فزورة اختفاء الفوازير
باكو دي لوسيا, أشرف عبد الباقي, فوازير, شيريهان, دنيا سمير غانم, نيللي كريم, فوازير رمضان, تامر عبد المنعم, كلوديا حنا, وائل فهمي عبد الحميد, طارق نور, شهر رمضان, طارق الشناوي
01 أغسطس 2011منذ سنوات طويلة والفوازير وجبة رئيسية على شاشة رمضان. وبعد غياب النجوم الكبار الذين اشتهروا بها، مثل نيللي وشيريهان وسمير غانم، كانت هناك محاولات من نجوم ونجمات آخرين لتقديمها والمنافسة بها على الشاشة الرمضانية. لكن هذا العام تغيب الفوازير تماماً، حتى أن اختفاءها هذا أصبح فزورة في حد ذاته نبحث عن حلها، ونتساءل: ما هي أسباب اختفاء الفوازير؟ هل تغير ذوق الجمهور ولم يعد هناك إقبال على الفوازير؟ أم أن فشل الفوازير التي تم تقديمها في السنوات الأخيرة هو السبب؟ أم المشكلة الحقيقية في عدم وجود نجمة مؤهلة لإعادة الفوازير إلى مكانتها المفقودة على شاشة رمضان؟
تقديم الفوازير ليس بالأمر السهل
تقول الفنانة نيللي، رائدة الفوازير التي حققت بها نجاحاً كبيراً على مدى سنوات طويلة: «تقديم الفوازير ليس بالأمر السهل، لأنه يحتاج إلى تجهيزات ووقت طويل للإعداد لها. فالفوازير التي كنا نجهزها مع المخرج فهمي عبد الحميد، كنا نبدأ تصويرها قبل رمضان بستة أشهر، لأن الأكسسوارات والملابس والتمرين على الاستعراضات هي روح الفوازير ويستغرق الإعداد لها وقتاً طويلاً، بالإضافة إلى أن فريق عمل الفوازير ليس كالمسلسلات أو الأفلام، فالكل يجب أن يكون متخصصاً ومهتماً بعمله فقط. لذلك العمل في الفوازير جماعي ومشترك بين فريق العمل الذي يقدمها، وكل الفريق يساعد في اختيار الملابس والرقصات.
وأيضاً تحتاج الفوازير إلى ميزانية كبيرة، ومن الصعب تقديمها هذا العام. وبصراحة الفوازير طوال الأعوام الماضية لم ينجح منها سوى تجارب قليلة جداً، لأنها لم تكن مدروسة، وتقدم أحياناً كوسيلة لملء الفراغ على الشاشة. لكن الفوازير الحقيقية لم تقدم منذ فترة، ومن الصعوبة أن تقدم هذا العام، فلا وقت للاستعداد الكافي لها، والفنانون الذين يمكن أن يقدموها غير مجهزين نفسياً وفنياً، ويحتاجون إلى وقت طويل للتدريب».
«فطوطة» بطريقة جديدة
أما الفنان سمير غانم صاحب الفوازير الشهيرة «فطوطة» فقال: «تقديم الفوازير هذا العام بالشكل المتعارف عليه أمر صعب بسبب ضيق الوقت، لأن الفوازير تصور في حوالي 6 أشهر، وتحتاج إلى ترتيبات كثيرة من استعراضات وأكسسوارات وبروفات، كما تحتاج إلى تفرغ تام من الفنان الذي يقدمها. لذلك فكرت في تقديم فوازير «فطوطة» بشكل كرتوني بطريقة الـ«ثري دي» التي سبق أن قدم بها مسلسل الأطفال «بكار» من إخراج وائل عبد الحميد، بحيث يكون عملاً مقدماً للأطفال وفي الوقت نفسه يعيد الى الأذهان فوازير «فطوطة» التي حققت نجاحاً كبيراً، بالإضافة إلى أنها لن تحتاج إلى وقت طويل لتقديمها وسأقدمها بشكل كوميدي. وأعتقد أنها ستحظى بنجاح كبير لأن الجمهور يحتاج ما يشغله عن الأخبار السياسية المسيطرة الآن، بالإضافة إلى أنها ستكون عملاً خفيفاً على الجمهور».
نجمات الفوازير
أما الفنانة الاستعراضية لوسي، بطلة فوازير«قيما وسيما»، فتقول: «الفوازير يمكن أن تقدم في أي وقت، فلا يعوقها ثورة أو أحداث سياسية، بالعكس الجمهور يحتاج إلى من يضحكه ويخفف عنه المشاكل اليومية والوجبة الإخبارية الدسمة التي يتلقاها يومياً. لكن ما يمنع تقديم الفوازير هو عدم تقبل الجمهور لنجماتها الآن بسهولة، لأنها ارتبطت في عقله باسم نيللي وشيريهان. حتى عندما قدمت فوازير «قيما وسيما» نجحت، لكنها لم تترك بصمة لدى الجمهور، وتعامل معها الناس على أنها مسلسل سيت كوم أو إعلانات».
وأضافت لوسي: «هناك أزمة أخرى، وهي عدم وجود معلنين هذا العام لتقديم الفوازير، فهي تحتاج إلى ميزانية عالية، وللأسف أغلب رجال الأعمال في أزمات الآن. كما أن الجمهور لن يشعر بغياب الفوازير هذا العام، لأنه منذ أعوام كثيرة يشعر أن الأعمال الدرامية سحبت البساط من الفوازير، وأصبح الاهتمام الأكبر بالبحث عن النجم المحبوب الذي يقدم مسلسلاً ينتظره جمهوره أكثر من الاهتمام بالفوازير».
الجمهور بعد الثورة
ويقول الفنان تامر عبد المنعم، صاحب تجربة فوازير «عفاريت مراتي»: «عندما قدمت الفوازير منذ عامين مع ريكو وسعد الصغير والفنانة الاستعراضية دينا حققت نجاحاً كبيراً، وبذلنا فيها مجهوداً ضخماً، لأنها مزيج من مسلسل وسيت كوم واستعراضات وموسيقى، وهذا كله يحتاج وقتاً طويلاً للتنفيذ. لكن تقديمها في شهرين دون الإعداد لها أمر صعب. وكل أشكال الفنون تأثرت بضيق الوقت في رمضان هذا العام، ذلك أن أغلب المسلسلات والبرامج التي كان معداً لتقديمها هذا العام تأجلت نظراً لضيق الوقت، وهذا غير مضر فهو نتيجة طبيعية للوضع الذي تمر به البلاد، فنحن نمر بظروف ثورة ومن المحتمل أن تغيب أعمال ونجوم كنا نشاهدهم كل عام.
بالإضافة إلى أن الجمهور المصري لن يتقبل أي أعمال إلا عن ثورة «25 يناير»، فلن يتقبل برنامجاً استعراضياً أو مسلسلاً أو فيلماً إلا ويحكي عن الأحداث الحالية. وأعتقد أن انشغال الجمهور بالبرامج الإخبارية سيجعل المنتجين والمخرجين يبتعدون عن تقديم الفوازير، فالأعمال التي تقدم هذه الأيام لابد أن تكون مدروسة وأن تتناسب مع ذوق الجمهور».
الفرصة
أما الفنانة الشابة نسمة ممدوح، بطلة فوازير «اتفرج يا سلام» التي قُدّمت العام الماضي، فتؤكد أنها كانت تتمنى تكرار التجربة هذا العام، خاصة أن قناة «كايرو دراما» كانت تعد للجزء الثاني للفوازير، ولكن عندما قامت الثورة جُمّد المشروع. وتضيف نسمة: «الجمهور يحتاج إلى الأعمال المبهجة بعد الأوضاع الصعبة التي عشنا فيها في الفترة الماضية، ولذلك كانت هناك فرصة أفضل لنجاح الفوازير لأنه لا توجد مسلسلات كثيرة مقارنة بعدد المسلسلات التي قدمت العام الماضي.
فكانت الفوازير ستحظى بنسبة مشاهدة كبيرة، ولكن للأسف المنتج أكد صعوبة تقديمها هذا العام بسبب ضيق الوقت فلن يمكننا الإعداد الجيد لها. وكانت فكرة الفوازير العام الماضي تعتمد على إعادة تقديم فيلم أو مسلسل في كل حلقة مع عمل تغيير شامل في أبطال العمل وبنائه الدرامي بشكل كوميدي ساخر، والمطلوب في كل حلقة معرفة اسم العمل الفني الأصلي، وكان مقرراً تقديم الجزء الثاني في شكل أغنيات بدلاً من الأفلام، والمطلوب من المشاهد أن يعرف اسم الأغنية.
ضيق الوقت
وتقول كلوديا حنا صاحبة تجربة فوازير «زين» التي أرجئت إلى السنة المقبلة: «كنت أنوي تقديم فوازير «زين» العراقية هذا العام، وتم الإعداد لها، وهي تتناول أشهر قصص الحب العالمية والعربية، مثل «روميو وجولييت» و«قيس وليلى» و«عنتر وعبلة». ولكن للأسف المشروع توقف بسبب ثورتي تونس ومصر والثورات التي تلتهما في العالم العربي، وأصبحت الخريطة الفنية غامضة تماماً. وعندما فكرت الشركة المنتجة بعد استقرار الأوضاع في تقديم الفوازير مرة أخرى كنت قد ارتبطت بمواعيد إحياء حفلات في شهري حزيران/يونيو وتموز/يوليو المقرر تصوير الفوازير فيهما. وللأسف أنا حزينة لأن فكرة الفوازير التي كنت سأقدمها متميزة، وكانت التجربة الأولى لي في عالم الفوازير، وبدأت تجهيز ملابسها.
بالإضافة إلى أنني أشعر أنها لو كانت قدمت هذا العام كانت ستنجح وستحظى بنسبة مشاهدة عالية، لأن الجمهور عانى في الفترة الأخيرة من تضخم في المواد الإخبارية منذ بداية 2011. لكن ضيق الوقت جعل الفوازير تخرج من سباق رمضان، وهو أمر مخيف، لأن رمضان هذا العام يفتقد أشياء كثيرة، فلا يوجد عدد كبير من المسلسلات مثل كل عام، ولم يتم تنفيذ برامج. حتى البرامج الاستعراضية مختفية عن الشاشة هذا العام لعدم وجود ميزانية ووقت للإنتاج، فالأزمة ليست غياباً للفوازير فقط».
لياقة النجمات
ويقول المخرج وائل فهمي عبد الحميد، الذي قدم أكثر من تجربة فوازير ويتولى حالياً إخراج حلقات «فطوطة» بشكلها الجديد: «الفوازير فقدت جاذبيتها وجمهورها، لأن أهمية الفوازير كانت تكمن في نوعية الفنانات اللواتي يقدمنها، لأنها فن استعراضي من الدرجة الأولى يعتمد على اللياقة البدنية للنجمات، بالإضافة إلى الاعتماد على الفنان الشامل الذي يستطيع أن يرقص ويغني مثلما كانت تفعل نيللي وشيريهان.
ولذلك ظلت الفوازير 12 عاماً تقدم بشكل مميز، وكان لها أهمية كبيرة في رمضان، لكنها فقدت أهميتها ومصداقيتها ولم تعد تعجب الجمهور لأنها تفتقد الإتقان في التجهيز لها، وتفتقد أيضاً المنتج الذي يصرف عليها ببذخ، لأن الفوازير تأخذ وقتاً ومجهوداً في الإنتاج، وتحتاج أيضاً إلى المخرج الذي يدرك معاييرها المختلفة عن أي عمل فني آخر. لذلك فكرت هذا العام في تقديم فوازير «فطوطة» بطريقة الـ«ثري دي» ويقدمها الفنان سمير غانم، وراهنت فيها على أن الوقت لن يدهمني، لأنها لا تعتمد إلا على صوت النجم، بالإضافة إلى أن الجمهور يحب شخصية «فطوطة» وستحظى بنسبة مشاهدة من الكبار والأطفال، والأهم أنها أقل كلفة في ظل الظروف السائدة الآن».
غياب الإعلانات
ويؤكد المنتج طارق نور، صاحب قناة «القاهرة والناس» المنتجة لفوازير «ميما» التي لعبت بطولتها ميريام فارس، أن القناة اضطرت لتأجيل الجزء الثاني من الفوازير بعدما كان مقرراً تصويرها هذا العام، لكن الوضع الحالي فرض أزمة مالية لن تمكن القناة من تحمل تكلفة الفوازير، لأنها تحتاج إلى ميزانية كبيرة، «ونحن نعاني أزمة مالية بسبب عدم وجود إعلانات لأنها الدخل الوحيد لأي قناة، لذلك كان من الصعب أن نقدم الفوازير بمستوى مادي متواضع، وفكرنا في تأجيلها إلى السنة المقبلة حتى تحقق النجاح الذي حققته العام الماضي». وينفي طارق نور أن يكون سبب تأجيل الفوازير هو الخوف من تغيّر أذواق المشاهدين، مؤكداً أن الجمهور سيتقبّل كل ما يقدم، خاصة إذا كان شيئاً مضحكاً، «لأننا لسنا في أول أيام الثورة حتى يعترض الجمهور على الفوازير، بالعكس الجمهور ينتظرها وكنا نجهز لها مع المخرج أحمد المناويشي وميريام فارس وفريق العمل، لكن لابد أن نحقق عائداً مالياً منها، وفي ظل غياب الإعلانات فلا يمكن تقديمها».
جمهور الفوازير
أما الناقد طارق الشناوي فيقول: «ثورة يناير ليست السبب في غياب الفوازير هذا العام، لأنها فقدت مصداقيتها وجماهيريتها من قبل الثورة، ومنذ أن امتنعت عن تقديمها نيللي وشيريهان لم ينجح أحد، ولم نجد فوازير تحترم عقل المشاهد وتقدم وجبة دسمة من الاستعراضات تعجب الجمهور وتجعله ينتظرها كل عام. وغياب الفوازير هذا العام لن يؤثر كثيراً لأنها لم تعد السمة المميزة لشاشة رمضان، وكان التفكير فيها مرة أخرى أمراً بعيداً عن أذهان المخرجين والمنتجين، لأن التجارب التي قُدّمت على مدى ستة أعوام سابقة لم تحظ بنجاح، وافتقدت الإتقان والإعداد الجيد. وحتى العام الماضي عندما قدم طارق نور فوازير «ميما»، التي لعبت بطولتها اللبنانية ميريام فارس بإنتاج عالٍ وميزانية ضخمة جداً، لم يتحقق النجاح الذي يجعل الجمهور ينتظرها هذا العام، وافتقدت المخرج المتميز والفكرة المختلفة».
ذوق الجمهور
أما الفنان أشرف عبد الباقي، الذي قدم فوازير «أبيض وأسود» قبل أربع سنوات فيقول: «غياب الفوازير هذا العام يعود إلى عدة أسباب، أهمها التغير في ذوق الجمهور العربي، الذي أصبح لديه وعي كافٍ بالأعمال الفنية التي تحترم فكره، لذلك فالأعمال المقدمة للجمهور لابد أن تكون على مستوى عالٍ جداً من الحرفية، ولا يمكن أن نضحك عليه بحدوتة أو استعراضات تافهة. أيضاً لا يمكن المغامرة بأي تجربة استعراضية بفنانين غير مؤهلين، فالشرط الأساسي لنجاح الفوازير هو قدرة من يقدمها على جذب الانتباه.
بدليل أن رائدتي الفوازير الفنانتين شيريهان ونيللي حظيتا بنسبة مشاهدة عالية لتوافر عدة شروط فيهما، أولها التعامل مع الفوازير على أنها فن لا مجرد وسيلة للمكسب المادي أو لمجرد الظهور على شاشة رمضان، وثانياً خبرة المخرج، فكان المخرج الراحل فهمي عبد الحميد الذي قدم الفوازير 12 عاماً متتالية معروفاً بإتقانه العمل، لذلك كانت الاستعراضات محترمة ومجهزة بشكل جيد لأنها أصعب أنواع الفنون، بالإضافة إلى كاريزما وخفة دم الفنان الذي يقدمها. لذلك كل الأعمال التي قدمت بعد فوازير نيللي وشيريهان كانت تفتقد الإتقان، وإذا تم تقديم نوعية فوازير متواضعة هذه الأيام، سيضر ذلك كثيراً بمصلحة المنتج والمخرج، لأن الجمهور سينتقدها بشكل لاذع».