إنه الخريف... تسوّقي في هذه المدن الأوروبية

01 أكتوبر 2017

مع تبدّل الفصول، غالبًا ما تنتابنا الرغبة في السفر إلى مدن نعود منها محمّلات بذكريات جميلة وحقائب مليئة بثياب نغيّر بها مظهرنا، وتحف نزيّن بها بيوتنا، فتُبدّد هذه التفاصيل الجديدة، وإن كانت صغيرة، الرتابة التي نشعر بها بين الحين والآخر، أوَليست هي السبب الأول لرغبتنا في السفر! ومدن وجْهات التسوّق كثيرة، ولكن يبقى بعضها متربعًا على عرش التسوّق مهما تبدّلت الفصول واختلفت أمزجة المسافرات وأذواقهن.
سواء كنت تبحثين عن أسواق الموضة العالمية، أو تهوين تسوّق التحف من المتاجر العتيقة الكلاسيكية، اخترنا لك مدنًا أوروبية بعضها ربما سبق لك أن تسوّقت فيها، وأخرى خوض تجربة التسوّق فيها يكون مفاجأة ولا أجمل حيث تحصلين على صفقة تسوّق رابحة.


أنتويرب
في شمال بلجيكا، ثمّة مدينة بريق الماس لعبتها، تستريح على الضفة اليمنى الشرقية لنهر شيلدت، لتصاغ حولها الأساطير. إنها مدينة أنتويرب التي يقال إن اسمها يعني «اليد المرمية».
فبحسب الأسطورة، أن عملاقًا اسمه أنتيغون كان يعيش على ضفة نهر شليدت، يفرض إتاوة على كل سفينة تعبر النهر، ويقطع يد قبطانها ويرميها في النهر إذا رفض دفع الضريبة، إلى أن أتى بطل روماني اسمه برابو قتل العملاق وبتر يده ورماها في النهر، ومنذ ذاك الوقت عُرفت المدينة باسم أنتويرب.
ومهما تلاعبت الأساطير بأخيلتنا فأنتويرب مدينة اتّخذت شعارًا لها Triomfelycke coopstad ، أي «مدينة التسوّق المنتصرة». ويبدو أن هذا الشعار ينطبق على كل تفاصيلها، بغض النظر عن نوع التسوّق الذي تقومين به.
ويمكن تقسيمها إلى سبع مناطق تسوّق، كل واحدة منها متخصصة بنوع معين رغم أنها تتشابه جميعًا باستعراض أُبهّتها المعمارية المتجسّدة في أبنية تاريخية تقبع عند أقدامها البوتيكات لأهم دور عرض الأزياء العالمية والمصمّمين البلجيكيين، وتتسلل شبكة عنكبوتية من الأسواق، فتستغنين عن ركوب السيارة ويكفيك التسوّق سيرًا على القدمين... إنها فعلاً فردوس التسوّق المتطور، حيث مراكز التسوّق التجارية العصرية في مواجهة بوتيكات دور الأزياء العالمية، وكلها تعرض إبداعات المصممين. منذ عام 1980، أصبحت أنتويرب معقل مصممي الأزياء الجدد الذين ينطلقون منها نحو العالمية، فهي مدينة تسمح للإبداع الحر بأن يتفتح، كما أن العديد من المصممين، مثل درايز فان نوتن وآن ديميوليميستر، رغم شهرتهم بقوا متمسكين بهذه المدينة.
وعندما يقال أنتويرب، يلازم بريق الماس اسمها، فمن المعلوم أنها مركز عالمي لتجارة الماس. تبدأ رحلتك مع الماس من محطة القطار المركزية التي اختارتها مجلّة «نيوزويك» رابع أجمل محطات القطار في العالم، لتنطلقي إلى «شارع الماس» الذي يضم متحف الماس فيدخلك في عالم «أفضل صديق للمرأة»، كما تقول الأغنية تتعرفين على أسراره وربما تتوهين بين انعكاساته.
وكما كل المدن الكبرى، فإن كثرًا ممن يزورون أنتويرب بقصد الأعمال، قد لا يكون لديهم الوقت الكافي للتسوّق أو تحقيق شغف التسوّق.
لذا إذا كنت في رحلة عمل ففي إمكانك الاتصال بأحد خبراء التسوّق وطلب المساعدة، فهذا الخبير سيقوم بالتسوق من الألف إلى الياء تبعًا لرغبتك وذوقك. وإضافة إلى معرفة الخبير بالموضة، فإنه يكون متخصصًا بنوع آخر من التسوّق مثل الهندسة المعمارية، أو الكتب أو الأنتيك... سوف تكتشفين مدينة نابضة بالحياة، والشباب.

البندقية
جعلت العولمة معظم سلع البندقية مثل تحف البندقية الزجاجية منتشرة على نطاق واسع في المدن الكبرى في جميع أنحاء العالم.
صحيح أن اختيار السلع الإيطالية وسلع البندقية قد يكون أفضل قليلاً من مصدرها، أي مدينة البندقية، من اختيارها في بلدك، ولكن قد تكون الأسعار في الواقع أقل في بلدك من البندقية نفسها، وخصوصًا إذا علمنا أن تجّار التجزئة حول العالم يقومون بعروض تنزيلات، فيما سكان البندقية على استعداد لدفع أسعار مرتفعة في ما يخص تراثهم.
لذا، قبل رحلتك، تحقّقي من أسعار ما ترغبين في شرائه في بلدك الأم قبل أن تغادري. فالمحلات المغرية تكثُر في البندقية، وستجدين عددًا لا يحصى من باعة العلامات التجارية مثل الزجاج والدانتيل والأقنعة، ما يجعلك تجارين تياراتها من حيث لا تدري، كما لو أنك تركبين الغوندول في القنوات المائية التي تعوم المدينة عليها.
كما يمكن أن تكون بعض السلع مقلّدة، لكنها غالبًا ما تبهر العين بغض الطرف عما إذا كانت أصلية أم لا.
وهناك أيضًا بعض المحترفات الفنية المثيرة للاهتمام، حيث يمكنك العثور على قطع فريدة من نوعها وذات جودة عالية، ولكن تذكّري وأنت في البندقية أنها فقط مركز لتصميم الزجاج والدانتيل والمنسوجات الراقية. سوف تجدين على الأرجح خيارات أفضل من الجلود والملابس والمفروشات في المدن الإيطالية الأخرى.

باريس
تبقى باريس عاصمة الموضة والأناقة وجهةَ تسوقٍ أسطورية بالنسبة إلى شعوب العالم. وإذا كان الشانزليزيه وشارع سانت أونوريه وجهتَي الشغوفين بالتسوّق من دور الأزياء العالمية الراقية، فإن العاصمة الفرنسية تحتضن عشرات الأحياء الخفية وشوارع التسوق التي بعضها قديم وبعضها الآخر جديد، ولكل منها أسلوب مميز يعكس طابع حي معين.
فعلى الطرف الخارجي من ماريز، يقع شارع «أوبيركامبف»، وهو معروف بين «الفاشينستا» الشباب بأجوائه النخبوية ونكهته البوهيمية. تتجمع المجوهرات الراقية وبوتيكات التسوّق السريع وسط الحانات الأنيقة والمقاهي المريحة.
وبالقرب من الزاوية المزدحمة الباريسية، يقع ليه هال Les Halles وشارع إيتيان مارسيل حيث توجد بوتيكات لها أسماء كبيرة في عالم الأزياء مثل يوجي ياماموتو، بالإضافة الى العديد من المحلات الصغيرة مثل «شاين» البوتيك الذي يحظى بشعبية بين الشباب الباريسي.

الريفييرا الفرنسية
هناك شيء في سانت تروبيه يجعل التسوّق ببساطة لا يقاوم، على عكس «كان»، فأنتِ مرحبٌ بك في أي بوتيك أو متجر تدخلينه بغض النظر عما ترتدينه. تصطف جميع أنواع المحلات العصرية في شارع «سيبيلي»، خلف كيه سوفرين Quais Suffren .
سواء كنت ممن يرغبن بما يعرف بـ«تسوّق النافذة» Window shopping ، أو يضعفن أمام الثياب الجميلة فتطلقين العنان للتسوّق، ستجدين بعضًا من أفضل شوارع التسوّق خارج باريس في شارع «لا كرويزيت» وبأسعار أقل مما تتوقعين. بالنسبة إلى المتاجر التي تحمل أسماء المصممين العالميين، فستجدينها في شوارع Rond-point Duboys وd’Angers وAmouretti وRue des Serbes وRue des Belges وكلها شوارع تقع في مواجهة المنطقة البحرية للريفييرا. وشارع «أنتيب» هو شارع التسوّق الرئيس في الريفييرا، ففي هذا الشارع ستجدين كل ما يتعلق بالقطع المنزلية وكل أنواع الملابس باختلاف ماركاتها ومتاجر الأحذية، فضلاً عن الحلوى اللذيذة، والأقمشة الراقية ومخازن تصميم المنازل. فيما شارع «مينادير» يمزج الملابس الشابة العصرية مع التخصصات الغذائية «الغورميه».
أما نيس فشارع التسوّق الرئيس فيها هو شارع «جان ميديسين»، الممتد من ساحة ماسينا. هنا تُلبى جميع الاحتياجات لمختلف الأذواق والأمزجة في المتاجر الكبيرة مثل غاليري لافاييت، ومونوبري، ومركز إيتوال.
والترام الذي أطلق صفارته في أواخر عام 2007، جعل من هذا الشارع الشانزليزيه الصغير السهل المنال. لذا، توقعي الحشود يوم السبت، فيما يوم الأحد تكون المتاجر مغلقة. أما بوتيكات دور الأزياء مثل إمبوريو أرماني، كينزو، شانيل، وسونيا ريكيل، فموجودة في شارع «دو باراديس»، في حين أن شارع «دي فرانس» والبلدة القديمة لديهما المزيد من العروض بأسعار معقولة.

لا بروفانس
في الجنوب الشرقي لفرنسا، تقع لا بروفانس المنطقة التاريخية والثقافية المستريحة على الضفة اليسرى لنهر الرون من الغرب، إلى نهر فار إلى الشرق ويحدّها من الجنوب البحر الأبيض المتوسط.
كلما اقتربتِ من لابروفانس تدخلين في لحظات سحرية حيث أشجار السرو وسطوح القرميد الحمراء تظهر لك كما اللوحة الزيتية المعلقة وسط طبيعة الريف الفرنسي الخلاّبة، وتسمعين صرير زيزان الحصاد، وتتنشقين رائحة الصعتر البري وزهر الخزامى.
وعلى طول الطريق السريع، تتراقص الأزهار على خلفية من المناظر الطبيعية المليئة بالشمس، وهي نفسها التي ألهمت الفنانين الانطباعيين.
في لا بروفانس، انسي مسألة التسوّق في المراكز التجارية الكبرى، وادخلي في مغامرة فرنسية أصيلة وتسوّقي من الأسواق العتيقة بحوانيتها الصغيرة التي هي جزء لا يتجزأ من الثقافة الفرنسية، سواء كان الطعام أو المقتنيات أو التحف أو الملابس... فلكل بلدة في منطقة لا بروفانس سوق خاصة بها وتقدّم لك أجمل طريقة للتفاعل مع سكان البلدة وأصحاب الحوانيت.
في السوق لن تقاومي شراء أغطية الطاولات والأواني التي تُعرض بألوان زاهية، تفتح الشهية على الطعام. واللافت أن كل يوم من أيام الأسبوع، تُخصّص الأسواق لبلدة من منطقة لا بروفانس، فيوم الأحد خاص بمنتجات «إيل سور-لا-سورغ»، يوم السبت لـ«آرل»، يوم الأربعاء لـ«سان ريمي»، الثلاثاء، الخميس والسبت لـ«ليه إيه» Les Aix. لا تنسي شراء بذور دوار الشمس لتزرعيها في منزلك، فسوف تفرحين بها أكثر من لوحة للفنان الانطباعي فان غوغ الذي ألهمته لا بروفانس بأزهارها فخلّدها في لوحاته.

فلورنسا
تسوّق النافذة Window Shopping في فلورنسا هو أشبه بزيارة معرض ضخم للفن المعاصر يحضنه فن عصر النهضة. فأعظم فناني إيطاليا اليوم هم مصمّمو أزياء، لديهم بوتيكات في فلورنسا.
وتتركز المتاجر الأكثر عصرية في وسط المدينة التجاري، وتتميز محلات المصمّمين الأكثر رواجًا بشكل رئيس في شارعَي «فيا تورنابوني» و «فيا ديلا فيغنا نوفا». فيما يقع أكبر تجمعات التحف في المدينة في «بورغو أوغنيسانتي» و «فيا ماغيو» في «أولترارنو».
ويضم شارع «بونتي فيشيو» محلات المجوهرات ذات السمعة الطيبة ولكن الباهظة الثمن، كما هو الحال منذ القرن السادس عشر.
فيما المنطقة القريبة «سانتا كروس» هي معقل تجارة الجلود. قد يجد المتسوّقون المميزون مساومات في بسطات الشوارع. ولكن انتبهي، لا تشتري أي قطعة مقلّدة لماركة عالمية من أي من الباعة المتجولين في الشوارع.
فهي غير قانونية، والغرامات تكون كبيرة ستدفعينها أنت وليس البائع. نعم هكذا هم الطليان! ولن ينفعك قول «لم أكن أعلم أنها مقلّدة، وليست أصلية...».

روما
يقولون: «عندما تكون في روما، إفعل كما يفعل سكانها»، وأهل روما يحبون التسوّق. ففي النهاية إنها المدينة التي منحت السيدات حذاء «الموكاسين» من غوتشي، وحقيبة فندي، وفستان فالنتينو الرائع الذي ارتدته جاكي كينيدي عندما أصبحت السيدة أوناسيس.
هناك الكثير من البوتيكات التي تبدو واجهاتها العصرية ثقوبًا في الجدران التاريخية تعرض لأهم دور الأزياء العالمية في وسط روما التجاري، وبمجرّد التجوال بينها سوف تجدين نفسك منقادة للتسوّق من دون حساب.
المنتجات الجلدية المصنوعة يدويًا هي من بين أفضل الأشياء التي تقدّمها روما لهاويات التسوّق، الصُنعة ممتازة والاهتمام بالتفاصيل هو القاعدة، وستجدين السترات التي نُسِجت بشكل جميل، والأحذية، والقفّازات، وحقائب اليد، وأكثر من ذلك. كما يمكن الحصول على تذكارات في ورش الحرفيين تُصنع خصيصًا لك.

بروكسل
كيفما تجوّلت في بروكسل تبهرك روائع الفن الحديث. ولا شكّ في أن قصر شارل دو لورين واحد من المعالم الأثرية إذ يحتضن روائع الفن الانطباعي والسوريالي ويعرضها في قاعاته السفلى تحت الأرض.
واللافت أن هذه القاعات تضم أعمالاً لأساطين الفن أمثال ميرو ودالي وبولتانسكي وبيكاسو. أما إذا كنت تهوين الفن السوريالي فستجدين في بروكسل مكانك، ليس بسبب الجو الفني الذي يطغى على المدينة، بل بفضل الأعمال الباهرة لـ«دلفو» Delvaux و«مارغريت»، والمعروضة في متحف الفنون الجميلة. وفي شارع «سابل» Sables تبهرك رسوم الشرائط المصوّرة التي زيّنت جدران المتاجر القديمة، وقد خطّتها يد الفنان هورتا بإتقان، مما يجعلك تشعرين بأنك وسط إحدى صفحات الكتب.
ومتعة التسوّق في بروكسل لا تُنسى. فهناك صالات العرض المنتشرة في جميع أنحاء العاصمة البلجيكية. في دو غراند سابلون والشوارع والأزقة المجاورة ستجدين تجّار التحف والمعارض الفنية الذكية.
وتبهرك واجهات غاليري سانت هوبير بما تعرضه من بضائع، لا سيما السجاد والتحف القديمة، مما يثير فيك رغبة الشراء من دون التفكير في عاقبة نفاد نقودك.
وفي الشارع الأنيق «أنطوان دانسيرت» تضم المتاجر أجمل ما ابتدعه المصممون البلجيكيون، وفي ساحة «نوفو مارشيه أو غران» ، بالقرب من البورصة، سوف تجدين عددًا من المحلات التي تعرض أزياء للمصممين الشباب، إضافة إلى متاجر التصميم الداخلي ومحلات التحف الفنية.
في شارع لويز والشوارع المحيطة به في «إكسيل» هناك عدد من المحلات الأنيقة التي تقدّم الملابس، والمجوهرات والتحف والأدوات المنزلية. وأخيرًا، لا تنسي تسوّق الشوكولاته البلجيكية، فهي تضاهي الشوكولاته السويسرية بطعمها اللذيذ.

CREDITS

إعداد: ديانا حدّارة