نجوم الغناء في لبنان وسوريا... متى يعتزلون
أم كلثوم, نيللي مقدسي, ميادة الحناوي, ميريام فارس, ماجدة الصباحي, طوني خليفة, يمنى شرّي, رويدا عطية, فيروز, اعتزال, طروب
22 فبراير 2010الاعتزال قَدَرُ كل موهبة غنائية تستنفد نفسها، وتصل الى نهاياتها. وقدر الفنانين الذين يمنعهم التقدم في العمر من متابعة عملهم، لكن هناك من المطربين من ينسحبون وهم في أوج عطائهم؟ فهل يرى المطربون ان هناك سِنّاً معينة للاعتزال؟
وهل يعتبرون ان اعتزال المطرب وهو في قمة نجوميته أفضل له من أن يستمر الى مرحلة قد تتلاشى فيها تلك النجومية؟ علامات استفهام عديدة واجهنا بها نجوم الغناء من كل الأجيال فكانت هذه الإجابات.
نجوم من لبنان وسوريا.
يمنى شرّي: في الغرب يقدّرون الخبرة قبل التطلّع إلى علامات العمر لهذا لا يعتزلون
تقول الإعلامية يمنى شرّي «إنطلاقاً من تجربتي الخاصة كشخص حقق نجاحات كبيرة، أستطيع القول إن طعم النجاح لذيذ ورائع، وكلما تذوّقه المرء كلما طلب المزيد. لكن مع مرور الوقت قد يتبدّل هذا الطعم، والإنسان الذكي هو الذي يدرك أن الطعم اختلف وتغيّر، عندها ربما يقرر الإعتزال أو الإبتعاد». وتتابع يمنى القول إن الوصول إلى النجاح مرتبط بعوامل كثيرة وأسباب عديدة، منها مثلاً قدرة الفنان على العطاء، وإن أردنا حقيقة أن نجيب على سؤال «هل تؤمن بضرورة الإعتزال وأنت في قمّة النجاح؟»، يجب أن نتطلّع إلى العناصر التي أدّت إلى النجاح، هل ما تزال موجودة وبأي نسبة. وكي يتخّذ الفنان قراراً مماثلاً يجب أن يكون مقتنعاً أنه فقد شيئاً ما في مكان ما ولم يعد قادراً على العطاء كما في السابق، فيعمد مثلاً إلى اختيار أغنيات بطبقات صوتية منخفضة. وهنا يجب أن يكون صادقاً جداً مع نفسه ويعرف كيف ينظر إلى حقيقة نفسه ويتقبّلها كما هي.
أما عن الفنانين الذين تقدموا في السنّ وفقدوا هذه القدرة على العطاء، لكنهم يتواجدون معنا باستمرار، فتؤكّد يمنى أنه رغم كلّ شيء فهم يضيفون قيمة كبيرة إلى أي حدث هم فيه، لأن أسماءهم قدمت الكثير وترتبط بتاريخ مشرق لهذا وجودهم ضروري إن أردنا أن نضفي قيمة على أي حدث نظّمه. وتقول يمنى إن حال الإعلامي النجم يختلف بالتأكيد عن حال الفنان أو المطرب النجم. كما أن حال الإعلامي العربي يختلف بدوره عن الإعلامي الغربي. لأنه وللأسف في المحطات العربية يريدون أن يجمعوا الشكل والمضمون، لكن مهما كان المضمون جيداً والخبرة كبيرة وسعة الإطلاع بارزة كدليل ثقافة وتطوّر، إلاّ أن كلّ هذا تنتفي أهميته متى تقدّم الإعلامي أو الإعلامية في السنّ، فيبدأ القيمون على المحطة بالبحث عن بديل، لهذا يضطرّ الإعلامي إلى الإعتزال ربما قبل أن يتمّ الإستغناء عن خدماته. أما في الغرب، فنجد أن كبار النجوم الذين ما يزالون مستمرين حتى اليوم وبشكل أقوى بكثير من السابق، فهم كبار السن والأمثلة على ذلك كثيرة. وذلك لأن الإعلام الغربي يقدّر الخبرة والثقافة قبل التطلّع إلى علامات العمر على الوجوه.
نيللي مقدسي: ليس عيباً أن تعتزل المطربة كي تؤسس عائلة
تقول الفنانة نيللي مقدسي إنها شخصياً لا تعارض فكرة الإعتزال وقد تفكر في الإعتزال يوماً، خصوصاً إنه من الأفضل أن يعتزل الفنان وهو في قمّة النجاح وذلك كي يتذكّره الناس وهو في نظرهم شخص محبوب وناجح يشتاقون إليه من وقت لآخر. وتعتبر نيللي أنه ما من سنّ معينة لاعتزال الفنان، لكن كل إنسان يتقدّم في العمر تضعف قدراته الصوتية ومقدرته على العطاء والوقوف على المسرح لساعتين ربما، لكن في الوقت ذاته نجد بعض الفنانين الذين يمكن أن تتبدّل أصواتهم وهم ما يزالون في سنّ صغيرة. لكن الأهم في الموضوع بحسب رأي مقدسي هو أن يقتنع الفنان بضرورة الإعتزال أو بفكرة أنه لم يعد مطلوباً كما السابق إن في الحفلات أو سوق الألبومات الغنائية، وقلّة هم الذين يقتنعون خصوصاً بعد مسيرة ناجحة جداً حيث يصبح تقبّل نجاح أقلّ، صعباً جداً. وتضيف نيللي، أن قرار الإعتزال لا يرتبط فقط بكبر السن أو تبدّل الصوت وضعفه، بل أيضاً بأمور شخصية لدى الفنان. إذ يمكن أن يقول المطرب: «أنا تعبت وأريد أن أعتزل»، كما يمكن أن تقرر مطربة الإعتزال كي تتزوج وتتفرّغ لتأسيس عائلة أو إنشاء مشروع خيري ربما... وعن وجود الفنانين في مختلف المناسبات رغم تقدّمهم الكبير في السنّ، تقول نيللي إن هذا ليس خطأ بل على العكس هو يعطي قيمة للمناسبة أو الحدث، لكن الأمر سيختلف طبعاً إن أرادوا الغناء مثلاً أو إحياء حفلات.
طوني خليفة: يجب على صباح أن تخفف ظهورها شرط ألاّ تختفي مثل فيروز
يؤكّد الإعلامي طوني خليفة على ضرورة الإعتزال في قمّة النجاح كي تبقى الصورة العالقة في أذهان الناس هي الصورة المشرقة، كالفنانة طروب مثلاً التي اعتزلت وهي في قمّة العطاء، والناس يحفظون أرشيفها وصورتها الجميلة، لهذا لو قلنا إنها ستكون مثلاً ضيفة في حلقة تلفزيونية الكلّ سيقبل على المشاهدة لأنهم يريدون أن يعرفوا أخبارها أو أين هي... وهذا ما يجب أن تكون عليه حال الفنانين والإعلاميين حسب ما يقول طوني، بينما يعتبر أن الممثل هو الوحيد الذي لا يجب أن يعتزل لأنه قادر أن يكون نجماً في مختلف مراحل عمره لأنه يمثلّ دورة الحياة الطبيعية. فهناك أدوار للصغار وأخرى للكبار والعجائز، بالتالي نحن في حاجة إلى من يؤديها، لهذا لا مشكلة في موضوع الممثل لأن الفنّ الذي يقدّمه مختلف ويسير بعكس تيارات الآخرين. فالمطرب مثلاً قد تضعف قدراته الصوتية أو يتغيّر صوته، لهذا يجب أن يعتزل وهو في قمّة النجاح، كي لا يقول الناس همساً عنه: «لماذا ما يزال يغني؟ فليعتزل هذا أفضل له ولنا».
لكن شرط أن يقتنع الإنسان بأنه قادر على الإبتعاد عن الأضواء، «وأنا شخصياً فكرت في الموضوع وجرّبته ووجدت أن الدنيا لن تنتهي بالنسبة إليّ إن ابتعدت». والمشكلة الكبيرة بحسب طوني خليفة، أن الأغلبية يعتقدون أنهم يعجزون عن الإبتعاد، «لكني أقول لهم حاولوا ولن تندموا، بينما البعض لم يقتنع بعد أنه يجب فعلاً أن يعتزل، وهنا نبدأ بالأسف عليه بعد أن يكون قد حقق نجاحات مبهرة على مدى سنوات، لكن الناس قد ينسفون كل هذا أمام عمل واحد فاشل أو بمستوى نجاح أقلّ». ويقول طوني إن وجود الفنانين الكبار في مناسبات مختلفة ضروري طبعاً لإضفاء قيمة معينة للحدث، لكن في الوقت ذاته لا يجوز أن نراهم أيضاً في كل مكان. فهو يعتبر مثلاً أنه يجب على الفنانة صباح أن تخفف من ظهورها في المناسبات كي تحافظ على قيمتها وألاّ تغني بطبيعة الحال، لكنه يعارض في الوقت ذاته فكرة الإبتعاد النهائي لفيروز عن الناس. فيقول: «هل يُعقل أننا نعيش في زمن الأسطورة فيروز ولا أحد يراها مطلقاً»؟.
رويدا عطية: لا خوف من أن ينسانا الجمهور بعد الإبتعاد والدليل «أم كلثوم»
تؤكّد الفنانة رويدا عطية على أهمية اعتزال الفنان وهو في قمّة النجاح، لأنه لا بدّ أن يأتي يوم ويتوقف الفنان عن الغناء، لهذا من الأفضل طبعاً أن يعتزل وهو فنان ناجح، الناس يحبونه وينتظرونه ويشتاقون إليه، بدلاً من أن يعتزل والناس تقول عنه: «أوف متى يعتزل فلان!». أما عن التوقيت، فتقول رويدا إن مسألة الإعتزال ليست مرتبطة بوقت أو عمر معين، بل هي محكومة بالنجومية التي يحققها الفنان. أي عندما يكون قد حقق نجومية كبيرة وأسس لشعبية في مختلف البلدان وقدّم للجمهور أرشيفاً مهماً ودسماً، هنا يجب أن يعتزل ولا يجب أن يخاف من إمكانية أن ينساه الناس لأنهم بالتأكيد سيحفظون مسيرته ويحتفظون بمحبتهم له إن كانت أعماله تستحق طبعاً. وأكبر مثال على هذا الأمر أم كلثوم التي لا تزال ألبوماتها تحقق أعلى مبيعات رغم مرور أكثر من ٢٥ عاماً على وفاتها، وحفلاتها المصوّرة تُذاع باستمرار على الشاشات، لأن الجمهور لا ينسى الفنان الحقيقي. وتقول رويدا أنه يمكن للفنان الذي ينوي الإعتزال أو الإبتعاد أن يتبنى موهبة جديدة ويقدمها للناس، وبهذا يكون قد حقق هدفاً رائعاً ومميزاً. أما عن كبار الفنانين الذين ما زالوا موجودين في كل المناسبات، فتعتبر رويدا أن هذا ليس خطأ شرط أن يطلوا بصورة جيدة على الناس وليس بصورة تجعل الناس يشفقون عليهم أو يقولون «حرام».
ميريام فارس: الإعتزال قرار صعب يتطلّب جرأة كبيرة
تقول الفنانة ميريام فارس إنها تؤمن بضرورة الإعتزال في قمّة النجاح لكنه أمر يتطلّب جرأة كبيرة، وهي تفعل ذلك إن كانت تمتلك الجرأة الكافية. وتعتبر ميريام أن الفنان يشبه لاعبي الرياضة الذين يجب أن يتوقفوا اللعب وعن ممارسة الهواية التي يعشقونها مهما كان ذلك صعباً، كي تبقى الصورة متألقة في أذهان الناس. كما أن هذا الأمر يفترض أن يكون مدعاة فخر واعتزاز لدى الفنان لأنه دليل جرأة، وهو أفضل بكثير من الإعتزال في الوقت الذي نكون فيه مجبرين على ذلك، أي بسبب العجز أو عدم القدرة على العطاء مع مرور السنوات أو تغيّر الصوت وغيرها من الأمور. أما عن الفنانين الذين أصبحوا كباراً في السن، فتعتبر ميريام إن الفنان يحافظ على نجوميته مهما تقدّم سنه وبالتالي هو يبقى محط أنظار الجميع أينما وُجد، حتى ولو كان قد اعتزل قبل فترة، لأن الجمهور لا ينسى فناناً احبّه. لكن من الضروري ألاّ يُكثر من ظهوره في كلّ مناسبات. لكن في مطلق الأحوال يبقى وجوده قيمة ومصدر فرح للناس الذين أحبوه.
ميادة الحناوي: الجمهور وحده يحدد مدة صلاحية المطرب
أما الفنانة ميادة الحناوي فقالت: «الجمهور صاحب الكلمة الفاصلة في اعتزال أي فنان سواء مطرباً أو غير مطرب، لأن المطرب لا يغني لنفسه وإنما يغني لجمهوره. وطيلة حياتي كان الجمهور وحب الناس هما السببان الأساسيان وراء استمراري، وحتى عندما فكرت في أن أعود عُدت بعد فترة اعتبرها استراحة، ولو لم أشعر بأن الجمهور يشتاق إلي كما أشتاق اليه لما كنت أفكر في الغناء الآن». وأضافت: «الفنان الذي يريد أن يستمر لابد له أن يُطور نفسه، وأن يغني وفق روح العصر الجديد، وهذا الفرق بين من يُكمل مسيرته حتى النهاية ومن يُضطر إلى الاعتزال. ولنا في أم كلثوم مثال واضح فهي كانت دائمة التطور، وعملت على الاستعانة بالشباب والأفكار الجديدة الأمر الذي مدّها بعناصر النجاح والتفرد طوال مسيرتها».