آراء بعض الاختصاصيين والأطّباء في حالات العنف ضدّ الخادمات
مشكلة / مشاكل إجتماعية, تحقيق, المجتمع السعودي, الخادمات , العاملة الأجنبيّة, ديما حداد, ربّة المنزل, عنف ضدّ الخادمات, ضحايا, جريمة أخلاقية, إتفاقية القضاء, جمعية كاريتاس, عنف نفسي, عنف جنسي, طريقة التعذيب, عنف جسدي, عنف لفظي, تهديد, د. سامي قواس, م
20 أغسطس 2009حالة خاصّة عاينها الدكتور سامي القوّاس: لم أستطع إثبات الإعتداءالجنسي بعد مرور عشرة أيام
تقرير الطبيب الشرعي الدكتور سامي القوّاس لعاملة فليبينية تعرّضت للإعتداء الجنسي أربعين مرّة يفيد الدكتور سامي القوّاس أن xx هي إمرأة فليبينية تعمل في الخدمة المنزلية وفق عقد عمل ثانٍ. وقد أحيلت إلى عيادته من قبل القضاء اللبناني لكتابة تقرير مفصّل عن حالتها. تروي العاملة الأجنبية أنها «تعرّضت لإعتداء جنسي لأربعين مرّة من قبل ربّ المنزل الذي تعمل فيه». تقول بأنه: «كان يصطحبها بالقوة والتهديد إلى بيته الجبلي في عطلة نهاية الأسبوع، ويوجه لها الإهانات والكلام البذيء والعنصري». يختم الدكتور قوّاس في نهاية التقرير بأنه: «لم يتم إيجاد الدليل الدامغ لحصول الإعتداءات الجنسية لأنني قابلت الضحية بعد مرور عشرة أيام من الحادثة، والقضاء لا يؤمن إلاّ بدليل جازم» There is no fresh sign of violent sexual assault.
ديما حداد- مساعدة إجتماعية في كاريتاس (بيت الأمان)
توضّح ديما حداد الخدمة التي يقدّمها «بيت الأمان»، فتقول: «نستقبل العاملات الأجنبيات ضحايا العنف والإستغلال منذ عام 2005 ونعرض عليهن أن يتصلن بذويهن لكي يطمئنوا عليهن. وهذه خطوة أولى في الشرق الاوسط ومبادرة مهمة خصوصاً بتكاتف جمعية إنسانية ومؤسسة حكومية لمكافحة العنف. تمكث العاملة الأجنبية بمعدّل شهرين في «بيت الأمان»، المركز السرّي لها ريثما يتم تدارك أزمتها وتسوية وضعها وضمان عودتها إلى وطنها أو البقاء في لبنان بإطار آمن.
وتصب هذه الخدمة في خانة ضحايا الإتجار الذين تعرّضوا لأذى جسدي أو إستغلال مادي كمنع تسديد الراتب، فبعض العاملات اللواتي لجأن إلينا لم يحصلن على أجورهن منذ سنوات، 3سنوات وحتى 12 عاماً وهذه الحالة الأخيرة دخل فيها عامل العاطفة عندما أتت العاملة إلى منزل كفلائها وهي صغيرة وكبرت مع أفراد العائلة، لكن هذا بكل تأكيد نوع من السخرة والإستغلال البشع». عن ثمرة جهود هذه الجمعية الإنسانية بالتعاون مع الأمن العام تقول: «نستمع إلى مشكلة العاملة الأجنبية فور وصولها إلى المركز للتأكد من أنها ضمن إطار عملنا ونحيلها إلى مساعدة إجتماعية كذلك طبيب شرعي لتوثيق حالتها عبر تقرير تفصيلي عن آثار العنف وذلك بدقة لأنه في إحدى المرات تبيّن أن إحدى العاملات هي من حرقت نفسها بالمكواة وهذا تكشفه خبرة الأشخاص المعنيين.
من جهة أخرى نعرض على العاملة إذا كانت ترغب في فتح تحقيق وتشدد على المتابعة القانونية لمن ألحق بها الضرر، لأن هناك من يفضلن التكتّم على وضعهن ريثما يجِدْن عملاً آخر. وتلفت إلى أن المجتمع اللبناني بات أكثر وعياً من ناحية حقوق العاملة الأجنبية: «نتلقّى الإتصالات الكثيفة من الجيران والمحيط والأقارب للتبليغ عن حالات عنف تحصل بحق العاملات كما أن البعض يلجا إلينا بطلب الخدمة إذا وجد صعوبة في التواصل مع العاملة في منزله وثمة تصادمات قد تتطور سلباً في المستقبل، لدينا متخصصات في هذا الأمر قادمات موطن العاملة ويتّقن اللغة العربية».
أما بالنسبة إلى إصدار قانون واضح الملامح يحمي العاملة الأجنبية ويكفل حقوقها فتقول: «منذ كانون الثاني/يناير 2007 تألفت لجنة تسيير وطنية تضم فاعلين في وزارات العمل والداخلية والشؤون الإجتماعية والعدل وممثلين عن الأمن الداخلي كذلك كاريتاس ومكاتب إستقدام العاملات الأجنبيات وسفارات بلادهن، وتم تثمير الجهود لإقرار عقد عمل موحّد وقد تحقّق ذلك بعدما أكّد وزير العمل محمد فنيش وجوب ذلك، أما تحديث قوانين عمل العاملات الأجنبيات يوضح العلاقة بين طرفي العقد أكثر وكتيبات حقوق وواجبات العاملة الأجنبية فهذين المشروعين لا يزالان قيد البحث».
تقول أخيراً: «رسالة كاريتاس هي تبني قضية العاملة الأجنبية المعنّفة، كذلك إرشادها إلى الطريق الصواب لأنها قد تتعرّض للإستغلال داخل المنزل اللبناني وخارجه كالعمل بدوام مجتزأ في أماكن عدّة أو حتى ممارسة أعمال غير شرعية كالدعارة.. وجود العاملة الأجنبية ظاهرة إجتماعية لبنانية لا يمكن التغاضي عن الآثار الناجمة عن سوء معاملتها وسوء تأديتها أدوراً من مسؤولية العائلة».
الدكتور سامي القواس- إختصاصي في طب العائلة والطبّ الشرعي
يلفت الدكتور سامي القواس من خلال معاينته للعاملات الأجنبيات اللواتي تعرضن للعنف بأنّ: «ظاهرة العنف ضد العاملات تقلّصت إلى حد كبير بعد عام 2006 خصوصاً مع المحاسبة التي لم يعد يتأخر عنها الأمن العام والجهات المختصة. كما أن حالات الإنتحار بعد أن كانت تصلني أسبوعياً باتت نادرة (كل أربعة أشهر)، حين تُصاب العاملة بحالة «ساعة التخلي» أي قتل النفس إرادياً والتي تكون نتيجة العنف المتراكم من إيذاء كلامي إلى ضرر جسدي بالإعتداء بالضرب أو التهديد الإقتصادي.
بعض حالات الإنتحار قد يكون الدافع إليها عملية إعتداء جنسي لأن البيئات الفقيرة في أرياف سيريلنكا أو الفيليبين هي محافظة عامة. كما ان الإنتحار قد يكون عملية فرار فاشلة عبر القفز من الشرفة المرتفعة الذي يكون حلاً بديلاً عن الباب الموصود، لكن العاملة تتزحلق. يصف واقع الملاحقة القضائية للمعنِّف: «اليوم باتت المحاسبة حاضرة بقوة، فالتحقيق يكوّن ملفه بدقة وعلى الدوام يطرح القضاء عليّ سؤال :«هل تجزم؟»، وكلمة الجزم فيها الكثير من المسؤولية لأنه قد يكون الضرر غامضاً ككدمة صغيرة أو خدش أو أزرقاق او تكون العاملة متزوجة وهنا يصعب تأكيد حصول إعتداء جنسي، فالقضاء جل همه الأدلة الجازمة والدامغة والتي قد تتلاشى إذا لم تتوجه العاملة فوراً إلى طبيب شرعي بعد تعرضها للإعتداء أياً كان نوعه». ويستثني الدكتور سامي لبنان من العنف التعذيبيTorture ويصفه بالجريمة الإنسانية إنما يعتبر العاملات في لبنان ضحية الإستغلال Abuse والعنف الجسدي (الضرب..) والنفسي (التهديد الإقتصادي، الحرمان، العزل..)، والأمر يعود على الدوام إلى التربية والتنشئة.
والمعنّف هو من لديه نزعة الفوقية التي توجّهها غريزة القوة والسّيادة Master ويعتبر الآخر الضعيف أنه دونه على المستوى الإنساني، كما أنه خَبِر الضرب كأداة ناجعة للحصول على الطاعة منذ الصغر». من جهة أخرى، يشرح مفهوم الضحية Victimologie الذي يستخدم كثيراً في علم النفس: «إن «الضحية» بفعل التعنيف هي المعزولة عن أدنى أنواع السلطة، وتكاد تكون أبسطها اللغة، صعوبة التواصل مع ربّة المنزل، وعدم القدرة على التعبير عائق نفسي كبير قد يؤدّي إلى العنف، العنف الإرتدادي أحياناً. وهذا ما حصل بالفعل حين إنتقمت إحدى العاملات وقفزت من الشرفة وهي تحتضن طفل الأسرة التي كانت تعمل لديها، والنتيجة مات الإثنان. يقول أخيراً: «لتجنب حالات العنف أو تخفيف حصولها علينا معالجة مسألة قدوم العاملات من بلادهن دون أن يخضعون للتدقيق الشخصي حول تمتعهن بالقدرة على العمل المنزلي بشكل سليم وآمن. أخيراً أقول أن القويّ هو الذي لا يعنّف الضعيف».
وجود الخادمة في البيت بات ضرورياً لدى الكثير من الأسر العربية التي يمارسُ فيها الزوج والزوجة عملاً يومياً يضطرّهما للغياب عن البيت، فيحتاجان في هذه الحال إلى من يساعدهما في العناية بالأولاد، وتدبير شؤون المنزل، فيتمّ اللجوء إلى الخادمة التي تكون من جنسية أجنبية في غالب الأحيان ما يجعل العلاقة بين السيدة وخادمتها معرَّضة لسوء التفاهم الذي تتولَّد عنه مشاكل تصل ببعض أرباب الأُسر إلى حدّ ضرب الخادمة أو حَبْسها في المنزل مما يولِّد لديها الرغبة في الإنتقام، فإن لم تستطع ذلك فقد يدفعها تزايد الضغط عليها إلى الإنتحار الذي يورّط بعض الأُسر في مشاكل قانونية معقَّدة. تستعرض «لها»، في القسم الأول من هذا التحقيق، واقع الخادمات في مصر ولبنان، مع الإشارة إلى السُّبُل التي تحدُّ من تفاقُم المشاكل بينهن وبين ربَّات البيوت، وتؤدّي إلى نوع من التفاهم يضمن سلامة العلاقة بين الطرفَيْن
.