مطلّقات عائدات إلى البيت الزوجي...
طلاق, سلمى المصري, المملكة العربية السعودية, الإمارات العربية المتحدة, مواقع الزواج الإلكتروني, د. عبلة الكحلاوي, د. نصر فريد واصل, رأي الدين, خلافات الزوجية
11 فبراير 2013الدكتور مدحت عبدالهادي: تصفية حسابات
يؤكد استشاري الطب النفسي الدكتور مدحت عبد الهادي أن الهروب من الوحدة بعد الطلاق أول الأسباب التي تدفع المنفصلين إلى العودة، ثم تأتي المقارنة المستمرة بين الأزواج السابقين وبين من يقابلونهم في الحياة بعد الطلاق، وغالباً ما ترجح كفة الأزواج لأنهم أكثرة خبرة بطبائع الزوجات وسلوكياتهن، فضلاً عن أن العشرة تلعب دوراً مهماً في استعادة الحياة الزوجية.
ويشير الدكتور مدحت إلى «خطأ كبير يقع فيه معظم الأزواج والزوجات عند العودة، وهو عدم اتخاذ قرارات حاسمة لحل مشاكلهم الرئيسية التي كانت سبباً في الانفصال، لذا دائماً ما يتذكرون المواقف السلبية والمشاكل التي كانت تحدث بينهم، ومع أول مشكلة بعد العودة تتفجر كل المشاكل القديمة من جديد. لذا أنصح جميع المنفصلين قبل العودة بضرورة تصفية الحسابات، خاصة إذا كانت فترة الطلاق قصيرة».
الدكتورة عزة كريم: هذه نصائحي للمرأة المتزوجة
أما الدكتورة عزة كريم، أستاذة علم الاجتماع في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، فتوضح أن «هناك نوعين من الطلاق والعودة، الأول خلال الثلاثة شهور الأولى، وهي الفترة التي أتاحها الشرع. والطلاق في هذه الفترة يسمح ببقاء الزوجة في بيتها خلال هذه الفترة، وهذا النوع من الطلاق هو المنتشر في مجتمعنا بقوة، ورغم أن الشرع أتاح الطلاق ثلاث مرات فقط، فإن الناس في مجتمعنا يبررون أنه طالما كان الزوج في حالة غضب ولم يتم الطلاق عند مأذون فيمكنه العودة تلقائياً. واختلف العلماء في شرعية هذا الزواج من عدمه. وهنا نجد أن من سلبياته أن الزوج يستسهل الأمر فتكون كلمة «أنت طالق» على لسانه دوماً. واختلاف العلماء هنا قد يشكك في شرعية هذا الزواج، وبالتالي هذا الطلاق يهدد الأسرة ويستسهله الزوجان، لأنهما يعودان بمنتهى البساطة. أما النوع الآخر الذي تطول مدته أكثر من ثلاثة شهور فيعد طلاقاً نهائياً، وفي الأغلب تكون المشاكل في هذا الطلاق كبيرة، والعودة غير سهلة، لأنها تكون بعقد زواج جديد ومؤخر ومهر جديدين. وهذا النوع من الطلاق تكون سلبياته أكثر في ظل وجود أطفال، وإن لم يكن هناك أطفال يفضل عدم العودة، وأن يبدأ كلا الطرفين حياته مع شخص جديد، لأن المشاكل ستعود حتى وإن طالت الفترة الهادئة التي تعقب العودة».
وتقدم الدكتورة عزة كريم نصائح للمرأة قبل التفكير في الطلاق، قائلة:
- الجئي إلى الإجازة الزوجية ولو لمدة يوم واحد بعيداً عن زوجك وأولادك، وفكري في حلول عملية لمشاكلك بعيداً عن أي ضغوط.
- توقفي عن الشجار معه لفترة، وابحثي عن أسلوب بديل للحوار تجنباً للمشاكل، أو اختاري الصمت بدلاً من الشجار حتى تمنحي عقلك فرصة للتفكير.
- ابتعدي عن العناد فالندية مع الرجال لن تسفر لك عن أي مكسب، بل اختاري أسلوب اللين في النقاش وتوقفي عن انتقادك الدائم لتصرفاته.
- انظري إلى الجانب المشرق من حياتك معه واحسبي الخسائر العاطفية والاجتماعية التي ستقع عليك في حال الانفصال عنه، ولا مانع من تدوينها في ورقة وانظري إليها يومياً حتى تستقري على القرار النهائي.
- إذا كانت الحياة الزوجية ممكنة بعد الانفصال فهي بالتأكيد أفضل من استمرار الطلاق.
رأي الدين
عن نظرة الإسلام إلى عودة الحياة الزوجية بعد الطلاق، يقول الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر الأسبق: «يقصد بالطلاق انفصال الزوجين عن بعضهما البعض، عندما ينطق الرجل السليم العاقل كلمة الطلاق أمام زوجته، سواء في حضورها أو أمام القاضي في غيابها. وقد حدد القرآن أحكامه في قوله تعالى: «الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» آية 229 سورة البقرة. وقد نهى الإسلام الرجل عنه لما فيه من تمزيق للعلاقات الأسرية وضياع للأولاد، ولهذا حدد القرآن الكريم الطلاق الموقت وهو «مرتان» يمكن للزوج أن يسترجع زوجته خلالهما، إذا كانت لم تتجاوز فترة الطلاق مدة العدة، وهي ثلاثة أشهر، لضمان عدم حدوث الحمل، ويسمى «طلاق بائن بينونة صغرى». أما إذا طلقها ثلاث مرات، وهو ما يطلق عليه «طلاق بائن بينونة كبرى»، فلا يمكنه أن يعود إليها إلا بعد أن تتزوج رجلاً غيره بنية البقاء مع الزوج الجديد، ثم يطلقها زوجها الجديد برغبته وبدون سابق اتفاق أو نية مبيتة لذلك، يمكن للزوج القديم أن يسترجعها بمهر وعقد جديدين».
وعن حرص الإسلام على عودة الحياة الزوجية بعد الطلاق، أوضح واصل: «يحرص الإسلام على لم شمل الأسرة وعدم تمزيقها أو إطالة فترة الطلاق الموقت قدر الإمكان، حتى لا يؤدي ذلك إلى الجفاء والكره، مما يؤدي بالزوجين إلى الطلاق الدائم وليس الموقت. ولهذا أمر الله بسرعة الصلح والتوفيق بين الزوجين، يقول سبحانه وتعالى: «فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا» آية 128 سورة النساء، كما أمرهما بألا ينسيا الفضل بينهما، حتى وإن كان الطلاق قبل الدخول، فما بالنا إذا كانت بينهما عشرة وحياة مشتركة وأولاد، فعدم نسيان الفضل وأن يتذكر كل منهما ما يقربه من الآخر ويعيد الحياة الزوجية أوجب على كل منهما، فقال تعالى: «وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» آية 237 سورة البقرة».
وتقول الدكتورة عبلة الكحلاوي، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر: «الإسلام أمر الزوجين بأن يحرصا على عودة الحياة الزوجية بينهما في أسرع وقت، لأن طول فترة الطلاق الموقت تجفف المشاعر. وأمرهما بأن يسعى كل منهما إلى الصلح محافظة على الزواج وثمرته، وهم الأولاد، كما أمر المحيطين بالزوجين من أهلهما أن يسعوا إلى الصلح السريع بين الزوجين، فقال تعالى: «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا» آية 35 سورة النساء. وإذا نظرنا إلى الطلاق الموقت على أنه يشبه الخصام، فجعل الإسلام خير المتخاصمين من يبدأ بالسلام، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا يحلُ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ فيُعرض هذا ويُعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام».
وأشارت الدكتورة عبلة إلى أن الإسلام تعمد وضع العراقيل أمام الزوج في إيقاع الطلاق بسهولة، مثل إنكار الرسول إيقاع الطلاق في الحيض، واشتراطه أن يكون الزوج بكامل عقله وإرادته، فلا طلاق لمن ذهب عقله واشتد غضبه، أو من يتم إجباره على الطلاق بدون إرادته، وعدم اعتراف الشرع بإيقاع الثلاث طلقات في جملة واحدة، كأن يقول «أنت طالق بالثلاثة «، فلا تحسب إلا طلقة واحدة.
تجارب صعبة تعيد الزوجات الى أزواجهن
ثلاث تجارب من السعودية تكتشف فيها الزوجات المطلقات أن حياتهن مع أزواجهن تعيد إليهن الاستقرار والأمن الذي فقدنه بعد حصول الطلاق
أم عبدالله: زوجي يفتقد لغة الحوار والنقاش
أم عبدالله معلمة طلقت من زوجها بعد حوالي 15عاماً من الزواج وإنجاب طفل، و خلال فترة قصيرة قرر كل منهما بدء حياة جديدة مع آخر. تقول:» بعد فترة زواج قصير أزيح الستار عن الكثير مما يفتقده كل منا في الآخر رغم عيوبه، فلم نجد في الرفيق الجديد ما كنا نبحث عنه، وكان قرار الانفصال الثاني الذي تلاه قرار العودة الى الحياة الزوجية الأولى واستئناف حياتنا معاً».
وتضيف: «رغم مشاكلي مع زوجي الأول، قررت أن أعود إليه بسبب طفلي، وبفضل الله اتفقنا على أمور كثيرة، فلقد غير سلوكه كثيراً، وعادت المياه الى مجاريها بكل حب وود، ومرت ست سنوات حتى الآن ننعم خلالها بكل الحب».
نورة: خالتي سبب طلاقي
نوره محمد متزوجة من 12 سنة وكانت تشعر بسعادة بالغة مع زوجها، إلا أن الحياة لا تستمر بدون مصاعب، وبدأت مشاكلها بسبب المقربين منها وتحديداً مع خالتها، شقيقة والدتها. تحكي قصتها فتقول: «كانت خالتي تزورني باستمرار في منزلي، وكنت أحدثها عن مدى سعادتي مع زوجي، وأخبرها بأني أتمنى أن أرزق أطفالاً. إلا أن خالتي بدأت تحرضني على زوجي، فوقعنا في مشاكل لا حصر لها. طلبت مني عدم الانصياع لزوجي أو طاعته، وبدأت المشاكل تتزايد بيني وبين زوجي حتى جاء اليوم الذي لم أتوقعه وطلقني لأعود بطفل في بطني إلى بيت أهلي. لم أشعر وقتها بالانزعاج كثيراً بسبب حملي الذي أثر على عملي وعلى علاقتي بزوجي، ناهيك عن تحريضات خالتي. لكن بعد عام من بقائي في منزل أهلي شعرت بأن زوجي بحاجة إلي كما أنني بحاجة إليه، بعيداً عن ضغوط العائلة وخالتي تحديداً، فتحدثت مع والدتي وأخبرتها بنية عودتي إلى زوجي، فباركت قرار العودة واتصلت بزوجي وأخبرته بذلك، فحضر في اليوم التالي وعدت إليه».
نوف: فضلت العودة إلى زوجي حتى لا أحمل صفة «مطلقة»
العودة لم تحقق السعادة لنوف سعد لأنها تمت بسبب ضغوط اجتماعية. تحكي قصتها بمرارة، وتقول: «ارتبطت بزوجي وهو في منتصف الأربعينات تقريباً، وكنت حينها أبلغ من العمر 22عاماً، وحتمت صلة قرابته بوالدتي هذا الارتباط. كان يبدو كرجل متديّن، وهو متزوج قبلي بابنة عمه، وكل منا تسكن في مدينة بعيدة عن الأخرى». تم الزواج وبدأت نوف تعيش الواقع وتختبر حقيقته: «بعد الزواج اتضح لي عكس ما توقعته. فطريقة تعامله معي صعبة، وهو شديد الغضب وعصبي جداً، والفارق السني والنفسي والوجداني بيننا كبير. في أول شهر من الزواج بدأت مشاكلنا تصل إلى أهله الذين وقفوا معي لأنهم يعرفون حماقة ابنهم وتصرفاته».
وتابعت نوف حديثها وهي تشعر بغصة: «انفصلنا في عامنا الأول من الزواج، ولكن والده أصر على رجوعي إليه لأن علاقتي بأهله كانت ممتازة، بعكس زوجته الأولى التي لا تذهب إلى أهله. رجعت إليه في المرة الأولى وأنجبنا فيصل وعبدالله. بدأت حياتنا تستقر، مع العلم أنه لا يأتيني إلا كل شهر مرة، فرضيت وصبرت بما قسم الله لي، وعشت مربية لولدَيه دون أن يغمر حياتنا الحب والهناء. وبحكم عملي كمدرسة اسمع قصصاً من المدرسات عن تعامل أزواجهن معهن وأتحسر على حظي العاثر. لم أشعر قط بدفء العلاقة الزوجية معه، كل حياتنا مشاكل وفتور ونكد، لكني قبلت مرارة الحياة حفاظاً على طفليّ، ولكي لا أعيش مطلّقة لأن نظرة مجتمعنا إلى المطلقة نظرة قاصرة».
المرأة هي الأساس في نجاح الزواج أو فشله
وهذه شهادات من الإمارات لنساء وجدن أن العودة الى بيت الزوجية أفضل من حياتهن خارج هذا البيت
صافي عجوة: سعيدة بعودتي إلى بيتي... وزوجي لا يعوَّض
المرأة هي الأساس الذي تقوم عليه الأسرة الناجحة، مهما تخاذل الزوج أو قصّر في أي حق من حقوقها، وتستطيع أن تجعل من بيتها جنة أو جحيماً. بهذه الكلمات تحدثت صافي عجوة (ربة منزل) مؤكدة أن المرأة تلعب دوراً كبيراً في استقرار بيت الزوجية. وتقول: «عندما تقدم لي أحد الأشخاص من أجل الزواج، وكنت أعرف أنه متزوج ولديه أطفال، سألته إن كان سيحسن العشرة ويصونني ويعطيني حقوقي كاملة أم لا؟ فأخبرني بمنتهى الثبات أنه سيضعني بين عينيه ولن يخذلني أبداً. أسعدني هذا الكلام ورضيت الزواج به. وبعد مرور ثلاث سنوات أنجبت خلالها طفلة، أثبت زوجي أنه لم يكذب حين وعدني برعاية خاصة واهتمام زائد، ليس هذا فحسب بل أظهر لي بحق أنه زوج مثالي. لكنني أمرأة مثل كل النساء، ونظراً لهذه الطبيعة التي جبلن عليها منذ الازل، دبت الغيرة في صدري، وما بين عشية وضحاها لم أعد أطيق سماع اسم زوجته الأخرى، ورحت افتعل معه المشكلات بشكل صارخ كلما قرر المبيت عندها. ورغم ذلك ظل يعاملني بالحسنى، ويوضح لي أنه لزام عليه أن يرعى حقوق زوجته الأخرى، لكنني لم أتفهم ذلك وطلبت الطلاق. حذرني كثيراً من تكرار هذا الطلب، لكنني تماديتُ فطلقني، وأخذتُ طفلتي وذهبت إلى بيت أبي». وتضيف أنه حاول بكل الطرق أن يعيدها إليه لكنها رفضت، وبعد انصرافه عنها وتجاهلها تماماً شعرت بذنبها فقررت العودة إليه لأنها أحبته بصدق، لافتة إلى أنها أسعد الناس حالياً بعودتها إلى بيت الزوجية، فزوجها إنسان لا يعوض، خصوصاً أنها على اقتناع تام بأنها هي السبب في حدوث الطلاق.
سهى المنذر: جعلت زوجي خاتماً في إصبعي بدهائي الأنثوي
تؤكد سهى المنذر (منسقة علاقات عامة) أن زوجها لم يخنها مع أخريات، كما أنه ليس من طبعه حبّ السهر خارج البيت، لكنه كان يتسم بأسوأ من ذلك، على حد تعبيرها، فهو بخيل، سيئ الخلق، جارح اللفظ، سريع الغضب، عابس الوجه على الدوام. وتشير إلى أن زواجهما حدث بشكل سريع جداً، إذا إنها لم تستطع التعرف إليه جيداً، ولم تكن تتخيل وهي تخطو خطواتها الأولى نحو بيت الزوجية، أنها ستتعرض لكل أنواع المهانة وعدم الاحترام.
وتضيف: «عشت مع زوجي أربعة أعوام أنجبت خلالها طفلاً واحداً، ولم أشأ الإنجاب مرة أحرى في ظل شحه الشديد ومعاملته السيئة لي. وعندما انفصلت عنه بأعجوبة ورجعت إلى بيت أهلي ومعي طفلاي، لم يترك أحداً من الاقارب أو الجيران إلا بعث معه برسالة يطلب فيها عودتي إليه. وفي ظل إلحاح أمي قررت العودة إليه وأنا عازمة على تبديل شخصيته وتهذيب سلوكه، وبعد مرور عام من العيش معه مجدداً، لقيت منه أفضل معاملة، لكنه فجـأة ومن دون مقدمات عاد إلى السب والشتم والضرب وعدم الإنفاق عليّ، فتركت له البيت مرة أخرى، وأنا كلي إصرار على الحصول على حريتي كاملة. لكنه لم يستجب لي، وظل انفصالنا ما يقرب من ستة أشهر، إلى أن حضر إلى بيتنا وتعهد أمام أهلي جميعاً أن يحسن معاملتي، وألاّ يعود إلى ما كان عليه من تصرفات لا تليق بحياة الأزواج، فرجعت إليه، واستطعت إجباره على احترامي وتلبية مطالبي، إذ إنني استخدمت دهاء الأنثى ومكرها في كل شيء، حتى جعلته خاتماً في إصبعي».
مريم الساعدي: قصتي هي الأغرب بين المطلقات
تروي مريم الساعدي (سكرتيرة) تجربتها: «قصتي هي الأغرب بين النساء اللواتي كُتبَ عليهن الانفصال عن أزواجهن، فقد تزوجت جاري بعد قصة حب كبيرة كان يعرفها الجميع، وعشت معه خمس سنوات في راحة تامة. لكن المشكلة التي طرأت على محيط حياتي، تمثلت في أن زوجي توسع في تجارته، وأصبح يولي مشاريعه الجديدة اهتماماً كبيراً ما جعله ينشغل عني، فلم أعد أسمع منه كلمات الغزل التي أعتدت عليها، ولم يعد يمتدح تسريحة شعري وملابسي وزينتي التي أحرص على تجديدها كل يوم. وإزاء ذلك شكوته إلى أمه التي لامته بشدة، ورغم ذلك واصل تجاهله لي، والحقيقية أنه لم يكن تجاهلاً مطلقاً. طلبت منه الطلاق في لحظة ضيق، وكان حينذاك في حالة غضب، فرماني بالكلمة التي تكرهها كل النساء. وبعد ثلاثة أشهر تزوج، فنزل هذا الخبر كالصاعقة على رأسي، وكاد يجن جنوني، ودخلت على إثر ذلك مصحاً نفسياً». وتشير إلى أن «أحد الأصدقاء أخبره بما وصلت إليه حالتي النفسية فردني إليه، وأنا حالياً أعيش مع زوجته الأخرى في بيت واحد، والمشاحنات بيننا لا تنتهي، لكن كل هذا لا يعنيني في شيء، فالمهم أنني عدت إلى من أحبه قلبي».
نادية بوهناد: الزواج مشروع إنساني يجب الحفاظ عليه
تقول الاستشارية النفسية الدكتورة نادية بوهناد إن «المرأة لديها سيكولوجية خاصة، وما من شك في أن التنشئة الاجتماعية تلعب دوراً في تكوين شخصيتها، وتحديد ملامحها الفكرية والعقلية واستعدادها لتحمل المسؤوليات المناطة بها في كل الاتجاهات». وتضيف: «الزواج مشروع إنساني يربط بين طرفين ينزعهما من بيئتهما العامة إلى بيئة خاصة جداً، حيث لا حواجز ولا حدود بين الزوجين، لذا فمن السهل على كل منهما اكتشاف الآخر في وقت قصير جداً بعيداً عن التجمل وما يفرضه الواقع المعيش من اختباء المرء خلف ذاته، من أجل الظهور في أفضل صورة ممكنة. ولعل المشكلة الأبرز التي تمثل صداعاً في رأس أي زوجة، تتمثل في معرفتها بخيانة زوجها، من هنا تشتعل نفسها وتثور عاطفتها، تغضب وتقرر الانفصال».
وتشير بوهناد إلى أن «رعونة بعض الزوجات وعدم قدرتهن على التعامل مع المشكلات الطارئة بحكمة وصبر وتروٍ وتفكير عميق، يعجلان في انفصالهن عن أزواجهن. وما من شك في أن الخاسر الحقيقي في حالة وقع الطلاق هم الأطفال الذين يعانون من الحرمان والإهمال والشعور بفقدان الأمان في مراحل مبكرة جداً، وهو ما يجعلهم في المستقبل غير قادرين على تحمل المسؤولية، ويضعهم دائماً في طريق الفشل».
وتلفت إلى أسباب أخرى لا تقل أهمية عن الخيانة تقضي على الحياة الزوجية وتفككها، مثل اختلاف مستوى التعليم بين الزوجين، وكذلك تنوع بيئتهما وغنى أو فقر أحدهما، أو تعلق طرف بآخر عاطفياً دون أن يجد المقابل. وترى أنه في حالة حدوث الطلاق واستحالة العشرة بين الزوجين في ظل وجود أطفال، فمن الضروري الاستعانة بمراكز الاستشارات الأسرية لمساعدة الزوجين على استعادة وجه الحياة، وتقديم الإرشادات التي من شأنها أن تعيد توجيه الأزواج، ومن ثم إعادتهم إلى الحياة الزوجية بشكل طبيعي. وتؤكد أن «المرأة على مر التاريخ دائماً تضرب أروع الأمثال في الحفاظ على الحياة الزوجية والتمسك بها، مهما كانت العقبات حفاظاً على الترابط الأسري ومصلحة الأبناء، مما يؤكد حقيقة ملموسة من الناحية النفسية وهي أن المرأة أكثر استعداداً لتحمل الأعباء في محيط الحياة الزوجية. ورغم أن مبادرة عودة المرأة المطلقة إلى بيتها تكون في الغالب من الرجل، فإن للمرأة دوراً كبيراً في إنجاح هذه المبادرة». وتختم بوهناد بالإشارة إلى إنه «لَمن الخير أن تعود المرأة المطلقة إلى بيتها، وأن تساهم في بنائه من جديد، وتحاول الاستفادة من أخطاء الماضي. فالمرأة هي صمام أمان الحياة الزوجية مهما تعددت مثالب الرجال وكثرت مشكلاتهم».
كثيرة هي الأسباب التي تدفع الأزواج، رجالاً ونساءً، إلى الطلاق، وبعض المطلّقين يخرجون من البيت الزوجي ولا يعودون، لكنَّ عدداً كبيراً منهم تصدمهم تجربة الإنفصال عن شركاء حياتهم، ويكتشفون أن ما توهَّموه حياة أفضل خارج البيت الزوجي ما هو إلا وهم وسراب، فيعودون إلى حياتهم السابقة، وتكون تجربة الطلاق قد ساعدت على إرساء العلاقة بين زوجاتهم أو أزواجهن، على أسس أمْتَن وأسلم من ذي قبل، وغالباً ما يكون الأطفال هم السبب في التئام شمل العائلة من جديد.
من مصر والسعودية ودولة الإمارات تستعرض «لها» تجارب زوجات عُدْن لأزواجهن بعد الطلاق، وتحدّثن عن تجربة مغادرة البيت الزوجي وتجربة العودة إليه، ونبدأ بشهادات من مصر.
عزة: طلاقي كان إجازة زوجية وأعيش حالياً حياة مستقرة
تعتبر عزة محمد (38 سنة) أن مدة طلاقها من زوجها كانت إجازة زوجية من المشاكل والخلافات، فهي تزوجته بعد قصة حب قوية، وكانت حياتهما هادئة في البداية لا يشوبها سوى خلافات بسيطة ناتجة عن الحياة اليومية لا تتكرر إلا على فترات متباعدة، وأنجبت طفلتين زادتا حياتها جمالاً. إلا أنها شعرت فجأة وبلا مقدمات ببعد زوجها عنها، وتقول: «في البداية سألت نفسي فيمَ قصرت؟ ولم أجد إجابة، فبحثت عن شيء يزعجه في محيط أسرتنا ولم أجد لديه تفسيراً، حتى علمت بمزيد من البحث أن سر زيادة الحواجز بيننا امرأة أخرى عمر علاقته بها ليس بسيطاً، بل وبدأت في الفترة التي كانت فيها علاقتنا جيدة، فهو كان يجيد التمثيل ليحافظ على استقرار الأسرة. شعرت وكأنني تلقيت صفعة على وجهي نالت من كرامتي، فواجهته بخيانته وطلبت منه الطلاق إذا استمر في تلك العلاقة، إلا أنه وصف تلك العلاقة بأنها نزوة طبيعية يمر بها كل الرجال، مما زاد إصراري على الانفصال، فربما لو كان أبدى ندمه لكان أصلح من الأمر شيئاً. حصل الانفصال بعد زواج استمر عشر سنوات ولم يتمسك بي ولا بابنتيه. وفي بداية الطلاق كانت علاقتنا مليئة بالتوتر ولا نتعامل مع بعضنا مباشرة، فكان لا بد من تدخل أي طرف من أسرتي أو أسرته كي لا يزداد الأمر تعقيداً بيننا، وشعرت حينها بأنه ربما نال ما أراد بالطلاق».
وتضيف: «بعد مرور عام على طلاقنا لاحظت تقربه الشديد من ابنتينا وسؤاله عنهما أكثر من السابق، وزيارته شبه الدائمة لنا، حتى فاجأني بطلب العودة... تملكتني الحيرة بسبب طلبه، خاصة أنه كان مرحباً في البداية بالطلاق. لا أنكر أنني كنت في انتظار طلبه، وتعاملت مع فترة الطلاق بنظرة إيجابية، فرأيت أنها هدية من الله حتى تهدأ خلافاتنا وكأنها إجازة زوجية، ليعرف زوجي أهميتي في حياته ويصفو ما تعكر بيننا، لكني أعترف بأن دافعي الأكبر للعودة إليه هو ابنتانا كي لا تسوء نفسيتهما وكي تنشآ في أسرة طبيعية مستقرة، خاصة أنهما في سن صغيرة لا تستوعبان فيها فكرة انفصالنا. وظللت طوال السنة التي انفصلنا فيها أوهمهما بأن والدهما لديه العديد من الأعمال ومسافر».
وتعترف عزة بأنه رغم عودة الحياة بينهما بقيت الثقة منعدمة فترة كبيرة، وأصبحت خائفة من تكرار الخيانة والطلاق، فتوترت علاقتها بزوجها أشهراً عديدة، إلا أنه استطاع تخطي تلك العقبة ببقائه في المنزل فترة طويلة معها ومع ابنتيهما، ومحاولة تعويضهن عن الفترة التي تركهن فيها.
رانيا: لم أحب زوجي إلا بعد الانفصال
أما رانيا إبراهيم (32 عاماً) فقد تركت عواطفها جانباً، واختارت بعقلها شخصاً أجمع أهلها والمقربون إليها على أنه الأنسب لها. تقول: «تزوجت الشخص الذي قال عنه كل المحيطين بي إنه الزوج المناسب، رغم عدم اقتناعي به في أول الخطبة. وقررت إتمام الزيجة بعد مرور عدة أشهر على خطبتنا، لما وجدته فيه من طباع هادئة وأخلاق حسنة. وتزوجت بعقلي وظلت علاقتنا جيدة يسودها الاحترام والمودة، لكن طوال زواج استمر ثلاث سنوات لم يطرق حبه قلبي أبداً ولم أشعر معه سوى بالاستقرار، ولم ننجب بعدما قررنا تأجيل هذه الخطوة إلى مرحلة مقبلة في حياتنا. وكنت متأكدة أنه تزوجني أيضاً من أجل الاستقرار وبناء أسرة، لكن كنا دائماً مختلفي الطباع، فلا يوجد شيء متشابه أو مشترك بيننا أبداً، وهذا ما كان يجعل حياتنا باردة، كما شعرت باستمرار أنني أخطأت الاختيار».
وتضيف: «لم أتحدث مع عائلتي قط عما يدور بداخلي، ربما لأنهم يحبون زوجي ولن يقتنعوا بمبرراتي التي كانت كلها مجرد مشاعر ولا يوجد أي مشاكل واضحة في علاقتنا، إلى أن تكلمت مع والدتي التي لم تقتنع بأي شيء كما توقعت، فقررت وقتها حل مشكلتي بنفسي، وناقشت زوجي في ما يدور بخاطري وفؤادي، وكان في غاية التفهّم ووعدني بأن نغير ما بيننا وأن نقترب من بعضنا أكثر. لكن لم أشعر بأي تغيير وطلبت منه مجدداً أن نعطي بعضنا فرصة أن نبدأ من نقطة الصفر، وأن أعود إلى بيت أهلي. وحدث ذلك بالفعل، ووجدت نفسي مرتاحة ومستقرة نفسياً، فقررت ألا أعود وطلبت الطلاق، فرفض في البداية إلا أنه تفهم الأمر ونفذ رغبتي. وفي أول شهرين من الطلاق شعرت بأنني قد استرددت حريتي وأنني في غاية السعادة، لكنه ظل يسأل عني ويطمئن إلى أحوالي، ومن هنا بدأنا نعيش ما لم نعشه ونحن متزوجان، فوجئت بمشاعري تتحرك نحوه، وأحببته بالفعل وأصبحت الحياة بيننا أفضل من السابق، وعدنا بعد فترة طلاق استمرت 11 شهراً، وربما حدث ذلك لأنني اخترته هذه المرة بكامل إرادتي ومشاعري».
أماني: اخترت العودة إلى زوجي حفاظاً على المظهر الاجتماعي وعلى سلامة أولادي
أما أماني عاطف (40 عاماً) فاضطرت للتنازل عن مواصفات فتى أحلامها فور وصولها إلى سن الثلاثين خشية العنوسة، فكان الانفصال مصيرها. وعندما قررت العودة فعلت ذلك من أجل إصلاح الصورة الاجتماعية فقط: «فشلت في كل خطوباتي التي كانت تسبق الزواج، وكان حظي سيئاً كثيراً، وتقدم بي العمر إلى أن بلغت الثلاثين وقلت فرص الزواج، وكان لا بد من تقديم بعض التنازلات، فمجتمعنا ينظر الى الفتاة التي يتقدم بها العمر مثلي على أنها عانس، ويجب أن تقدم تنازلات لتلحق بقطار الزواج. فقررت أن أقبل ظروف أي شخص يتقدم لخطوبتي نظراً لانعدام الفرص الجيدة. تقدم لي رجل عادي ليس وسيماً وحالته المادية والاجتماعية أقل من حالة أسرتي، يكبرني بثماني سنوات. ترددت قليلاً لكن شجعني على الزواج منه كل من حولي من أصدقاء، وأقنعوني بضرورة أن أقف بجانبه لأساعده كي نرتقي ونرتفع معاً، مع العلم أنني فتاة طموحة ومستواي الاجتماعي جيد».
وتتابع: «تمت الخطوبة ثم الزواج. للأسف مرت سنة من زواجنا ولم تتحسن حالتنا، بل كل عام كان يمر علينا كانت حالتنا تسوء، وأنجبنا بنتاً وولداً. ومرت علينا ثماني سنوات لم يتخل فيها عن سلبيته قط، فحتى أبسط القرارات أتخذها وحدي، وأتحمل مسؤولية كل شيء، سواء البيت أو الأبناء، وهو يلعب دور المتفرج. واكتشفت أنني هربت من مشكلة إلى مشكلة أصعب بكثير، فلكي أهرب من مشكلة العنوسة أمام المجتمع والأقارب والأصدقاء ظلمت نفسي وولديّ اللذين ليس لهما أي ذنب في ما حدث، وحاولت مراراً وتكراراً على مدار سنوات زواجنا إصلاحه، لكن غلبه طبعه فاخترت الطلاق طالما أنني أتحمل المسؤولية كاملة بمفردي، فقررت أن يكون هذا بالفعل، وأن أكمل أنا وابناي حياتنا بمفردنا. وطلبت منه الطلاق، فحاول إقناعي بأن ما أفكر بها هي أمور تافهة لا مكان لها، لكن رأيه هذا كان بمنتهى السلبية أيضاً. وأصررت على موقفي وتم الطلاق وأخذت ابنيَّ ولم يتمسك بهما لحظة. وقررت أن أبدأ حياتي من جديد، لكن تطبيق هذا كان صعباً، وواجهت مشكلة لم تخطر لي على بال، وهي نظرة المجتمع إلى المرأة المطلقة، لكن لم أعد أهتم برأي الناس وكفاني ما فعلته بنفسي. وفكرت أن أبدأ حياتي من جديد، لكن هذه المرة وجدت فرصتي ضعيفة جداً، لأنني لن أتنازل عن ابنيَّ ولن يرضى بنا أحد، وظللت على مدار سنتين لا أجد من يرضى بي، ووجدت الفرص حولي منعدمة، ووجدت أيضاً أن مواجهة المجتمع صعبة. وكان طليقي يأتي كل فترة ليجلس مع ولدينا، وشعرت بأن وجوده في حياتنا أمر ضروري، حتى ولو مجرد صورة أمام المجتمع وأمام ولديه. وقررنا العودة، وكالعادة كان سلبياً، فعند العودة ترك لي أنا الخيار وحدي، وقررت أن أكمل حياتي كما بدأتها، وأن أفكر في ابنيَّ اللذين يحتاجان الى والدهما كما يحتاجان إلي، ولابد أن يعيشا حياة سوية بين والديهما، لأنهما أهم من طموحاتي».