الـ'فيسبوك'...
سلمى المصري, الكويت, الحياة الزوجية, المملكة العربية السعودية, التواصل الإجتماعي, الإمارات العربية المتحدة, الغيرة, خلافات الزوجية, العلاقة الزوجية, سوزان المشهدي, الفيسبوك
09 يناير 2013هل بات الفيسبوك يهدد العلاقات الزوجية وخصوصية الأفراد في السعودية؟ هل يمكن أن يكون سبباً لإشعال الخلاف بين الزوجين؟ وهل وضَع موقع التواصل الاجتماعي العديد من العلاقات الزوجية على حافة الانهيار؟ وهل صحيح أن هناك علاقات تخطت حدود الصداقة وأخرى تجددت بين صفحاته، الأمر الذي يضعه بين قضبان قفص الاتهام وتحت عدسة مجهر الخطر بين الزوجين؟... أسئلة كثيرة طرحتها «لها» على عدد من الأزواج للوقوف على حقيقة العلاقات الالكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي.
مـحمد: حدثت بعض الخلافات بيننا واشترط عليّ عدم وضع أي شيء يخص حياتي الشخصية
قالت أمل محمد (29 سنة) إن عقلية الرجل شرقية بحتة، فما أن يرى إضافة رجل غريب لزوجته على الصفحة، ترتسم علامات الاستفهام وأسئلة متتالية عن هوية الشخص وماذا يريد وما إلى ذلك، وتضيف: «كل الأسئلة التي يطرحها الرجل نابعة من فكرة أن الفيسبوك موقع شخصي وخاص لا يحق لأحد التواصل مع زوجته دون أن يعرف شجرة عائلته إن صح التعبير. وهناك البعض ممن لم يرتقِ فكرهم الى أن الفيسبوك موقع يُستخدم أيضا للعمل والتواصل مع أكبر عدد من الناس لأصل إلى خبر معين وغيره».
وفي ما يتعلق بالمرأة أشارت أمل الى أن المشاكل تحدث عندما تجد أن طبيعة عمل زوجها لا تتطلب منه الحديث مع النساء ولا تستدعي الاحتكاك بالوسط النسائي، «فعلى سبيل المثال زوجي يعمل في مجال المعدات الصناعية، فلماذا يتحدث مع النساء؟ وتبدأ الأفكار تتوالى: من هي وماذا تريد منه أهي حب قديم أم لا؟ لذلك أضافتها للتواصل عن طريق الصندوق. لكن ما قد يخفف من حدة هذه الأحداث، هو التواصل بين الطرفين بصدق وثقة ووضوح. فقد أخبرت زوجي بضرورة توضيح الحالة الاجتماعية أنه متزوج من فلانة وأنا أيضا أحدد أني متزوجة من فلان».
وذكرت أمل حادثة وقعت معها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، فقد كتبت ذات مرة عبارة ورد زوجها بقوله (وفقك الله يا زوجتي العزيزة). وتلك العبارة كانت «بمثابة جرس الانتباه الذي يخبر الجميع أنه زوجها ويخبرها أنه هنا ومعها. ولأطمئنه أعدت إرسال هذه العبارة لإظهارها على صفحتي الخاصة ويراها الجميع».
وأشارت إلى أن الحديث عن مواقع التواصل الاجتماعي أصبح شبه يومي بينها وبين زوجها، وتلك العلاقة نستطيع الوصول إليها من خلال تفهم الطرفين بعضهما البعض، «زوجي من النوع الغيور جداً وبالتأكيد أي شخص يطلب إضافتي على تويتر أو فيسبوك يجب أن يعرف التفاصيل الكاملة عنه. ولا أنكر أن هناك بعض المشكلات التي وقعت بيني وبينه أثناء فترة الخطوبة، وسرعان ما تحاورنا،إلا انه اشترط علي أن لا أضع أمورا عامة تخصني، إنما كل ما يخص عملي بشكل عام».
عالية: صورتي الشخصية هددت علاقتي الزوجية
كادت صفحة عاليه إبراهيم (35 سنة) على الفيسبوك تصل بها إلى أبغض الحلال عند الله بينها وبين زوجها عندما سمع من شقيقه أن أحد أصدقائه يريد الارتباط بها بعدما رأى صورتها على الفيسبوك، مما دفعها إلى إلغائها صفحتها بشكل نهائي على الفيسبوك. تقول: «عندما أنشأت صفحة خاصة بي على الفيسبوك، لم أكن أعي خصوصية الفيسبوك بقدر ما كنت سعيدة لالتقائي أصدقاء الطفولة والمدرسة والجامعة، وجيراني القدامى من خلاله، وبحكم عملي هناك بعض الزملاء والزميلات كنت أتواصل معهم من خلاله».
وترى عاليه أن الرجل السعودي مهما وصل إلى درجة عالية من الانفتاح في التفكير والعلم والثقافة، «يعود إلى شرقيته وعاداته وتقاليده التي نشأ عليها منذ صغره. فزوجي كان يخشى عليّ من استعمالات الفيسبوك، وكان يخبرني دائماً بإمكان تسرب صوري أو استخدامها من جانب أشخاص ذوي نفوس ضعيفة على شبكة الانترنت، فأصبحت أخشى أن أضع أي صورة لي، وشيئاً فشيئاً ألغيت حسابي على الفيسبوك، لئلا أخسر زوجي وعائلتي بسبب موقع الكتروني».
بركات:صفحة زوجي المزيفة أوصلتنا إلى بداية الطلاق
فيما لا تترك سلمى بركات (27 سنة) صفحة زوجها نهائياً فهي تحرص على متابعتها وتفقد الأصدقاء والصديقات، وحذف أي شخص لا يعجبها دون الرجوع إلى زوجها في هذا الأمر. تقول: «قبل أن أتزوج كنت أعلم أن زوجي على علاقات مع الفتيات على الانترنت، وبعد الأسبوع الأول من الخطبة طلبت منه كلمة السر لصفحته، وعند دخولي فوجئت كثيراً خاصة أن زوجي محاصر من كم هائل من الفتيات، مع أن عمله في الرخام والسيراميك، وليس له أي علاقة بوجود المرأة في حياته العملية. وعلى الفور حذفت جميع الفتيات من صفحته، وعملت على تعديل الحالة الزوجية له ووضعت أنه متزوج. وأغلقت كل الصور الخاصة به أو تلك التي تجمعنا في مناسبات عائلية خاصة».
وأرجعت بركات هذه التصرفات إلى الشك الذي قام بينها وبين زوجها خاصة بعد اكتشافها صفحة مزيفة لزوجها بالصدفة عندما كتب تعليقاً لصديقتها على صورة ما، وعندما واجهته أنكر الأمر وسرعان ما اختفت تلك الصفحة، بحسب روايتها: «غضبت منه وأخبرته أنه خائن وأنني يجب أن أحصل على الطلاق، لكنه سرعان ما حذف صفحته بصورة نهائية، وانتهى أمر الفيسبوك في حياتنا».
هدى: أنشأت حساباً وهمياً لأبتعد عن مضايقات زوجي لي في تويتر
ولم يكن الحال مع هدى عبد الرحمن ( 31 سنة) أفضل، فهي التي كانت تكتب في صفحتها على تويتر عبارات عادية وأمثالاً تعجبها، إلا أن زوجها كان يعتقد أنها تقصده في كل ما تكتب، ليغضب ويأمرها بحذف المكتوب فوراً بحجة أنه «شخص معروف لا يسمح له وضعه الاجتماعي بتعريف العالم من هي زوجته ولا كيف تفكر. وفي كل مرة كنت أكتب سطراً على تويتر مثلاً يتصل على هاتفي الجوال ويخبرني بأنني أسبب له المشاكل ويأمرني بحذف ما كتبته. وأذكر حادثة صغيرة وقعت بيننا عندما قام أحد أصدقائه بإرسال طلب إضافة، الأمر الذي أثاره وغضب جداً لأنه لا يريد أي شخص يعرفه أن يعرف زوجته ومن هي وغيرها من الأمور حتى أن على الفيسبوك يرفض أن يكتب حالته الاجتماعية أو يضيفني كـزوجة له، وبصدق لا أعرف لماذا يتصرف هكذا!».
اضطرت هدى لإلغاء حسابها نهائياً، وأنشأت حساباً وهمياً لتبتعد عن مضايقات زوجها دون أي مبرر لتصرفاته، وتكتب من خلاله كل ما يعجبها دون أي أوامر بإلغائه.
المشهدي: الفيسبوك وسيلة راقيه للتواصل وبسوء الإدارة قد تتحول إلى وسيلة قذرة
قالت الاختصاصية الاجتماعية سوزان المشهدي إن الأمر يعتمد على طبيعة علاقة الزوجين، ذلك لأن نوع العلاقات تحدد ردود الفعل. فإذا كانت علاقتهم تعتمد على الثقة والاحترام المتبادل، والموافقة من الطرفين على أن صفحة أي موقع اجتماعي سواء فيسبوك أو تويتر هي مجرد صفحة للحديث مع احترام الحدود الدينية والشرعية والأخلاقية، ولن تؤثر على أي طرف من الأطراف أو على العلاقة الزوجية.
وأضافت: «لكن إن كانت هذه الصفحة تحمل في أساسها تعارفاً غير نظيف، ذلك لأن التعارف ينقسم إلى قسمين، تعارف بين الزملاء سواء في العمل أو في الدراسة، وتعامل مع أشخاص بأسلوب طبيعي وواضح أمام الجميع، وتعامل مشبوه. فعلى سبيل المثال إن كان أحد الأطراف يخبئ أسلوبه في المزاح مع الآخرين أو أسلوب نقاش معين، فهذا ما سيجعل الطرف الآخر يعتقد بوجود الخطأ مباشرة».
وأشارت المشهدي إلى أن «العلاقات لا تسوء فقط بسبب مواقع التواصل الاجتماعية، بل بسبب نقل أحداث هذه المواقع إلى ارض الواقع، فعندما يطلب الزوج على سبيل المثال عدم وضع زوجته صورة خاصة لها على الفيسبوك أو كتابة شيء خاص بعلاقتهما وتأتيها الردود بين من يساندها وآخر يعرض اقتراحاته عليها، هذا الأمر سيدعو الزوج إلى الشك وعدم الارتياح تجاه علاقات زوجته مع أصدقائها الفيسبوكيين. أما إن كان الأمر مفروضاً بالاحترام فلا أجد أي أمر يستدعي أن يكون الفيسبوك سبباً لإشعال الخلاف بين الزوجين، «ذلك لأن الفيسبوك وسيلة من وسائل التواصل الراقي ويمكن بسوء الإدارة أن يتحول إلى وسيلة قذرة للتواصل».
هذه شهادات من الإمارات تؤكد أن سلبيات الفيسبوك قد تؤثر في الحياة الزوجية.
جرير الكعبي: أداة سهلة لعودة العلاقات العاطفية القديمة
يلفت جرير الكعبي (موظف في دائرة حكومية بإمارة أبوظبي) إلى أن العالم حالياً أصبح مثل قرية صغيرة بفضل التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة، مشيراً إلى أن الفيسبوك من أكثر مواقع التواصل الاجتماعي انتشاراً، وعلى الرغم من ميزاته التي لا ينكرها أحد، إلا أنه يشكل خطورة كبيرة على محيط العلاقات الزوجية القائمة، خصوصاً في نطاق الأسر التي تتمتع بحرية استخدامه، والسبب في ذلك يرجع إلى أنه من السهل على الرجل أو المرأة معاً أن يعيدا من خلاله علاقات عاطفية سابقة، وهو أيضاً يعد أداه مثيرة ومشجعة على إقامة علاقات غرامية متعددة. ويقول: «ما أكد لي حجم تأثيره على سلامة الحياة الزوجية، أنني أستمع بين الحين والآخر إلى بعض الاشخاص المتزوجين الذين يفشون لي أسراراً مهمة في نطاق حياتهم الخاصة، إذ إن أحدهم تمكن من ضبط زوجته وهي تتبادل الرسائل مع أشخاص غير معروفين له من خلال الفيسبوك، وأن آخر أخبرني بأنه أثناء بحثه عن أصدقاء جدد على هذا الموقع، تصادف وجود امرأة كان على علاقة بها قبل زواجه، فتواصل معها لمدة سنة تقريباً، لكن زوجته اكتشفت خيانته، وكاد يحدث الطلاق بينهما لو لم يتدخل بعض الأقارب في إنهاء الخلاف سريعاً.
رائد الشايب: كل إنسان يتصرف وفق إرادته الشخصية
ويرى رائد الشايب مذيع برنامج «علوم الدار» على شاشة قناة أبوظبي الأولى أن «المرأة هي الأقرب إلى الوقوع في فخ الفيسبوك، على أساس أن لديها استعدادا فطريا للوقوع تحت تأثير كلمات الحب التي في الغالب تشعرها بأنوثتها، وتجعلها تحس بوجودها الحقيقي في هذه الحياة. وهذا لا يقلل من قيمتها كأم مثالية وزوجة مخلصة، لكن اقتراب المرأة من مواقع التواصل الاجتماعي مثل اقتراب البنزين من النار. وشخصياً لا أحبذ أن يترك الرجل لزوجته مساحة واسعة في استخدام الإنترنت والتواصل عبر غرف التشات، وذلك لأن أي تكنولوجيا في العالم لها سلبيات وإبجابيات، والأحرى بنا أن نبدأ حياتنا الزوجية بتوثيق الروابط وتعميق الصلات». ويشير الشايب إلى أن ما يطلع عليه من أحداث مؤسفة تتعلق بالخيانات الزوجية الإلكترونية عبر وكالات الأنباء يفجعه، لكن ذلك لا يفقده الثقة بالناس باعتبار أن كل إنسان يتصرف وفق إرادته الشخصية وطبيعته الإنسانية.
رحاب عبدالله: طلاق الأزواج للفيسبوك أهون من انفصالهم
في البداية تقول رحاب عبدالله أصغر مذيعة في تلفزيون «أبوظبي الإمارات» إن «الحياة الزوجية هي أسمى الروابط الإنسانية، وبهذا المعنى تكتسب صفة القدسية، ولا يمكن بأية حال من الأحوال أن تؤثر وسائل الاتصال الحديثة، ومواقع التواصل الاجتماعي المتنوعة على حياة الأزواج إلا في حالات معينة، مثل الفتور العاطفي، أو عدم قدرة أحد طرفي العلاقة الزوجية على تحريك مائها الراكد بين الحين والآخر... الفيسبوك من أهم مواقع التواصل الاجتماعي على الإطلاق، والناس في كل مكان يستخدمونه بغزارة، ويعتمدون عليه في تكوين علاقاتهم الاجتماعية المختلفة، لكنه بالفعل قد يكون أحد أهم منغصات العلاقات الزوجية في هذا العصر، خصوصاً إذا تم استغلاله بطريقة لا أخلاقية. والعجيب في الأمر أن الصدفة قد تلعب دوراً في فضح خيانة أحد الأزواج، فتحصل المشكلات».
وتشير رحاب إلى أن الواقع الذي «نعيشه حالياً أظهر خيانات متعددة لبعض الأزواج من خلال استخدامهم وسائل الإنترنت الحديثة بطريقة خاطئة، وهو ما يسمى الخيانات الإلكترونية، لذا فمن الضروري أن تتسم العلاقات الزوجية بأكبر قدر من الشفافية والمصارحة والوضوح، وأعتقد أن طلاق الأزواج للفيسبوك أهون بكثير من وقوعهم في أبغض الحلال».
خلود الجابري: أكبر تهديد للحياة الزوجية
وتجزم الفنانة التشكلية خلود الجابري بأن الفيسبوك يمثل أكبر تهديد للعلاقات الزوجية المستقرة، فهو مستنقغ الغراميات، ومن ثم الوقوع في شرك العلاقات العاطفية غير المشروعة. وترى أن الزوجة التي تستطيع حماية نفسها من براثنه، يمكنها استخدامه بحذر شديد وذلك من خلال إضافة الأشخاص المعروفين لدى العائلة من الأقارب والأصدقاء، وبالنسبة الى استخدام الرجال له تؤكد أنه يتعين عليهم الصراحة والوضوح مع زوجاتهن وأن يكشفوا لهن بصفة مستمرة هويات الأشخاص الذين يتواصلون معهم عن طريق الفيسبوك، إذ إن الإغراءات كثيرة، لا تحصى ولا تعد. وتشير إلى أن الفيسبوك مفيد جداً للأدباء والفنانين وأصحاب المواهب المختلفة، فهو يعطيهم مساحة واسعة من الانتشار وذلك من خلال طرح قضاياهم على حساباتهم الخاصة.
وعلى الصعيد الشخصي تقول الجابري: «استفدتُ كثيراً من هذا الموقع حيث استعدتُ علاقات كانت تائهة عني في غمرة الحياة من الأدباء والرسامين التشكيليين، وكذلك استطعتُ أن أعرض بعض أعمالي الفنية على صفحتي الشخصية. والجميل في الأمر أنني كنت أتلقى بصفة مستمرة آراء الأصدقاء وأهل النقد من ذوي الخبرة الفنية العالية، لكنني في هذه الفترة لم أعد من رواده، بسبب ضغوط الحياة اليومية، وانشغالي بأسرتي وأعمالي الفنية. لكنني أعود وأؤكد على أن الفيسبوك موقع مهم وخطير ويجب استخدامه بطريقة مُثلى في نطاق الحياة الزوجية».
أبو حسين: البشرية لم تجن منه إلا الخراب
ويرفض أبو حسين (50 عاماً) الفيسبوك، ويرى أن البشرية لم تجن منه إلا الخراب، ويتساءل: «ماذا يعني أن يظل فتياننا وفتياتنا يتواصلون من خلاله آناء الليل وأطراف النهار من دون رقابة اللهم إلا إقامة علاقات مشبوهة لا يمكنها الاستمرار إلا في الخفاء؟».
ويشير إلى أن مثل هذه السلوكيات المريبة تستمر أحياناً بعد الزواج، «فمن شب على شيء شاب عليه» لافتاً إلى أنه في هذا العصر تغير كل شيء، فبدلاً من أن تهتم بعض الزوجات بشؤون أزواجهن، «يبحثن عن مصدر لثقافتهن العاطفية عن طريق الفيسبوك، وعن نفسي لا أستخدمه ولا جود له في بيتي، ولا أسمح لأولادي بالتواصل من خلاله، لأنني مدرك تماماً أنه شر ما بعده شر».
سعاد البزال: أعاني صدمة بسبب زوجي وجارتي
ومن جهتها تقول سعاد البزال مهندسة ديكور: «أعيش مآساة حقيقة منذ أن اكتشفت خيانة زوجي لي، إذ إن الصدفة وحدها هي التي قادتني إلى ذلك، فقد ترك زوجي جهاز اللاب توب الخاص به مفتوحاً -وأعتقد أنه نسي ذلك- ونزل من البيت على إثر مكالمة هاتفيه من صديق، وحين دخلت غرفة المكتب وجدت محادثة على الفيسبوك كانت دائرة بين زوجي وامرأة عرفتها على الفور من خلال صورتها، فهي جارتنا التي تسكن في الشقة المقابلة لنا مباشرة، والتي كانت دائماً تتودد إليّ، وتبتسم لي بين الحين والآخر كلما التقينا في مدخل العمارة. وما أثار دهشتي أن زوجي كان يتبادل معها عبارات مثيرة وغير أخلاقية، فشعرت بدوار، وكدت ساعتها أن افقد توازني وأسقط على الأرض، لكنني تماسكت وحملت أغراضي وتركت البيت، وكتبت لزوجي رسالة وضعتها على لوحة مفاتيح جهاز الكمبيوتر.
ومن يومها وأنا أعيش صدمة مروعة. ورغم محاولة بعض الأصدقاء في إقناعي بالرجوع إلى البيت لا أستطيع العودة في الوقت الحالي، فجروحي لم تبرأ بعد من ذلك الحادث الأليم».
تقول غالبية الكويتيات اللواتي سُئلن عن الفيسبوك، إنّ وسائل الاتصال الحديثة أصابت الزواج والعلاقات الاجتماعية في مقتل لأنها نشرت البرود العاطفي والأهمال وعززت الوحدة والعزلة بين الأزواج، وأتاحت فرص التعارف السريع عبر التشات مما أشاع الخيانات الزوجية...
نظيرة العوضي: مغامرة لا تُحمد عُقباها
الإعلامية نظيرة العوضي قالت: «ليس بالغريب أن تتأثر الحياة الأسرية بالتقدم التكنولوجي على مدى مراحله منذ استخدام الكهرباء وما تلاها للوصول إلى ثورة الاتصالات والانترنت، لكن الشيء الغريب والمثير للجدل هو أوجه استغلال تلك التكنولوجيا وكيفية تأثيرها الذي من المفترض أن يكون لمصلحة المجتمع ورفع المعاناة عن البشر وسعادة الأسرة وليس تعاستها. فكما ساعدت الانترنت اليوم على الاتصال بالعالم الخارجي فقد ساعدت أيضا على الانفصال الداخلي بين الأزواج وأفراد الأسرة الواحدة. غزت شبكة الانترنت بيوتنا في زمن يكاد ينعدم فيه الحوار بين أفراد الأسرة بسبب الفضائيات، وعندما دخلت الانترنت من الباب هرب استقرار الأسرة وارتباطها العاطفي من الشباك. واختلفت أوجه استخدامات الشبكة العنكبوتية باختلاف السلوكيات، كل حسب اتجاهه وميوله، فاتخذها بعض الأزواج طريقة لكسر رتابة الحياة الزوجية ومللها، واقعين في مغامرات قد لا تحمد عقباها. وأكدت ذلك الدراسات التي أفادت بأن أعدادا متزايدة من المتزوجين يدخلون غرف الدردشة على شبكة الانترنت من اجل أهداف غير بريئة، وجلوسهم الطويل أمام شاشات الانترنت هو السبب الرئيسي للخلافات بين الزوجين».
أمل الدمخي: خطورة بالغة
امل الدمخي، موظفة في وزارة، قالت: «انتشار الانترنت لم يسبب المشاكل بين الزوجين ويدمر حياتهما الزوجية فحسب، بل هو سبب الأذى للكثير من النفوس البشرية، وكان سببا لحالات من الانفلات والتحرر غير المسبوق من الكبت والقيود التي تفرضها الأنظمة الاجتماعية على الناس في معظم المجتمعات».
وأضافت أن «شبكة الانترنت ربما تمثل خطورة بالغة على الأزواج والزوجات، لانها تسبب حدوث طلاق من نوع جديد يعرف باسم «الطلاق العاطفي» الذي يحدث عندما يجلس الرجال قبالة شبكة الانترنت للبحث ومشاهدة مواقعها الكثيرة لساعات طويلة تحرمهم الاجتماع بزوجاتهم، وفتح حديث وحوار بين بعضهم، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى انفصال عاطفي قد يفضي إلى الطلاق».
عنود الشمري: قد يؤدي الفايسبوك الى الانفصال وخراب البيوت
اما عنود الشمري، موظفة في وزارة، فقالت: «سبب بروز هذه الظاهرة يعود إلى عوامل اجتماعية وأخرى تربوية ونفسية، وتمضية الزوج أو الزوجة ساعات طويلة أمام الانترنت قد يكون وراء مشاكل كبيرة وكثيرة بينهما قد تؤدي إلى الانفصال وخراب البيت. ويبدأ الضرر عند الرجل حينما يتعرف على واحدة من خلال التشات، وتتحول هذه المعرفة إلى صداقة سريعة ومن ثم إلى حب وأخيرا الزواج. وكل هذا يتم عبر المراسلات الالكترونية التي تدور في غرف البيت والمرأة لا تدري عنها شيئاً، ليس بسبب انشغالها في أمور المنزل أو تربية أولادها بل بسبب انشغالها هي الاخرى بالفيسبوك والواتس اب وغيرهما لمعرفة آخر الأخبار والتعليق عليها. وبالتالي نجد ان هذه التقنية والسلبيات الناتجة عنها ليست من صنع الرجل فقط بل ايضا من صنع المرأة».
اسماء الإبراهيم:الاستخدام المتزايد يشير الى الوحدة والاحباط
أسماء الإبراهيم عبّرت عن اقتناعها بأن الانترنت قد تؤدي الى مشاكل زوجة من خلال استشهادها بالدراسات المتخصصة في هذا الشأن. وقالت: «تؤكد الدراسات ان الانترنت، كتكنولوجيا مؤثرة على الاسرة، تقلل من المشاركة الاجتماعية والراحة النفسية، وتساعد على التباعد بين الناس، لانه كلما امضى الناس ساعات اكثر على الانترنت، قل تواصلهم مع عائلاتهم وتقلصت دائرة معارفهم. كما ان الاستخدام المتزايد لتلك التقنية قد يثير الاحساس بالاحباط النفسي وبالوحدة مع مرور الوقت. ويفترض القائمون بالدراسات ان البعض يحاول، من خلال نمط علاقات الانترنت ذات النوعية الفقيرة، البحث عن علاقات اقوى سبق ان اختبرها، والعمل على إيجاد بدائل، منها ادراك اثر الانترنت وما تخلفه من وحشة نفسية لدى زوارها.»
هدى الشهاب: إدمان الانترنت يعطل الحوار بين أفراد الأسرة
رئيسة قسم الخدمة الاجتماعية في مركز الرعاية التلطيفية هدى الشهاب كان لها رأى من واقع تخصصها وعملها: «الإنترنت أجمل وسيلة توصلت إليها التكنولوجيا لاتصالنا بالعالم الخارجي، بها استطعنا أن نجوب العالم بأكمله و نحن في مكاننا، ونطّلع على كل مستجدات الحياة بلا تعب و عناء، وفائدتها عظيمة لمن يحسن استخدامها.
ولكن لها مساوئ متعددة اتضحت بعد غزو هذه التكنولوجيا منازلنا، فقد أساء كثيرون استخدامها مما ولد الكثير من المشاكل مثل فتور الحياة الزوجية والتواصل العاطفي بين الزوجين، إذ يدمن الزوج أو الزوجة استخدام الانترنت لساعات طويلة. ومنهم من لجأ إلى الإنترنت للهروب من الملل في حياته الزوجية، و منهم من وجدها وسيلة للتعارف المحرم لخلل ما في حياته الزوجية، و منهم من لجأ إليها لدخول مواقع إباحية، و كان له الأثر السيئ على علاقاته الزوجية. كما أن إدمان الزوجة للانترنت قد يؤدي بها إلى إهمال بيتها وتواصلها مع أبنائها وإهمالها واجباتها الزوجية.
إدمان الانترنت يعطل لغة الحوار بين أفراد الأسرة والتواصل الأسري الجميل الذي يكون بالمناقشة وبتبادل الآراء. كما يعوّد الأفراد الانطواء والعزلة وعدم المقدرة على تكوين الصداقات والعلاقات الاجتماعية خارج نظام الأسرة.
ولا أستطيع أن أظلم هذه التكنولوجيا العظيمة وأن أظهر مساوئها فقط، بل أحب أن أذكر أنها مصدر ثقافتنا حاليا ومعرفتنا بكل قديم وجديد في كل بقاع العالم».
منال المقصيد: جهد فارغ
منال المقصيد (موظفة): «بعدما كات الانترنت طريقة التعارف المثلى بين الأشخاص، صارت من الأسباب الرئيسية لانهيار العلاقات الأسرية وابتعاد أفراد الأسرة بعضهم عن بعض. وأصبحت التقنية المتطورة سبيلا للتشتت وظاهرة تشكو منها كل المجتمعات العربية، وأصبح النساء والرجال والصغار ايضا يمضون جل أوقاتهم أمام هذه التقنية والبحث عما هو فارغ وغير مجدٍ لتضييع الوقت الذي يجهل مدمنو الانترنت والهواتف الذكية أهميته في الحياة لان اليوم الذي يمر وينتهي من حياتنا لا يعوّض».
صار الـ«فيسبوك» واقعاً في حياة الكثير من الأزواج والزوجات، فهو عالم اجتماعي مثير، لكنه في الوقت نفسه كابوس يهدّد الحياة الزوجية ويشعل الغيرة ويتحول إلى شرارة قد لا تنطفئ إلا بالطلاق. «لها» تدخل عالم أزمات الأزواج والزوجات بسبب الـ«فيسبوك» في أربعة بلدان عربية، وتكشف ما يحدث من خلافات زوجية بسببه وتبحث عن حلول.
من مصر:
آسر ياسر: سرقوا صوري ووضعوها على صور فاضحة
آسر ياسر، ناشطة سياسية، ازداد نشاطها بصورة ملحوظة مع بداية الثورة المصرية، وتحاول زرع الوطنية في ابنتيها حتى أنها كانت تصطحبهما إلى الاعتصامات والتمظاهرات والوقفات الاحتجاجية، وفي ذلك الوقت تسبب لها الـ»فيسبوك» بكارثة اجتماعية.
تحكي آسر قصتها قائلة: «فيما كان أعداء الثورة يتهمون رموزها بالخيانة والعمالة لصالح دول أجنبية، وظهر مصطلح الأجندة الخارجية، كانت اللجان الإلكترونية لأصحاب المصالح في إجهاض الثورة تخرس الناشطات بالخوض في أعراضهن، فكنت إحدى المتضررات، فقد سُرقت صوري الشخصية من حسابي، خاصة أنني لا أنحصر في نطاق إضافة العائلة والأصدقاء المعروفين فقط، لأن الـ»فيسبوك» بالنسبة إلي بمثابة ساحة حوار ونقاش كبيرة تشبه سوق عكاظ لدى العرب. هكذا، سرقوا صوري وركبوها على صور فاضحة واتهموني في عرضي وشرفي، ونشرت الصور مع ادعاءات بأنني أمارس البغاء. ولم يقفوا عند هذا الحد، بل تناولوا ابنتيَّ أيضاً، وقالوا إنني أستغلهما في أعمال منافية للآداب».
تلتقط آسر أنفاسها وتضيف: «انتشرت الصور على العديد من الصفحات على الـ»فيسبوك»، وشلت الصدمة تفكيري، لكنني لم أجد أفضل من زوجي الذي ساندني وأصر على أن نقدم بلاغاً في الشرطة ضد تلك الصفحات. وفور خروجنا من قسم الشرطة أكد لي أن الحادث أقل من اهتمامه، وأنه يدرك تماماً أن ذلك أسلوب رخيص لكبت نشاطنا، خاصة أنه أنشط مني سياسياً. كما ساندني معنوياً وحاولنا أن نفهم ابنتينا طبيعة ما حدث، وكيف يتخذ الأعداء الضعفاء وسائل غير شرعية لكبت معارضيهم. بعدها لم يمنعني زوجي من ممارسة نشاطي السياسي، وبعد الثورة انضممنا الى حملة ترشيح الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح للانتخابات الرئاسية، وكان هو أكثر مني نشاطاً، ينغمس في الحملة فور عودته من العمل حتى الفجر». وتقول في النهاية: «لا أعتقد أن هناك مشاكل يسببها الـ»فيسبوك» أكثر من الكارثة التي وقعت فيها، لكن تعامل الزوجين مع المشكلة يعكس مدى ثقافتهما وقدرتهما على احتواء المواقف الحرجة في رحلة العمر».
نشوى سامي: تعبت نفسياً من مشاكلي مع زوجي بسبب الـ»فيسبوك»
مع أن زوج نشوى سامي، (مديرة موارد بشرية)، لا يملك حساباً شخصياً على الـ»فيسبوك»، إلا أن متابعة نشوى لصفحتها تثير المشاكل دائماً، وتقول: «كلما يراني زوجي أدخل الـ»الفيسبوك» يفتعل المشاكل بلا سبب، تارة يتهمني بالانغماس فيه طوال الوقت، وأخرى ينتقد أصدقائي في العالم الافتراضي ويشكك في نيّاتهم تجاهي ويطالبني بعدم مناقشتهم في الأمور العامة، مؤكداً أنني لا أعرفهم جيداً لأنني لم أرهم من قبل».
وتتابع: «تعبت نفسياً من كثرة المشاكل بسبب الـ»فيسبوك»، وقررت أن أريح نفسي وألا أفتح حسابي إذا كان زوجي في المنزل، فإما أتابعه من العمل أو إذا خرج زوجي من المنزل، وكأنني أفعل شيئاً خطأً».
ندى النويهي: الـ«فيسبوك» آثار مشاكل بيني وبين زوجي
لم تكن سيدة الأعمال ندى النويهي مهتمة بالتكنولوجيا، وكانت تندهش كثيراً من تعلق زوجها بمواقع التواصل الاجتماعي والمسنجر، فدفعتها سخريته من أميتها التكنولوجية إلى تعلم فنون التواصل التكنولوجي، خاصة أن أولادها الثلاثة (17 عاماً، 16 عاماً، و12عاماً) مدمنو إنترنت. تقول: «علمني أولادي أساسيات الفيسبوك، وكان هدفي أن أكتشف سر ارتباط زوجي به من ناحية ومراقبة أولادي من ناحية أخرى، خاصة أنهم في سن المراهقة. ولم أتخيل يوماً أنني سأتعلق بموقع التواصل الاجتماعي لهذه الدرجة، فقد أعاد إليَّ أجمل الذكريات عندما التقيت من خلاله زملاء الجامعة والأقارب الذين لم أرهم منذ فترة طويلة. بعدها اتسعت دائرة معارفي، وأصبحت أتعرف على أصدقاء جدد، نتجاذب أطراف الحديث في السياسة التي أصبحت الشغل الشاغل لكل المصريين. ولكن زوجي بدأ يستشيط غيظاً ويتهمني بدفن رأسي في الكمبيوتر طوال النهار والليل، رغم أن أسرتنا كلها مدمنة للإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي خاصة الفيسبوك».
وتعترف ندى بأن الغيرة كانت محرك زوجها الأساسي للشجار معها بسبب الـ»فيسبوك» وتقول: «تفاقمت المشاكل من التشات مع أصدقاء لي خارج مصر، وأحياناً كانت المشاكل تبدأ إذا كتب رجل أو امرأة تعليقاً بحرية زائدة أو بطريقة غير لطيفة، فمثلاً وقت الثورة كنت من أنصار مبارك والبعض يتهمني بأنني فلول لأنني زوجة ضابط شرطة، فكانت تكثر المشاكل ويتهمني الزوجي بأنني أكشف للآخرين ما بيننا، عندما علم أنني أتحدث على «التشات» مع أصدقاء خارج مصر، منهم من كان يعلق بأسلوب غير لائق على صفحتي سواء بالإطراء على شخصي أو طريقة تفكيري أو حتى بالنقد، واتهامي بأنني «فلول» انحاز الى النظام السابق لأنني زوجة رجل شرطة. فخرجت المشاكل من إطار الغيرة إلى نقد تصرفاتي... الأمر نفسه كنت أمارسه تجاه أولادي، ويا ويلهم إذا رأيت تعليقاً غير لائق على صفحتهم من أحد زملائهم، وإذا رأيت اسماً غريباً لا أعرفه أسألهم على الفور عن الشخص ومتى وكيف تعرفوا عليه. وكانت تكثر الشجارات بيني وبينهم، خاصة إذا وجدت ابنتي تشارك أصدقاءها الاستماع إلى أغنية رومانسية فأخاف أن تكون واقعة في الحب. وفي أيام الامتحانات لا تهدأ الأسرة من الشجار بسبب الـ»فيسبوك»، فالثلاثة يتسابقون ليفتحوا حساباتهم. فوصل بنا الحال إلى أن زوجي كلما يعود من العمل يجدنا نتشاجر بسبب الـ»فيسبوك»، الأمر الذي جعله يهددنا بقطع اشتراك الإنترنت حتى نعود إلى حياة مستقرة».
حاولت ندى الرضوخ لمطالب زوجها كي لا تثير غيرته، فأصبحت تحذف كل متطاول أو صاحب تعليق سخيف، ولم تعد تفتح جهاز الكمبيوتر بوجوده في المنزل، إلا أنه بات أكثر عصبية معها، وتوضح: «أحب اقتناء الموبايلات الحديثة، فأهداني زوجي «بلاك بيري». ولأن الهواتف الذكية متصلة دائماً بالإنترنت أطلع أولاً بأول على حسابي في الـ»فيسبوك». وبدلاً من أن أمتص غضبه بعدم جلوسي إلى الكمبيوتر، أصبح أكثر عصبية بسبب الموبايل وكثرت تهديداته لي بتكسير الموبايل».
تعمل ندى بشتى الطرق على عدم استثارة مشاعر زوجها السلبية تجاه الـ»فيسبوك»، والسبب نصيحة والدتها المستمرة لها: «أمي دائماً تقول لي «فيسبوك» دمر دولة وليس صعباً عليه أن يدمر أسرتك. لذا أتجنب مضايقة زوجي قدر المستطاع، خاصة أنه سمح لي بفتح حساب كي أراقب أولادي».
خالد جمال: زوجتي تغار من تعليقات زميلاتي
يؤكد خالد جمال، مدرس في كلية الإعلام، أن نيران الغيرة التي يشعلها الـ»فيسبوك» بين الزوجين أقوى مليون مرة من الغيرة على أرض الواقع، خاصة إذا استحوذ على وقت أحدهما أو كليهما في المنزل، وبدلاً من أن يتحدثا معاً، يعيشان في صمت زوجي لا ترحم أنيابه حتى المتزوجين حديثاً.
ويعترف بأنه رغم عزوفه عن التواصل الاجتماعي عبر العالم الافتراضي منذ زواجه في منزله، إلا نادراً بغرض التواصل مع أحد زملاء العمل، وقع في خلافات زوجية عديدة منذ زواجه الذي لم يتعد عامه الأول، ويقول: «نعيش في سماء مفتوحة على الأصدقاء على الإنترنت، وأحياناً تغار زوجتي من تعليقات بعض زميلاتي أو تتضايق من مزاحي مع إحداهنّ، وتترجم رد فعلها أحياناَ بعصبية أتفاداها أحياناً وتشعل خلافاً في أحيان اخرى».
ويضيف: «لا أنكر أنني أيضاً أغار عليها من التواصل مع أصدقائها القدامى. أتذكر أنها مرة كانت تتحدث مع أحد زملاء الدراسة على تشات الفيس، وكان الوقت متأخراً، فتضايقت كثيراً وقررت أن ألفت انتباهها إذا تكرر الأمر. لكن المشاكل الأكثر اشتعالاً بيننا تقع إذا رجعت الى المنزل بعد يوم عمل طويل وفتحت حسابي على الـ»فيسبوك» منتظراً رسالة عمل من أحد زملائي، فينشب شجار حاد بيننا إن لم أحتو الموقف بسرعة وذكاء».
سالي الجندي: زوجي أدرك أن التواصل مع الزملاء والأقارب أمر عادي
في المقابل ترجع سالي الجندي، (ستايلست)، المشاكل الزوجية بسبب موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إلى ضيق أفق بعض الرجال الشرقيين، ولا تجد سبباً مقنعاً لإثارة الزوج المشاكل، إلا إذا وجد تعليقاً غير لائق على حساب زوجته.
تضيف: «أحمد الله أن زوجي متفتح الأفق لا يثير مشاكل معي بسبب الـ»فيسبوك». في البداية كان له تعليقات على الأصدقاء، وكان يطلب مني حذف بعض زملاء الدراسة الرجال أو زملاء العمل، لكن بعدما سافر للعمل خارج مصر وأصبح ينشط حسابه ويضيف زميلاته الجديدات، أدرك أنه أمر عادي أن يتواصل كل منا مع زملائه وأقاربه في العالم الافتراضي».
الدكتورة عزة كريم: الـ«فيسبوك» يعزز الملل الزوجي ويؤدي إلى الطلاق
تؤكد الدكتورة عزة كريم، أستاذة علم الاجتماع في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن الـ «فيسبوك» سبب رئيسي لمشاكل الأسر العربية، سواء كانت خلافات زوجية أو مشاكل في التربية وتغيير سلوك الأبناء، خاصة أن غالبية تلك المشاكل ناتجة عن عدم استقرار الحياة الزوجية التي اختلطت بالملل والروتين، والتي بنيت أيضاً على اختيار زواجي غير سليم قائم على العنصر المادي في المقام الأول، فأصبح الـ»فيسبوك» وسيلة هروب سهلة، تعتمد على التعارف والتعامل مع الجنس الآخر بشكل حر طليق خالٍ من الضغوط والمسؤوليات الزوجية، وأصبح هذا العالم الافتراضي متنفس الزوجين للهروب من المشاكل.
وتضيف: «ترتب على هذا الهروب إقامة أحد الزوجين أو كليهما نوعاً من الخيانة الإلكترونية، تنتهي في كثير من الأحيان بالطلاق. لذا الحل يكمن في توعية الأزواج من البداية، وإقامة دورات تدريبية قبل الزواج للتوعية بالمشاكل التي قد يقعان فيها، وكيفية التعامل مع الأزمات بعد الزواج، كما تقع على الدولة أيضاً مسؤولية».
الدكتور أحمد عبدالله: الـ«فيسبوك» يظهر احتقان العلاقات الزوجية نظراً إلى هشاشتها
من الجانب النفسي، يفيد الدكتور أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسي في جامعة الزقازيق، بأن الأوضاع الاجتماعية والعلاقات الزوجية تتسم بالهشاشة، ويحكي قصة أحد مستشيريه قائلاً: «تلقيت استشارة من أحد المغتربين مفادها أن شاباً ذا مكانة مرموقة اختار عروسه فور تخرجه في الجامعة بمعايير الجمال فقط. ورغم أنه كان يعلم بتدني مستواها الثقافي فإنه لم يهتم إلا بالجمال، فصادفته مشكلة كبيرة بعد الزواج، ومع العشرة لم يجد معها نقطة تلاقٍ فكري، فأتخذ من زميلاته في العمل مستمعات ومستشارات، وأصبح الملل والندم يقتلانه في كل دقيقة تمر عليه في عش الزوجية.
وبعد فترة من الزواج سافر إلى إحدى دول الخليج مع زوجته وأولاده الثلاثة، وبينما كان هو منغمساً في العمل هربا من زوجته، اكتشف عن طريق الصدفة أن زوجته لها علاقات عبر جميع وسائل التواصل على الإنترنت، من «فيسبوك» و»مسنجر» و»سكايب»، وكاد يموت من الصدمة عندما اطلع على محادثاتها مع أكثر من رجل. ومن خلال هذه القصة أؤكد مرة أخرى أن الفيسبوك أساس مشاكل الأزواج، بل السبب العلاقات الهشة، فالمقبلون على الزواج لا يأخذون غالباً فرصتهم في التعارف، أو يتغاضون عن مؤشرات خطيرة تنم عن فشل الزيجة مستقبلاً. كما يلعب الفراغ دوراً مهماً في هدم الحياة الزوجية، ولا يعني الفراغ أن تكون الزوجة ربة منزل، فمن الممكن أن تكون عاملة لكن حياتها خالية من أي عمل اجتماعي أو ثقافي مفيد، وهنا تحدث الفجوة بينها وبين زوجها المطلع على أنواع مختلفة من الثقافة، فيبقى الصمت الزوجي بطل حياتهما، وقد يذيَّل في النهاية بخيانة زوجية عبر الـ»الفيسبوك» أو أي موقع تواصل آخر. وليس حتمياً أن يقع الرجل وحده في براثن الخيانة، بل قد تقع المرأة أيضاً في المحظور للأسباب نفسها».
عبد الرحمن رشدي: زوجتي ضبطتني متلبساً على الـ»فيسبوك»
عبد الرحمن رشدي، مهندس كمبيوتر، ضبطته زوجته متلبساً يتحدث مع امرأة غريبة ويمازحها، فنشبت بينهما خناقة كبيرة أسفرت عن خصام لفترة طويلة. ويحكي القصة قائلاً: «المشكلة أنني لم أخنها كما اعتقدت، بل كنت أبحث عن كمبيوتر جديد على الإنترنت وقررت شراءه عبر الموقع، ولأن موديله كان جديداً حبذت أن أسأل أحد مشتريه. ولسوء حظي أنني حادثت امرأة كانت موجودة على الموقع، وطبيعي عندما نتحدث مع آخرين أن نجاملهم، ولا مانع من مزاح خفيف، لكن زوجتي اكتشفت تلك المحادثة واعتبرتها خيانة عظمى لحياتنا، وفتحت لي تحقيقات بوليسية: هل تعرفها من قبل؟ لماذا اخترتها امرأة؟ صف لي شعورك عندما كنت تمزح معها؟ هل ستشتري الكمبيوتر بسبب إعجابك بها؟ لمَ لا تواعدها؟!».
ويتابع: «عكرت تلك المحادثة الإلكترونية التي كانت على إحدى صفحات الفيسبوك، صفو حياتي الزوجية وتسببت بشك زوجتي فيَّ لفترة، فضلا عن أنها خاصمتني يومين تقريباً إلى أن هدأت. ولعل سبب احتوائي للموقف أنني مؤمن بأن العالم الافتراضي كله، بما فيه الفيسبوك، بمثابة قنبلة موقوتة، قد تدمر السعادة الزوجية أو الحياة الأسرية في أي وقت».