في الكويت: الخناقة تسمى 'هوشة'
الكويت, مشكلة / مشاكل الزواج, مواقع الزواج الإلكتروني, الغيرة, د. أبو بكر باقادر
21 مايو 2012أبو بكر باقادر: خلافات خفيفة وعابرة
ويلفت أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك عبد العزيز في جدة الدكتور ابو بكر باقادر إلى «إمكان اختلاف الوعي بين الزوجين، وعلى المرأة أن تدرك انه ليس هناك قرار فصل في القضايا التي تقبل النقاش والتفاوض، لكن طريقة التفاوض هي محدد كبير لكيفية التوصل إلى تفاهم». ويقول: «سكوت المرأة دون التعبير عن ذلك يؤدي إلى سوء فهمها، وحين تعترض لاحقاً يظهر الأمر شاذا أو غريبا». وأضاف باقادر: «في اللحظات الأولى لبداية الحياة الزوجية بين الطرفين، عليهما أن يعبّرا عن عواطفهما ورؤيتهما في الحياة، لأنه مهما كان حد التوافق بينهما، فمن المؤكد أن هناك رؤى مختلفة بينهما. وليس كل تصادم يُعتبر مشكلة عظيمة، بل خلافات زوجية خفيفة لا بد للحياة الزوجية ان تشهدها من وقت الى آخر».
يسمّي الكويتيون الخناقة «الهوشة». وتقول زوجات كويتيات كثيرات إن أول خناقة كانت بمبررات واهية، وإنهن حين يستعدن تلك اللحظة يضحكن على سذاجة السبب الواهي لأن الهوشات في بداية الزواج يكونون سببها أن الأزواج يكون في حال استكتشاف بعضهم لبعض وأن الأمور الصغيرة تأخذ غالبا أبعادا أكبر من حجمها بكثير، حتى أن بعض النساء لا يتذكرن جيدا تفاصيل أول خناقة أو هوشة.
سعاد حمادة: الحياة الزوجية معركة لا بد أن تكسبها المرأة كل يوم
سعاد حمادة موظفة في وزارة التربية قالت: «ما زلت أتذكر أول هوشة حامية دارت بيني وبين زوجي وكان سببها تافها جدا. وبعد مرور السنين أضحك على نفسي من هذا الموقف الذي كبر بيني وبين زوجي ونحن في بداية حياتنا الزوجية، والسبب هو السيارة. وليت هذه السيارة كانت له وأنا أخذتها أو استعرتها منه، فرغم إنها سيارتي وملكي فقد زعل مني «وهاوشني» لأنني ركبت سيارتي وذهبت إلى العمل بينما تركته نائما. وعندما استيقظ وأراد الخروج لم يجد السيارة، ويومها لم تكن الهواتف المتنقلة متاحة لكي يتصل ويطلب السيارة مما جعله في حالة غضب حتى عودتي الى البيت...
وهنا كانت المعركة الكبرى بيني وبينه وكانت الهوشة الأولى التي لا تنسى. وتوالت بعدها هوشات لا تعد ولا تحصى، ولكنني في النهاية وبالخبرة في الخناقات اكتشفت أن الحياة الزوجية معركة يجب أن نكسبها كل يوم. فكل صباح تبدأ حياة جديدة بشروطها وملابساتها ووقائعها التي تختلف عن اليوم السابق، وعلينا أن نكون جاهزين لاستقبال ما يأتي به اليوم من مكاسب وخسائر، واتفاقات ومشكلات، وليكن سلاح المعركة في يد الطرفين هو حسن النية والتسامح وإدراك أن الخلاف إذا اشتد واستحكم سيدمر الأسرة، وكثيراً ما يكون هذا الخلاف على أمور تافهة».
ليلى الصقر: على المرأة أن تكون هي الطرف المتنازل
ليلى الصقر موظفة قالت: «في الحقيقة لا أتذكر أسباب وتفاصيل أول هوشة زوجية في حياتي، بل أتذكر مثلي مثل غيري من المتزوجات أنه في بداية الحياة الزوجية لا بد ان يواجه الزوجان مشاكل لا حصر لهان مثل الاختلاف في الآراء والعادات والأمزجة. وكل طرف من الطرفين يحاول أن يفرض رأيه على الآخر. وتزداد هذه الخلافات التي تؤدي إلى خناقات وهوشات يومية. وإذا كانت الزوجة ذات شخصية قوية ومستقلّة ومعتمدة على نفسها ماديا من قبل الزواج ولها شخصيتها، فمن الصعب عليها أن تنقاد إلى آراء الرجل بسرعة خاصة إذا كانت غير مقتنعة بتلك الآراء والتوجهات».
وأضافت الصقر: «مع مرور أول سنة على الزواج بسلام تصبح هذه الخناقات مدارا للتندر والضحك لأن الرجل والمرأة ينشغلان بما هو أكبر منها مثل إنجاب الأطفال والتفرّغ لهم، لتبدأ سلسلة أخرى من الخلافات حول تربية الأولاد وتعليمهم ومن المسؤول عن دراستهم... وبالتالي شئنا أم أبينا تظل الحياة الزوجية حافلة بالخلافات والهوشات والمعارك التي لا تنتهي، لذا يجب على المرأة أن تكون هي الطرف المتنازل دائما حتى لا تكون سببا في خراب بيتها وتشريد أولادها. وهذا ليس بغريب على الأم الكويتية التي اعتادت التضحية وتحمل أخطاء الرجل مقابل استقرار أسرتها وأولادها. فالرجل الشرقي لا يحب المرأة المستقلة ويريد إنسانة ضعيفة تظل دائما تحت جناحيه وتتحمّل كل نزواته وتسكت عنها».
أمل الهزَّاع: الغيرة أقوى سبب لأول خلاف
أمل الهزاع موظفة في دار الآثار الإسلامية قالت: «أعتقد أن أكثر الخناقات الزوجية تكون مع بداية سنوات الزواج الأولى، وهذا ما حدث معي بالفعل، فقد كان زوجي شديد الغيرة علي وهو من أشهر أسباب الخلافات الزوجية في بداية الزواج. وكان زوجي دائما يجادلني: لا تلبسي هذا، لاتضعي هذا، خففي هذا، لا تكثري من الماكياج... وأنا كنت أغضب بشدة وأقول له إنك لا تثق بي! وهكذا تشتعل نار الخناقات بيني وبينه. لكن مع مرور السنين عرفت مقدار حبه لي ولأسرته ومدى حرصه على سعادتي واستقرارنا أنا والأولاد.
واعترف بأنني كنت أنا من يشعل الخلافات ويتسبب بالهوشات. أما اليوم وبعد الكثير من الهوشات الزوجية على مدى سنوات الزواج اكتشفنا أنا وزوجي إن الحب والمودة والتقارب والمشاركة هي غذاء الروح والنفس، وفن التنازلات المتبادلة التي تقف أمام مصاعب الحياة يجب أن يتقنه الزوجان معاً».
عواطف المطوع: أصابتني مثل كل امرأة حرائق الخلافات الزوجية
عواطف المطوع رئيسة قسم الخدمة الاجتماعية في مركز فيصل سلطان التخصصي تقول: «بما إنني متزوجة منذ فترة طويلة فأنا لا أتذكر أول هوشة أو بمعنى أصح معركة زوجية دارت رحاها بيني وبين زوجي، لكنني أتذكر أنني د مثل أي امرأة أخرى أصابتني الكثير من نيران الخلافات الزوجية بشكل أو بآخر. فالخلافات الزوجية شئ لابد منه في الحياة الزوجية لكن المهم هو كيف كنا نتعامل مع هذه الخلافات ونخمدها في مهدها قبل أن تتطوّر وتصل إلى مدى قد يهدم أركان البيت أو يزلزله، خاصة ان هناك أطرافا أخرى في هذا البيت».
وأضافت: «المتعارف عليه أن الخلافات الزوجية هي بهارات وملح الحياة ونحن النساء جمعيا نستخدم هذه البهارات بمقادير مناسبة لجعل أطباقنا مميزة وشهية. وكذلك الخلافات الزوجية يمكن أن يجعل منها الزوجان قضية لا حل لها وهنا تكون الكارثة. كما يمكنهما مواصلة الحياة والعشرة الحلوة بتجاوز أي خلاف بينهما مهما كان شأنه من خلال الحوار الراقي والعتاب المهذب».
رنا الجمالي: كانت تستلطف الخلافات الأولى مع الزوج
رنا الجمالي موظفة في سفارة قطر اعترفت بأنها كانت في بداية حياتها الزوجية تفرح بأي خناقة لأن من بعدها يكون الصلح والرضا، وأضافت:
«أول خناقة زوجية أتذكرها كانت بسبب عدم اتصال زوجي بي لفترة طويلة، وأنا تعودت منذ الأيام الأولى لزواجنا ان يتصل بي كل نصف ساعة ليطمئن إلي وأطمئن إليه من خلال الموبايل. لكن في ذلك الوقت انشغل في العمل ولم يكلّمني ولأنني عروس كنت مقتنعة بان الرجل هو من يجب أن يتصل لا أنا لذا لم أتصل وبقيت انتظر اتصاله على أحر من الجمر حتى رأيت رقم هاتفه على موبايلي فلم أرد، مما جعله يشعر بالقلق ويعود مسرعا إلى البيت. وقتها حصلت أول خناقة...
اليوم وأنا أتذكر ما مر علينا أنا وزوجي من خلافات وخناقات أجد ان هذه الخناقة هي من أهدأ الخناقات التي عصفت بحياتنا الزوجية». وأضافت رنا: «بعد سنوات من الزواج أنصح كل الأزواج في حالة حدوث شجار ناجم عن اختلاف في وجهات النظر، بأن يجلس الزوجان معاً ويديرا حواراً هادئاً وموضوعياً، يوضح فيه كل منهما وجهة نظره من دون تبادل الاتهامات ومن دون تذكر الأخطاء التي ارتكبها كل منهما في الماضي. وعليهما أن يحصرا خلافاتهما الزوجية بينهما وأن لا تخرج أسوار منزلهما لأن تدخل أي شخص غيرهما في حلّ أي مشكلة قد يزيد النار اشتعالا».
نصائح من مكتب «إنسان» للإستشارات والتدريب في الكويت
هذه نصائح من عفاف الجاسم من مديرة مكتب إنسان-الكويت:
عفاف الجاسم مديرة مكتب «إنسان» للاستشارات والتدريب في الكويت كان لها رأي اجتماعي في فن الخلافات الزوجية وإدارتها إذ قالت: «تراكم المشكلات بين الزوجين يولد الانفجار، وهناك بعض الأمور التي يمكن أن نتجنبها لعدم حدوث هذا التوتر، والأسباب التي تشير بشكل واضح إلى تدمير الحياة الزوجية هي كالتالي:
- عدم التسامح، لعدم وجود حوار مستمرّ بين الزوجين، بالإضافة إلى عدم مناقشة ما يمكن أن يكون تسبب في زعل أحد الطرفين.
- أحيانا تكون توقعات كل من الزوجين مبالغاً فيها، فيظن الزوج أن الزوجة سوف تكون هي الزوجة والحبيبة والأم والأخت، وهي لا تستطيع تقديم هذا دفعة واحدة. وعلى العكس تتوقع الزوجة من الزوج أن يكون لها الزوج والأب والأخ والصديق، وأيضا هو لا يستطيع تقديم كل هذه الأدوار. وهنا يحدث الصدام.
- قيام الزوجين بمناقشة الأمور بصوت مرتفع، فتكون المناقشة حادة للغاية وقد تصل إلى مرحلة الاهانة لأحد الطرفين وفقدان الاحترام.
- التدخل المستمر لأهل الطرفين في حياتهما الزوجية وحتى في أبسط الأشياء مما يعطي كل مشكلة حجما أكبر من حجمها الحقيقي.
- تحميل الزوج أشياء فوق استطاعته من الناحية المادية، خاصة في ظل الركود الإقتصادي الذي تعيشه البلاد.
- اختلاف كل من الزوج والزوجة في رؤيته الشخصية لتربية الأطفال.
- ويبقى الشيء المهم والمسؤول عن توتر العلاقة بين الزوجين، هو تقصير كل منهما في حق الآخر بالنسبة الى الحياة، فمع مرور الوقت يغفل كل منهما حق الطرف الآخر في الحياة الرومانسية والعلاقات الحميمة، مما يؤثر سلباً على شكل العلاقة الأسرية بينهما.
وتؤكد الجاسم أن «الزوجين يمكنهما تفادي كل هذه المشكلات بإيجاد لغة الحوار بينهما بطريقة ودية لائقة، ومناقشة كل أمور الحياة الزوجية دون خجل أو تجريح لأي منهما، مع ضرورة توضيح وجهة نظر كل منهما بهدوء».
5 نصائح من خبير العلوم الإنسانية لحديثات الزواج
يقدم الكاتب المصري وخبير العلوم الإنسانية كريم الشاذلي مجموعة نصائح لحديثات الزواج والمقبلات عليه، من أجل حياة أسعد. يقول:
«لا تستسلمي للأحلام الرومانسية الوردية، وادخلي حياتك الزوجية مستعدة نفسياً للاصطدام بالواقع، واعلمي أن الزواج مسؤولية وأن أول خلاف ليس نهاية المطاف.
لا تبدأي بالهجوم، واستمعي إلى وجهة نظر زوجك أولاً ثم اشرحي له رأيك. وإذا وجدتِه عصبياً اسكبي على أعصابك ماءً بارداً، واعتبري أنك ما زلت في مرحلة الاكتشاف الحقيقي لشريكك.
اهتمي بالخطوط الحمراء في العلاقة، كحفظ كرامة زوجك مهما طرأ بينكما من خلاف. وإياك والاستهانة به أو برجولته مهما حدث بينكما.
اعلمي أن الخلافات ملح الحياة الزوجية، فتعاملي معها بكل مرونة ويسر دون أن تعطيها حجماً أكبر في حياتك.
اعتمدي الحوار أسلوباً لحياتك الزوجية، وإياك وكتمان مشاعرك السلبية بعيداً عن زوجك، بل تحاوري معه شرط اختيار الوقت المناسب، فكتمان المشاعر السلبية يجعلك كالملف المفتوح الذي يتقبل كل مشكلة ولا يصرفها، فتنفجرين في وقت ما انفجاراً كبيراً».
الشجار الزوجي الأول في نظر علم الاجتماع
يرى أستاذ علم الاجتماع المصري الدكتور رفعت عبد الباسط أن أول خناقة زوجية يمكن أن تمرّ بسلام، وينصح المقبلين على الزواج وحديثي الزواج، بأن يتفهما أن كل واحد نشأ في بيئة مختلفة، فالرجل الذي ينشأ في منزل عدد أخواته فيه كبير يعتاد أن يكون «سي السيد» مجاب الطلبات، وعلى زوجته أن تعي أنها ستصطدم به إذا طلبت منه المساعدة أو تنظيم أموره، وأنه سيرهقها كثيراً، لذا عليها أن تفكر بعقلانية في التعامل معه في تلك النقطة، قبل أن يتنازعا وتستحيل الحياة بينهما. ويضيف الدكتور رفعت: «بناءً على اختلاف بيئات التنشئة والاختلافات الشخصية، على كل طرف التنازل عن بعض معتقداته كي تسير الحياة، فالزواج نظام اجتماعي قائم على الشراكة والتوافق، والشجار أمر طبيعي، فهناك مثل شعبي يؤكد أن المعدة تتشاجر، ولكن يجب ألا يأخذ هذا الشجار أكبر من حجمه، وأن يحرص كلا الزوجين على إنهائه بابتسامة تعيد الأمور إلى مجاريها».