبق على العالم العربي فقط. مشهد الموضة اختلف كثيراً، وليس سراً كيف يتم تغيير المصممين في أعرق بيوت الموضة اليوم من Dior إلى Lanvin وSaint Laurent. ومع ذلك، يبدو توقيت عرض هذا البرنامج فرصة أمام الجيل الجديد للتعبير عن أفكار وهويات جديدة في عالم الموضة.

{ما الذي ينقص عالم الموضة اليوم، أم أن هناك فائضاً ومبالغة في كل شيء؟
عالم الموضة هو عالم إبداعي ولا ينقصه شيء، لكن المسألة تكمن بما يعجبنا وما لا يعجبنا فيه. هناك فائض في كل الأساليب الراقية والصادمة، ولذلك يبدو اختيار الأنسب أصعب اليوم، وليس صحيحاً أن المرأة ترتدي لنفسها فقط وإنما للناس أيضاً. 

{أنت ابنة رجل ديبلوماسي، كيف أثرت نشأتك في هويتك كامرأة تتمتع بحضور لافت في مجال الموضة والسياسة في آن واحد؟
لستُ ديبلوماسية أبداً، لكنني تشربتُ السياسة منذ صغري. أنا صاحبة رأي فقط، وامرأة تتكلم في السياسة والموضة والموسيقى. لكن أحاديث السياسة ثقيلة وجدّية، ولهذا لها وقع مختلف.

{أنت امرأة متحرّرة، وفي الوقت نفسه نجدك امرأة مرتبطة بهالة والدك المهنية وبعائلتك. كيف تعرّفين حرّيتك كامرأة معجبة بوالدها ومستقلة بقراراتها الشخصية؟
أنا لست امرأة تقليدية. ولكنني مرتبطة بجذوري وبالقيم التي تربيتُ عليها. زوجي الأول كان تونسياً، أما الثاني فإيطالي... وقد بارك والداي زواجي ووثقا باختياراتي، وفي الوقت نفسه منحاني حريّة اتخاذ القرار.

{مغادرة بلدك الأم تونس والتوجّه إلى فرنسا، كيف تستعيدين هذه المرحلة (نقطة التحوّل) في حياتك؟
لقد تغيّرت حياتي تماماً بعد هذا التاريخ. 

{حين نمتلك القوة نتذكر قلق المراحل السابقة وبداية الانطلاق نحو المستقبل، بشكل عابر أحياناً... ماذا عنكِ؟
لا أتذكر هذه المراحل على أنها لحظات ضعف، بل مواقف تحدّيت فيها نفسي. فأنا من قررتُ مغادرة تونس وعليّ مواجهة ما قد يعترض طريقي.

{هل فكرت بالعودة إلى تونس حين واجهت صعوبة أن تكوني امرأة مستقلة في بداية الطريق؟
أبداً. رغم محبتي واحترامي لبلدي الأم ولكنني اتخذتُ قراراً ومشيتُ على طريق النجاح على الرغم من الصعوبات، إلى أن وصلتُ إلى ما حلمتُ به.

 {ماذا تعني لك تونس اليوم؟
عشت في تونس سنوات سعيدة مع عائلتي. ولكنني أمضيتُ الجزء الأكبر من حياتي خارجها، لذا فأنا أشعر بالانتماء الى ايطاليا بقدر انتمائي إلى تونس.

{أسستِ مسيرة مهنية حافلة مع عمالقة الموضة، هل كسيدة عربية ساعدك ذلك ام شكل عائقاً وتحدياً أمامك للبروز وإثبات الذات؟
ثمة من لم يرغب في التعاون معي لكون أصولي عربية، ولكنني تخطيت هذا العائق وتمكنت من إثبات نفسي. عموماً، لا عنصرية في عالم الموضة. 

{ما أجمل فستان ارتديته في حياتك؟
كان فستاناً باللون الأخضر الفاتح من تصميم إيلي صعب. وما زلت أحتفظ به. أرسله إليّ في التسعينات لأرتديه في برنامجي. حتى هذه اللحظة، أجد هذا الفستان رائعاً ومن أجمل فساتيني. لا يزال إيلي صعب يصمم الفساتين الأنثوية الكلاسيكية، وفي الوقت نفسه يقدّم تصاميم معاصرة في مجموعات الأزياء الجاهزة. 

{ذكرتِ أنك المرأة العربية الوحيدة التي برزت في مجال عرض الأزياء عالمياً، فهل هذا الأمر يعود إلى ندرة النساء العربيات في المجال أم لتفوّقك الشخصي؟
قلتُ هذا الكلام لأن ثمة من يدعين بأنهن أول عارضات عربيات ظهرن عالمياً. لقد ظهرت فريدة خلفة قبلي، لكنها ولدت في فرنسا من أبوين مهاجرين. لذا فقد كانت مهمتها أسهل نسبياً في الانطلاق والشهرة كفرنسية مقارنة بفتاة عربية قادمة من خارج فرنسا. وعموماً فما زالت النساء العربيات نادرات في هذا المجال عالمياً... وقد ذكرت النسخة الإيطالية من مجلة Vogue أنني فتحتُ باب عرض الأزياء أمام التونسيات.

{هل تذكرين العروض الأولى؟ هل من عرض محدد ترك في نفسك ذكرى لا يمكن أن تُمحى؟
بالتأكيد، عرضي الأول كان مع Azzedine Alaia ولم يكن يعرف أنني تونسية. ظن أنني برازيلية أو مكسيكية، هو صديقي العزيز اليوم. كما لا يمكن أن أنسى عرض كافالي للرجال على جسر فلورنسا. كان حدثاً رائعاً وكنت وناومي كامبل العارضتين الوحيدتين بين الرجال.

{لقد صمم فستان الإطلالة لنانسي عجرم على مسرح الأولمبيا الباريسي...
أعلم ذلك، فأنا من عرّفت نانسي بعز الدين. اتصلت به وقلت له بأن ثمة مغنية لبنانية جميلة للغاية لا بد من أن تلتقي بها في باريس. فرحّب بالأمر، وتقابلا وتعارفا. 

{في سيرتك الذاتية دائماً حين يتمّ التطرق إلى حياتك الشخصية، يُقال دائماً: «تزوجت الملياردير الإيطالي ماركو بروفيرا صاحب شركة Pirelli العالمية»... لكن في حقيقة الأمر من هو الرجل الذي تزوجته عفاف جنيفان؟
رجل إنساني ونظيف من الداخل، يحترم العرب والمرأة، وهو ليس كسائر الرجال، كما يحب ابني سامي. وهو أب رائع لأولاده تماماً كعلاقته بابني. رجل مرح وذكي.

{ مشاكِسة، قوية، جريئة، تفصح جهاراً بما تضمر، ومحاورة قوية لا تهادن، تتطرق إلى الفنون الإسلامية والثقافة العربية في أوروبا... هذه الصفات التي يمكن اكتشافها في شخصيتك، ما هي الخطوط الحمر بالنسبة اليك؟ وممَ تخافين؟
أخاف أن يصيب المرض من أحبهم. ففي هذه الحالة أتخلى عن شخصيتي القوية. أما خطوطي الحمر على الصعيد الشخصي فوضعتها من البداية. أعرف حدودي. صحيح أنني نضجت لكن مبادئي لم تتغير مذ كنت في سن صغيرة.

{كيف انتقلت من عالم الموضة إلى عالم الإعلام؟
سعيت إلى تأسيس عمل آخر بموازاة عملي كعارضة أزياء، فكما قلت سابقاً، ليس بمقدور عارضة الأزياء الاعتماد على عملها وشهرتها لفترة طويلة، إذ إن لعاملي السن والزمن دوراً رئيسياً في هذه المهنة. من هنا دخلت الى عالم الإعلام، والحمدلله أنني تمكنت من إثبات نفسي.

 

أسماء في حياتي
{المصوّر Jean-Paul Goude 
اكتشفني ولا يمكن إلاّ أن أشكره على ما فعل. هو مصوّر ومخرج رائع. 

{غلاف مجلة يعني لي الكثير...
غلاف مجلة Vanity Fair بالأبيض والأسود. أجريت حينها لقاء جريئاً بلا حدود.

{والدتك بينينا!
يقال بأن اسم والدتي مشتق من الإيطالية. هي كل شيء ووالدي أيضاً. لقد فتحت عينيّ على العالم ووالدي كثير الانشغال. لم نكن نلازمه على الدوام بسبب عمله سفيراً. هي امرأة تقليدية احترمت قراراتي رغم خوفها عليّ وأنا الابنة الوحيدة بين خمسة صِبية. وقد أدركت أنني لا يمكن أن أقترف الأخطاء التي قد تسيء الى سمعتي، كما لا يمكن أن أورط اسمي في فضائح. فكانت ثقتها بي في محلها.

{شخصية رحلت أذكرها دوماً...
جيانفراكو فيري. أرسل لي فستاناً إلى منزلي في إحدى المرات وقال لي بأنه فكر بي حين صمّمه. طلب مني الاحتفاظ به. أيضاً موسكينو كان مصمماً مميزاً بالنسبة إليّ. وإن أردت إضافة اسم، سيكون حتماً زها حديد في عالم الهندسة. كما سأذكر نيلسون مانديلا الذي تعرفت إليه من خلال ناومي كامبل. دُعيت إلى ميلاده التسعين. حين عرف أنني تونسية قال: «أفريقية مثلي»! وأقول ليتني تعرفت إلى بورقيبة الذي يعود إليه الفضل في تحرّر المرأة التونسية وما وصلت إليه. المرأة التونسية قوية، وإن كانت تونس صامدة اليوم مقارنة بما حدث في بلدان عربية أخرى عرفت الثورات، فالفضل في ذلك يعود إلى المرأة التونسية.

{المدينة التي وُلدت فيها...
ولدت في قرية صغيرة على الحدود الليبية. أبصرت النور في مدرسة، لأن والدي كان مديرها آنذاك. نتعلم الكثير من الدروس غير الضرورية في مدارسنا، فليتهم يعلمون الطالب العربي أولاً الاحترام والنظافة والنظام وكيفية التعامل مع الآخر (كما في اليابان) مثلاً. ولكن للأسف نحن نعتمد سياسة التخويف في كثير من الأحيان.

{ابنك سامي...
يعيش في لندن حيث يعمل في المجال المصرفي. هو شاب رائع لا يتكلم العربية، فحين تفتّح وعيه، كنت كثيرة الأسفار وكان يبقى مع والده والمربّية. يشبهني لناحية تفاعله مع العدالة وكرهه ل «اللاعدالة»

CREDITS

إعداد: كارولين كاسيا

تصوير : روجيه مكرزل

شكر خاص : شكر خاص لفندق Phoenicia Intercontinental